اعتنق مذهب أهل السنة والجماعة ويسأل عن حكم إخفاء صلاته
السؤال:
أنا محتار ما بين أهلي وديني ، غير أني أحمد الله جل وعلا بأن هداني إلي الطريق الصحيح ولكن أهلي غير موافقين ؛ لأنهم مازالوا على المذهب الشيعي فهل يجوز أن أصلي وفقا للسنة النبوية سرا من أهلي ؟ وهل يجوز أن أغتسل مثل الشيعة ؟
الجواب:
الحمد لله
نحمد الله أن وفقك لطريق أهل السنة ونجاك من الوقوع في شراك البدعة ، ونسأل الله أن يتم عليك النعمة ويكشف عنك الضر ويرفع عنك البلاء .
فالسنة – كما قال الإمام مالك رحمه الله - كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
" وَهَذَا حَقٌّ ؛ فَإِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ إنَّمَا رَكِبَهَا مَنْ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ وَاتَّبَعَهُمْ ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَرْكَبْهَا فَقَدْ كَذَّبَ الْمُرْسَلِينَ انتهى من مجموع الفتاوى" (4 137).
وننصحك بالتلطف مع أهلك ومعاملتهم بالحسنى كما أمر الله ، والحرص على نصحهم وإرشادهم بالحكمة والموعظة الحسنة ، والدعاء لهم بالهداية إلى طريق أهل السنة والجماعة ، والنجاة من طريق أهل البدعة ، وراجع إجابة السؤال رقم (142071).
وأما عن إخفاء عقيدتك ومذهبك ، فإن كنت لا تخاف على نفسك من أهلك أن يلحقوا بك الضرر أو الأذى البالغ فإنك تعلن بعقيدتك ولا تخفيها ، وإن خفت على نفسك منهم فإنه يجوز لك أن تخفي عقيدتك عنهم ، قال الله تعالى {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر28]، فهذا الرجل مؤمن بنص القرآن مع أنه كان يخفي إيمانه عن فرعون وملئه خوفاً على نفسه منهم ، وقد دل القرآن الكريم على أن مكة كان بها من يخفي إيمانه وقت الفتح وفيهم نزل قوله تعالى {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح 25]، قال ابن كثير "وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ أَيْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مِمَّنْ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ وَيُخْفِيهِ مِنْهُمْ خِيفَةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ ، لَكُنَّا سَلَّطْنَاكُمْ عَلَيْهِمْ فَقَتَلْتُمُوهُمْ وَأَبَدْتُمْ خَضْرَاءَهُمْ وَلَكِنْ بَيْنَ أَفْنَائِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَقْوَامٌ لَا تَعْرِفُونَهُمْ حَالَةَ الْقَتْلِ" انتهى من تفسير ابن كثير (7 319(.
وفي قصة إسلام أبي ذر قال له الرسول صلى الله عليه وسلم «يا أبا ذر ، اكتم هذا الأمر (أمر إسلامه)». رواه البخاري.
ولكن ننبهك على أن إخفاء الإيمان لا يعني ارتكاب الباطل في الظاهر, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "وَكِتْمَانُ الدِّينِ شَيْءٌ ، وَإِظْهَارُ الدِّينِ الْبَاطِلِ شَيْءٌ آخَرُ، فَهَذَا لَمْ يُبِحْهُ اللَّهُ قَطُّ إِلَّا لِمَنْ أُكْرِهَ ، بِحَيْثُ أُبِيحَ لَهُ النُّطْقُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ. وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُنَافِقِ وَالْمُكْرَه" انتهى من منهاج السنة النبوية (6 424(.
أما عن الصلاة خلف المبتدعة فقد سبق بيان حكمها في الفتوى رقم (201740(.
والنصيحة لك إن لم تتمكن من الصلاة مع أهل السنة والجماعة أن تصلي بمفردك فذلك خير من الصلاة خلف هؤلاء.
والله أعلم.
المصدر: الإسلام سؤال وجواب.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).