من
ضلالهم وشركهم دعاؤهم بالرموز والطلاسم والحروف، واعتبار ذلك من أحراز
الأئمة وأدعيتهم وحجبهم، فيكتبونها ويتمتمون بها.. من أجل الشفاء،
والسلامة، وقد جمع من ذلك المجلسي فأكثر، فقد أورد في كتابه طائفة من
الألفاظ التي لا معنى لها، ووضع صور بعض الطلاسم برسم غريب في كتابه البحار
على أن ذلك من هدي الأئمة للشفاء (1) إلى آخر هذه الطلاسم، ثم رسم رموزًا
غريبة على شكل خطوط متداخلة (2) .
والأحجية بالحروف التي لا معنى لها هي من عوذات الأئمة كما يفترون (3) . والله سبحانه يقول: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].
وكتابة الأحجبة والحروز بهذه الطلاسم والحروف هي من الشرك بالواحد القهار،
لأنها دعاء لغير الله سبحانه لأنها ليست من أسمائه سبحانه وصفاته، وأسماء
الله سبحانه هي ما ورد في الكتاب والسنة وهي توفيقية لا يجوز أن ندعو الله
سبحانه بغيرها.
كما
أن هذه الطلاسم لا معنى لها معروف، ولهذا قال الإمام الصغاني: وربما يكون
التلفظ بتلك الكلمات كفرًا لأنا لا نعرف معناها بالعربية، وقد قال الله
تعالى: مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [الأنعام: 38]. وهو يقول: (آهيا شراهيا..) (4) . ثم ذكر أنه قد ضل بهذه الدعوات المجهولات خلق كثير(5) .
أما
الاستعانة بالمجهول فإنهم يستغيثون به عند الضلال في الطريق كما استغاثوا
من قبل بالميت، والمعدوم - كما سلف -، و(الاستعانة بالأموات أو الغائبين عن
نظر من استعان بهم من ملائكة أو جن أو إنس في جلب نفع أو دفع ضر نوع من
الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا لمن تاب منه؛ لأن هذا النوع من
الاستعانة قرب وعبادة، وهي لا تجوز إلا لله خالصة لوجهه الكريم.
ومن أدلة ذلك ما علم الله عباده أن يقولوه في آية:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]. أي لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك، وقوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] . وغيرها) (6) .
جاء
في مصادرهم المعتمدة (عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال: إذا ضللت الطريق
فناد: يا صالح أو يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم الله) (7) .
قال ابن بابويه في باب: دعاء الضال عن الطريق بعد ذكره للرواية السالفة: (وروي أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة) (8) .
ومن
هو صالح أو حمزة؟ جاء ما يكشف عن هوية (صالح) في الخصال لابن بابويه
بإسناده عن علي في حديث الأربعمائة قال: (ومن ضل منكم في سفر وخاف على نفسه
فليناد: يا صالح أغثني، فإن في إخوانكم من الجن جنيًا يسمى صالح يسبح في
البلاد لمكانكم محتسبًا نفسه لكم، فإذا سمع الصوت أجاب وأرشد الضال منكم
وحبس عليه دابته) (9).
وهذا ورثوه فيما يبدو عن أهل الجاهلية الأولى، فهو من دينها، كما يدل على ذلك قوله سبحانه: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن:].
قال
أهل العلم: (كانت عادة العرب في جاهليتها إذا نزلت مكانًا يعوذون بعظيم
ذلك المكان أن يصيبهم بشيء يسوءهم، كما كان أحدهم يدخل بلاد أعدائه في جوار
رجل كبير وذمامته وخفارته، فلما رأت الجن أن الإنس يعوذون بهم من خوفهم
منهم زادوهم رهقًا أي خوفًا وإرهابًا وذعرًا حتى بقوا أشد منهم مخافة وأكثر
تعوذًا بهم، كما قال قتادة فَزَادُوهُمْ رَهَقًا أي إثمًا، وازدادت الجن
عليهم بذلك جرأة... فإذا عاذوا بهم من دون الله رهقتهم الجن الأذى عند ذلك)
(10) .
فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وحده وتركوهم (11) . والاستعاذة بالجن من الشرك، لأنه استعاذة بغير الله (12) .
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).