0

الأخبارية أو الإخبارية هي إحدى فرق الإمامية الاثنى عشرية، التي ظهرت أوائل القرن الحادي عشر الهجري على يد الميرزا محمد أمين الاسترابادي، ويقابلها طائفة الأصوليين الذين يمثلون الأكثرية داخل الشيعة الإمامية، في حين يمثل الإخباريون الأقلية، وما زال لهم وجود حتى اليوم.


الأخبارية أو الإخبارية هي إحدى فرق الإمامية الاثنى عشرية، التي ظهرت أوائل القرن الحادي عشر الهجري على يد الميرزا محمد أمين الاسترابادي، ويقابلها طائفة الأصوليين الذين يمثلون الأكثرية داخل الشيعة الإمامية، في حين يمثل الإخباريون الأقلية، وما زال لهم وجود حتى اليوم.
والخلاف بين الطائفتين يمثل خلافاً في بنية المذهب الشيعي وفي أركانه ورجاله، حيث ترى الأخبارية أن الاعتقاد السليم يقوم على العمل بالأخبار المنقولة عن المعصومين- حسب زعمهم- أو المنسوبة إليهم بدون النظر إلى شيء آخر. فهم إذاً لا يعتمدون إلاّ على متون الأخبار التي تروى عن أئمتهم، ويتمسكون بظاهر الحديث، ولا يرون الأدلة الشرعية إلاّ الكتاب والحديث، وهم بذلك يمنعون الاجتهاد وإعمال العقل(1).
نشأة الاخبارية:
يرى الأصوليون أن الحركة الإخبارية ظهرت في أوائل القرن الحادى عشر على يد الميرزا محمد أمين الاسترابادى، واستفحل أمرها بعده وبخاصة في أواخر القرن الحادى عشر وخلال القرن الثاني عشر، على حين يرى الإخباريون أن الاتجاه الإخبارى كان هو الاتجاه السائد بين الفقهاء الإمامية إلى نهاية عصر الأئمة ولم يتزعزع هذا الاتجاه إلا في أواخر القرن الرابع وبعده(2).
ويرى أحد الباحثين أنه على هذه الطريقة كان الشيعة حتى منتصف القرن السابع تقريبا، حين قام أحد علمائهم ابن طاوس وصنف كتابًا في مصطلح الحديث أخذه من كتب أهل السنة، وتبعه تلميذه الملقب بالعلامة الحلي المتوفي سنة 726هـ الذي رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة، ثم تتابع الشيعة إلى اعتناق ما أتى به ابن طاوس والحلي، وأطلق عليهم (الأصوليون)(3).
تواجد الإخبارية:
والإخباريون الآن قلة قليلة بالنسبة للأصوليين، والقسم الكثير منهم في البحرين، وهم أيضاً عدد قليل(4)، وقد انتشروا- قديما- في كربلاء، وإيران والبحرين، ومنها انطلقوا إلى الدول المجاورة، وقد كان لهم دور كبير في عهد الدولة القاجارية التي حكمت إيران خلال الفترة (1209ـ 1344هـ )، أما الآن فهم قلة قليلة- كما أسلفنا- تتواجد في البحرين(5).
من علماء الإخباريين الشيعة:
من علمائهم الكليني صاحب (الكافي)، وابن باببويه القمي صاحب (من لا يحضره الفقيه)، والمفيد صاحب (أوائل المقالات)، والحر العاملي صاحب ( وسائل الشيعة)، والكاشاني صاحب (الوافي)، والنوري الطبرسي صاحب (مستدرك الوسائل)، ومحمد حسين آل كاشف الغطاء صاحب (أصل الشيعة وأصولها)(6).
الإخبارية والسند:
والإخبارية تعتقد أن كل الروايات المنسوبة إلى الأئمة صحيحة النسبة إليهم- خاصة الكتب الأربعة التي تعتبر المصادر الأساسية للروايات عند الشيعة الاثنى عشرية- ولهذا فإنهم يرفضون السند.
وكتبهم الأربعة هي:
- الكافي للكليني (ت328هـ).
- وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق (ت381هـ).
- تهذيب الأحكام للطوسي (ت460هـ).
- الاستبصار للطوسي أيضا.
قال شيخهم الفيض الكاشاني (المتوفي  سنة 1091هـ): "إن مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة، وهي المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها"(7).
وقال أغا بزرك الطهراني - من مجتهديهم المعاصرين - وهي: "الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها استنباط الأحكام الشرعية حتى اليوم"(8).
فالإخباريون من الجعفرية- وهم قلة قليلة- لا علم لهم بمصطلح الحديث، فهم يتلقون بالقبول كل ما ورد عن أئمتهم في كتب الحديث المعتمدة عندهم، بل يرون تواتر كل حديث وكلمه بجميع حركاتها وسكناتها الإعرابية والبنائية وترتيب الكلمات والحروف(9).
وهنا ينبغي أن نشير إلى شيء وهو هل يعني كلامنا السابق عن الإخبارية وتفريطها في نقد السند واعتراض الأصولية على هذا أن الأصوليين كانوا مجيدين في هذا الباب؟
حقيقة الأمر أن هذا الطرح نظريًا فُقد، وليس له كبير أثر في الواقع الشيعي، أعني اهتمام "الأصولية" بالسند، وإلا ففي الحقيقية أن كلا الطائفتين تقبلان كل رواية تقرر عقائدهم، ويعدلون كل راوٍ يروي ما يقوي مذهبهم(10).
الصراع بين الإخبارية والأصولية:
احتدم الصراع واشتد بين الأصولية والإخبارية وذهب بعضهم إلى تبديع بعض، " وزاد اشتداده "خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وبرز من الإخباريين في تلك الفترة الشيخ يوسف البحراني، صاحب كتاب "الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة"، والمولود سنة 1107هـ، والمتوفى سنة 1187هـ (1772م)، وكانت المعارك بين الطرفين تدور بشكل خاص في مدينة كربلاء في العراق، حيث كان للأخباريين وجود لافت، ولم يقتصر النزاع على علماء الشيعة من الطرفين، إنما انتقل إلى صفوف عوامهم، وأفتى بعض الأصوليين من علماء الشيعة بعدم صحة الصلاة خلف البحراني.
وفي المقابل أوغل الأخباريون في الازدراء بالأصوليين وتسفيه منهجهم ومؤلفاتهم، إلى درجة أنهم كانوا لا يلمسون مؤلفات الأصوليين بأيديهم خوفاً من نجاستها، إنما كانوا يقبضونها من وراء ملابسهم، كما جاء في كتاب جامع السعادات للنراقي(11).
ـــــــــــ
الهوامش:
(1) الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم، أسامة شحادة، هيثم الكسواني:(ص:36-37).
(2) مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع، للسالوس: (3/125).
(3) علم الحديث بين أصالة أهل السنة وانتحال الشيعة، أشرف الجيزاوي: (ص:197).
(4) مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع(3/125).
(5) الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم:(ص:43).
(6) علم الحديث بين أصالة أهل السنة وانتحال الشيعة، أشرف الجيزاوي: (ص:197).
(7) الوافي للكاشاني: (1/11).
(8) الذريعة للطهراني: (2/14).
(9) مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع(3/153).
(10) ينظر: حورات عقلية مع الطائفة الإثنى عشرية في المصادر، د. أحمد الغامدي: (257).
(11) الموسوعة الشاملة للفرق المعاصرة في العالم:(ص:39).

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top