إن الخائن لا يلوي على شيء، ولا يفرق مع من يكون خائنًا، ومع من يكون أمينًا، فإن الخيانة داء إذا خالط دماء الإنسان، فإنه يجعله خائنًا ولو مع أقرب الناس إليه.
والشيعة الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.
"يا أمير المؤمنين، لقد نفدت نبالنا، وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا، فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا... فأدرك عليٌّ أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدءوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير"[2].
"وأدرك الإمام علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة، ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عزٍّ يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون..."[3].
والعجيب أن شيعة عليٍّ من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر عليٍّ بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي:
"يا أهل الكوفة، كلما سمعتم بمنسر[4] من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته، وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من غررتموه، ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون"[5].
فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه، وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفًا وسار هو خلفه، فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضًا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادٍ من أهل العراق أن قيسًا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعادت إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه، حتى إنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه..
وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه؛ طمعًا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي[6] وكان واليًا على المدائن من قِبل علي، فقال له: هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية. فقال له عمه: عليك لعنة الله! أثب على ابن بنت رسول الله فأوثقه؟! بئس الرجل أنت[7].
بل إن الحسن -رضي الله عنه- كان يقول: "أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلمًا، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير"[8].
وتحت إلحاحهم، قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الموقف، فخرج مسلم في شوال سنة 60هـ.
وما أن علم بوصوله أهل العراق حتى جاءوه فأخذ منهم البيعة للحسين، فقيل: بايعه اثنا عشر ألفًا، ثم أرسل إلى الحسين ببيعة أهل الكوفة، وأن الأمر على ما يرام[11].
وللأسف خُدع الحسين -رضي الله عنه- بهم، وسار إليهم بعد أن حذره كثير من المقربين إليه من الخروج؛ لما يعرفون من خيانة شيعة العراق، حتى قال له ابن عباس رضي الله عنه: "أتسير إلى قومٍ قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسِرْ إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعُمَّاله تجبي بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونون أشد الناس عليك..."[12].
وبالفعل ظهر غدر شيعة أهل الكوفة برغم مراسلاتهم للحسين حتى قبل أن يصل إليهم، فإن الوالي الأموي عبيد الله بن زياد لما علم بأمر مسلم بن عقيل وما يأخذ من البيعة للحسين، جاء فقتله وقتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي، كل ذلك وشيعة الكوفة لم يتحرك لهم ساكن، بل تنكروا لوعودهم للحسين رضي الله عنه، واشترى ابن زياد ذممهم بالأموال[13].
فلما خرج الحسين -رضي الله عنه- وكان في أهله وقلَّة من أصحابه عددهم نحو سبعين رجلاً، وبعد مراسلات وعروض[14]، تدخل ابن زياد في إفسادها، دار القتال فقُتل الحسين رضي الله عنه، وقُتل سائر أصحابه، وكان آخر كلامه قبل أن يسلم الروح: "اللهم احكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا"[15].
بل دعاؤه عليهم مشهور، حيث قال قبل استشهاده: "اللهم إن متعتهم ففرقهم فرقًا، واجعلهم طرائق قددًا، ولا ترضي الولاة عنهم أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا"[16].
أرأيت سوء صنيع القوم، وكيف كان غدرهم وخيانتهم حتى بآل البيت الذين زعموا حبهم واتخذوه ذريعة في عدائهم لكل من عادوا؟!
وهل بعد خيانتهم لآل البيت يستبعد خيانتهم للأمة عامَّة؟! فهم منذ اللحظات الأولى يجبنون عن الحرب، ويبيعون ذممهم بالأموال، ويفكرون في الخيانة في مقابل الغنى والشرف، ولو كان الثمن هو تسليم واحد من أكابر آل البيت كما فكر المختار الثقفي أن يسلم الحسن بن علي للأمويين.
علمًا بأننا للإنصاف لا بد أن نقرر أن شيعة الصدر الأول في أيام علي والحسن والحسين -رضوان الله عليهم- كان من بينهم فضلاء أخيار كبعض نفرٍ من الصحابة رضوان الله عليهم، وهؤلاء نربأ بهم عن الخيانة، ومعاذ الله أن نصف أحدًا منهم بها! وإنما مواقف هؤلاء الفضلاء كانت قائمة على الاجتهاد، أخطئوا أو أصابوا.
وتشيُّع أكثر الناس يومئذٍ يدور في فلك الحب لعلي -رضي الله عنه- وآل بيته بناءً على مرويات سمعها الناس في الوصاة بحب هذه العترة الطاهرة، ولكن لم تكن هناك مبادئ مقررة للتشيع كالتقية والرجعة وغير ذلك.. اللهم إلا أن يكون عند نفرٍ من الغلاة الذين ترأسهم عبد الله بن سبأ وقالوا بألوهية علي رضي الله عنه، لكن بعد ذلك جدَّت أمور شكلت فكر الشيعة، وجعلت تقفز به في الانحراف من ميدان إلى ميدان، وتدخلت عناصر مغرضة مجوسية ويهودية وغير ذلك، وتسترت بالإسلام ثم بالتشيع، وجعلت تسعى لنقض عُرَا الإسلام عروة بعد عروة.
ولعل من أوفى وأعمق الدراسات الحديثة التي بيَّنت الصلة بين التشيع وبين هذه العناصر المغرضة هي دراسة بعنوان "وجاء دور المجوس" للأستاذ عبد الله محمد الغريب، كشف فيها بالأدلة العمليَّة زيف كثير ممن ادعوا التشيع ولعبوا بورقة حب آل البيت، ولكنهم في حقيقة أمرهم يعملون على إحياء الأفكار المجوسية وعقائدها من زرادشتية ومانوية ومزدكية.. وغير ذلك من النِّحل الباطنيَّة التي تقوم بقدم العالم وإنكار الخالق والبعث، وغير ذلك من الترهات.
فمن سنعرض بعد ذلك خيانتهم من الشيعة كالإسماعيلية والاثني عشرية والقرامطة والبويهية والفاطميين وغير ذلك، لم يكونوا في الحقيقة ينتسبون إلى آل البيت ولا حتى بصلة الحب، وإنما هم خونة أعداء للإسلام عمومًا وليس لأهل السُّنَّة فقط.
المصدر: كتاب (خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية).
والشيعة الذين غالوا في حب آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ثبتت خيانتهم لهم منذ اللحظات الأولى لظهور التشيع إبَّان الفتن التي ثارت ثائرتها بين الصحابيين الجليلين علي ومعاوية رضوان الله عليهما.
خيانتهم لعلي بن أبي طالب:
فقد كان أكثر شيعة[1] علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من أهل العراق وعلى وجه الخصوص أهل الكوفة والبصرة، وعندما عزم عليٌّ على الخروج بهم إلى أهل الشام بعد القضاء على فتنة الخوارج خذلوه، وكانوا وعدوه بنصرته والخروج معه، ولكنهم تخاذلوا عنه وقالوا:"يا أمير المؤمنين، لقد نفدت نبالنا، وكلَّت سيوفنا، ونصلت أسنة رماحنا، فارجع بنا فلنستعد بأحسن عدتنا... فأدرك عليٌّ أن عزائمهم هي التي كلت ووهنت وليس سيوفهم، فقد بدءوا يتسللون من معسكره عائدين إلى بيوتهم دون علمه، حتى أصبح المعسكر خاليًا، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير"[2].
"وأدرك الإمام علي أن هؤلاء القوم لا يمكن أن تنتصر بهم قضية مهما كانت عادلة، ولم يستطع أن يكتم هذا الضيق فقال لهم: ما أنتم إلا أسود الشرى في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس وما أنتم لي بثقة... وما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عزٍّ يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون..."[3].
والعجيب أن شيعة عليٍّ من أهل العراق لم يتقاعسوا عن المسير معه لحرب الشام فقط، وإنما جبنوا وتثاقلوا عن الدفاع عن بلادهم، فقد هاجمت جيوش معاوية عين التمر وغيرها من أطراف العراق، فلم يذعنوا لأمر عليٍّ بالنهوض للدفاع عنها حتى قال لهم أمير المؤمنين علي:
"يا أهل الكوفة، كلما سمعتم بمنسر[4] من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته، وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وجارها، المغرور من غررتموه، ولمن فازكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاء، إنا لله وإنا إليه راجعون"[5].
خيانتهم للحسن بن علي:
ولما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبويع ابنه الحسن -رضي الله عنه- بالخلافة لم يكن يؤمن بجدوى حرب معاوية، وخصوصًا أن شيعته خذلوا أباه من قبل، ولكن عاد شيعتهم من أهل العراق يطالبون الحسن بالخروج لقتال معاوية وأهل الشام، فأظهر الحسن حنكة كبيرة دلت على سعة أفقه، فهو لم يشأ أن يواجه أهل العراق من البداية بميله إلى مصالحة معاوية وتسليم الأمر له حقنًا لدماء المسلمين؛ لأنه يعرف خفة أهل العراق وتهورهم، فأراد أن يقيم من مسلكهم الدليل على صدق نظرته فيهم، وعلى سلامة ما اتجه إليه..فوافقهم على المسير لحرب معاوية وعبأ جيشه، وبعث قيس بن عبادة في مقدمته على رأس اثني عشر ألفًا وسار هو خلفه، فلما وصلت تلك الأخبار إلى معاوية وتحرك هو أيضًا بجيشه ونزل مسكن، وبينما الحسن في المدائن إذ نادى منادٍ من أهل العراق أن قيسًا قد قتل، فسرت الفوضى في الجيش وعادت إلى أهل العراق طبيعتهم في عدم الثبات، فاعتدوا على سرادق الحسن ونهبوا متاعه، حتى إنهم نازعوه بساطًا كان تحته، وطعنوه وجرحوه..
وهنا فكر أحد شيعة العراق وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي في أمر خطير وهو أن يُوثق الحسن بن علي ويسلمه؛ طمعًا في الغنى والشرف، فقد جاء عمه سعد بن مسعود الثقفي[6] وكان واليًا على المدائن من قِبل علي، فقال له: هل لك في الغنى والشرف؟ قال: وما ذاك؟ قال: توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية. فقال له عمه: عليك لعنة الله! أثب على ابن بنت رسول الله فأوثقه؟! بئس الرجل أنت[7].
بل إن الحسن -رضي الله عنه- كان يقول: "أرى معاوية خيرًا لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وأخذوا مالي، والله لأن آخذ من معاوية ما أحقن به دمي في أهلي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني؛ فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلمًا، والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير"[8].
خيانتهم للحسين بن علي:
بعد وفاة معاوية -رضي الله عنه- سنة 60هـ توالت رسائل ورسل أهل العراق على الحسين بن علي -رضي الله عنه- تفيض حماسة وعطفًا، وقالوا له: إنا قد حبسنا أنفسنا عليك، ولسنا نحضر الجمعة[9] مع الوالي، فأقدم علينا[10].وتحت إلحاحهم، قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليستطلع الموقف، فخرج مسلم في شوال سنة 60هـ.
وما أن علم بوصوله أهل العراق حتى جاءوه فأخذ منهم البيعة للحسين، فقيل: بايعه اثنا عشر ألفًا، ثم أرسل إلى الحسين ببيعة أهل الكوفة، وأن الأمر على ما يرام[11].
وللأسف خُدع الحسين -رضي الله عنه- بهم، وسار إليهم بعد أن حذره كثير من المقربين إليه من الخروج؛ لما يعرفون من خيانة شيعة العراق، حتى قال له ابن عباس رضي الله عنه: "أتسير إلى قومٍ قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم، فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسِرْ إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم وأميرهم عليهم قاهر، وعُمَّاله تجبي بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب والقتال، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخالفوك ويخذلوك، وأن يستنفروا إليك فيكونون أشد الناس عليك..."[12].
وبالفعل ظهر غدر شيعة أهل الكوفة برغم مراسلاتهم للحسين حتى قبل أن يصل إليهم، فإن الوالي الأموي عبيد الله بن زياد لما علم بأمر مسلم بن عقيل وما يأخذ من البيعة للحسين، جاء فقتله وقتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي، كل ذلك وشيعة الكوفة لم يتحرك لهم ساكن، بل تنكروا لوعودهم للحسين رضي الله عنه، واشترى ابن زياد ذممهم بالأموال[13].
فلما خرج الحسين -رضي الله عنه- وكان في أهله وقلَّة من أصحابه عددهم نحو سبعين رجلاً، وبعد مراسلات وعروض[14]، تدخل ابن زياد في إفسادها، دار القتال فقُتل الحسين رضي الله عنه، وقُتل سائر أصحابه، وكان آخر كلامه قبل أن يسلم الروح: "اللهم احكم بيننا وبين قومٍ دعونا لينصرونا فقتلونا"[15].
بل دعاؤه عليهم مشهور، حيث قال قبل استشهاده: "اللهم إن متعتهم ففرقهم فرقًا، واجعلهم طرائق قددًا، ولا ترضي الولاة عنهم أبدًا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا"[16].
أرأيت سوء صنيع القوم، وكيف كان غدرهم وخيانتهم حتى بآل البيت الذين زعموا حبهم واتخذوه ذريعة في عدائهم لكل من عادوا؟!
وهل بعد خيانتهم لآل البيت يستبعد خيانتهم للأمة عامَّة؟! فهم منذ اللحظات الأولى يجبنون عن الحرب، ويبيعون ذممهم بالأموال، ويفكرون في الخيانة في مقابل الغنى والشرف، ولو كان الثمن هو تسليم واحد من أكابر آل البيت كما فكر المختار الثقفي أن يسلم الحسن بن علي للأمويين.
علمًا بأننا للإنصاف لا بد أن نقرر أن شيعة الصدر الأول في أيام علي والحسن والحسين -رضوان الله عليهم- كان من بينهم فضلاء أخيار كبعض نفرٍ من الصحابة رضوان الله عليهم، وهؤلاء نربأ بهم عن الخيانة، ومعاذ الله أن نصف أحدًا منهم بها! وإنما مواقف هؤلاء الفضلاء كانت قائمة على الاجتهاد، أخطئوا أو أصابوا.
وتشيُّع أكثر الناس يومئذٍ يدور في فلك الحب لعلي -رضي الله عنه- وآل بيته بناءً على مرويات سمعها الناس في الوصاة بحب هذه العترة الطاهرة، ولكن لم تكن هناك مبادئ مقررة للتشيع كالتقية والرجعة وغير ذلك.. اللهم إلا أن يكون عند نفرٍ من الغلاة الذين ترأسهم عبد الله بن سبأ وقالوا بألوهية علي رضي الله عنه، لكن بعد ذلك جدَّت أمور شكلت فكر الشيعة، وجعلت تقفز به في الانحراف من ميدان إلى ميدان، وتدخلت عناصر مغرضة مجوسية ويهودية وغير ذلك، وتسترت بالإسلام ثم بالتشيع، وجعلت تسعى لنقض عُرَا الإسلام عروة بعد عروة.
ولعل من أوفى وأعمق الدراسات الحديثة التي بيَّنت الصلة بين التشيع وبين هذه العناصر المغرضة هي دراسة بعنوان "وجاء دور المجوس" للأستاذ عبد الله محمد الغريب، كشف فيها بالأدلة العمليَّة زيف كثير ممن ادعوا التشيع ولعبوا بورقة حب آل البيت، ولكنهم في حقيقة أمرهم يعملون على إحياء الأفكار المجوسية وعقائدها من زرادشتية ومانوية ومزدكية.. وغير ذلك من النِّحل الباطنيَّة التي تقوم بقدم العالم وإنكار الخالق والبعث، وغير ذلك من الترهات.
فمن سنعرض بعد ذلك خيانتهم من الشيعة كالإسماعيلية والاثني عشرية والقرامطة والبويهية والفاطميين وغير ذلك، لم يكونوا في الحقيقة ينتسبون إلى آل البيت ولا حتى بصلة الحب، وإنما هم خونة أعداء للإسلام عمومًا وليس لأهل السُّنَّة فقط.
المصدر: كتاب (خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية).
[1]
لا نستطيع أن نقول: إن شيعة علي في هذا الوقت كانوا كلهم غلاة، بل كان
فيهم أفاضل أخيار، ولكن لا ننسى أنه كان بينهم السبئية أتباع عبد الله بن
سبأ الذي غالى في عليٍّ حتى ألهه، وعكف على إشعال الثورة والفتنة، واتخذ
ابن سبأ -لعنه الله- من حبه لآل البيت النبوي ستارًا ينفذ منه لبث سمومه
اليهودية.
[2] انظر: تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك 5/89، 90، وابن الأثير: الكامل في التاريخ 3/349.
[3] انظر: تاريخ الطبري 5/90، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص91.
[4] المنسر: هي القطعة من الجيش تكون أمامه.
[5] انظر: تاريخ الطبري 5/135، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص96.
[6] هذا هو المختار بين أبي عبيد الثقفي الذي خرج على الدولة الأموية، وادعى أنه من شيعة آل البيت وجعل يطالب بدم الحسين، وما كان ذلك منه إلا نفاقًا وستارًا يخفي خلفه مطامعه الشخصية في الملك.
[7] انظر: تاريخ الطبري 5/159، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص101.
[8] انظر: الاحتجاج للطبرسي ص148.
[9] قال الدكتور موسى الموسوي (شيعي): "إن الأكثرية من فقهاء الشيعة اجتهدوا أمام النص الصريح وقالوا بالخيار بين صلاة ظهر الجمعة، وأضافوا أن شرط إقامة الجمعة حضور الإمام الذي هو المهدي، ففي عصر غيبة الأئمة تسقط الجمعة من الوجوب العيني، ويكون للمسلمين الخيار في الإتيان بها أو بصلاة الظهر. وقالت فئة أخرى من فقهائنا بحرمة صلاة الجمعة في غيبة الإمام، ويقوم مقامها صلاة الظهر...) انظر: الشيعة والتصحيح ص127.
[10] انظر: تاريخ الطبري 5/347.
[11] المرجع السابق 5/348.
[12] الكامل في التاريخ 4/37.
[13] انظر: المسعودي: مروج الذهب 3/67 وما بعدها، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص473.
[14] كان الحسين -رحمه الله- قد عرض عرضًا جيدًا قال فيه: "إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور". وهذا عين الحكمة من الحسين -رضي الله عنه- لحقن الدماء، ولكن الشيطان عبيد الله بن زياد رفض إلا أن يسلم الحسين نفسه أسيرًا، فرأى الحسين الموت عنده أهون من ذلك، فكان ما كان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[15] انظر: تاريخ الطبري 5/389.
[16] انظر الإرشاد ص241. وانظر: إعلام الورى للطبرسي ص949.
[2] انظر: تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك 5/89، 90، وابن الأثير: الكامل في التاريخ 3/349.
[3] انظر: تاريخ الطبري 5/90، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص91.
[4] المنسر: هي القطعة من الجيش تكون أمامه.
[5] انظر: تاريخ الطبري 5/135، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص96.
[6] هذا هو المختار بين أبي عبيد الثقفي الذي خرج على الدولة الأموية، وادعى أنه من شيعة آل البيت وجعل يطالب بدم الحسين، وما كان ذلك منه إلا نفاقًا وستارًا يخفي خلفه مطامعه الشخصية في الملك.
[7] انظر: تاريخ الطبري 5/159، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص101.
[8] انظر: الاحتجاج للطبرسي ص148.
[9] قال الدكتور موسى الموسوي (شيعي): "إن الأكثرية من فقهاء الشيعة اجتهدوا أمام النص الصريح وقالوا بالخيار بين صلاة ظهر الجمعة، وأضافوا أن شرط إقامة الجمعة حضور الإمام الذي هو المهدي، ففي عصر غيبة الأئمة تسقط الجمعة من الوجوب العيني، ويكون للمسلمين الخيار في الإتيان بها أو بصلاة الظهر. وقالت فئة أخرى من فقهائنا بحرمة صلاة الجمعة في غيبة الإمام، ويقوم مقامها صلاة الظهر...) انظر: الشيعة والتصحيح ص127.
[10] انظر: تاريخ الطبري 5/347.
[11] المرجع السابق 5/348.
[12] الكامل في التاريخ 4/37.
[13] انظر: المسعودي: مروج الذهب 3/67 وما بعدها، والعالم الإسلامي في العصر الأموي ص473.
[14] كان الحسين -رحمه الله- قد عرض عرضًا جيدًا قال فيه: "إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور". وهذا عين الحكمة من الحسين -رضي الله عنه- لحقن الدماء، ولكن الشيطان عبيد الله بن زياد رفض إلا أن يسلم الحسين نفسه أسيرًا، فرأى الحسين الموت عنده أهون من ذلك، فكان ما كان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[15] انظر: تاريخ الطبري 5/389.
[16] انظر الإرشاد ص241. وانظر: إعلام الورى للطبرسي ص949.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).