إن
الصراع بين الشيعة الأعاجم وأهل السنة في بلاد المغرب صراع قديم يرجع إلى
عصر العبيديين حين تسلل عبيد الله بن ميمون المهدي الطوسي القداح ت 322 هـ
إلى بلاد المغرب وملك تاهرت وسجلماسة، وراج أمره على العوام، وقد كان جده
ميمون حدادا يهوديا بسلمية بالشام، فر من الشام لما طلبه الخليفة العباسي
المكتفي بالله، ودخل القيروان، وادعى النسب الشريف، فبايعه الناس وأقام
دولة العبيديين الروافض عام 297 هـ، ثم دخل المغرب وأسس المهدية قاعدة ملكه
في القيروان.
وقد
كان العبيديون غلاة مارقين من الشيعة الإسماعيلية، تستروا بالإسلام
وموالاة آل البيت. وتسموا بالفاطميين، وادعوا النسب الشريف، وهم كذبة
أدعياء في ذلك لم يصح نسبهم إلى فاطمة رضي الله عنها.
وقد
عزم هؤلاء العبيديون على غزو الأندلس منذ قيام دولتهم ، ومهدوا لذلك
بالدعاية الشيعية وبالجاسوسية تحت ستار التجارة أو العلم أو السياحة
الصوفية، وكان من جواسيسهم الرحالة ابن حوقل النصيبيني ت 367هـ ، وقد جاب
الأندلس وعاد ليرفع أخبار رحلته إلى المعز الفاطمي مشيرا إلى خيرات الأندلس
وإلى ثغرات ضعف الأندلسيين.
وقد
بلغ الحقد المجوسي بالعبيديين على أهل السنة بالأندلس السنة إلى حد
التعاون مع الثائر الأندلسي النصراني عمر بن حفصون أواخر القرن الثالث
لإسقاط الخلافة الأموية، وقد أمده المهدي الرافضي بالذخيرة والأسلحة وأرسل
له داعيين أقاما عنده وأخذ يحرضانه على التمسك بطاعة الفاطميين وإقامة
دعوتهم .ومواصلة الحرب ضد دولة الخلافة السنية في الأندلس .
لكن
الدعاية الفاطمية منيت بالفشل الذريع في اختراق الأندلس، ونشر التشيع
والرفض فيها ، وضاعت جهودهم سدى في هذا الصدد ، ولم ينجحوا سوى في استقطاب
قلة قليلة من المرتزقة والباحثين عن الشهرة بأي الثمن كالشاعر ابن هانىء
الأندلسي، ويعتبر شعره في مدح المعز الفاطمي وثيقة هامة لنظريات العقيدة
الإسماعيلية، مثل قوله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار *** فاحكم فأنت الواحد القهار
أنت الذي كـانت تبشرنا به *** في كتبها الأحبار والأخبار
هذا إمـام المتقين ومـن به *** قد دوخ الطغيـان والكفار
هذا الذي ترجى النجاة بحبه *** وبه يحط الإصـر والأوزار
هذا الذي تجدي شفاعته غدا *** حقـا وتخمد أن تراه النـار
وقد
قاوم علماء المالكية من أهل المغرب والأندلس هذا الباطل، و لم يستكينوا
أمام خطر المد الرافضي الفاطمي، بل عملوا على صده من الداخل، حتى اعتبر بعض
فقهاء المالكية التشيع أشد خطرا على الإسلام والمسلمين من خطر الروم و ترك
بعضهم ما اعتادوا عليه من المرابطة في الثغور لحراسة المسلمين والجهاد ضد
الكفار ، وعادوا إلى المدن لتحذير المسلمين وإنقاذهم من ضلال الرافضة .
فقد
ذكر صاحب كتاب ( رياض النفوس ) عقب دخول عبيد الله بن ميمون المهدي بلاد
تونس (أن فقيها مالكيا يدعى جبلة، ترك رباطه بقصر الطوب ، وأقام في مدينة
القيروان ، فقيل له : أصلحك الله ، كنت بقصر الطوب تحرس المسلمين وترابط ،
فتركت الرباط والحرس ورجعت إلى هاهنا ! فقال : كنا نحرس عدوا بيننا وبينه
البحر، فتركناه وأقبلنا نحرس الذي قد حل بساحتنا لأنه أشد علينا من الروم )
.
ومع
قيام الثورة الإيرانية عام 1979م آمنت الشيعة بضرورة تصدير الثورة الشيعية
الإيرانية إلى شتى بلدان العالم الإسلامي وفق خطة خمسينية مقررة عندهم في
(رسالة بروتوكولات حكماء إيران)، وذلك من خلال استقطاب الشباب الجامعي
للدراسة بجامعة قم، بمنح مغرية للضعفاء، مع إغراءات أخرى بزواج المتعة الذي
هو الزنا باسم الدين، والزواج من نساء أهل السنة في البلدان العربية،
وإقامة المشاريع الاقتصادية في بلدان أهل السنة، واستغلال كل الفرص
والمواقف السياسية خلال الحروب والأزمات لإغراء شباب أهل السنة بأن الشيعة
هم حماة بيضة الأمة والمدافعون عن حماها، كما يفعل حزب الله في كل فرصة
سانحة.
وقد
أصبح اليوم شيعة العراق والشام ولبنان ونيجريا أشد خطرا على المسلمين من
النصارى، وهو حكم يأباه دعاة التقارب المزعوم بين المذاهب، لكنه يعبر عما
يجري اليوم بأرض العراق ولبنان ونيجيريا التي تحكمها الأقلية النصرانية رغم
كون 80% من سكانها مسلمين، لأن الاستعمار الإنجليزي الذي هيمن على هذه
البلاد عشرات السنين هو الذي مكنهم من ذلك ، وهم معروفون بتطرفهم وحقدهم
على الإسلام وبجرائمهم المستمرة ضد مسلمي هذا البلد الممزقين، والأدهى من
ذلك أن إيران في إطار خطتها الاسترتيجية لتصدير الثورة ونشر التشيع تمكنت
بأموالها ودعايتها من اختراق مسلمي هذه الدولة ونجحت في تشييع بعض القبائل
المتخلفة فيها .
وقد
أصبح هؤلاء الأفارقة الغافلون الذين امتطوا موجة التشيع في نيجيريا حسبما
أوردته مجلة السنة عن مراسل غربي أشد خطرا على أهل السنة في نجيريا من
النصارى عبّاد الصليب .
وقد
ابتلي المغرب منذ زمن ببعض المنتسبين إلى العلم ممن درسوا بالأزهر وخالطوا
الزيدية واستجازوا علماءهم وتلقوا عن أعلام الروافض كمحسن العاملي ، وعبد
الحسين شرف الدين ومحمد حسين آل كاشف الغطاء من الإمامية ، ومحمد بن عقيل
الحضرمي الزيدي . ثم رجع بعضهم إلى المغرب بعد أن تشبع بهذا الفكر المريض
يبشربكتب الشيعة ومنها (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية) ويحث المريدين
على مطالعته ويلقن جهلة المريدين لعن عدد من الصحابة.
ثم
انفتح الباب على مصراعيه للشيعة بالمغرب بتخطيط محكم من حكماء طهران في ظل
(حكومة التناوب) اليسارية التي كانت تروم فتنة الحركة الإسلامية بالمغرب،
ومحاصرتها بخطر الغزو الشيعي للمغرب، حيث سمح لأول مرة في المعرض الدولي
للكتاب عام 1421 هـ لأكثر من ثلاثة عشر دار نشر شيعية أن تعرض نفاياتها
العفنة في السوق المغربية، بالدار البيضاء .
فكان
مما نشر من كتب الروافض مصنفات ورسائل مثل : (عائشة تأكل أبناءها)، وبحار
الأنوار للمجلسي، وكشف الأسرار للخميني، وأصول الكافي للكليني، (أبو هريرة)
لعبد الحسين شرف الدين الموسوي، وكتاب (خمسون ومائة صحابي مختلق) لمرتضى
العسكري، (زواج المتعة حلال عند أهل السنة) للورداني.
ونحوها
من كتب التشيع التي امتلأت طعنا على الصحابة، ونيلا من أحكام الشريعة،
تنشرها مؤسسات شيعية كدار الأضواء ومؤسسة الغدير، وغيرها، وهي مؤسسات تدفع
بسخاء لغسل أدمغة شباب أهل السنة، يساندها فئة من أحبار الشيعة يتنقلون عبر
البلدان الإسلامية، وقد حضر بعضهم أيام المعرض الدولي لينفثوا سمومهم بين
شباب المغرب الناشئ على فطرة الإسلام.
ولا
يخفى أن هناك يداً عادِيةً تحرك هذه الدمى لزعزعة المغاربة عن عقيدتهم
وأصولهم السنية الصافية. وقد حصل لهم بعض ما أرادوا من تشييع شباب من
المغاربة داخل البلاد وخارجها لا سيما في بلجيكا، وما قصة جمعية الغدير،
ومشاركة المغرر بهم من لدن الشيعة في جنازة الإمام الشيعي المغربي بطنجة
منا ببعيد.
واليوم
مع التقارب الامريكي الإيراني في ظل خدمة الروافض المكشوفة لمصالح
الصهاينة وتبعية الدول العربية للمواقف الدبلوماسية الأمريكية وتنامي المد
الإسلامي السني في ظل ثورات الربيع العربي تتجه كثير من الدول العربية نحو
استغلال الملف الشيعي وفتح الطريق أمامه لإثارة الفتن السياسية في أوساط
الحركة الإسلامية السنية وخلط الأوراق وتعكير أجواء الدعوة
وعلى
الحركات الإسلامية السنية الراشدة أن تنتبه لهذا المخطط الصهيوني الذي
يرمي إلى إحلال الهلال الشيعي محل الهلال السني ، حتى تنام الصهيونية قريرة
العين وتتوسع أطماعها في الشرق الأوسط الجديد كما يتصوره آل سلول وعبدة
النار الفارسية على حد سواء، وهذا يظهر جليا من تقاسم الأدوار بين شيعة
إيران، وميليشيات المالكي في العراق، ونصيرية الشام، وحزب اللات في لبنان،
وتكالبهم على إبادة أهل السنة في سوريا، والتمكين للحوثيين في بلاد اليمن،
إلى آخر المخطط الفارسي الأمريكي في بلاد العرب المغيبين في حبك المؤامرات
لإسقاط ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا واليمن.
ورغم
بعض المواقف السياسية المحتشمة المتحفظة من سياسة الشيعة في البلاد
العربية ، فإن خطر المد الشيعي لا يتم تفاديه بمجرد قطع الصلات الثقافية أو
الدبلوماسية مع هؤلاء المردة المجترئين على التدخل السافر في شؤون أهل
السنة في سائر البلاد، بل يحتاج الأمر إلى انخراط العلماء والمفكرين في
تحصين الشباب الغافل عن خطورة ما يجري من ترويج هذه الأفكار الضالة، من
خلال منابر الدعوة والإعلام، فإن ما يجري اليوم من مآسي على يد الشيعة في
العراق والشام خير دليل على خطر هذا الأخطبوط المدمر، وأطماع القوم لاتقف
دون حد، ولن ينفع الغافلين عنه الإهمال والتغاضي تحت مظلة المغازلة
السياسية للمغرضين.
لأن
الرافضة إذا تمكنوا من أرض جعلوا عاليها سافلها ولم يرقبوا في مؤمن إلا
ولاذمة، ولسنا بحاجة إلى تذكير المسلمين بما فعله أبومسلم الخراساني ببني
أمية ، وما فعله الرافضة بعلماء المالكية أيام بني عبيد، وما فعلوه
بالمسلمين إبان سقوط الخلافة العباسية، وجرائم الحشاشين التي أرهجوا بها
أصقاع البلاد الإسلامية، وعلى خطاهم يسير النصيرية والصفويون اليوم.
وإنه
حري بنا أن نستيقظ اليوم قبل فوات الأوان لصد هذا الغزو الذي يصمم أحبار
إيران والصهاينة على التمكين له في بلدان أهل السنة، وعدم التساهل مع خطره
الذي يسري في مجتمعاتنا ويدب بين أهل الأهواء من شبابنا دبيب النار في حصاد
الهشيم على حين غفلة من المتغاضين من العلماء والسياسيين، فقديما حذر نصر
بن سيار الأمويين من خطر أبي مسلم الخراساني الذي دخل خراسان ذليلا مهينا
على إكاف حمار، ثم خرج بعد سنين معدودة بجيوش جرارة أكلت الأخضر واليابس،
وهدمت المجد التليد لبني أمية فقال :
أرى تحت الرماد وميض جمر *** ويوشك أن يكون له ضرام
فإنّ النار بالعودين تذكى *** وإن الحرب مبدؤُها كلام
فإن لم يطفئوها تجن حربا *** مشمّرة يشيب لها الغلام
وقلت من التعجب ليت شعري *** أأيقاظٌ أميّة أم نيام
فإن يقظت فذاك بقاء ملك *** وإن رقدت فأنى لا ألام
فإن يك اصبحوا وثووا نياما *** فقل قوموا فقد حان القيام
فعرّى عن رحالك ثم قولي *** على الإسلام والعرب السلام
والله
المستعان أن يقي الأمة مكر هؤلاء المغرضين الحاقدين على هذه الملة
الإسلامية، ويرد كيدهم في نحورهم، إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).