مع الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، وما تبع
ذلك من حل لمؤسسات الدولة العراقية لا سيما الجيش، تحول العراق للقمة سائغة
أمام إيران، التي استثمرت علاقاتها ببعض الأحزاب والشخصيات العراقية
بالإضافة لبعض التشكيلات المسلحة، فساهمت في تعميق الشرخ الطائفي، وحولت
العراق إلى غابة من الميليشيات الطائفية المتطرفة، بحيث يصعب سبرها أو
التحكم بها إلا من قبل إيران، تعددت أسماؤها وتوحدت أهدافها في خدمة مشروع
ملالي طهران.
السلاح السري
طرحت إيران نفسها كداعم للعراق "الجديد" حيث عززت العلاقات الاقتصادية والدينية والإعلامية لتوسيع نفوذها وترسيخ مكانتها كقوة اقليمية متحكمة، لكن السلاح الإيراني، الأشد تأثيراُ، هو ما انتهجته، بشكل سري ومعلن، من تشكيل لميليشيات طائفية مسلحة وتمويلها، مع تركيزها على تقسيم المجتمع العراقي من خلال ممارسات حكومات طائفية مهلهلة تابعة لها، حتى تتمكن من إعادة هندسة العراق كما تريد وتشتهي.
يقول "محمد البزي" أستاذ الصحافة في جامعة نيويورك، في مقال له على شبكة CNN أن إيران ساعدت "على إطالة ودعم حركات التمرد والحرب الأهلية في العراق، فقد قام الحرس الثوري الإيراني بتمويل وتدريب العديد من المليشيات الشيعية التي كانت تستهدف القوات الأمريكية، وكذلك المناطق السنية العراقية، ووفرت إيران الصواريخ والمتفجرات والأسلحة المتنوعة للمليشيات، بل إنها نقلت بعض العناصر العراقية إلى إيران من أجل التدريب على عمليات التفجير والقنص" وأضاف بأن المساعدات الإيرانية للميليشيات العراقية، كما ورد في رسالة السفير الأمريكي لوزارة الخارجية عام 2009، بلغت ما بين 100 إلى 200 مليون دولار سنوياً.
السرقة والاعتداءات عوامل جذب للمرتزقة
يبدو أن معهد واشنطن في رقمه السابق معني أكثر بالميليشيات التي تحمل الهوية المذهبية، حيث أن الرقم الذي يطرحه المعهد يبدو متواضعاً جداً أمام الكم الهائل من الميليشيات التي شكلتها وتمولها إيران، إذ يصل عدد هذه الميليشيات في سوريا وحدها إلى أكثر من 51 ميليشيا
وينفي "ورد اليافي"، أحد مديري مجموعة "مراسل سوري الإخبارية"، أن تكون إيران مهتمة فقط بإنشاء ميليشيات مذهبية، بل هي الممولة والموجهة لكل الميليشيات الموجودة في سوريا "الواقع في سوريا يقول بأن كل هذه الميليشيات، الأجنبية المرتزقة منها والمحلية، تتم إدارتها، تدريبها وتمويلها من إيران، بالإضافة للضخ المستمر بعناصر المرتزقة (لبنانيون عراقيون يمنيون أفغانيون هنود وبالطبع إيرانيون) فيها" وتتعمد إيران، بحسب اليافي، تطعيم هذه الميليشيات بتنوع ديني أو قومي زائف، فما يجمع هذه الميليشيات "هو الراتب الذي تتقاضاه من إيران، بالإضافة لإطلاق يدها في السرقة والاعتداء على السوريين".
خلايا سرطانيةيقول معهد واشنطن للدراسات أن عدد الميليشيات التي شكلتها إيران في العراق وسوريا يصل لأكثر من 50 تنظيماً ميليشيوياً شيعياً، حيث تدعي إيران أنهم يتدربون ويقاتلون ضد تنظيم داعش "تنظيم الدولة". وتشكل عدة تنظيمات منها فروعاً مسلحة لأحزاب سياسية قائمة أو تتبع رجال دين منفردين، كما تُعتبر البعض منها واجهات لجماعات قائمة فيما تُطور جماعات أخرى هويتها الخاصة ووجودها الخاص. بالإضافة إلى ذلك، تشكلت ميليشيات جديدة على غرار "الحشد الشعبي" وهي تنمو بالحجم والنفوذ.
يبدو أن معهد واشنطن في رقمه السابق معني أكثر بالميليشيات التي تحمل الهوية المذهبية، حيث أن الرقم الذي يطرحه المعهد يبدو متواضعاً جداً أمام الكم الهائل من الميليشيات التي شكلتها وتمولها إيران، إذ يصل عدد هذه الميليشيات في سوريا وحدها إلى أكثر من 51 ميليشيا
وينفي "ورد اليافي"، أحد مديري مجموعة "مراسل سوري الإخبارية"، أن تكون إيران مهتمة فقط بإنشاء ميليشيات مذهبية، بل هي الممولة والموجهة لكل الميليشيات الموجودة في سوريا "الواقع في سوريا يقول بأن كل هذه الميليشيات، الأجنبية المرتزقة منها والمحلية، تتم إدارتها، تدريبها وتمويلها من إيران، بالإضافة للضخ المستمر بعناصر المرتزقة (لبنانيون عراقيون يمنيون أفغانيون هنود وبالطبع إيرانيون) فيها" وتتعمد إيران، بحسب اليافي، تطعيم هذه الميليشيات بتنوع ديني أو قومي زائف، فما يجمع هذه الميليشيات "هو الراتب الذي تتقاضاه من إيران، بالإضافة لإطلاق يدها في السرقة والاعتداء على السوريين".
ويبقى السؤال عن الغاية من خلق هذا العدد الضخم من الميليشيات، وما يقتضيه التحكم فيها وحل مشاكلها من جهد، بالإضافة للفوضى الكبيرة التي ستسببها.
ويرى المهندس "بهاء"، من سكان حلب، أن هذا التعدد مقصود، فهو يضمن بقاء الفوضى، وشعور الجميع باليأس من أي امكانية لإيجاد جهة مرجعية للتحكم فيها، وعدم القدرة على تحميل طرفٍ ما المسؤولية "في كل مفاوضات الهدن التي دارت كان الثوار، كجهة واحدة، يفاوضون عدة ميليشيات، كجهات مستقلة، إلى جانب النظام، حيث لا يمكن لممثل النظام القبول بأي شيء بحال رفض الميليشيات له".
ويتفق ما قاله "بهاء" مع ما يراه معهد واشنطن في أن هذا العدد الكبير للجماعات وجهات الاتصال ومناطق النفوذ المتداخلة يخلق المزيد من الفوضى، مما "يتيح لإيران ولوكلائها المزيد من القابلية لنفي تأثيرها بشكل منطقي إذا ما دعت الحاجة. كما يخلق هذا الوضع وهماً قائماً على حرية الاختيار والاستقلال بالنسبة إلى أولئك الذين ينضمون إلى هذه الميليشيات والأحزاب الشيعية المتطرفة أو يدعمونها."
وتبقى هذه الميلشيات المتطرفة، التي تنتشر في سوريا، العراق، لبنان واليمن، كخلايا سرطانية، تمثل تهديداً حقيقياً للمنطقة برمتها. ولا تخفي إيران تباهيها واعتمادها على هذه الميليشيات في مد نفوذها والعبث بدول المنطقة.
وقد قام أكثر من مسؤول إيراني بالتباهي بأن نظامه يسيطر حالياً على أربع دول عربية، كما أنها تعمد إلى بث رسائلها وتهديداتها عبر هذه الميليشيات، حيث بدأت قيادات بعض هذه الميليشيات المتطرفة، بالتصرف كعناصر أقليمية، تتوخى اهدافاً أوسع. وبالأمس القريب قام حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله الطائفي بتهديد مملكة البحرين، وقبل ذلك وجهت «كتائب حزب الله» و«كتائب الإمام علي» العراقية، وجماعات مماثلة، تهديدات متكررة إلى المملكة العربية السعودية، على خلفية حكم الإعدام الصادر بحق رجل الدين الشيعي "نمر النمر".
المصدر اورينت نت
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).