ما زالت الانتخابات الرئاسية الإيرانية تمثل رأس الحربة في شدة المنافسة بين معسكري المتشددين والإصلاحيين، والتي من المقرر أن تجرى في مايو/أيار القادم.
ومن بين أكثر من 1600 مرشح للانتخابات الرئاسية، قبل مجلس صيانة الدستور 6 مرشحين، من بينهم الرئيس الحالي حسن روحاني، مع استبعاد سلفه محمود أحمدي نجاد من السباق الرئاسي، ما مهد الطريق أمام روحاني بزيادة احتمالية فوزه بولاية ثانية.
الباحث الإيراني المعارض، قاسم دراني، ألمح إلى رغبة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، في تولي روحاني للحكم مرة ثانية، مؤكداً أن "هذا بخلاف ما هو منتشر وشائع بكون روحاني معارضاً لخامنئي، ورغبة الأخير في بديل له".
دراني أشار، في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الدولة العميقة، المتمثلة في خامنئي والحرس الثوري، ما زالت ترغب في استمرار روحاني رئيساً للبلاد، لالتزامه بقراراتهم وعدم مخالفتها طيلة حكمه، بل إنه لم يفعل شيئاً إلا بعد الرجوع إلى المرشد، ومن ثم فإن "خامنئي لن يجد حملاً وديعاً مثل روحاني"، حسب وصف دراني.
- وصاية وتضييق على الإعلام
وزارة الداخلية الإيرانية أعلنت، 20 أبريل/نيسان 2017، إلغاء البث التلفزيوني المباشر للمناظرات بين المترشحين للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، وفسره البعض أن البث المباشر سيحظى بنسبة مشاهدة عالية، وسيكون محط اهتمام الكثيرين، وهو ما بدا جلياً إبان الانتخابات الرئاسية السابقة، وانعكست بالإيجاب على فوز روحاني عام 2013.
قرار الداخلية الإيرانية لم يرق لروحاني، المترشح لولاية رئاسية ثانية، بل عبر عن قلقه، داعياً إلى ضرورة مراجعته والنكوص عنه، خاصةً أن الداخلية الإيرانية لم تقدم تبريراً لمثل هذا القرار.
بل إن المرشح المحافظ علي رضا زكاني، توجس خوفاً من قرار الداخلية، قائلاً إنه "سيضر كثيراً بشفافية الانتخابات".
القرار أربك المشهد والمرشحين على السواء، خاصةً أنه على ما يبدو كان مفاجئاً عبر إعلان التلفزيون الرسمي "إي آر آي بي" له، إذ وصف نائب رئيس المحطة، مرتضى مير باقري، المناظرات المباشرة مؤخراً بأنها "أكثر البرامج شعبية" في المحطة، و"أفضل طريقة يتعرف بها الناس على المرشحين"، وفق ما نقلته الراي الكويتية في 20 أبريل/نيسان 2017.
ولمزيد من بسط نفوذ الدولة العميقة وقوتها في إيران، شنّت أجهزة الأمن الإيرانية، وعلى رأسها جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني، حملة قمع واعتقالات ضد الصحفيين، وكذلك موجة حجب المواقع وشبكات وقنوات التواصل الاجتماعي، قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 19 مايو/أيار القادم، تزامناً مع الانتخابات البلدية والقروية والانتخابات البرلمانية التكميلية، وفق ما ذكرته "العربية نت"، في 6 أبريل/نيسان 2017.
المدَّعي العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، أعلن في تصريحات للتلفزيون الإيراني أنه أصدر أوامر للدوائر المعنيّة في أنحاء البلاد لمراقبة الإنترنت لحظة بلحظة خلال فترة الانتخابات، مشيراً إلى أن عدداً من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ومديري قنوات على تطبيق "تليغرام" المعتقلين سيطلق سراحهم خلال الأيام المقبلة.
وكان الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ)، ندّد بموجة القمع والاعتقالات التي تشنّها أجهزة الاستخبارات الإيرانية ضد الصحفيين والناشطين الإعلاميين مع قرب الانتخابات الرئاسية في البلاد، بحسب نفس المصدر.
بل إن مجلة "ذي ناشونال إنترست" الأمريكية، قالت إن الانتخابات الرئاسية السابقة كشفت عن القوة التي يتمتع بها المجتمع المدني الإيراني، وذلك على خلاف ما يظنه الغرب والبعض في الشرق الأوسط، وأن هذا المجتمع يضم شعباً متعلماً أثبت تطوره ونضجه السياسي.
ووافق مجلس صيانة الدستور (يرأسه رجال دين محافظون)، على روحاني وإبراهيم رئيسي، وهو سياسي محافظ يعتقد الكثيرون أنه يحظى بدعم خامنئي، وإسحاق جهانكيري، نائب روحاني، ومحمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران ووزير الصناعة السابق مصطفى هاشمي.
ويشبه النظام السياسي الإيراني "الخيمة" التي ترتكز على عمود واحد، يتمثل في "المرشد الأعلى"، ومن ثم فإن التحركات، سواء كانت من خلال الإصلاحيين أو المحافظين، لا بد أن تحظى بمباركة خامنئي، وعليه فإن أي مرشح قادم لا بد أن يضمن خامنئي ولاءه له.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).