يزخر
تاريخ الدول الشيعية المتعددة خلال حقب مختلفة بالعديد من الملاحظات
المهمة للغاية والتي تعكس حقيقة الدور الذي يلعبه التشيع في الأمة العربية
والإسلامية ومن أهمها أن الدول المتشيعة لا تعرف ما يسمى بالفتوحات
الإسلامية باتجاه البلدان غير الإسلامية إذ تركزت حركتها التوسعية
والعسكرية على حساب ما يجاورها من بلدان إسلامية سنية، فالدعوة للمذهب كانت
تتفوق لديها على الرغبة في الدعوة للدين كما أن الذود عن الإسلام ضد
أعدائه كان يعني لديهم مقاتلة ومحاربة أهل السنة وهو ما كان عاملا مهما في
تأجيج الصراع في جسد الأمة الإسلامية ومن ثم العمل على تفتيتها وإضعافها.
وقد
كان هذا ولم يزل دائما هو نهج وديدن الشيعة الذين التزموا به طوال تاريخهم
حتى بعد أن سقطت الخلافة الإسلامية نهاية عام 1923م، فإذا شوكة المسلمين
قد ضعفت وانتهى عصر الفتوحات فصراع الشيعة مع أهل السنة لم يتوقف أبدا
ومحاولاتهم لبسط هيمنتهم ونفوذهم متواصلة ومستمرة، وللتعمية على هذه
الفضيحة عمل الشيعة على إطلاق حملة من الدعاية التضليلية من أنهم هم أصحاب
البطولة والمقاومة ضد إسرائيل!!
وتجسيد
هذا الموقف الشيعي لا ينحصر فيما تمارسه الدولة الإيرانية الشيعية من
سياسات توسعية على حساب دول الخليج العربي، وإنما يمتد إلى سلوك الشيعة
المتواجدين في العديد من البلدان غير الإسلامية بحكم العمل أو التعليم،
والذين لم ينشغلوا كثيرا في دعوتهم لغير المسلمين ليعرّفوهم بالإسلام
وعقيدته، بقدر ما كان جل انشغالهم به هو إفساد الجهد الذي يبذله غيرهم من
أهل السنة في الدعوة إلى الإسلام، والعمل بكامل طاقتهم من أجل نشر بدعهم
وترهاتهم الشيعية في اوساط أهل السنة بشكل أساسي والتي تعد في حد ذاتها
عائقا دعويا يحد من إقبال غير المسلمين على الدخول في الإسلام، لسببين
أحدهما يتعلق بعدم منطقية وعقلانية ما يمارسه الشيعة من طقوس وما يطرحونه
من أفكار التي هي أبعد ما تكون عن صحيح الإسلام بفطرته ونقائه، والثاني
يتعلق بأن الشيعة يتعمدون إثارة المشكلات وإحداث البلبلة مع السنة في
المساجد وأماكن تجمع المسلمين ما تكون نتيجته النهائية صورة مستقبحة
للمسلمين في هذه البلدان.
والأدهى من هذا أن الشيعة لا يترددون ولو للحظة واحدة في الادعاء على دعاة
السنة واستعداء الأجهزة الأمنية الخاصة بهذه البلدان عليهم من أجل توريطهم
في قضايا لا علاقة لهم بها من الأساس، فما يسعى إليه هؤلاء فقط هو إزاحة
النشطاء من دعاة السنة لتخلو لهم الساحة ويتمكنوا من نشر أباطيلهم دون راد
أو مفند.
تجربة واقعية من قبرص:
وفي
محاولة للاقتراب من تلك الأساليب والتعرف على ما يمكنه أن يفعله هؤلاء
الشيعة في البلدان غير الإسلامية كان للـ الراصد هذا اللقاء مع أحد الشباب
المصريين الذين قُدر لهم أن يقيموا لنحو أربع سنوات بعيدا في مناطق متفرقة
من الدولة القبرصية، تعرض خلالها للكثير من المهاترات التي كان يقف خلفها
رجال من الشيعة أرادوا التضييق عليه ومحاربته بعد أن تحمل على عاتقه مع بعض
إخوانه من الدعاة السنة الكشف عن فساد أفعالهم ومخالفة سلوكهم لما جاء به
القرآن الكريم وأقره النبي محمد صلى الله عيه وسلم.
في
البداية يروي سيد محمد حسن - ليسانس آداب لغة إنجليزية - أنه كغيره من
الشباب المصري كان يطمح للهجرة والسفر لإحدى الدول الأوربية وذلك للعمل
وتوفير المال بالإضافة إلى الارتقاء بلغته الأجنبية التي تخصص فيها في
دراسته الجامعية.
ويقول
إنني سعدت جدا عندما حصلت على هذه الفرصة وكان تخطيطي أن أقيم في قبرص
أكبر فترة ممكنة كما لم يكن بذهني أن أخصص جزءا من وقتي للدعوة الإسلامية
فقد كان شغلي الشاغل هو الحصول على فرصة عمل مناسبة بالإضافة إلى أنه ومن
باب تقدير الواقع كنت أعتقد أنه سيصعب علي القيام بالعمل الدعوي بالشكل
المؤثر والمفيد.
ويضيف
لقد فؤجئت وبعد أيام قليلة من وجودي في قبرص بالفارق الثقافي والحضاري
بيننا وبين أبناء الغرب، فهؤلاء يعيشون حياة بها الكثير من الرفاهية
والراحة كما أنهم ملتزمون إلى حد كبير ببعض القيم والأخلاقيات ومنها مثلا
احترام القانون واحترام حقوق الإنسان والنظر له باعتباره إنسانا بعيدا عن
دينه ولونه وعرقه.
ويوضح
حسن إنني وخلال العام الأول من تواجدي في قبرص كنت أعمل في منطقة بعيدة عن
المسجد الرئيس والوحيد في العاصمة القبرصية نيقوسيا وهو مسجد العامرية
وبالتالي لم تكن تتاح لي فرصة الذهاب للمسجد إلا مرة واحدة كل أسبوع لأداء
صلاة الجمعة خاصة أن صاحب هذا العمل كان شخصا غير متسامح بل كان أحيانا
يوصف بالتعصب.
ويقول
حسن قررت بعد العام الأول ترك العمل والبحث عن عمل آخر، ومكثتُ فترة بلا
عمل أبِيت في مسجد العامرية حتى أنني وفي يوم من الأيام فؤجئت بأن عدد
المصلين أكثر مما اعتدت عليه ولما سألت علمت أن هذا نتيجة الاستعداد
للاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من أن هذا لم يكن
متزامنا مع التاريخ المعروف لمولده صلى الله عليه وسلم فلما استفسرت قالوا
لي إنهم ونظرا لظروف العمل يرجئون الاحتفال حتى يصادف الموعد إجازة
لأغلبهم.
وأضاف
كان يتواجد بالمسجد نحو ألفي شخص مع أن المسجد لم يكن يتسع إلا لنحو ألف
وخمسمائة وقد تجمعوا جميعا يؤدون طقوسا وشعائر أدركت منذ اللحظة الأولى
أنها ليست من الإسلام وأنها لأصحاب البدع فتسللت بين الجالسين حتى وصلت إلى
ميكرفون المسجد وأمسكت به وقلت لهم إن الاحتفال بمولد النبي الكريم بهذه
الطريقة بدعة ففوجئت بصمت رهيب حلّ بالمسجد ثم سمعت همهمات وكلمات غير
مفهومة بعدها قال لي أكثر من شخص اسكت واترك الميكرفون وهو ما فعلته.
وعن
الطقوس التي رآها في الاحتفال قال حسن رأيتهم يشعلون الشموع في المسجد
ويعلقون الزينات فيما يرتدي بعضهم لباسا غريباً باللون الأخضر كما يوجد في
المقدمة كورال من المنشدين والمغنيين على شكل صفوف يرددون أغاني بشكل فردي
وجماعي باللغتين العربية والأوردية وهو ما أشعرني أنني داخل كنيسة وليس
مسجداً.
وأشار
حسن إلى أنه كان يوجد من بين الحاضرين بعض المحسوبين على السنة من بلدان
عربية غير أن بعضهم تم خداعه بشكل أو بآخر في حين أن البعض الآخر من أصحاب
البدع الذين يروق لهم مثل هذه السلوكيات.
وأضاف
إن أغرب ما رأيت في هذا اليوم هو قيام بعض الأشخاص فجأة مرديين بصوت عالٍ
حضر النبي، حضر النبي فوقف آخرون وكأنهم يوسعون الطريق بالفعل لشخص داخل
وهو ما أثار استيائي وأشعرني بأن الأمر جد خطير.
واستطرد
حسن إنني وبعد ما حدث قررت أن أفهم ما يحدث فسألت بعض الأخوة الملتزمين عن
الوضع فأخبروني أن هؤلاء شيعة من بلدان متفرقة غير أن أغلبهم من باكستان
ومعهم مجموعة من السنة الذين لا يدركون الفرق بينهم وبين الشيعة.
وقال
حسن بعد هذه الحادثة بشهور قليلة انتقلت للعمل بالقرب من مسجد العامرية
وهو ما ساعدني على التواجد بالمسجد خلال الصلوات الخمس ما زاد من شعوري
بالمسئولية والإحساس بأهمية القيام بدوري الدعوي خاصة وأن لدي ما يؤهلني
باعتباري أمتلك زمام اللغة الإنجليزية التي تسهل التواصل مع كل الجنسيات
فضلا عن إلمامي ببعض العلوم الشرعية وحفظي للقرآن الكريم كاملا.
وأوضح حسن إنني بعد فترة تمكنت من التواصل مع الكثيرين بشكل فردي وجماعي
ساعدني على هذا أن أئمة المسجد المتعاقبين كانوا من أهل السنة سواء من
ليبيا أو من مصر أو سوريا كما أنني كنت أؤم الناس بعض الأوقات لحفظي للقرآن
الكريم وقد كان لهذا دور في أن أتعرف على خريطة الجماعات داخل المسجد
وأدركت أن بالمسجد بعض الجماعات السنية كالإخوان المسلمين والتبليغ والدعوة
بالإضافة إلى بعض السلفيين، وأغلب هؤلاء ينتمون إلى بلدان آسيوية كباكستان
وبنجلاديش فضلا عن أعداد قليلة من العرب وجميعهم يلتقون بالمصادفة ودون
ترتيب لهذا غير أنني وجدت أيضا مجموعات من الشيعة والأحمديين الذين يصر
بعضهم على ارتداء الثياب ذات اللون الأخضر.
وقال
حسن إن الشيعة يلتزمون إلى حد كبير بمبدأ التقية في دعوتهم فالكثير منهم
ينكر أنه شيعي ويتحدثون مع الناس سرا فيما يخص عقيدتهم غير أنه من السهل
جدا اكتشافه خلال الحوار إذ أنك وعندما تعرض عليه بعض الأحاديث النبوية
الشريفة يسارع إلى إنكارها ورفضها فتعرف أنك أمام رجل شيعي.
وأضاف
حسن أن الشيعة في الأوقات العادية يصلون معنا الصلوات الخمس كما كانوا
يصلون الجمعة في حضور كبيرهم وزعيمهم ويدعى أبو علي وهو شخصية لبنانية ثرية
غير ملتحٍ لكنه يمتلك العديد من المشروعات التجارية في نفس الشارع الذي
يقع به مسجد العامرية وقد كان هذا الرجل معروفا للجميع أنه من يمول الدعوة
الشيعية في قبرص كلها وليس في نيقوسيا فقط ولهذا تجده كثير السفر لأنحاء
متفرقة في قبرص خاصة لمدينة ليماسول التي بها أكبر تجمع شيعي في قبرص كما
أنه كان وما زال المسئول عن جمع التبرعات لحزب الله اللبناني.
وفي
حال دخولك لأي من محلات أبو علي يمكنك أن تعرف وجهته ومرجعيته الدينية إذ
تجد صور الخميني معلقة في كل محلاته فضلا عن أدائه للصلاة على حجر كما يفعل
أغلب الشيعية الأثنى عشرية.
ويضيف
حسن أن ما يؤكد أن الشيعة في مسجد العامرية يؤدون الصلاة جماعة مع أهل
السنة للتقية فقط هو أنهم يؤدونها فرادى بعد أدائهم لها في جماعة ويفعل ذلك
أبو علي نفسه.
ويقول
حسن إنه وبعد مرور شهور قليلة عرف بي الجميع حتى أنهم قدموني لألقي عقب
أداء الصلوات دروسا دينية لشرح بعض الآيات وتوضيح بعض القضايا الفقهية وقد
بدأت رويدا رويدا تتزايد أعداد المشاركين في الحضور لهذه الدروس.
ويستطرد
ثم حل علينا شهر رمضان المبارك فقررت أن أقيم مسابقة دينية بعد كل صلاة
وذلك من أجل تحفيز المصلين على الإلمام بالمعلومات الدينية وكان من بين ما
سألته هل النبي يعلم الغيب؟ فطلب أحد المصلين وهو من السنة الإجابة وقال لا
يعلم النبي الغيب، فطلبت منه الدليل على ذلك فردّ قائلا بقوله تعالى: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله}
فشكرتُه ثم سردت أدلة أخرى غير أن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد إذ وفور
خروجي من المسجد التقاني بعض الشيعة وقالوا لي لا تسأل مثل هذه الأسئلة مرة
أخرى ولا تتعرض لعقيدتنا وإلا كان لنا معك سلوك آخر.
ثم
مرت الأيام حتى حلّ موعد المولد النبوي فاستبقت الاحتفال بأن دعوت الناس
إلى أن لا يشاركوا فيه لأنه بدعة فما كان إلا أن هددني بعضهم بالقتل
وعلانية أمام الناس ما دفع البعض من السنة إلى أن يشتبكوا مع من هددوني
فمنعتهم ومر الموقف بسلام.
وفي
اليوم التالي التقى بي أبو علي في المسجد فقال لي ستدخل النار لأنك تطلب
من الناس عدم المشاركة في الاحتفال ثم اتهمني بأنني لا أحب النبي صلي الله
عليه وسلم وبأنني كافر.
ثم
جاء يوم الاحتفال وقد قلّ عدد المشاركين بالفعل إلى أقل من نصف العدد
المعتاد وهو ما أثار استياء رجالات الشيعة ومن ثم بدأوا يفكرون في كيفية
التخلص مني وهو ما كان له تداعياته السريعة إذ وبعد أقل من عشرة أيام فوجئت
بعدد من رجال الشرطة يأتون فجأة لمحل عملي ويحيطونني ويسألون عن أوراق
إقامتي والتي كان قد تم تجديدها قبل هذا بيومين ثم لما مشى رجال الشرطة
ناداني صاحب العمل وقال لي إنهم يطلبون منك أن لا تكون متعصبا وأن لا تحدث
مشاكل في مسجد العامرية، فعرفت أن من حركهم ضدي هو أبو علي المعروف
بعلاقاته الوطيدة برجال الشرطة والأجهزة الأمنية في قبرص.
وبعد
ذلك تقع حادثة جديدة تكون سببا في أن يفكر الشيعة في الانتقام مني إذ حدث
حوار بيني وبين أبو علي حيث واجهته بأنه افتتح ناديا ليليا في مدينة
ليماسول إلا أنه أنكر في البداية فلما أكدنا له معلوماتنا قال إن في الأمر
خلافاً فقهياً فزواج المتعة لدى الشيعة حلال وإنه لم يجبر الناس على شرب
الخمر وهو بالطبع كان ردا متهافتا.
ثم
تمر الأيام ويحل بنا موعد جديد للاحتفال بمولد النبي الكريم غير أنه كان
هذه المرة احتفالا فاشلا بكل المعاني بعد أن بيّنا للناس مخالفات هذا
الاحتفال وأصررنا على أن نقيد الاحتفال بأن لا يحدثوا فيه ما يحدثون من بدع
وهو ما أثار حنقهم بشدة فحدثت مشادات وبعض الاشتباكات.
ثم
حلّ شهر رمضان جديد وقد دعاني إمام المسجد وقتها وكان نيجيرياً إلى أن
أكون إماما للمصلين في صلاة القيام وهو ما حمّسني أنا ومجموعة من المصلين
إلى أن نفكر في عقد لقاء للمصالحة بين مرتادي المسجد من مختلف الاتجاهات
لكننا وبعد أيام فوجئنا بهم يتجمعون في مجموعات من العشرات في المسجد قبل
الإفطار ويرددون دعوات استغاثة وتوسل فضلا عن سب ولعن علني لأبي بكر وعمر
والسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم جميعا وهو ما أثار السنة وقدمنا
لهم النصيحة لكنهم لم يأخذوا بها.
وكان
مما أثارنا أيضا أننا علمنا من الباكستانيين السنة الذين يقرأون بالأوردية
أن المكتبة الخاصة بهم في المسجد تحتوي على كتب تسيء لأم المؤمنين وتتهمها
بالزنا وتلعن الصحابة رضوان الله عليهم.
وقد
دفع كل هذا أحد الشباب السنة إلى أن يطلب من إمام الشيعة الذي يقودهم في
الحلقات إلى أن لا يفعل ولا يردد ما يردده في المسجد فاشتبك معه ما أسفر عن
إصابته وذهابه للمستشفى.
ثم
في مساء ذلك اليوم تمكّن بعض السنة من إلقاء الكتب التي تحتوي على مخالفات
شرعية خارج المسجد فما كان من الشيعة إلا أن روجوا بين المسلمين في
نيقوسيا أن العرب يتجمعون ضد الباكستانيين وهي محاولة لعمل نزاع عرقي ما
دفع بالمئات من الباكستانيين والإيرانيين وبعض العرب الشيعة للتجمهر حول
المسجد خلال أدائنا الصلاة وإلقاء الأحجار باتجاه المصلين ما دفع السنة
للرد لتقع اشتباكات جماعية أسفرت عن تدخل قوات الشرطة القبرصية وإلقاء
قنابل الغاز المسيل للدموع حتى تم فض الاشتباك وقد أصيب العشرات.
لم
تمر ثلاثة أيام على هذه الحادثة حتى كان ما لم أكن أتوقعه إذ فوجئت وأنا
في طريقي لعملي برجال الشرطة القبرصية يحيطون بي وكان أول سؤال لهم هل تكره
أمريكا؟ فقلت لهم أنا أكره سياسات أمريكا، ثم سألوني ما موقفك من
السياسيات القبرصية فقلت لهم أنا لا أعرف السياسات القبرصية وهي خارج
اهتماماتي فسألوني هل تكره إسرائيل؟ فقلت لهم طبعا وبعد فترة تركوني.
وبعد
نحو يومين فوجئت برجال شرطة آخرين يقتحمون عليّ محل سكني ويفتشون كل شيء
وعاملوني معاملة قاسية ثم أخذوني في سيارة خاصة بعد أن قيدوا يدي خلف ظهري.
وبعد
أن وصلنا علمتُ أنني في مقر المخابرات القبرصية غير أن فريق التحقيق كان
به عدد من رجال المخابرات الأمريكية الذين أخضعوني للتحقيق والسؤال عن كل
شيء حتى أنني علمت في النهاية أن ما أتعرض له بسبب رسالة تهديد بعمل مسلح
وصلت من أحد الإيميلات للسفارة الأمريكية ولما فحصوا الإيميل الذي تم
الإرسال منه تبين لهم أن هذا الإيميل اعتبر إيميلي الشخصي مرجعا له في حال
نسيان كلمة السر الخاصة به بما يعني أن صاحب الرسالة على علاقة شخصية بي.
وبالطبع
أنكرتُ معرفتي بهذا الإيميل أو بصاحبه وبعد أن اطلعوا على جهاز الكمبيوتر
الخاص بي وفحصوه جيدا بل واستعادوا رسائل خاصة بي منذ سنوات تأكدوا أن ما
حدث هو مكيدة أرادت الإيقاع بي لكنهم ومع ذلك طلبوا مني أن أغادر البلاد
وأن لا أفكر مرة أخرى في العودة وإلا تعرضت للاعتقال بعد أن استفسروا كثيرا
عما كان يحدث في مسجد العامرية.
وفي
نهاية اللقاء أشار حسن إلى أن المسلمين القبارصة عددهم قليل للغاية
وأغلبهم من المسلمين السنة وأن عدد المصلين في العاصمة نيقوسيا يصل إلى نحو
ثلاثة آلاف مصلٍّ أغلبهم من السنة حيث يبلغ عدد الشيعة نحو 25% وهو بخلاف
ما هم عليه في مدينة ليماسول، فالمد الشيعي في ليماسول كبير وبحسب معلوماتي
فإن لهم ركناً خاصاً في مسجد ليماسول لا يدخله سوى الشيعة الذين يبلغ
تعدادهم تقريبا 200 شيعي من بين خمسمائة يرتدي بعضهم العمائم السوداء دون
تردد في حين أن عدد المصلين في لارنكا يصل لنحو خمسمائة مصلٍّ أيضا أغلبهم
من السنة.
وأوضح حسن أن حديثه عن الأعداد يخص الذين يأتون إلى المسجد في يوم الجمعة وأن هذا ليس حصرا لعدد المسلمين في الدولة القبرصية كلها.
وقال
حسن إن الشيعة وعلى الرغم من أقليتهم يبدون أكثرية لانتظامهم في الحضور
للمسجد وأداء طقوسهم في حين أن أغلبية السنة يشاركون في صلاة الجمعة لما
لها من تعظيم لديهم وهو اليوم الذي تظهر فيه حقيقة قوة السنة وبالتالي
نستطيع أن نقول إن هيمنة الشيعة على المسجد في أيام الأسبوع عدا الجمعة
الذي تحضر فيه الأغلبية السنية.
وقال
حسن إن أغلبية الشيعة في قبرص من الباكستانيين وهم الأغلبية بنسبة 70%
يليهم اللبنانيون ثم الإيرانيون ثم السوريون ثم العراقيون وهم تقريبا
ينتمون جميعا للشيعة الإثنى عشرية ويتخذون من مرجعيات قم مرجعية لهم.
وأوضح
حسن أن الشيعة العرب يركزون عملهم خارج المسجد في حين يركز غير العرب على
العمل في المسجد وبالطبع وكالعادة يبدأون دعوتهم بالحديث عن آل البيت ووجوب
محبتهم ثم جرهم بعد للحديث عن معتقداتهم شيئا فشيئا غير أن هذه الدعوة
بفضل الله لم تحقق هدفها إذ أننا لم نرصد طيلة وجودنا هناك أية حالة تشيعت
من أهل السنة سوى حالة واحدة سورية تحت ضغط المال في حين أن الكثيرين
تحولوا من التشيع إلى السنة مشيراً إلى أن فشل الشيعة ربما يعود إلى كون أن
غير الفاهم لدينه لا يذهب للمسجد من الأصل ومن ثم لا يلتقيه الشيعة أما
المصلي والمحافظ على الصلوات فهو مدرك جيدا لأسس عقيدته الصحيحة ولا يمكنه
أن يقبل بأفكارهم.
وأوضح حسن أنه لم يرَ للشيعة حسينيات خاصة وأن طقوسهم الخاصة يقومون بتأديتها في المساجد الثلاثة المعروفة في كل قبرص.
ولفت
حسن إلى أن علاقة الشيعة بالأجهزة الأمنية جيدة للغاية على الرغم مما يبدو
في الظاهر من أن هناك احتقاناً بين الشيعة والحكومة القبرصية نتيجة التوتر
في العلاقات الغربية - الإيرانية للدرجة التي كانت تصف فيها الصحف
القبرصية الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بالرئيس المتطرف والمتعصب.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).