0

عقيدة الشيعة بالقرآن الكريم

من المعروف أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، نزل به جبريل الأمين على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى، والمنقول إلينا بالتواتر، المكتوب في المصاحف، والمحفوظ من التبديل والتغيير.

ومن المعلوم أن أهل السنة والجماعة يعتقدون سلامة القرآن العظيم من التحريف والتبديل والتغيير والنقص والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن القول بذلك طعن في وعد الله تعالى الذي لا يتخلف، وذلك قوله سبحانه: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9].

كما أن أهل السنة يقولون: إن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر، ومن قال قولا يفضي إلى تضليل الأمة فهو كافر، قال القاضي عياض في كتابه (الشفا في بيان حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم) 2/304: (وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر{قل أعوذ برب الناس} أنه كلام الله ، ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن جميع ما فيه حق ، وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك ، أو بدله بحرف آخر مكانه ، أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه ، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامدا لكل هذا أنه كافر).

وقال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر ، وقال القاضي أبو يعلى: (والقرآن ما غُيِّر ولا بُدِّل ولا نُقِص منه، ولا زِيدَ فيه، خلافاً للرافضة القائلين: إن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه).

فإذا كان إنكار حرف أو آية أو سورة من القرآن الكريم تخرج المسلم من الإيمان إلى الكفر عند أهل السنة والجماعة، فكيف بمن يعتقد بنقص القرآن الكريم حتى لا يبقي منه إلا الثلث أو أقل كما تقول الرافضة، وكيف بمن يدعي وقوع التحريف والتبديل في كتاب الله تعالى.

وفي هذا التقرير سنتناول عقيدة الشيعة الرافضة بالقرآن الكريم، لنكشف زيفهم وادعاءهم بالانتساب للإسلام وهم ينكرون أعظم ثوابته وأسسه ألا وهو القرآن الكريم.

عقيدة الشيعة الاثني عشرية بالقرآن الكريم:

يعتقد الشيعة الإمامية أن القرآن الكريم الموجود بين أيدي المسلمين اليوم ليس هو القرآن الذي أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما وقع فيه التحريف والتغيير على أيدي الصحابة الكرام حسب زعمهم، مدعين أن الصحابة حذفوا من القرآن آيات نزلت في فضائل آل البيت، وآيات نزلت في مثالب الصحابة، وآيات أخرى كثيرة حذفوها حتى لم يبق من القرآن إلا نحو ثلثه أو أقل كما يعتقدون.

وقد قالوا بأن القرآن الكامل الذي أنزله الله تعالى والسالم من التحريف والنقص المذكور سابقا، هو الذي جمعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو موجود عند إمامهم الغائب في السرداب، وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الاثني عشر محمد بن الحسن العسكري، وهذه العقيدة يقول بها جميع علماء الشيعة المتقدمون منهم والمتأخرون لم يخرج عنها إلا القليل النادر، وقد حصرهم إمامهم الطبرسي في كتابه: (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) بأربعة أشخاص فقط.

ومن أشهر علماء الشيعة المتقدمين الذين قالوا بتحريف القرآن الموجود بين أيدي المسلمين اليوم ونقصانه: محمد بن الحسن الصفار في كتابه: (بصائر الدرجات) والعياشي محمد بن مسعود الذي شحن تفسيره بروايات منسوبة لأئمتهم تدل على ضياع كثير من القرآن والعياذ بالله، وعلي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني وهو من أبرز القائلين بتحريف القرآن الكريم، و تفسيره مليء بالروايات الشيعية التي تدعي ذلك، ومحمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي وغيرهم كثير.

ومن المتأخرين الفيض الكاشاني الذي صرح بوقوع التحريف في القرآن الكريم في تفسيره، وكذلك الحر العاملي في كتابه (وسائل الشيعة)، وأبو الحسن العاملي النباطي في مواضع كثيرة من كتابه (مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار)، والنوري الطبرسي الذي يعد من أشهر المتأخرين الشيعة القائلين بتحريف القرآن الكريم وغيرهم كثير لا يمكن حصرهم.

وحتى لا نطيل بسرد روايات الشيعة التي تزعم وجود تحريف في القرآن وأنه لم يجمعه أحد إلا علي رضي الله عنه والأئمة الاثني عشر من بعده نورد مثالا واحدا لما هو موجود في أشهر كتبهم وعلمائهم الكليني، فقد روى بسنده في باب: (أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله) عن جابر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده) أصول الكافي 1/228.

ومن أشهر الأمثله من كتب المتأخرين كتاب الطبرسي الذي سماه (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) مما يعتبر مثالا واضحا لقول الشيعة بتحريف القرآن في عنوانه فكيف بمضمونه، حيث جمع في كتابه جميع أخبار أئمتهم وتصريحاتهم في تحريف القرآن الكريم بما لا يدع مجال للشك بإجماعهم على هذا المعتقد الباطل والخبيث.

أنواع التحريف الذي قامت به الشيعة في القرآن الكريم:

1-زيادة بعض السور في القرآن الكريم: حيث اختلق الشيعة بعض الخرافات وادعوا أنها سور من القرآن الكريم، وزعموا أن الصحابة الكرام الذين جمعوا القرآن الكريم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حذفوها على حد زعمهم.

ومن أمثلة هذه السور سورة النورين ونصها كما يزعمون (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين الذين أنزلناهما يتلون عليكم آياتي ويحذرانكم عذاب يوم عظيم * نوران بعضهما من بعض وأنا السميع العليم). فصل الخطاب وتذكرة الأئمة للمجلسي 19

ومنها ما يسمونها سورة الولاية ونصها: ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنبي والولي الذين بعثناهما يهديانكم إلى صراط مستقيم * نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الحكيم .......) إلى آخر أمثال هذه الترهات. تذكرة الأئمة للمجلسي 19

2-زيادة بعض الكلمات في بعض الآيات القرآنية بدعوى أنها من القرآن الكريم، وأنها حذفت من قبل الصحابة الكرام لتعلقها بعلي رضي الله عنه أو بآل البيت وأهل البيت.

ومن أمثلة ذلك أن كلمة (في علي) أسقطت بزعمهم من القرآن الكريم في مواضع كثيرة ومنها على سبيل المثال: ما رواه الكليني بسنده عن جابر الجعفي عن أبي غبد الله عليه السلام قال: نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا: (بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله) في علي (بغيا) أصول الكافي 1/417، بزيادة كلمة (في علي) فهي ليست من القرآن المنزل وإنما هي من وضع الشيعة وزيادتهم على ما في القرآن الكريم.

وكذلك أسقطت –حسب زعمهم– كلمة (في علي) من قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله.......} فقد أسند الكليني عن أبي جعفر قال: (نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فأتوا بسورة من مثله ....) أصول الكافي 1/417.

ومن أمثلة تحريف الشيعة للقرآن الكريم بزيادة كلمات من عندهم ما جاء في تفسير القمي بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء/64] فقد زاد الشيعة (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك –يا علي– فاستغفروا الله ....) 1/ 142 وهناك الكثير من الآيات التي حرفوها بهذا الشكل ولا يمكن حصرها بهذا التقرير.

ومن أمثلة زيادة كلمة (أهل البيت) أو (آل البيت) على كثير من آيات القرآن الكريم والزعم بأنها حذفت من كتاب الله تعالى ما جاء في تفسير العياشي لقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} البقرة/59، فقد زادوا كلمة (آل محمد) لتصبح الآية عندهم ( فبدل الذين ظلموا –آل محمد حقهم– غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا –آل محمد حقهم– رجزا من السماء ....) تفسير العياشي 1/45

أمثلة لتفسير الشيعة المحرف للقرآن الكريم:

إذا كان نص كلام الله تعالى لم يسلم من تحريف الشيعة فكيف بتفسيره، فقد امتلأت كتب التفسير الشيعية بالتحريف الواضح والظاهر، ومن أمثلة ذلك:

-تفسير إبراهيم القمي الشيعي لقوله تعالى {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} بسورة الفاتحة عن أبي عبد الله قال: (الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعرفة الإمام)، وتفسيره بداية سورة البقرة {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ....} قال: (ذلك الكتاب) هو علي بن أبي طالب و(هدى للمتقين) المتقون هم شيعة علي و (الذين يؤمنون بالغيب) أي: الذين يؤمنون بقيام قائمهم . تفسير القمي 1/30.

-ومن ذلك ما جاء في تفسير العياشي لقوله تعالى من سورة البقرة: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون} قال: (وأوفوا بعهدي) أي: أوفوا بولاية على (أوف بعهدكم) أي أوفي لكم الجنة. تفسير العياشي 1/42، بينما المعروف أن الآية تتكلم عن بني إسرائيل صراحة.

وقبل أن نختم هذا التقرير نود لفت الانتباه إلى أمر في غاية الخطورة، وهو أن الشيعة يظهرون التزامهم بالقرآن الموجود بين أيدينا وبإيمانهم به، رغم اعتقادهم بنقصه وتحريفه حسب زعمهم، وما ذاك إلا انتظارا لخروج قرآنهم المزعوم الموجود عند إمامهم الغائب حسب زعمهم، ومع ذلك فهم في الحقيقة لا يلتزمون بشيء من كتاب الله تعالى الموجود، وإنما يعملون بخلافه تماما والعياذ بالله.

وقد سئل نعمة الله الجزائري -أحد كبار علماء الشيعة-حسب ما ورد في كتابه (الأنوار النعمانية) عن هذا الأمر فأجاب ما نصه: (روي أنهم في الأخبار عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها، والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس، ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيُقرأ ويُعمل بأحكامه) 2/360.

فهل يعي الشيعة خطورة ما يقومون به من تحريف كلام الله تعالى؟؟!! وهل يدركون ما يترتب على ذلك من كفر وخروج من الملة، ووعيد شديد بالويل من الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} البقرة/ 79 ؟؟!!

المصدر: موقع مركز التأصيل

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top