قال ابن مطهر الحلي: "البرهان الثالث عشر: قوله تعالى:
{إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} [سورة الرعد: 7] ، من كتاب " الفردوس، "عن
ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا المنذر وعلي الهادي، بك
يا علي يهتدي المهتدون». ونحوه رواه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت الولاية والإمامة".
الجواب :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة (139/7):
[ والجواب من وجوه:
أحدها: أن هذا لم يقم دليل على صحته، فلا يجوز الاحتجاج به.
وكتاب " الفردوس " للديلمي فيه موضوعات كثيرة أجمع أهل العلم على أن مجرد
كونه رواه لا يدل على صحة الحديث، وكذلك رواية أبي نعيم لا تدل على الصحة.
الثاني: أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث، فيجب تكذيبه
ورده.
الثالث: أن هذا الكلام لا يجوز نسبته إلى النبي - صلى الله عليه
وسلم -، فإن قوله: «أنا المنذر وبك يا علي يهتدي المهتدون» ، ظاهره أنهم بك يهتدون
دوني، وهذا لا يقوله مسلم، فإن ظاهره أن النذارة والهداية مقسومة بينهما، فهذا نذير
لا يهتدى به، وهذا هاد، وهذا لا يقوله مسلم.
الرابع: أن الله تعالى قد جعل محمدا هاديا فقال: {وإنك لتهدي
إلى صراط مستقيم ، صراط الله} [سورة الشورى: 52 - 53] ، فكيف يجعل الهادي من لم يوصف
بذلك دون من وصف به؟ !
الخامس: أن قوله: " بك يهتدي المهتدون " ظاهره أن
كل من اهتدى من أمة محمد فبه اهتدى، وهذا كذب بين، فإنه قد آمن بالنبي - صلى الله عليه
وسلم - خلق كثير، واهتدوا به، ودخلوا الجنة، ولم يسمعوا من علي كلمة واحدة، وأكثر الذين
آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واهتدوا به لم يهتدوا بعلي في شيء. وكذلك لما
فتحت الأمصار وآمن واهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وغيرهم، كان جماهير المؤمنين
لم يسمعوا من علي شيئا، فكيف يجوز أن يقال: بك يهتدي المهتدون؟ !
السادس: أنه قد قيل معناه: إنما أنت نذير ولكل قوم هاد، وهو
الله تعالى، وهو قول ضعيف. وكذلك قول من قال: أنت نذير وهاد لكل قوم، قول ضعيف.
والصحيح أن معناها: إنما أنت نذير كما أرسل من قبلك نذير، ولكل
أمة نذير يهديهم أي يدعوهم، كما في قوله: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} [سورة فاطر:
24] وهذا قول جماعة من المفسرين .....
السابع: أن الاهتداء بالشخص قد يكون بغير تأميره عليهم، كما
يهتدى بالعالم. وكما جاء في الحديث الذي فيه: «أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم»"
فليس هذا صريحا في أن الإمامة كما زعمه هذا المفتري.
الثامن: أن قوله: {ولكل قوم هاد} نكرة في سياق الإثبات، وهذا
لا يدل على معين، فدعوى دلالة القرآن على علي باطل، والاحتجاج بالحديث ليس احتجاجا
بالقرآن، مع أنه باطل. ].
هذا وقد خرج العلامة الألباني الحديث في كتابه "السلسلة
الضعيفة" (10/535، رقم 4899)، فقال:
( 4899 - (أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا
علي! يهتدي المهتدون [بعدي] ) .
موضوع
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (13/ 72) ، والديلمي
(1/ 310-311- زهر الفردوس) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) من طريق الحسن بن الحسين الأنصاري:
أخبرنا معاذ بن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال النبي - صلى الله
عليه وسلم - ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد مظلم؛ وله ثلاث علل:
الأولى: اختلاط عطاء بن السائب.
الثانية: معاذ بن مسلم؛ قال الذهبي في ترجمته:
"مجهول. روى عن شرحبيل بن السمط؛
مجهول. وله عن عطاء بن السائب خبر باطل سقناه في (الحسن بن الحسين) ".
الثالثة: الحسن بن الحسين الأنصاري - وهو العرني -؛ وهو متهم،
وقد تقدم شيء من أقوال الأئمة فيه تحت الحديث (4885) ؛ فلا داعي للإعادة.
وقد ساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث من مناكيره من رواية ابن
الأعرابي بإسناده عنه. وقال:
"ومعاذ نكرة، فلعل الآفة منه".
وأقره الحافظ في "اللسان".
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 499- منار) :
"وهذا الحديث فيه نكارة شديدة".
وأقره الشوكاني في "فتح القدير" (3/ 66) .
وسكت عنه الطبرسي الشيعي في "تفسيره" (3/ 427) !
قلت: وقد روي موقوفاً: رواه حسين بن حسن الأشقر: حدثنا منصور
بن أبي الأسود عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي: (إنما
أنت منذر ولكل قوم هاد) ؛ قال علي:
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنذر، وأنا الهادي.
أخرجه الحاكم (3/ 129-130) ، وابن عساكر (12/ 154/ 1) عن عبد
الرحمن ابن محمد بن منصور الحارثي عنه. وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد"!
ورده الذهبي بقوله:
"قلت: بل كذب، قبح الله واضعه".
قلت: ولم يسم واضعه، وهو - عندي - حسين الأشقر؛ فإنه متروك كما
تقدم بيانه تحت الحديث (358) . وقد قال الذهبي فيه - في حديث بعد هذا في "التلخيص" -:
"قلت: الأشقر وثق. وقد اتهمه ابن
عدي".
والحارثي - الراوي عنه - قال ابن عدي:
"حدث بأشياء لم يتابع عليها".
وقال الدارقطني وغيره:
"ليس بالقوي". )
ثم قال العلامة الألباني : ( والحديث مما تلهج به الشيعة؛ ويتداولونه
في كتبهم، فهذا إمامهم ابن مطهر الحلي قد أورده في كتابه الذي أسماه "منهاج الكرامة
في إثبات الإمامة" (ص 81-82- تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم) من رواية "الفردوس"؛
قال:
"ونحوه أبو نعيم، وهو صريح في ثبوت
الإمامة والولاية له"!!
وقلده عبد الحسين في "مراجعاته" (ص 55) ، ثم الخميني
في "كشف الأسرار" (ص 161) ؛ وزاد عليهما في الكذب والافتراء أنه قال:
"وردت في ذلك سبعة أحاديث عند أهل
السنة"!
ثم لم يذكر إلا حديثاً واحداً زعم أنه أسنده إبراهيم الحموي
إلى أبي هريرة!
فمن إبراهيم الحموي هذا؟ والله لا أدري، ولا أظن الحميني
نفسه يدري........).
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).