إيران والدولة الإسلامية بين الحقيقة والخداع
يفترض أن
الانقلاب على الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي كشف إيران على حقيقتها أمام
أعين جماعة الإخوان المسلمين، التي تعد أهم فصيل إسلامي منظم، ليس في مصر
وحدها، بل في أغلب البلدان العربية والتي كانت وحتى وقت قريب تدافع عما
تسميه تقارباً مع الدولة الإيرانية، انطلاقاً من سعيها لتوحيد الصف
الإسلامي في مواجهة التحالف الأمريكي الصهيوني، مدفوعة لذلك من اعتقادها أن
إيران تقف بالفعل كحائط صد للدفاع عن الأمة وهويتها، ومستجيبة في الوقت
ذاته لدعاوى القادة الإيرانيين الذين روجوا وأوهموا الكثير من المخدوعين
بأن علو شأن إيران هو انتقاص من قوة المعسكر المناهض لنهضة الأمة
الإسلامية.
والمحصلة
أنه لم يعد يوجد الآن مجال للجدل أو النقاش بعد موقف طهران العجيب والمثير
من تطور الأحداث في مصر - بعيداً عن تقييم هذه التطورات سلباً أو إيجاباً -
في أن إيران مثلها مثل باقي القوى الإقليمية والدولية التي لا تحترم مبدأ
أو تدافع عن حق إلا إذا كان هذا المبدأ أو ذاك الحق مجرد وسيلة لتحقيق
مصلحة أو منفعة لها، وهو ما انتبه إليه الكثيرون من المنحازين لمدرسة
الإخوان المسلمين مؤخراً وفقاً لما لاحظته من خلال حوارات خاصة مع بعضهم -
خاصة الشباب - وهو ما سيكون له أثره على المستوى الفكري لدى هذه المجموعات
خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي سيفقد طهران بكل تأكيد جزءاً كبيراً من
نفوذها الشعبي في المنطقة العربية، حيث فقدت الكثير من مصداقيتها لدى هذا
القطاع.
إيران المخادعة:
حديثنا في دراسة
موقف إيران من "الوضع في مصر" ليس حديثاً عن الجانب العقدي لدى الشيعة
بمختلف فرقهم ومن بينهم الإمامية الاثني عشرية وهو مذهب إيران، فلذلك مقام
آخر، غير أن ما يشغلنا بالأساس هو فضح السياسات الإيرانية التي تتناقض
تماماً مع الشعارات التي ترفعها وتستميل بها الجماهير لدعمها وتأييدها، في
حين تتقدم هي خطوات للأمام باتجاه تحقيق مشروعها التوسعي.
وكان لنجاح إيران
في انتهاج هذا الأسلوب الذي طالما انطلى على الكثيرين، وأوجد للدفاع عنها
طابوراً موالياً لها ولسياساتها، إغراء لقادتها وصناع القرار بها للاستمرار
في تبنيه في إطار الرهان على افتقاد القدرة على النظر للأمور بشكل أعمق
عبر تجميع المعلومات وإمعان النظر للاستنتاج والفهم للواقع الذي يجري، وهي
آفة ربما غلبت على أكثر الإسلاميين والعرب بكل أسف.
ولعل أخطر ما في
هذا النهج الإيراني هو انسحابه على الموقف من الشريعة الإسلامية التي تعد
العمود الفقري للحكم الإسلامي أو ما يسمى بالدولة الإسلامية، التي يعتقد
الكثيرون أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية إحدى أهم أشكاله في الوقت
الراهن؛ إذ هي لا تفتأ تردد أنها تطبق الحدود، وتلتزم بما شرع الله في كل
أمورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في الوقت الذي دعمت وأكدت
الانطباع السائد حول أنها تسعى لتصدير ثورتها الإسلامية في محيطها العربي
والإسلامي، ومن ثم فإنها لا تألو جهداً لتحكيم هذه الشريعة في كل البلدان
العربية والإسلامية، وهو ما كان سبباً كذلك في كسب تعاطف الكثيرين من أبناء
الحركات الإسلامية وخاصة الجهادية، والذين كانت تتوق أنفسهم إلى تطبيق
الشريعة وتحكيمها في البلدان العربية.
لكن الأيام
والأحداث أثبتت عكس ما كانت ترنو إليه طهران تماماً؛ إذ بدت الأمور بالنسبة
للبعض أن إيران ليست إلا دولة مجوسية لا علاقة لها بالإسلام أو الشريعة من
قريب أو بعيد، وهو ما أشار إليه عدد من علماء المسلمين أمثال الدكتور ناصر
بن سليمان العمر، والذي وصف إيران بأنها دولة مجوسية وليست شيعية، لكنها
تستخدم التشيع في خداع الناس، كما يستخدم الشيعة حب آل البيت لنشر
معتقداتهم.
وأشار العمر في
طور حديثه عن الثورة الإيرانية إلى أن الكثير من المتدينين والجماعات
الإسلامية انخدعوا في هذه الثورة، حيث ذهبت بعض وفودهم لطهران للتهنئة بها
في بدايتها، متسائلاً: "هل يمكن أن تزرع حنظلة وترتجي منها السكر"؟
والحقيقة
أن ما ذهب إليه الدكتور العمر يحاول أن يدلل على صحته البعض مستدلاً في ذلك
على العديد من الشواهد التي تشير إلى كون إيران دولة بعيدة عن الإسلام،
وأنه بالنسبة لها ليس سوى مجرد أداة تستغلها لتحقيق مطامعها في منطقة يعد
الإسلام دين أغلبيتها.
ومن بين هذه الشواهد:
أن حكومة الثورة الإيرانية التي يفترض أنها توصف بالإسلامية تواصل بناء
معابد النار ولو كان ذلك على أنقاض المساجد وهو ما حدث عدة مرات في مدينة
الأحواز التي ينتمي أغلب سكانها للمذهب السني في الوقت الذي يشكو سكان
المنطقة من أن الدولة لا تسمح لهم ببناء مساجد يؤدون فيها صلواتهم وفق
المذهب السني حيث تفرض عليهم الدولة الالتزام بالمذهب الشيعي.
وقد أكدت إحدى
المؤسسات السنية بالأحواز وتدعى "المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية" أن
الدولة الإيرانية قامت ببناء أحد معابد النار على أنقاض صخور متناثرة
قريباً من مدينة مسجد سليمان الأحوازية فيما وضعتْ المكان على قائمة
الأماكن التاريخية الوطنية.
وأشارت المنظمة
إلى أن إيران افتتحت المعبد وقامت بالترويج له كمكان سياحي وديني وقامت
بالفعل بإشعال النيران ما دفع الكثيرين للتوافد عليه ومن بينهم الزردشتيون
"المجوس".
وأفادت المنظمة
بأنّ وزارة الثقافة الإيرانية رفعت مستوى الرعاية لهذا المعبد ليتساوى مع
(تخت جمشيد) عاصمة إيران قبل الإسلام، وأقامت على المكان حراسة مشددة على
مدار اليوم كما تم نصب كاميرات مراقبة للمكان، فيما طالب أعضاء مؤسسة
الميراث الثقافي الإيرانية بوضع المعبد تحت حماية اليونيسكو، وذلك في
محاولة لخلق حق تاريخيّ لإيران في الأحواز المحتلّة.
ولا يعد ذلك
المعبد الوحيد الذي أعادت دولة الثورة الخمينية بناءه، فقد تم بناء معبد
آخر، واختارت له اسم "جهار طاقي سيم بند"، الأمر الذي يطرح العديد من
التساؤلات حول الأسباب الدافعة لذلك، وهل هي متعلقة بمحاولتها أن تبعث
برسالة للعالم وللمجتمع الدولي يؤكد على كونها دولة متسامحة مع المعتقدات
الأخرى المخالفة، حتى ولو كان ذلك على حساب العقيدة الإسلامية؟
الحقيقة
أن الكثير من المبهم فيما يخص هذه القضية ربما يتضح بعد استعراض الشاهد
الثاني، والذي يتمثل في حرص الحكومة الخمينية على الاحتفال بعيد النيروز -
رأس السنة الفارسية - والذي ما زالت تعتبره عيد الدولة الرسمي، بل إنها
تمنح فيه أبناء الشعب الإيراني إجازة رسمية لمدة أحد عشر يوماً، في حين
أنها تواصل هذه الاحتفالات حتى لو تزامن النيروز مع يوم عاشوراء الذي
يقيمون فيه المآتم، على الرغم من انتقادهم لأهل السنة كونهم يصومون يوم
عاشوراء احتفالاً بانتصار موسى عليه السلام على فرعون.
ولعل في ذلك
دلالة قوية على أن اعتزاز الدولة الإيرانية الخمينية بموروثها الفارسي يفوق
اعتزازها بالموروث الإسلامي، الذي وصل لدرجة كبيرة دفعتها لأن تستمر في
صراعها مع البلدان العربية حول تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، حيث
لا تتردد في أن تثير المسألة بين الحين والآخر وعبر مناسبات متعددة، على
الرغم من أن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد قضية شكلية على المستوى السياسي
إذا ما خلصت نواياها بالفعل تجاه شعارات الوحدة الإسلامية.
وفي هذا الصدد
تحضرني قصة حكاها لي أحد الزملاء من الكتاب الصحفيين المنتمين لمدرسة
الإخوان المسلمين على المستوى الفكري، والتي تنحاز - كما أشرنا آنفاً - إلى
فكرة التقارب بين السنة والشيعة؛ إذ ذكر هذا الزميل أنه تم تكليفه من قبل
الصحيفة التي يكتب لها - وهي على نفس النهج فيما يخص التقارب - بالسفر إلى
إيران، على أن يقوم بإجراء عدد من الحوارات الصحفية مع بعض المسئولين
والقادة الإيرانيين في مختلف المجالات السياسية والثقافية، بهدف تعريف
المجتمع المصري بالمجتمع الإيراني الشيعي، وقد كان من بينهم الكاهن المسئول
عن عبادة الزرادشتية - عبدة النار - في إيران.
ويضيف الزميل
الصحفي أنه ولعدم معرفته بالفارسية طلب من المعنيين بإيران اصطحاب مترجم
يتقن العربية حتى ينقل له إجابات الكاهن، وهو ما تم بالفعل حيث اصطحبه
مترجم تبدو عليه علامات التدين.
واستطرد الزميل
قائلاً: إنه وخلال الحوار تحدث الكاهن مقارناً بين الإسلام والزرادشتية
فيما يخص نظرة كليهما للإسلام، حيث زعم الكاهن أن الزرادشتية رفعت من قدر
المرأة لدرجة كبيرة فاقت كل الأديان بما فيها الإسلام، مستشهداً على ذلك
بأن عبدة النار ولوا أمرهم امرأة، وهو ما استفز صاحبنا الصحفي فأطلق عبارات
بالعربية تستنكر ما قاله الكاهن وتنال منه كون أن الكاهن لا يفهم العربية،
فما كان من المترجم الإيراني الذي يفترض أنه متدين إلا أن غضب غضباً
شديداً تعصباً لبني جلدته دون أن يغضب لما قاله هذا الكاهن في حق الإسلام.
إيران والعلمانية:
من الطبيعي أن
تثير محاولة الربط بين العلمانية وإيران بعض الدهشة والتعجب لدى القارئ؛ إذ
كيف يمكن قبول ذلك بالنسبة لدولة تُتهم من الخارج بأنها تحاول أن تصدر
ثورتها التي ترفع الشعارات الإسلامية؟!
لكن الحقيقة التي
يجب أن ننتبه إليها أن ذلك أيضاً ليس إلا جزء من عمليات الخداع الإيرانية؛
فإيران ورجالها دعموا وبشكل أساسي العلمانية والعلمانيين في مصر بدلاً من
أن يكونوا ووفق التصور السائد دعماً للإسلاميين، وهو ما تجلى بوضوح في
الكثير من المواقف التي تم رصدها مؤخراً.
ويأتي في مقدمة
هذه المواقف الواضحة ذلك الدعم المعلن وغير المعلن من قبل الدولة الإيرانية
لمرشحين علمانيين لموقع الرئاسة المصرية أعلنوا مراراً أنهم مع الدولة
العلمانية، من أمثال المرشح الناصري حمدين صباحي الذي أفادت بعض مواقع
الإنترنت بأنه قام برفقة أعضاء حملته الانتخابية عند ترشحه بزيارة مفاجئة
إلى طهران لتمويل حملته.
ووفق بعض المواقع
فإن صباحي حصل على ما قيمته 386 مليون دولار عبر حزب الله اللبناني، في
مقابل أن دافع صباحي عن الرئيس السوري بشار الأسد، كما أيد الاحتجاجات
الشيعية في البحرين، رغم علمه اليقيني بأنها مدعومة من الدولة الإيرانية.
وبعيداً
عن مدى صدقية المعلومات حول تلقي صباحي لهذه الأموال الإيرانية من عدمه؛
فذلك مما لا يشغلنا كثيراً، فضلاً عن احتمال أن يكون جزءا من حملة مضادة،
إلا أن الأهم في القضية أن ثمة علاقة وطيدة تربط بين صباحي الناصري مع
الدولة الإيرانية التي كان من المفترض منطقاً وعقلاً أن تكون داعمة لأحد
المرشحين الإسلاميين إن جازت هنا مسألة الدعم المالي من أساسه، خاصة وأن
السياق الطبيعي يقول بأن العلاقة بين حمدين صباحي وإيران كان يجب أن لا
يكون على ما يرام، فالرجل معروف بمواقفه الداعمة والمؤيدة للرئيس العراقي
الراحل صدام حسين، وهو مَن هو بالنسبة لإيران وللإيرانيين.
والحقيقة
أن علاقة حمدين صباحي - ممثلاً للتيار الناصري - ربما هي امتداد لعلاقة
قوية تربط بين إيران وأبناء هذا التيار، والتي توثقت عبر طرفين رئيسيين
أحدهما يتمثل في حزب الله اللبناني، والآخر يتمثل في الأب الروحي على
المستوى الفكري للتيار الناصري في مصر وهو الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل،
الذي توجه له هو الآخر العديد من الاتهامات كونه على علاقة مع إيران تدفعه
للتنكر للقضية العربية والقومية التي هي أحد الأعمدة الأساسية للفكر
الناصري، كان آخرها التصريحات التي أدلى بها أحد البرلمانيين البحرينيين
والتي اتهم فيها هيكل بقبول المال الإيراني على خلفية حديث تلفزيوني تناول
خلاله قضية الجزر المتنازع حولها "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى" بين
إيران والإمارات، وقوله إن العرب قبلوا التنازل عنها مقابل بقاء البحرين
عربية، وأنه شخصياً شارك في مفاوضات في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
حول هذه القضية، معتبراً أن المطالبات الحالية للإمارات بالجزر لديها دوافع
سياسية، وأن القضية لم تثر خلال حكم الشاه لإيران.
كما اتهم عضو
مجلس الشورى البحريني عبدالجليل العويناتي، في مقال نشره بصحيفة "الوطن"
البحرينية تحت عنوان "عندما يكذب محمد حسنين هيكل.. من أجل حفنة تومانات!"
هيكل بـ "العيش على أوهام النفوذ والنجومية عندما كان يكتب عن الوحدة
العربية نهاراً ويتآمر عليها ليلاً".
وقال: "ثمة أنظمة
عربية تتكفل بمصروفات تدليله كثمن لإعادة استخدام شبح السيد هيكل!" مضيفاً
أن ما قاله حول البحرين والإمارات "يكفي للتأكيد على أن الرجل لم يبلغ فقط
من العمر عتياً، بل بلغ أيضاً من الخرف عتياً،" وتوجه إليه بالقول: "معروف
لصالح من تكتب اليوم، فالتومانات كالدراهم.. تأبى إلا أن تظهر أعناقها!".
كما استفزت
تصريحات هيكل وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة، فرد على هيكل
عبر تغريدة له على حسابه الرسمي بتويتر قال فيها: "حسنين هيكل لا يستنطق
الا الموتى وأصحاب الآخرة ... إن كانت لديه وثيقة واحدة تثبت مزاعمه عن
البحرين وجزر الإمارات فليبرزها وإلا فليصمت".
أيضاً لم يعد
خافياً على أحد أن إيران كانت داعماً بشكل مباشر أو غير مباشر لما يسمى
بحركة (تمرد) التي كانت الغطاء السياسي الشعبي لإسقاط الرئيس المصري
الدكتور محمد مرسي، وهي المعلومات التي أكدها القيادي الشيعي بهاء أنور
محمد مدير مركز مصر الفاطمية لحقوق الإنسان، والمتحدث السابق باسم الشيعة
المصريين، حيث قال: إن محمود بدر مؤسس حركة تمرد شيعي عاشق لإيران حتى
النخاع، وأن مقر مولد حركة تمرد كان مركز مصر الفاطمية لحقوق الإنسان، وأن
ذلك ليس مجرد مصادفة.
وأوضح أنور محمد -
وفق ما نقلت صحيفة المصريون المستقلة في نهاية ديسمبر الماضي - أن ذلك
يؤكد وجود مؤامرة وصفقة قذرة تمت بين النظام المصري والإيراني ومليارات
دفعت من أجل إظهار أن الشيعة المصريين لهم دور كبير ونفوذ ومؤثرون لدرجة
أطاحت بالإخوان المسلمين، في حين أنه في حقيقة الأمر عدد الشيعة المصريين
لا يكاد يذكر.
وأضاف القيادي
الشيعي أن إيران أصبحت تمتلك (كروت) لعب كثيرة في المنطقة، بدءًا من حزب
الله في لبنان، إلى بشار الأسد في سوريا، إلى الحوثيين في اليمن، إلى
العراق ونفط العراق، وأخيرًا حركة تمرد التي أطاحت برئيس أكبر دولة عربية
سنية.
ويجدر بنا هنا أن
نلفت النظر إلى أن المدعو بدر هو أيضاً من الشباب المحسوبين على التيار
الناصري في مصر، وكان وفق بعض المعلومات عضواً بحزب الكرامة الناصري الذي
أسسه حمدين صباحي.
كذلك لا يمكننا
أن نغض الطرف عن ذكر مسألة نعدها في غاية الأهمية؛ إذ أن القيادي الشيعي
سابق الذكر محمد بهاء أنور محمد يعد أول مصري سعى إلى تأسيس حزب يحمل لفظة
العلمانية وهو حزب "الفجر العلماني"، وهو الأمر الذي لم يجرؤ على فعله أي
قيادي سياسي مصري من قبل وفق علمنا.
ولم ينس أنور أن
يبرر دعوته هذه بالتأكيد على أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة في
مصر هو العلمانية التي ترفض الفاشية الدينية والعسكرية.
بل إن الأمر وصل
بالمدعو أنور محمد أن يكون حزبه هو من نظم فعاليات ما يسمى باليوم العالمي
لخلع الحجاب لأول مرة في مصر والشرق الأوسط في نهاية شهر سبتمبر الماضي
بميدان طلعت حرب، حيث أكد أنه سوف يقدم المساعدة النفسية والنصائح للفتيات
اللاتي زعم أنه يتم إجبارهن على ارتداء الحجاب.
والدعوة التي
يتبناها بهاء أنور محمد يتبناها أيضاً الدكتور أحمد راسم النفيس، أحد كبار
قيادات الشيعة المصريين؛ إذ في حوار له مع صحيفة اليوم السابع المصرية يوم
14 أغسطس عام 2008 قال بالنص: "أنا كشيعي مصري أطالب بفصل الدين عن
السياسة، وأعتقد أن تطبيق ذلك كفيل بالقضاء على المذهب السني؛ لأن المؤسسات
السنية ظهرت منذ أبو هريرة ومالك بن أنس، وهؤلاء عاشوا في كنف النظم
السياسية، وهم الذين أدخلوا الدين في السياسة، ولكننا للأسف الشديد لا
نقترب من هؤلاء، ونعمل لهم مجداً، ويصبحون لدينا أشخاصاً مقدسين. انظر
مثلاً لابن خلدون قاضى قضاة المذهب المالكي كان يعمل لدى ملك الشذوذ "زاد
القطر". أئمة السنة عاشوا طوال أعمارهم في خدمة السلطان، ولا يعرفون حرية
فكر أو عقيدة".
وفي الختام ليس إلا تساؤل مهم يطرح نفسه:
هل بالفعل تعد
إيران دولة إسلامية تدعو وتهدف لتطبيق الشريعة الإسلامية، أم أن هذه الدعوة
- وكما نؤكد مراراً - ليست إلا إحدى وسائل الخداع؟
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).