0

مراسيم عاشوراء من شذوذ المازوخية

وصف الشاعر العراقي المعروف معروف الرصافي شعائر عاشوراء بقوله:

فلو رأيت صدور القوم حاسرة  ***   وكلهم قام بالكفين ملتدم

لقلت قــول بريء من جهالتهم   ***   هذا لعمري بكاء أضحك الأمم

لا يختلف مراجع الشيعة الشعوبيين عن الكهنة في العصور القديمة من حيث المحافظة على مراسيم العبادات ورفض أية تغيرات يمكن أن تطرأ على طقوسهم فتؤثر على منزلتهم أو تقلل من مداخيلهم. قارن بين محافظة المراجع على مراسيم التطبير والبكاء واللطم في عاشوراء باعتبارها من ضروريات المذهب حسب زعمهم، وبين ما يذكره المؤرخ ادولف ارمان في كتابه (ديانات مصر القديمة) بقوله" لم يكن الكهان ليسمحوا بإجراء أية تغييرات على المظاهر الشكلية للديانة، وتلك مهمة أساسية لرجال الدين يمارسونها في كل زمان ومكان". وفي اليونان قديما كانوا يسردون على الأطفال حكاية (علي باشا في يانيا) وينسبون للباشا المجازر والفظائع والأهوال، مما يشيب الطفل في المهد ويزعج الميت في اللحد، كان الغرض منها شحن بطارية عقول الأطفال بكراهية الأتراك، فتنتحب النساء ويبكي الأطفال وتثار قلوب الرجال فيقومون باللطم وإيذاء أنفسهم برعونية وسفاهة لا حدود لها، كما هو حال الشيعة في عاشوراء تماما. لكنهم من جهة أخرى يصورون مآثر اليونانيين وبطولاتهم في القتال ويمجدونهم رغم خسائرهم في الكثير منها. الحقيقة سبق أن هذه الحالة سبق أن عشتها في أحدى الكافتريات اليونانية في أثينا، عندما طلبت فنجانا من القهوة وقلت للنادل(قهوة تركية من فضلك!) بصورة عفوية بالطبع لا أقصد الإساءة مطلقا. فامتعض النادل من كلمة تركية وصححها حسب اعتقاده: تقصد قهوة سوداء (أي بلا حليب).

سوف نستعرض أولا رأي الدكتور علي شريعتي في أصول مراسيم عاشوراء لأنه فارسي ومتخصص في دراسة العقائد الدينية والمذهبية، وبعدها نناقش الظاهرة الشاذة بإمعان، فقد ذكر عن أصل هذه البدعة ومن أين أخذها الشيعة بقوله" من القضايا الواضحة وجود ارتباط بين الصفوية والمسيحية، حيث تضامن الاثنان لمواجهة الإمبراطورية الإسلامية العظمى التي كان لها حضور فاعل على الصعيد الدولي أبان الحكم العثماني، وشكلت خطراً جديّاً على أوروبا، وقد وجد رجالات التشيّع الصفوي أنه لا بدّ من توفير غطاء (شرعي) لهذا التضامن السياسي، فعملوا على تقريب التشيّع من المسيحية، وفي هذا الإطار عمد الشاه الصفوي إلى استرضاء المسيحيين من خلال دعوتهم للهجرة إلى إيران، وقد شيّد لمسيحيي (جلفا ) مدينة مستقلة قرب العاصمة وأخذ يتودّد إليهم ويصدر بيانات وبلاغات رسمية يعلن فيها عن تمتّعهم بحماية تامة وحرية كاملة في ممارسة طقوسهم الدينية، ومن جهته سعى رجل الدين الصفوي إلى تجميل صورة بعض الشخصيات المسيحية وإقحامها في المشاهد التمثيلية التي تقام إحياءً لذكرى عاشوراء، من ذلك أن رجلاً كرواتياً يحضر أحد هذه المشاهد فيتأثر بالمناخ الحزين فيقتحم المكان ببدلته الأنيقة ونظارتيه ويهاجم معسكر يزيد وأنصاره ويواسي الحاضرين بأجمل مواساة، بحيث ما أن يراه الناظر حتى يتيقن بأن كلب هذا المسيحي الإفرنجي أطهر من (السنّة) الذين قتلوا الحسين (ع)! ولاشك أن مُخرج المشهد المسرحي لا يريد غير ذلك". (راجع التشيع العلوي والتشيع الصفوي).

يضيف شريعتي" كل هذه المراسيم والطقوس الاجتماعية والعرفية هي صيغ مقتبسة مما هو عند النصارى في أوروبا، وقد بلغت هذه الظاهرة حداً من السذاجة بحيث أن الاقتباس يتم بصورة حرفية دون أدنى تغيير. فقد استحدث  الصفويون منصباً وزارياً جديداً باسم وزير الشعائر الحسينية، وقد قام هذا الوزير بجلب أول هدايا الغرب لإيران في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وكان هذا أول تماس حضاري بين إيران والغرب، لا كما يقال من أن هذا الارتباط والتماس حصل في القرن التاسع عشر من خلال استيراد المطابع والصحف والمؤسسات والشخصيات الثقافية كدار الفنون وحاجي أمين الضرب وأمير كبير. ذهب وزير الشعائر الحسينية إلى أوروبا الشرقية وكانت تربطها بالدولة الصفوية روابط حميمة يكتنفها الغموض، وأجرى هناك تحقيقات ودراسات واسعة حول المراسم الدينية والطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك حتى أنماط الديكورات التي كانت تزين بها الكنائس في تلك المناسبات، واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران حيث استعان ببعض الملالي لإجراء بعض التعديلات عليها لكي يصلح استخدامها في المناسبات الشيعية، وبما ينسجم مع الأعراف والتقاليد الوطنية المذهبية في إيران، ما أدى بالتالي إلى ظهور موجة جديدة من الطقوس والمراسم المذهبية لم يعهد لها سابقة في الفلكلور الشعبي الإيراني، ولا في الشعائر الدينية الإسلامية. ومن بين تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتتبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث يستطيع كل إنسان مطلع على تلك المراسيم أن يشخّص أن هذه ليست سوى نسخة من تلك". (المرجع السابق)

عن النوائح وما يرافقها من شعائر ذكر شريعتي" أما النوائح التي تؤدى بشكل جماعي فهي تجسيد دقيق لمراسيم مشابهة تؤدى في الكنائس ويطلق عليها اسم (كر) كما أن الستائر ذات اللون الأسود التي توشح بها أبواب وأعمدة المساجد والتكايا والحسينيات وغالباً ما تطرز بأشعار جودي ومحتشم الكاشاني هي مرآة عاكسة بالضبط لستائر الكنيسة، مضافاً إلى مراسيم التمثيل لوقائع وشخصيات كربلاء وغيرها، حيث تحاكي مظاهر مماثلة تقام في الكنائس أيضاً. وكذلك عملية تصوير الأشخاص رغم كراهة ذلك في مذهبنا، حتى هالة النور التي توضع على رأس صور الأئمة وأهل البيت هي مظهر مقتبس أيضاً، وربما امتدت جذوره إلى طقوس موروثة عن قصص أيزد ويزدان وغيرها من المعتقدات الزرادشتية في إيران القديمة" . (للمزيد راجع المصدر السابق).

الحقيقة أن مراسيم عاشوراء وما يرافقها من أفعال سادية من قبل أتباع آل البيت بدعوى حب الحسين تشغل الحكومة والناس معا. فتكلف الأولى الكثير من المال والجهد، وتكلف الناس الكثير من الدماء والأذى والبذخ. وتتم هذه المراسيم برعاية الحكومات الشيعية ورجال الدين معا. وترافقها غرائب وعجائب الأفعال التي تتنافي مع الدين والأخلاق العامة. من شق الرؤوس وضرب الظهور بالزناجير والشفرات، وتسيير المواكب ورفع الأعلام السوداء والخضراء فوق السطوح وأمور أخرى بعضها يثير الضحك مثل أن يلطم الأسد على الحسين. وقد أعتبر بعض العلماء والزعماء هذه الأفعال مستحبة داعين أنصارهم بالتقيد بها، زاعمين إنها لا تشكل بدعة، ولا تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي بصورة مؤلمة تعبر عن جهل مدقع بأصول الدين الإسلامي! يذكر عمار الحكيم زعيم ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وهو أيراني الأصل والجنسية" إننا لا نتماشى مع أي نداء يريد تفكيك الشعائر الحسينية ويريد أن ينظر إلى الشعائر المبتكرة على أنها بدعة ولا تتمتع بالشرعية اللازمة لأدائها، إن من المعيب جدا التشكيك بالشعائر الحسينية لوجود خطأ هنا أو هناك ونسبة الخطأ موجودة في كل مكان وزمان. أن ممارسة الشعائر الحسينية ليست بدعة أو ابتكارا أو مزاجا كما يصفها البعض. بعض الروايات التاريخية دلت على ضرورة الالتزام بالشعائر الحسينية في عاشوراء. فهي ركيزة مهمة من ركائز الإسلام". (كلمة له بمناسبة عاشوراء عام 2014)

إذن هي ليست بدعة في نظره الخائب! بل ركيزة من ركائز الإسلام. في حين ذكر السيد جواد مغنية بأن ما يفعله عوام الشيعة في عاشوراء" من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم عادة مشينة وبدعة في الدين والمذهب، وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كل دين ومذهب، ولم يجرأ على مجابهتها أحد في أيامنا إلا قليل من العلماء وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين العاملي الذي ألّف رسالة خاصة في تحريم هذه العادة وبدعتها، وأسماها ".(التنزيه لأعمال الشيعة). لاشك أن قيمة عمار الحكيم الدينية والعلمية والثقافية تعادل الواحد من مائة بالنسبة لمغنية، مع هذا اعتقد مغنية إن هذه الظاهرة ستزول بمرور الأيام". (الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة/184). لكن خاب ظن العلامة! لأنه تأثير نظام الملالي الحاكم في إيران، ومرجعية النجف وقم وأقزامهم من الشيعة العرب، قويت النزعة وتوسعت رقعتها الجغرافية.

بهذا الصدد ذكر آية اللّه المطهري" إننا وللأسف الشديد حرّفنا حادثة عاشوراء الف مرة ومرة أثناء عرضنا لها ونقل وقائعها، حرّفناها لفظياً أي في الشكل والظاهر أثناء عرض أصل الحادثة، مقدمات الحادثة، متن الحادثة والحواشي المتعلقة بها. كما تناول التحريف تفسير الحادثة وتحليلها. أي أن الحادثة مع الأسف قد تعرضت للتحريف اللفظي كما تعرضت للتحريف المعنوي". مشيدا بأحاديث الشيخ حسين النوري حول مسخ واقعة كربلاء بقوله حتّى أن هذا الرجل الكبير يصرّح "من الواجب أن نقيم المآتم على الحسين(ع)، أما المآتم التي تقام عليه اليوم فهي جديدة، ولم تكن هكذا فيما مضى، وذلك بسبب كل تلك الأكاذيب التي ألصقت بحادثة كربلاء دون ان يفضحها أحد أننا يجب أن نبكي الحسين(ع) ولكن ليس بسبب السيوف والرماح التي استهدفت جسده الطاهر الشريف في ذلك اليوم التاريخي، بل بسبب الأكاذيب التي ألصقت بالواقعة". (اللؤلؤ والمرجان). في حين روى علماء الاثني عشرية ومنهم الشيخ أبو الحسين ورام بن أبي فراس الأشري الحديث النبوي الشريف " إذا رأيتم أهل البدع والريب من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم كي لا يطعموا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس". (تنبيه الخواطر ونزهة المعروف بمجموعة ورام/162).

ما هو موقف أهل البيت يا ترى من هذه الشعائر المدسوسة؟

فيما يتعلق بلبس السواد: جاء في (كتاب عيون الأخبار). عن الإمام علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص)." أن لباس الأعداء هو السواد". وروى الكليني في الكافي عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبدالله إنه قال: "يكره السواد إلا في ثلاث الخف والعمامة والكساء".  (الكافي2/ 205).. وروى الصدوق عن الإمام علي(ع). أنه قال لأصحابه " لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون". وروى أبو موسى الأشعري: قيل للرسول(ص). كان يوم عاشوراء يوما تعظمه اليهود، وتتخذه عيدا، فقال النبي (ص). "صوموه أنتم". وسئل الصادق عن القلنسوة السوداء، فأجاب" لا تصلِ فيها فإنها من لباس أهل النار". (وسائل الشيعة3/ 281)..

فيما يتعلق بلبس النياحة: يذكر د. علي شريعتي " أما النوائح التي تؤدى بشكل جماعي فهي تجسيد دقيق لمراسيم مشابهة تؤدى في الكنائس ويطلق عليها اسم (كر). .كل هذا المراسيم والطقوس الاجتماعية والعرفية هي صيغ مقتبسة مما هو عند النصارى في أوروبا". (التشيع العلوي والتشيع الصفوي/211).. وقال الشيخ الصدوق: من ألفاظ رسول الله التي لم يسبق إليها: النياحة من عمل الجاهلية (وسائل الشيعة/ بحار الأنوار).. وأيضا في حديث المناهي قال" نهى رسول الله عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها". (المرجع السابق).. كما ورد الحديث النبوي الشريف" صوتان ملعونان يبغضهما الله: أعوال عند مصيبة، وصوت عند نعمة". أي النوح والغناء (مستدرك الوسائل للنوري/  بحار الأنوار).

قال النبي(ص). لفاطمة بعد مقتل جعفر بن أبي طالب" لا تدعي بذل ولا ثُكل ولا حزن وما قلت فقد صدقت". (كتاب من لا يحضره الفقيه/ وسائل الشيعة).. هذه آراء أهل البيت رضوان الله عليهم وهي تتماشى كليا مع نهج الرسول(ص).. وعن أبي عبد الله قال" لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي، ولكن الناس لا يعرفون" ( الكافي/ الوافي/ وسائل الشيعة). وجاء في كتاب الإمام علي(ع). إلى رفاعة بن شداد" إياك والنوح على الميت ببلد يكون صوت لك به سلطان". وهذا الامام الحسين(ع).  نفسه يقول لأخته زينب" يا أختاه أقسمت عليك فأبري قسمي! لا تشقي عليّ جيبا ولا تخمشي عليّ وجها، ولا تدعي عليّ بالويل والثبور إذا هلكت". (مستدرك الوسائل).. وعن الإمام الصادق" ولا يقيمن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا" تفسير نور الثقلين/ مستدرك الوسائل).. إذن من أين أتى عمار الحكيم بزعمه أن" فالشعائر الحسينية في عاشوراء ركيزة مهمة من ركائز الإسلام"؟ وقد ورد عن زينب بنت أبي سلمة أنها روت عن أم حبيبة زوج النبي(ص). حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب وعن زينب بنت جحش حين توفي أخوها وأن كلا منهما دعت بطيب لمست منه ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله (ص). يقول: «لا يحل لامرأة  تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشر» [أخرجه البخاري].. فأين ثلاثة أيام من أربعة عشر قرنا من الحزن والبكاء واللطم والنحيب؟

فيما يتعلق باللطم:

يقول الزِّبرقان بن بدر" خصلتان كبيرتان في امرئ السُّوء: شدة السّبِّ، وكثرة الّلطام". (بهجة المجالس1/91).. والحقيقة ان اللطام عند المرأة غير مرغوب به، أما عند الرجال فإنه ينفي عندهم الرجولة تماما. اللطام لا يتفق مع الرجولة بغض النظر عن أسبابه، وعار على الرجال ان يلطموا كالنساء، لا دين لهم ولا حياء.

في حين ورد في موقع السيد السيستاني.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تلطم وجهها وتنثر شعرها في العزاء الحسيني؟

الجواب: يجوز!

وسؤال آخر: في يوم العاشر من محرم الحرام بعض النسوة يقمن بجرّ شعورهن فهل يجوز ذلك؟ وهل تجب عليهن الكفارة؟

الجواب: يجوز ولا كفارة عليهن.

سؤال آخر: ما تقولون في بكاء النساء بصوت عال في مجالس العزاء في حين يكون المجلس مشترك من الرجال والنساء؟ وطبعاً تُسمع أصوات النساء مما يلفت نظر الرجال وقد يميز بعض الرجال صوت من يبكي بحيث يعرف به من هي الباكية؟

الجواب: إسماع المرأة صوت بكائها للرجل الأجنبي ليس محرماً في حد ذاته. هل السيستاني لا يعرف شرع الله ورسوله المصطفى؟ وهل يمكن أن يؤتمن هذا الرجل على الدين أو المذهب؟

فيما يتعلق التطبير والتسويط والضرب بالزناجير:

 وغيرها من الأعمال السادية. يذكر الشهيد د. علي شريعتي" ومن بين تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتتبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث بوسع كل إنسان مطلع على تلك المراسيم أن يشخّص أن هذه ليست سوى نسخة من تلك". (التشيع العلوي والتشيع الصفوي/ 208).. ويضيف بأن" مراسيم اللطم والزنجيل والتتبير وحمل الأقفال مازالت تمارس سنويا في ذكرى (استشهاد). المسيح في منطقة (Lourder). وعلى الرغم من أن هذا المراسيم دخيلة على المذهب وتعتبر مرفوضة من وجهة نظر إسلامية ولم تحظ بتأييد العلماء الحقيقيين بل إن كثيراً منهم عارضوها بصراحة لأنها لا تنسجم مع موازين الشرع، مع ذلك فإنها مازالت تمارس على قدم وساق منذ قرنين أو ثلاثة، مما يثير الشكوك أكثر حول منشئها ومصدر الترويج لها، ويؤكد أن هذه المراسيم تجري بإرادة سياسية لا دينية، وهذا هو السبب في ازدهارها وانتشارها على الرغم من مخالفة العلماء لها، وقد بلغت هذه المراسيم من القوة والرسوخ بحيث أن كثيراً من علماء الحق لا يتجرؤوا على إعلان رفضهم لها، ويلجؤوا إلى التقية في هذا المجال". (المصدر السابق/ 209).. ويذكر السيد محمد حسين فضل الله" إن الثورة الحسينية قد تحولت – بفعل التأكيد على الجانب العاطفي – إلى ثورة على الذات بتعذيبها بالصراخ ولطم الصدور وضرب الظهور وجرح الرؤوس بدلا من ان تكون ثورة على الباطل الذي ثار الإمام الحسين عليه". ( من وحي عاشوراء/21)..

ادعى عبد الرضا كاشف الغطاء وعبد الحسين الحلي بأن" أذى هذه الطقوس يشبه الصيام في رمضان والحج الى مكة، حيث تسبب أيضا المشقة والأذى لمن يؤديهما". إن هذه المراسيم السادية لا علاقة لها بالعرب والإسلام البتة وهي مأخوذة عن ايطاليا حيث كانت هناك مجاميع تسمى نفسها ( جمعيات التسوط الإخوانية). في أواخر القرن 16 ثم اختفت تدريجيا. ويذكر د. علي الوردي في( لمحات اجتماعية/ الجزء 2). بأن " ممارسة التسويط بالسلال الحديدية دخلت العراق في القرن 19 ويشير البعض بأن الشيخ أسد الله الديزفولي (ديزفول/ إيران). كان أول من أدخل اللطم على الصدور في الكاظمين". وهناك من يذكر بأن "ممارسة ضرب السلاسل ادخلت النجف عام 1919 من قبل حاكمها البريطاني الذي خدم في كرمنشاه قبل النجف وشهد الممارسة هناك وحكى أمرها لشيوخ الطائفة الشيعية، فأعجبوا بها وقلدوها، واول من مارسها هم سكان منطقة المشراق".

في حين يرى ابراهيم الحيدري في كتابه (تراجيديا كربلاء- سوسيولوجيا الخطاب الشيعي). بأن" طقوس الزناجيل تعود في أصولها الى الهند وانتقلت الى العراق مع الجالية الهندية التي استقرت في البصرة وكربلاء والكاظمية في النصف الاول من القرن(19).". ويذكر نقاش في كتابه (شيعة العراق). حول ظاهرة مماسة التطبير “إن ممارسة التطبير في العراق نقلت في منتصف القرن 19 بواسطة رجل شيعي من أصل تركي وكانت ممارستها تقتصر على الفرس والترك فقط ولم يمارسها العرب". ويؤكد هذه الحقيقة التقرير البريطاني الذي كتبه (توماس لايل). وهو من الضابط البريطانيين في النجف، بقوله " كان مراسيم عاشوراء في النجف المليئة بالفرس تقتصر على الفرس في النجف وأن عدد المطبرين لا يزيد عن (100). شخص معظمهم من تبريز وقزلباش واذربيجان". ويضيف بأنه" أبان الحكم العثماني كان المطبرين والمتسوطين الفرس يستعرضون مراسيم العزاء أمام القنصل العام الإيراني لتأكيد هويتهم ومراسيمهم الفارسية. في حين مواكب العرب تؤديها أمام سادن الحضرة. وفي سنة 1921 حضر الملك فيصل مواكب 10 محرم في الكاظمين. وفي الوقت الذي حاول فيه محمد الصدر اقناع المواكب العربية والفارسية بالاستعراض امام الملك فيصل فإن المواكب العربية وافقت لكن المواكب الفارسية رفضت رفضا باتا! واستعرضت امام القنصل العام الإيراني فقط لعدم اعترافها بالملك". هذه هي الروايات التاريخية من المصادر الشيعية حول اصول ظاهرة التسويط والتتبير، وهي تتفق جميعا بأنها دخلت العراق في القرن (19).عن طريق الهنود والفرس والاتراك. فأين أصولها التاريخية العربية والاسلامية التي يتشدق بها البعض من علماء الشيعة؟

حسنا لنترك كل هذا جانبا ونماشي البعض في دعواهم الكاذبة، ونسأل من يؤيد هذه الظاهرة ويشرعنها إسلاميا: هل هناك في التأريخ العربي ـ لما قبل العهد الصفوي ـ أي خبر أو رواية تاريخية تشير إلى ظاهرة اللطم والتتبير والضرب بالزناجير عند الشيعة؟ من الذي ابتدع الظاهرة؟ هل مارس الأئمة أو أبناؤهم وأحفادهم هذه السادية؟ من المؤكد أن أهل الحسين ومن تبقى منهم أحياء بعد قتله هم أهل المصيبة، وهم أشد المتأثرين منها، فلماذا لم يلطموا على قتيلهم أو يمارسوا بقية الظواهر؟

من جهة أخرى، إذا كانت هذه الطقوس صحيحة ومن ركائز لإسلام! فلماذا لا يطبر السيستاني والنجفي والفياض ومحمد سعيد الحكيم والصغير والصافي وهمام حمودي وجلال الدين الصغير وعمار الحكيم نفسه، هل هو الخوف أم أن رؤوسهم الخاوية أثمن من رؤوس الجهلة والفقراء؟ إني لأعجب كل العجب أن لا يسأل الشيعي نفسه: لماذا لايطبرون المراجع أنفسهم أو أبنائهم؟ ولماذا لا يحاججونهم ويدعوهم للتطبير معهم طالما إنهم يقلدونهم والتتبير والتسويط من ركائز الإسلام؟ هل دماء المراجع أزكى من دماء الأتباع؟ أم الأمر بدعة؟ وإن كان بدعة فلماذا لا يصارحون بها أتباعهم؟ ثم أين هم أبناء المراجع أصلا؟ أليس بنات وأحفاد السيستاني والخوئي وغيرهم يعيشون في بريطانيا بأموال خمس الجهلى والحمقى، ولديهم مؤسسات مالية كبيرة في بريطانيا؟

أليس الوازع الديني كما يفترض أن يكون أكبر من الوازع الشعبي؟ هل لدى المراجع عذر شرعي يعفيهم من ممارسة التطبير وضرب الزناجير؟

وإن كانت حقا من شعائر المذهب ولها أهمية كبرى! لماذا فرضت على الرجال فقط دون النساء؟ هل يصح حرمان النساء من هذه الشعيرة المباركة التي تدخلهم الجنة؟ ألم يشارك الرجال النساء في البكاء والنياحة واللطم على الصدور وتمزيق الملابس؟ فلماذا لا تشارك النساء الرجال في التطبير وضرب الزناجير وتمزيق الملابس لإضفاء مسحة من الدهشة والترفيه على الرجال؟

الأمر المثير حقا إن المرجع الشيعي الأعلى الذي سكت عن كل الويلات والخراب الذي تعرض له الشعب العراقي من غزو وحرب أهلية وإرهاب، خرج من كهفه مستنكرا جريمة نشر خبر من قبل وسائل الإعلام حول ممارسته التطبير! فقد ذكرت وكالة نون الخبرية " نفى مكتب سماحة المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني في النجف الاشرف ما نشر خلال الايام الماضية من صور مفبركة لسماحته وهو يمارس التطبير مواساة للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام معربا عن اسفه لنشر هذه مثل هذه الصور من قبل جهات لا تتورع عن الكذب للترويج عن مقاصدها". لاحظ المرجع الأعلى يعتبر ممارسة هذه الظاهرة إساءة له، لكنه لا يجرأ ان يوجه الشيعة بنبذها. أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟

من المؤسف حقا أن تنزف هذه الدماء المسلمة بلا طائل في الوقت الذي يحتاجها ضحايا العمليات الإرهابية اليومية من الجرحى. في عام 1967م أثناء الحرب العربية الإسرائيلية ناشدت الحكومة العراقية محسن الحكيم المرجع الشيعي الأعلى بإصدار فتوى لغرض التبرع بالدم بدلا من نزفه سدى في مراسم عاشوراء، وذلك إسعافا  للجرحى من المحاربين العرب وأبناء الوطن. لكن الجواب كان الرفض القاطع! هل هذا هو شرع الله يا عباد الله؟ العجيب ان هذا الحكيم يصف هذه الممارسات ممارسات بأنها" ليست من الدين وليست من الأمور المستحبة، بل هذه الممارسات أيضا مضرة بالمسلمين وفي فهم الإسلام الأصيل وفي فهم أهل البيت عليهم السلام ولم أرى أي من العلماء عندما راجعت النصوص والفتاوى يقول بان هذا العمل مستحب يمكن إن تقترب به إلى الله سبحانه وتعالى ان قضية التطبير هي غصة في حلقومنا". أي مرجع هذا يسمح أن تسفك دماء المسلمين بلا فائدة، ويمنه التبرع بها لإضعاف حماة الوطن، لكنه لا عجب فهو أصفهاني فارسي ولا علاقة له بالعراق إلا من ناحية قبض الخمس وجمع الثروة.

أجاب أية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي في رد على سؤاله من أحدهم بشأن إدماء الرأس وضرب الزناجير بقوله" لم يرد نص بشرعيته فلا طريق إلى الحكم باستحبابه". (المسائل الشرعية2/337).. وعلق آيه الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله" إن ضرب الرأس بالسيف أو جرح الجسد أو حرقه حزنا على الإمام الحسين (ع). فانه يحرم إيقاع النفس في أمثال ذلك الضرر حتى لو صار مألوفا أو مغلفا ببعض التقاليد الدينية التي لم يأمر بها الشرع ولم يرغب بها". ( إحكام الشريعة/247).. ويذكر علامتهم السيد محسن الأمين" ان ما يفعله جملة من الناس من جرح أنفسهم بالسيوف أو اللطم المؤدي إلى إيذاء البدن إنما هو من تسويلات الشيطان وتزيينه سوء الأعمال". (كتاب المجالس السنية/7)..

كما سئل العلاّمة محمّد جواد مغنية حول الشعائر الحسينية؟ فأجاب " إنّ العادات والتقاليد المتّبعة عند العوام لا يصحّ أن تكون مصدراً للعقيدة؛ لأنّ الكثير منها لا يقرّه الدين الذي ينتمون إليه حتى ولو أيّدها وساندها شيوخ يتّسمون بسمة الدين، ومنها ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم. فإنّ هذه العادة المشينة بدعة في الدين والمذهب وقد حلّوها لأنفسهم أهل الجهالة دون أن يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كلّ دين ومذهب، حين توجد به عادات لا تقرّها العقيدة التي ينتسبون إليها ويسكت عنها من يسكت خوف الإهانة والضرر، ولم يجرأ على مجابهتها ومحاربتها أحد في أيّامنا إلاّ قليل من العلماء". (جريدة الصفاء الصدرة في 11 آيار1965).  

ولكن المصيبة ان هذا الكلام يمكن أن ينكروه بدعوى التقية! والتقوي هي المنفذ الوحيد للخروج من كافة الإشكالات الدينية والدنيوية عند علماء الشيعة.

حول بقية المظاهر التي تتعارض مع جوهر الإسلام، يذكر د. علي شريعتي أعتقد أن ما هو معروف اليوم من العلماء المجتهدين وفقهاء الشيعة يستنكفون من ارتقاء منبر الخطابة والتبليغ ويتجنبون الدخول في أحاديث التكايا والمحافل الاجتماعية الدينية، يعود لإدراكهم لحقيقة أن هذه المظاهر هي مظاهرة صنيعة للحكم الصفوي وأن هذه المنابر كانت تستمد قوتها من الموقف السياسي لا الموقف الديني، والدليل على ذلك أن هذه المراسيم عادة ما تنطوي على أفعال وممارسات لا تنسجم مع شرع أو سنّة ثم أتى بمثالين هما مراسيم التشبيه واستخدام الموسيقى". (التشيع العلوي والتشيع الصفوي/ 210).. فعلا ان العامل السياسي هو الذي يقف وراء استمرار هذه الخرافات، وخير مثال على ذلك متاجرة الفاسدين في العراق باسم الحسين، تقول النائبة العراقية الفاسدة حنان الفتلاوي 'ان العراق عراق الحسين والما يعجبه يطلع خارج العراق". كأنما العراق ورث من أجدادها! وفي ظل حكومة العمائم الطائفية الفاسدة العفنة وبرعاية (وزير).). التعليم العالي والبحث العلمي السابق الدعوجي علي الأديب أدى خريجو كلية الصيدلة في جامعة بابل قسم المهنة في ضريح الإمام الحسين!

من المعروف أن ولاء شيعة العراق للمراجع الفارسية باستثناء قلة مثقفة واعية منهم تقلد الصرخي والمؤيد واليعقوبي، وأصبحت المنافسة حادة بين مقلدي الخامنئي والسيستاني في العراق خلال الحقبة الثانية من حكم جودي المالكي، بل يمكن الجزم بأن مقلدي الخامنئي أكثر من مقلدي السيستاني، فصور الخميني والخامنئي أقصت صور السيستاني من الشوارع والساحات العامة في المناطق ذات الغالبية الشيعية. وهذا الأمر يقلق مرجعية النجف، رغم إن المصالح تصب في مصب المصالح الفارسية الواحدة، لكن الموضوع يتعلق بالخمس، كل منهما يحاول الاستئثار بالخمس. مع هذا لا بد من استطلاع رأي الخامنئي بالتطبير وضرب الزناجير باعتباره أله الشيعة المعصوم! فقد ورد على موقعه الآتي:

سؤال للخامنئي برقم/1071:

قام بعض النفر غير الواعي والمُعاند (عندنا في البحرين). بممارسة التطبير في يومِ أربعين الإمام الحسين (ع).، وذلك بعد تحريض من قِبَل بعض العمائم المُعادية للجمهورية الإسلامية، مما صاحب ذلك استنكاراً كبيراً من الشارع البحراني المسلِّم لسماحتكم بالولاية، فما هي توصيتكم لنا في مواجهة تلك الموجة المنحرفة والمعادية؟ الجواب:" عليكم ارشادهم ونصحهم بالأسلوب الحكيم للإقلاع عن التطبير المحرم في عصرنا الحاضر لما فيه من الوهن والتضعيف للمذهب"! العريب في الأمر إنه يحرم التطبير لكنه لا يحرم تصنيع أدواتها (الطبر والزناجير). وتصديرها للعراق والباكستان وافغانستان!

ذكر السيد حسن الصرخي في حديث له نشر في 22/12/2013 حول شعيرة المسير على الأقدام وبقية الشعائر الحسينية" بالنسبة لزيارة الأربعين للإمام الحسين عليه السلام وكذا غيرها من الزيارات مشياً على الأقدام، فإنه لا يوجد دليل على وجوبها، وأما من أوجبها أو نقل الوجوب وأشاعه بين الناس من أصحاب المنابر، فاسألوه هل طبّق هذا الوجوب وامتثله فهل سيزور الإمام الحسين عليه السلام مشياً على الأقدام من بلده الى كربلاء؟ وهل ستكون عنده الشجاعة والجرأة فيذهب مشياً متحملاً احتمال العبوات الناسفة والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وهجمات الإرهابيين المسلحة والعواصف والأمطار والبرد القارص والانجماد؟ اسألوه هل هو مرجع تقليدكم ويقول بالولاية العامة فأوجبَ عليكم الزيارة مشياً؟ أو هو يفتي من جيبه فيقبض ثمن فتواه؟ والعجب العجب من يصدق هذا المنافق الأفّاك؟ كيف تصدقون هؤلاء وأنتم تعلمون وتتيقنون ولو من كتب الزيارات والأدعية أن زيارة الحسين عليه السلام مستحبة، فكيف صارت مقدمة ُ المستحب واجبة؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم .ولا يجوز مطلقاً أخذ الدين وأحكامه من أصحاب المنابر، فالكل أو الكثير من هؤلاء (إلاّ النادر الأندر). منتفعون مرتزقة يسيل لعابهم لمائدة فلان ودولاره أو لمائدة ودولار غيره، ويخضعون وينبطحون لسلطة فلان وسطوته وواجهته أو يفعلون ذلك لغيره، وتسيّرهم وتُملي عليهم ما يقولون هذه الدولة وأجهزتها أو تلك الدولة وأجهزتها، ويخدعهم ويغرّهم هذا الإعلام المضلّ أو ذاك وحسب مصالح هذه الجهة أو تلك أو هذه المنظمة أو تلك أو هذا الجهاز أو ذاك أو هذه الدولة أو تلك،! فصاروا مطايا إبليس يركبهم من يشاء لتحقيق أغراضه ومصالحه ومفاسده، فاحذروا منهم ومن سمومهم فإنهم أئمة ضلالة أخطر من الدجال لعنه الله ولعنهم الله جميعاً".

كما يذكر آية الله العظمى جواد التبريزي" كانت الشيعة على عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية، وعدم وجود الشعائر فـي وقتهم لعدم إمكانها لا يدل على عدم المشروعية فـي هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة فـي ذاك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام السوداء على أبواب الحسينيات بل والدور إظهاراً للحزن".(ملحق بالجزء الثاني من صراط النجاة للخوئي/562)..

لكن هل يجهل المرجع أهمية الصبر على المصائب؟ إنها وصية الله تعالى لعباده والتي من شأنها أن تشفي جراحهم وتهدأ خواطرهم. فقد قال تعالىٍ: ﴿وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾] البقرة 154/156]، أليس هذه الآية الكريمة تغني عن كل البدع والمراسم التي لا تتوافق مع الدين؟

في الحقيقة إن ممارسات عاشوراء هي تعبير عن عقدة الذنب عند الشيعة لخذلانهم إمامهم والتفريط به وقت الشدة، وهي أيضا متنفس روحي للتفريغ عن هموم الدنيا، كما قيل كل يبكي على ليلاه. لذا فإنهم يبالغون في رفع سقف مناسباتهم الدينية بطريقة مبتذلة، في العراق يعطل الدوام الرسمي ما لا يقل عن ثلاثة شهور في السنة تتعلق بمناسبات أئمتهم كالولادة والموت والأربعينية والسجن والفرح (فرحة الزهرة). والجرح(جرح الإمام). وغيرها. مثلا أعلن النائب الاول لرئيس مجلس النواب همام حمودي تعطيل الدوام الرسمي للبرلمان يوم 25/9/2014. جاء في بيان للمكتب الاعلامي لحمودي اليوم: ان "القرار جاء لمناسبة  ذكرى استشهاد الامام محمد الجواد عليه السلام" وهكذا تستمر الأيام فكل يوم هو كربلاء!

ولو تمعنا قليلا في علم النفس سنجد إن هذه الطقوس التي تمارس في عاشوراء يطلق عليه المازوخية، وهي تُعد من الاضطرابات النفسية الخطيرة التي تحتاج إلى معالجة طبية، ربما يظن البعض أن المازوحية والسادية (السادية تعني التلذذ بأذى الآخر، والمازوخية التلذذ بأذى النفس). تتعلق بالجانب الجنسي فقط، لكن علماء النفس يؤكدون بأنهما يتعلقان بمختلف النشاطات البشرية، ولكن بعضها لا يسبب لمن يمارسها إضرار والبعض الآخر تكون له أضرار على النفس والغير والمجتمع عموما. وطقوس عاشوراء، تسبب الأذى لصاحبها وللمجتمع أيضا، حيت تتعطل الأعمال، وتفرض حالة الطوارئ، وتزدحم المستشفيات بالجرحى، علاوة على الاختناقات المرورية، واستنفار عناصر الشرطة وغيرها من المساوئ.

ننهي الكلام بحسن الختام وهذه الحكاية، واللبيب يفهم الإشارة منها!

قيل لأشعب لو أنك حفظت الحديث حفظك هذه النوادر لكان أولى بك قال قد فعلت قالوا له فما حفظت من الحديث قال حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان فيه خصلتان كتب عند الله خالصاً مخلصاً»، قالوا إن هذا حديث حسن فما هاتان الخصلتان قال نسي نافع واحدة ونسيت أنا الأخرى. (جزء 7/6 مجلة المقتبس عام 1906)..

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top