قد
يستغرب البعض انتشار النحل والطوائف الشاذة في المجتمعات بصورة سريعة توحي
بهشاشة بناء مجتمعاتنا الثقافية والعلمية وتأثرها بكل ما يفد إليها وإن
كان غاية في القبح والشذوذ وبكل يسر ودون عناء كبير، وهو امر مألوف في جميع
العصور حين تتوفر ثلاثة عوامل رئيسية:
الجهل،
والمال اللازم والداعم للانتشار، وتخطيط الأعداء المتربصين، بل استطاعت
المذاهب الإلحادية المادية والكافرة أن تجد لها موطئ قدم في مجتمعاتنا بكل
أسف.
وكلما
كان المجتمع متماسكاً ومقدراً لمرجعياته العلمية، كلما صعب اختراقه
والتأثير عليه، وهذا هو سر بروز الطوائف الضالة والأفكار الشاذة في نهاية
عصر الخليفة عثمان - رضي الله عنه - بعد أن كانت معدومة نظرا لاتساع الرقعة
الإسلامية ودخول أعداد غفيرة في الإسلام لم تأخذ حظها من العلم ووجود
عناصر حاقدة مندسة في المجتمع.
وقد
انتشرت هذه الفرق الهدامة من رافضية وباطنية ومعتزلة وخارجية وغيرها في
أرجاء العالم الإسلامي مستغلة الجهل والتمزق والعاطفة والحاجة المادية
لضعاف النفوس مع بث الشبهات في أوساط الناس البسطاء أو في أنصاف المتعلمين
الذين لم يصلوا إلى حد النضج ولم يكن لهم قدوات يتأسون بها، وقد يكون نتيجة
لتسلط هذه الفرق القهري على حين غفلة من الشعوب وحكامها كما حصل أيام
الدولة العباسية.
وهذه
الفئات من الناس تكثر غالباً في المناطق المنغلقة البعيدة عن العلم وفي
الأطراف، وقد تجد لهم مناصرين ممن لم يلتزم بمنهجهم ولم يعرفهم على حقيقتهم
طمعاً في المال أو في المناصب أو ثأراً ممن يتصورونهم أعداء من القبائل في
الطرف الآخر، فالفاطميون في مصر والمغرب قاتلت معهم قبائل سنية فثبَّتت
حكمهم قروناً من الزمن، والصليحيون في اليمن كذلك، لا سيما وأن هذه الفرق
تخفي كثيراً من عقائدها الباطلة، فلا يتفطن لهم معظم الناس، وهكذا حال
الحوثة في اليمن يناصرهم أناس بعيدون كل البعد عن منهجهم بعد أن أصبح
المذهب الزيدي شبه مندثر ناهيك عن الرفض الغالي للأسباب التي أشرت لها،
وليس هذا من باب التبرير لهم، ولكنه من باب حكاية الواقع وتصوره، وقل مثل
ذلك في انتشار الرفض في بلدان لم تكن على صلة به إطلاقا كحال مصر وبلدان
القارة الإفريقية وغيرها.
وهذا
يحتم علينا جميعاً حكاماً ومحكومين أن نكون على مستوى الأحداث وأن نحمي
أمتنا من كل دخيل بنشر العلم الصحيح القائم على منهج سلف الأمة وتزييف
الباطل بالحجج والبراهين، ولا يتم ذلك إلا بدفع الشبهات وإبطالها والحذر
الشديد من هذه النحل والطوائف حراسة للعقيدة وحفاظا على مستقبل أمتنا {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}، فتوعية الأمة على الدوام حصن حصين بإذن الله {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا} وقانا الله شر الأعداء، وحفظ علينا ديننا وعقيدتنا.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).