إخوة الإيمان: المكان: جنوب البلاد في منطقة الخُوبة. الحدث: تسلُّل ميليشيات من أفراد مَن يسمَّون بالحوثيين، وإطلاق النار على حرس الحدود. النتيجة: قتل أحد الجنود، وجرح عشرة آخرين في جرأة سافرة مُستفزَّة على آمن البلد وأرضه وسيادته. هذه هي شرارة النار التي جرَّت إلى حرب مفتوحة بين بلدنا وعصابات الحوثيين، ولا تزال رَحَى الحرب مستعِرَة ودخان المعركة يلوح في الأفق. وبعيدًا عن التحليل السياسي والمشهد العسكري نقف مع حقيقة هذه العصابات الباغية مع أصلها ونشأتها، وأهدافها وعقيدتها؛ ليتَّضح لنا بعد ذلك الصورة الكاملة لهذه الحركة المشبوهة المشؤومة. معاشر المسلمين: قصة البداية الحوثية كانت مع بداية التسعينيات الميلادية في محافظة صعدة بالتحديد، حيث خرجت للوجود حركة تنظيمية أطلقت على نفسها (الشباب المؤمن) كان من أبرز مؤسِّسيها بدر الدين الحوثي، ثم تولى رئاستها ابنه حسين بدر الدين الحوثي، كان نشاط هذا التنظيم في بداياته فكريًّا يهدف إلى تدريس المذهب الزيدي. وحين حدثت الوحدة اليمنية وفتح المجال أمام التعدُّدية الحزبية، كان لهذا التنظيم كرسيٌّ في مجلس النوَّاب في الحكومة اليمنية ممثِّلاً عن الطائفة الزيدية. في تلك الفترة حصل انشقاق ومنافَرة بين علماء الزيدية من جهة وبين بدر الدين الحوثي من جهة أخرى؛ بسبب آراء الحوثي المخالفة للزيدية؛ ومنها: دفاعه المستميت ومَيْله الواضح لمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية وتصحيحه لبعض معتقداتهم، فأصدر حينها علماء الزيدية بيانًا تبرَّؤوا فيه من الحوثي وآرائه. عندها اضطرَّ الحوثي للهجرة إلى إيران، وعاش هناك عِدَّة سنوات تغذَّى فيها من المعتقد الصفوي وازدادت قناعته بالمذهب الإمامي الاثني عشري، وفي عام 2002 ميلادية عاد الحوثي إلى بلاده، وعاد لتدريس أفكاره الجديدة والتي منها: لعن الصحابة وتكفيرهم، ووجوب أخذ الخُمُس، وغيرها من المسائل التي وافق فيها مذهب الشيعة الأمامية، وفي تلك الأثناء -أيضًا- كانت الحركة الحوثية ترسل أبناء صعدة للدراسة في الحوزات العلمية في قم والنجف؛ لتعبِّئهم العمائم الصفوية هناك أنَّ كل حكومةٍ غير ولاية الفقية النائبة عن الإمام المنتظَر هي حكومة غير شرعية ولا معترف بها، ولهذا كان للحركة الحوثية النفَس الثوري الناقم على الحكومة هناك؛ فاندلعت حروب خمسة بين الفريقين كلَّفت بلاد اليمن آلاف الأرواح وخسائر مالية كبرى. عباد الله: الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اليمن، والدعم الصفوي العسكري والمالي - كان من أهم الأسباب التي جعلت هذه الحركة تبرز على الساحة في سنوات قلائل، فضلاً عن الشعارات الرنَّانة التي كان يرفعها الحوثيون؛ كشعار "الموت لأمريكا"، وشعار "اللعنة لإسرائيل"، وغيرها من الشعارات الخدَّاعة والتي أكسبتهم تعاطفًا كبيرًا بين أبناء اليمن، وهذه إحدى الحِيَل الرافضية في كسب تعاطف الشعوب الإسلامية المقهورة. إخوة الإيمان: وحين نقترب من العقيدة الحوثيَّة نرى الانحراف الفكري والضلال العقدي في أجلى صُوَره؛ فالحركة الحوثية تنتحل في أصلها إلى الفرقة الجارودية وهي أشد الفرق الزيدية غُلُوًّا وشطَطَا. والتي من عقيدتها أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نصَّ على إمامة عليٍّ بعده بالوصف لا بالاسم، وأن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب؛ يقول العجوز الضالُّ بدر الدين الحوثي في كتابه "إرشاد الطالب" ص 16: "الولاية بعد رسول الله لعلي -عليه السلام- ولم تصحَّ ولاية المتقدِّمين عليه؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يصحَّ إجماع الأمة عليهم، رضي الناس بذلك أم لم يرضوا". عباد الله: يقول الله -تعالى- عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا) [الفتح: 29]. وأثنى عليهم بقوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18]. وزكاهم -أيضًا- بقول: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]. أفضلهم الصدِّيق الذي نزل فيه قولُ المولى -سبحانه-: (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]، ونزل فيه قوله -تعالى-: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: 33]. إنهم بحقٍّ جيلٌ فريدٌ في إيمانه وجهاده، وعلمه وعمله، بذلوا المُهَج والأرواح في سبيل الله، أخلصوا دينهم لله، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين. اختارهم الله لصحبة نبيه وتبليغ رسالته من بعده، يقول أبو زرعة -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق"، وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتَّهمه على الإسلام". فماذا تقول هذه العصابات الحوثية ومؤسِّسوها عن صفوة الأمة وسابقيها؟ اسمع إلى شيء من أقوالهم وجسارتهم على أفضل وخير جيلٍ، يقول العجوز الحوثي بدر الدين صاحب كتاب "الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز وعلى عبدالعزيز بن باز"، يقول: "أنا عن نفسي أُؤمِن بتكفيرهم"؛ يعني: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول ابنه حسين الحوثي الهالك: "واحترامًا لمشاعر السنة في داخل اليمن وخارجها كُنَّا نسكت مع اعتقادنا أنهما - أي: الشيخين أبا بكر وعمر- مخطئون عاصون ضالُّون". وقال -أيضًا- في أحد خطاباته ما نصه: "الأمة في كل سنة تهبط نحو الأسفل من جيل بعد جيل إلى أن وصلت تحت أقدام اليهود من عهد أبي بكر إلى الآن". وقال هذا الحوثي -لا رحمه الله-: "معاوية سيئة من سيئات عمر، وأبو بكر واحد من سيئاته، وعثمان واحد من سيئاته". أما لماذا يحنق هؤلاء على عمر بالأخصِّ؛ فلأن الفاروق -رضي الله عنه- هو الذي أطفأ نار المجوس وأسقط عروش الفرس. ويواصل هذا الرافضي حديثَه وتجنِّيه وتسافُلَه على خِيار الأمة، فكبُرت كلمةً تخرج من لسانه حين قال: "السلف الصالح هم مَن لعب بالأمة، وهم مَن أسس الظلم في الأمة وفرَّق الأمة؛ لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن مَن يقول السلف الصالح يعني بهم: أبا بكر وعمر وعثمان، ومعاوية وعائشة، وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وهذه النوعية الفاشلة هم السلف الصالح". ثم قال: "السنِّي الوهَّابي يُجَنُّ من حديثنا هذا، ومستعدٌّ أن تتحطَّم الأمة كلها ولا يتخلَّى عن أبي بكر وعمر". ونحن نقول: صدقت يا كذوب، والله إن القلوب لتلتهب والأوداج لتنتفخ إذا هُزِئ ونِيلَ من أبي بكر وعمر وبقية الصحابة -رضي الله عنهم- بل ونوالي ونعادي من أجلهم حبًّا لهم وحبًّا لنبينا -صلى الله عليه وسلم. إخوة الإيمان: إن من الخطأ البيِّن أن يُنْظَر إلى هذه الحركة على أنها حركة سياسية معارِضة تطالِب بحقوقٍ مسلوبة فقط. من الخطأ البيِّن تنحية البعد العقَدي في حديثنا عن هذه الحركة الشيعية الباطنية. ومن الخطأ أيضًا نسيان تاريخ الحركات الشيعية الثورية التي عانى منها المسلمون عبر تاريخهم؛ كحركة القرامطة، والحركة العُبَيدية، والصفوية، وغيرها من الحركات التي أذاقت المسلمين الوَيْلات, وأدخلت أهل الإسلام في صراعات داخلية مريرة؛ فما هذه الحركة إلا امتدادٌ لتلك الحركات الباطنية جاءت استجابة للصوت الصفوي الذي دعا لتصدير الثورة المزعومة في مشارق الأرض ومغاربها. لا يمكن -عبادَ الله-: أن نفصل هذه الحركة عن مخطَّط التمدُّد الشيعي على البلاد الإسلامية؛ فالميل العَقَدي للشيعة الاثني عشرية قد ظهر على حال مؤسسي هذه الحركة وأقوالهم، وصرَّح غير واحد من السياسيين في اليمن أنَّ إيران هي الداعم الرئيس لهذه الحركة التي تسعى للانفصال، والقنوات الشيعية الفضائية -أيضًا- تقف مع الحركة الحوثية وتظهرهم مظهر المظلوم. فالمخطَّط الصفوي لابتلاع العالم الإسلامي واضح للعيان من خلال أذرعه الموزَّعة هنا وهناك، ليس هذا من قبيل المبالغة ولا وقوعًا في هاجس المؤامرة، بل الأحداث تحكي, والوقائع تنطق بهذا المكر الكُبَّار، ولعل تصريحات وزير الخارجية الإيراني وتحذيره لدول الجوار من التدخُّل في شؤون اليمن، وأنَّ حماية الشيعة في كل مكان مسؤولية إيرانية - لهو أكبر شاهد على هذا المخطط المبطن. ولا ندري والله هل تسليح تلك الجماعات المارقة ودعمها لا يُعَدُّ تدخُّلاً في الشؤون الداخلية اليمنية؟! هل سيسمح الفُرْس بتدخُّل الحكومات السنِّية لحماية أهل السنة في إيران من البطش الصفوي؟! عبادَ الله: ومما ينبغي معرفته وذكره في هذه الأحداث: أنَّ الثورة الصفوية قد بشَّرت أتباعها بقرب ظهور مهديِّهم الغائب المنتظَر، وأن هذا الظهور لن يكون إلا بعد ثورات متتالية على مَن ظلَم أهل البيت وسلَب منهم حقوقَهم؛ ولذا فهذه الثورات -بحسب المعتقد الصفوي- تمهِّد لخروج الإمام الغائب الحجة -كما يزعمون-. نسأل الله -تعالى- أن ينصرنا على مَن بغى علينا، وأن يردَّ كيد الروافض في نحورهم، وأن يخلِّص بلاد المسلمين من شرِّهم وفِتَنهم، وأن يضرب عليهم ذلاًّ وهوانًا من عنده، ومَن يهن الله فما له من مكرم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه رحيم ودود. الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اجتبى. أمَّا بعد: فيا إخوة الإيمان: هذه البلاد الغنية بثرواتها الغالية وبمقدساتها كانت -ولا زالت- هدفًا للأطماع الفارسية؛ فهذا الاعتداء الآثم على أطراف البلاد جاء متزامِنًا مع حملات فارسية تشويهية على بلدنا وعقيدته ومنهجه، وكان آخرها مطالبة كبارهم بالسماح للشيعة بإحياء شعائرهم في الأماكن المقدسة، وإعلان البراءة من المشركين في موسم الحج، وما ذاك إلا لتحقيق مكاسب سياسية وتلميع صورة التشيُّع وإظهارهم بدور المناضل عن قضايا الأمة. والكل يعلم, والتاريخ ينطق أن هؤلاء الروافض لم تكن لهم صفحة بيضاء مع أهل الإسلام، ولم تكن لهم فتوحات عبر التاريخ تُذْكَر، وإنما هم خنجر يطعن في ظهر الأمة. واسألوا التاريخ: مَن الذي سلَّم القدس بعد عمر للنصارى الصليبين؟! مَن الذي سرق الحجر الأسود واغتصبه في الأحساء اثنين وعشرين سنة؟! مَن الذي كان سببًا في سقوط الخلافة الإسلامية العباسية؟! مَن الذي عاق الفتوحات العثمانية في قلب أوروبا وطعنها من الخلف؟! مَن...؟! ومَن...؟! سلسلة طويلة من المؤامرات والدسائس والخيانات. إنها الحركات الباطنية الرافضية التي أنشَأت فِرَقًا للموت ولكن على أهل السنة، وكل ذنبهم أن يترضَّوا عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-. ثم حُقَّ لكل مسلم سنِّي أن يتساءل: هل من البراءة من المشركين أن تتعاون حكومة الملالي مع مَن تصفهم بالشيطان الأكبر في إسقاط حكومتين لأهل السنة؛ كما قال وزير خارجية إيران: "لولا إيران لما احتلت أمريكا العراق، ولولا إيران ما احتلت أمريكا أفغانستان"؟! إنَّ على شيعة اليوم -قبل أن يعلنوا البراءة من المشركين- أن يتبرَّؤوا من الشرك نفسه؛ من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والحج إلى مراقد الأئمَّة، والطواف حول قبورهم، وجعلها مزارات معظَّمة، وغير ذلك من الشِّركيات التي هي من صميم مذهب الرافضة. وبعدُ، إخوة الإيمان: فإن المشكلة ما زالت قائمة، والوضع ما زال متأزِّمًا، والأفاعي الصفوية ما زالت تتحرَّك وتنفث سمَّها هنا وهناك ، والواجب على أهل الإسلام في هذا البلد وخارجه اليقظةُ التامَّة، وتقدير المخاطر، واستدفاع هذه الفتن، والعمل الدؤوب على نصرة الدين ومواجهة المبطِلين بالكلمة والمال، كلٌّ بحسبه وموقعه لا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها. وهذه الاستطاعة يمكن إجمالها فيما يلي: أولاً: العمل الجادُّ على نشر مذهب أهل السنة في العالم الإسلامي، ودعم المؤسَّسات في سبيل تحقيق هذا الهدف، وبذل الجهد المضاعف في تلقيح البقاع الإسلامية من فيروس الترفُّض، وبخاصة في الأماكن التي ينتشر فيها الفقر والجهل. ثانيًا: إبراز الجانب العَقَدي لهذه الحركات الباطنية الحاقدة، والتي -للأسف- غابت عن لغة الإعلام مع زحمة التحليل السياسي. ثالثًا: على دعاة الإسلام وإعلاميِّيهم وتجَّارهم إنشاء قنوات إسلامية تواجه القنوات الشيعية ذات الطابع الطائفي التحريضي، فعصر اليوم هو عصر الإعلام، وسلاح الإعلام أشدُّ فتْكًا وأوسع انتشارًا. رابعًا: أن على الدول الإسلامية السنية أن تتقوَّى بذاتها، وأن تسعى لامتلاك القوَّة التي تردع أطماع الفرس على البلاد السنية، خصوصًا ونحن نرى الخصم يحدُّ سكاكينه ويستعرض قوته. خامسًا: المواجهة العسكرية الحاسمة لكلِّ حادثة شغَب واجتراء وفَوْضى من هذه الحركات الباطنية، سواء على الحدود أو في الشعائر المقدسة، فمخالب هذه الأصابع العميلة إذا لم تقلَّم سيزداد فتكها وشرُّها في مستقبل الأيام. سادسا: ومن المهم أيضًا التفرقة بين مذهب الزيدية وغلاتهم من الجارودية؛ فمن الخطأ تصوير الحوثيين على أنهم هم الزيدية، فهذا التصوُّر والتصوير يخدم المصالح الفُرْسية التي تسعى لتقوية هذه الحركة وتزعيمها على غيرها من الطوائف الزيدية تمامًا كما صنعت مع شيعة لبنان. فالشيعة -قديمًا في لبنان- لم يكونوا على خطِّ مذهب ولاية الفقيه، ولكن مع بروز حزب الله الإيراني أصبح هذا الحزب هو الممثِّل للشيعة؛ لأنه الأقوى والأعلى صوتًا, وتلاشت وخفتت الأصوات الأخرى. سابعا: ومن المهمِّ أيضًا رصُّ الصف الداخلي وتوحيد الكلمة، وعدم إثارة ما يفرِّق ويشتِّت، وردُّ الأمر في المسائل الشرعية إلى أهل العلم الراسخين، وفي المسائل السياسية إلى أهل السلطة. ثامنا: ومن واجبنا أيضًا الدُّعاء لإخواننا المرابطين في أطراف البلاد المدافعين عن الحرمات والمقدَّسات، مع شكرهم وشدِّ أُزُرهم والإشادة بعملهم وبطولتهم. نسأل الله -تعالى- أن يحفظ لبلادنا أمنها وإيمانها وعقيدتها واستقرارها، وأن يردَّ كَيْد الكائدين في نحورهم، وأن يركِس أهل الفتنة والفساد والزيغ والعناد. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد.
الحركة الحوثية... تاريخ سيئ وحاضر أسوأ
إخوة الإيمان: المكان: جنوب البلاد في منطقة الخُوبة. الحدث: تسلُّل ميليشيات من أفراد مَن يسمَّون بالحوثيين، وإطلاق النار على حرس الحدود. النتيجة: قتل أحد الجنود، وجرح عشرة آخرين في جرأة سافرة مُستفزَّة على آمن البلد وأرضه وسيادته. هذه هي شرارة النار التي جرَّت إلى حرب مفتوحة بين بلدنا وعصابات الحوثيين، ولا تزال رَحَى الحرب مستعِرَة ودخان المعركة يلوح في الأفق. وبعيدًا عن التحليل السياسي والمشهد العسكري نقف مع حقيقة هذه العصابات الباغية مع أصلها ونشأتها، وأهدافها وعقيدتها؛ ليتَّضح لنا بعد ذلك الصورة الكاملة لهذه الحركة المشبوهة المشؤومة. معاشر المسلمين: قصة البداية الحوثية كانت مع بداية التسعينيات الميلادية في محافظة صعدة بالتحديد، حيث خرجت للوجود حركة تنظيمية أطلقت على نفسها (الشباب المؤمن) كان من أبرز مؤسِّسيها بدر الدين الحوثي، ثم تولى رئاستها ابنه حسين بدر الدين الحوثي، كان نشاط هذا التنظيم في بداياته فكريًّا يهدف إلى تدريس المذهب الزيدي. وحين حدثت الوحدة اليمنية وفتح المجال أمام التعدُّدية الحزبية، كان لهذا التنظيم كرسيٌّ في مجلس النوَّاب في الحكومة اليمنية ممثِّلاً عن الطائفة الزيدية. في تلك الفترة حصل انشقاق ومنافَرة بين علماء الزيدية من جهة وبين بدر الدين الحوثي من جهة أخرى؛ بسبب آراء الحوثي المخالفة للزيدية؛ ومنها: دفاعه المستميت ومَيْله الواضح لمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية وتصحيحه لبعض معتقداتهم، فأصدر حينها علماء الزيدية بيانًا تبرَّؤوا فيه من الحوثي وآرائه. عندها اضطرَّ الحوثي للهجرة إلى إيران، وعاش هناك عِدَّة سنوات تغذَّى فيها من المعتقد الصفوي وازدادت قناعته بالمذهب الإمامي الاثني عشري، وفي عام 2002 ميلادية عاد الحوثي إلى بلاده، وعاد لتدريس أفكاره الجديدة والتي منها: لعن الصحابة وتكفيرهم، ووجوب أخذ الخُمُس، وغيرها من المسائل التي وافق فيها مذهب الشيعة الأمامية، وفي تلك الأثناء -أيضًا- كانت الحركة الحوثية ترسل أبناء صعدة للدراسة في الحوزات العلمية في قم والنجف؛ لتعبِّئهم العمائم الصفوية هناك أنَّ كل حكومةٍ غير ولاية الفقية النائبة عن الإمام المنتظَر هي حكومة غير شرعية ولا معترف بها، ولهذا كان للحركة الحوثية النفَس الثوري الناقم على الحكومة هناك؛ فاندلعت حروب خمسة بين الفريقين كلَّفت بلاد اليمن آلاف الأرواح وخسائر مالية كبرى. عباد الله: الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها اليمن، والدعم الصفوي العسكري والمالي - كان من أهم الأسباب التي جعلت هذه الحركة تبرز على الساحة في سنوات قلائل، فضلاً عن الشعارات الرنَّانة التي كان يرفعها الحوثيون؛ كشعار "الموت لأمريكا"، وشعار "اللعنة لإسرائيل"، وغيرها من الشعارات الخدَّاعة والتي أكسبتهم تعاطفًا كبيرًا بين أبناء اليمن، وهذه إحدى الحِيَل الرافضية في كسب تعاطف الشعوب الإسلامية المقهورة. إخوة الإيمان: وحين نقترب من العقيدة الحوثيَّة نرى الانحراف الفكري والضلال العقدي في أجلى صُوَره؛ فالحركة الحوثية تنتحل في أصلها إلى الفرقة الجارودية وهي أشد الفرق الزيدية غُلُوًّا وشطَطَا. والتي من عقيدتها أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- نصَّ على إمامة عليٍّ بعده بالوصف لا بالاسم، وأن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب؛ يقول العجوز الضالُّ بدر الدين الحوثي في كتابه "إرشاد الطالب" ص 16: "الولاية بعد رسول الله لعلي -عليه السلام- ولم تصحَّ ولاية المتقدِّمين عليه؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، ولم يصحَّ إجماع الأمة عليهم، رضي الناس بذلك أم لم يرضوا". عباد الله: يقول الله -تعالى- عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا) [الفتح: 29]. وأثنى عليهم بقوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) [الفتح: 18]. وزكاهم -أيضًا- بقول: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]. أفضلهم الصدِّيق الذي نزل فيه قولُ المولى -سبحانه-: (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40]، ونزل فيه قوله -تعالى-: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: 33]. إنهم بحقٍّ جيلٌ فريدٌ في إيمانه وجهاده، وعلمه وعمله، بذلوا المُهَج والأرواح في سبيل الله، أخلصوا دينهم لله، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يحب الصابرين. اختارهم الله لصحبة نبيه وتبليغ رسالته من بعده، يقول أبو زرعة -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق"، وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "إذا رأيت الرجل يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتَّهمه على الإسلام". فماذا تقول هذه العصابات الحوثية ومؤسِّسوها عن صفوة الأمة وسابقيها؟ اسمع إلى شيء من أقوالهم وجسارتهم على أفضل وخير جيلٍ، يقول العجوز الحوثي بدر الدين صاحب كتاب "الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز وعلى عبدالعزيز بن باز"، يقول: "أنا عن نفسي أُؤمِن بتكفيرهم"؛ يعني: أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول ابنه حسين الحوثي الهالك: "واحترامًا لمشاعر السنة في داخل اليمن وخارجها كُنَّا نسكت مع اعتقادنا أنهما - أي: الشيخين أبا بكر وعمر- مخطئون عاصون ضالُّون". وقال -أيضًا- في أحد خطاباته ما نصه: "الأمة في كل سنة تهبط نحو الأسفل من جيل بعد جيل إلى أن وصلت تحت أقدام اليهود من عهد أبي بكر إلى الآن". وقال هذا الحوثي -لا رحمه الله-: "معاوية سيئة من سيئات عمر، وأبو بكر واحد من سيئاته، وعثمان واحد من سيئاته". أما لماذا يحنق هؤلاء على عمر بالأخصِّ؛ فلأن الفاروق -رضي الله عنه- هو الذي أطفأ نار المجوس وأسقط عروش الفرس. ويواصل هذا الرافضي حديثَه وتجنِّيه وتسافُلَه على خِيار الأمة، فكبُرت كلمةً تخرج من لسانه حين قال: "السلف الصالح هم مَن لعب بالأمة، وهم مَن أسس الظلم في الأمة وفرَّق الأمة؛ لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن مَن يقول السلف الصالح يعني بهم: أبا بكر وعمر وعثمان، ومعاوية وعائشة، وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وهذه النوعية الفاشلة هم السلف الصالح". ثم قال: "السنِّي الوهَّابي يُجَنُّ من حديثنا هذا، ومستعدٌّ أن تتحطَّم الأمة كلها ولا يتخلَّى عن أبي بكر وعمر". ونحن نقول: صدقت يا كذوب، والله إن القلوب لتلتهب والأوداج لتنتفخ إذا هُزِئ ونِيلَ من أبي بكر وعمر وبقية الصحابة -رضي الله عنهم- بل ونوالي ونعادي من أجلهم حبًّا لهم وحبًّا لنبينا -صلى الله عليه وسلم. إخوة الإيمان: إن من الخطأ البيِّن أن يُنْظَر إلى هذه الحركة على أنها حركة سياسية معارِضة تطالِب بحقوقٍ مسلوبة فقط. من الخطأ البيِّن تنحية البعد العقَدي في حديثنا عن هذه الحركة الشيعية الباطنية. ومن الخطأ أيضًا نسيان تاريخ الحركات الشيعية الثورية التي عانى منها المسلمون عبر تاريخهم؛ كحركة القرامطة، والحركة العُبَيدية، والصفوية، وغيرها من الحركات التي أذاقت المسلمين الوَيْلات, وأدخلت أهل الإسلام في صراعات داخلية مريرة؛ فما هذه الحركة إلا امتدادٌ لتلك الحركات الباطنية جاءت استجابة للصوت الصفوي الذي دعا لتصدير الثورة المزعومة في مشارق الأرض ومغاربها. لا يمكن -عبادَ الله-: أن نفصل هذه الحركة عن مخطَّط التمدُّد الشيعي على البلاد الإسلامية؛ فالميل العَقَدي للشيعة الاثني عشرية قد ظهر على حال مؤسسي هذه الحركة وأقوالهم، وصرَّح غير واحد من السياسيين في اليمن أنَّ إيران هي الداعم الرئيس لهذه الحركة التي تسعى للانفصال، والقنوات الشيعية الفضائية -أيضًا- تقف مع الحركة الحوثية وتظهرهم مظهر المظلوم. فالمخطَّط الصفوي لابتلاع العالم الإسلامي واضح للعيان من خلال أذرعه الموزَّعة هنا وهناك، ليس هذا من قبيل المبالغة ولا وقوعًا في هاجس المؤامرة، بل الأحداث تحكي, والوقائع تنطق بهذا المكر الكُبَّار، ولعل تصريحات وزير الخارجية الإيراني وتحذيره لدول الجوار من التدخُّل في شؤون اليمن، وأنَّ حماية الشيعة في كل مكان مسؤولية إيرانية - لهو أكبر شاهد على هذا المخطط المبطن. ولا ندري والله هل تسليح تلك الجماعات المارقة ودعمها لا يُعَدُّ تدخُّلاً في الشؤون الداخلية اليمنية؟! هل سيسمح الفُرْس بتدخُّل الحكومات السنِّية لحماية أهل السنة في إيران من البطش الصفوي؟! عبادَ الله: ومما ينبغي معرفته وذكره في هذه الأحداث: أنَّ الثورة الصفوية قد بشَّرت أتباعها بقرب ظهور مهديِّهم الغائب المنتظَر، وأن هذا الظهور لن يكون إلا بعد ثورات متتالية على مَن ظلَم أهل البيت وسلَب منهم حقوقَهم؛ ولذا فهذه الثورات -بحسب المعتقد الصفوي- تمهِّد لخروج الإمام الغائب الحجة -كما يزعمون-. نسأل الله -تعالى- أن ينصرنا على مَن بغى علينا، وأن يردَّ كيد الروافض في نحورهم، وأن يخلِّص بلاد المسلمين من شرِّهم وفِتَنهم، وأن يضرب عليهم ذلاًّ وهوانًا من عنده، ومَن يهن الله فما له من مكرم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه رحيم ودود. الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اجتبى. أمَّا بعد: فيا إخوة الإيمان: هذه البلاد الغنية بثرواتها الغالية وبمقدساتها كانت -ولا زالت- هدفًا للأطماع الفارسية؛ فهذا الاعتداء الآثم على أطراف البلاد جاء متزامِنًا مع حملات فارسية تشويهية على بلدنا وعقيدته ومنهجه، وكان آخرها مطالبة كبارهم بالسماح للشيعة بإحياء شعائرهم في الأماكن المقدسة، وإعلان البراءة من المشركين في موسم الحج، وما ذاك إلا لتحقيق مكاسب سياسية وتلميع صورة التشيُّع وإظهارهم بدور المناضل عن قضايا الأمة. والكل يعلم, والتاريخ ينطق أن هؤلاء الروافض لم تكن لهم صفحة بيضاء مع أهل الإسلام، ولم تكن لهم فتوحات عبر التاريخ تُذْكَر، وإنما هم خنجر يطعن في ظهر الأمة. واسألوا التاريخ: مَن الذي سلَّم القدس بعد عمر للنصارى الصليبين؟! مَن الذي سرق الحجر الأسود واغتصبه في الأحساء اثنين وعشرين سنة؟! مَن الذي كان سببًا في سقوط الخلافة الإسلامية العباسية؟! مَن الذي عاق الفتوحات العثمانية في قلب أوروبا وطعنها من الخلف؟! مَن...؟! ومَن...؟! سلسلة طويلة من المؤامرات والدسائس والخيانات. إنها الحركات الباطنية الرافضية التي أنشَأت فِرَقًا للموت ولكن على أهل السنة، وكل ذنبهم أن يترضَّوا عن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-. ثم حُقَّ لكل مسلم سنِّي أن يتساءل: هل من البراءة من المشركين أن تتعاون حكومة الملالي مع مَن تصفهم بالشيطان الأكبر في إسقاط حكومتين لأهل السنة؛ كما قال وزير خارجية إيران: "لولا إيران لما احتلت أمريكا العراق، ولولا إيران ما احتلت أمريكا أفغانستان"؟! إنَّ على شيعة اليوم -قبل أن يعلنوا البراءة من المشركين- أن يتبرَّؤوا من الشرك نفسه؛ من دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والحج إلى مراقد الأئمَّة، والطواف حول قبورهم، وجعلها مزارات معظَّمة، وغير ذلك من الشِّركيات التي هي من صميم مذهب الرافضة. وبعدُ، إخوة الإيمان: فإن المشكلة ما زالت قائمة، والوضع ما زال متأزِّمًا، والأفاعي الصفوية ما زالت تتحرَّك وتنفث سمَّها هنا وهناك ، والواجب على أهل الإسلام في هذا البلد وخارجه اليقظةُ التامَّة، وتقدير المخاطر، واستدفاع هذه الفتن، والعمل الدؤوب على نصرة الدين ومواجهة المبطِلين بالكلمة والمال، كلٌّ بحسبه وموقعه لا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها. وهذه الاستطاعة يمكن إجمالها فيما يلي: أولاً: العمل الجادُّ على نشر مذهب أهل السنة في العالم الإسلامي، ودعم المؤسَّسات في سبيل تحقيق هذا الهدف، وبذل الجهد المضاعف في تلقيح البقاع الإسلامية من فيروس الترفُّض، وبخاصة في الأماكن التي ينتشر فيها الفقر والجهل. ثانيًا: إبراز الجانب العَقَدي لهذه الحركات الباطنية الحاقدة، والتي -للأسف- غابت عن لغة الإعلام مع زحمة التحليل السياسي. ثالثًا: على دعاة الإسلام وإعلاميِّيهم وتجَّارهم إنشاء قنوات إسلامية تواجه القنوات الشيعية ذات الطابع الطائفي التحريضي، فعصر اليوم هو عصر الإعلام، وسلاح الإعلام أشدُّ فتْكًا وأوسع انتشارًا. رابعًا: أن على الدول الإسلامية السنية أن تتقوَّى بذاتها، وأن تسعى لامتلاك القوَّة التي تردع أطماع الفرس على البلاد السنية، خصوصًا ونحن نرى الخصم يحدُّ سكاكينه ويستعرض قوته. خامسًا: المواجهة العسكرية الحاسمة لكلِّ حادثة شغَب واجتراء وفَوْضى من هذه الحركات الباطنية، سواء على الحدود أو في الشعائر المقدسة، فمخالب هذه الأصابع العميلة إذا لم تقلَّم سيزداد فتكها وشرُّها في مستقبل الأيام. سادسا: ومن المهم أيضًا التفرقة بين مذهب الزيدية وغلاتهم من الجارودية؛ فمن الخطأ تصوير الحوثيين على أنهم هم الزيدية، فهذا التصوُّر والتصوير يخدم المصالح الفُرْسية التي تسعى لتقوية هذه الحركة وتزعيمها على غيرها من الطوائف الزيدية تمامًا كما صنعت مع شيعة لبنان. فالشيعة -قديمًا في لبنان- لم يكونوا على خطِّ مذهب ولاية الفقيه، ولكن مع بروز حزب الله الإيراني أصبح هذا الحزب هو الممثِّل للشيعة؛ لأنه الأقوى والأعلى صوتًا, وتلاشت وخفتت الأصوات الأخرى. سابعا: ومن المهمِّ أيضًا رصُّ الصف الداخلي وتوحيد الكلمة، وعدم إثارة ما يفرِّق ويشتِّت، وردُّ الأمر في المسائل الشرعية إلى أهل العلم الراسخين، وفي المسائل السياسية إلى أهل السلطة. ثامنا: ومن واجبنا أيضًا الدُّعاء لإخواننا المرابطين في أطراف البلاد المدافعين عن الحرمات والمقدَّسات، مع شكرهم وشدِّ أُزُرهم والإشادة بعملهم وبطولتهم. نسأل الله -تعالى- أن يحفظ لبلادنا أمنها وإيمانها وعقيدتها واستقرارها، وأن يردَّ كَيْد الكائدين في نحورهم، وأن يركِس أهل الفتنة والفساد والزيغ والعناد. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).