0

التشيع في الأردن

الكاتب :محمد أبو رمان الغد 4-5/10/2006

السؤال الشيعي يطرح لأول مرة في الأردن، فثمة تقارير وتصريحات رسمية ومعلومات متعددة تؤكد وجود ظاهرة "محدودة" من "التشيع الديني" في السنوات الأخيرة في مناطق مختلفة، بالإضافة إلى التخوف الرسمي من حالة "التشيع السياسي" من خلال قنوات واسعة كعلاقة قيادة حماس الخارج بأخوان الأردن، ووجود عشرات الآلاف من الشيعة العراقيين المقيمين في الأردن، إلى مرحلة بات يتحدث فيها بعض المسؤولين عن "خلايا شيعية نائمة" في عمان، يتوازى ذلك مع إعجاب شرائح اجتماعية واسعة بأداء حزب الله في الحرب الأخيرة، وكفاءة حسن نصر الله أمينه العام، الذي أصبح بمثابة بطل شعبي في الشارع العربي، والأردني بالتحديد.

يأتي الجدل الأردني حول التشيع والنفوذ السياسي الإيراني في المنطقة في سياق حالة الاستقطاب السياسي الإقليمي الواضح اليوم بين المحور الإيراني- السوري المعزز بتأييد حركات إسلامية والمحور الذي يطلق على نفسه "معسكر الاعتدال العربي" وعماده الرئيس (مصر، السعودية، الأردن). فالتخوف العربي، من النفوذ الإيراني، يبرز بوضوح في تصريحات لكبار المسؤولين تحذر من نفوذ إيران، وتشكك في "ولاء الشيعة العرب"، وفي مقالات تتحدث عن إعادة تصدير الثورة من جديد على يد نجاد ومجموعته الحاكمة اليوم.

الصراع على البرنامج النووي الإيراني يمثل مفتاحاً رئيساً لقراءة المرحلة القادمة. فالنظام الرسمي العربي بات يدرك تماماً أنه أصبح لاعبا ثانوياً في أوراق النفوذ والتأثير وصناعة الأحداث بين ايران والولايات المتحدة، وأنّ إيران ستسعى في مواجهة الولايات المتحدة لاستخدام نفوذها الإقليمي.

مصادر التخوف العربي لا تقف عند حدود "الأقليات الشيعية" العربية، أو ظاهرة التشيع (التحول من الطائفة السنية إلى الشيعية) وهي لا تزال ظاهرة محدودة، بل من "التشيع السياسي" والنفوذ الإقليمي الإيراني المتزايد في المنطقة، الذي يحسن تماماً توظيف الأقليات الشيعية في الدول العربية، كما يحسن بناء التحالفات السياسية ونشر شبكة تأثيره على كثير من المساحات العربية.

النفوذ الإيراني الأبرز يبدأ من شيعة العراق. حيث يتواجد أكثر من مائة واربعين الف جندي أميركي هناك، سيتعرضون لمشكلات أمنية كبيرة في حال تعززت فرص المواجهة بين طهران وواشنطن، ويؤدي إصرار شيعة العراق بإقامة إقليم شيعي فدرالي بالجنوب إلى منح إيران دورا إقليميا كبيراً. وثمة علاقة وطيدة بين إيران وحزب الله، بل إن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يعد وكيل آية الله خامنئي في لبنان. كما ترتبط حركة الجهاد الإسلامي بفلسطين بإيران من خلال الدعم المالي واللقاءات والحوارات، وتأثر قادة الحركة ومؤسسيها بالثورة الإيرانية، وهنالك علاقة روحية وسياسية وتاريخية تربط بين إيران وبين الأقليات الشيعية في دول الخليج العربي وبالتحديد في الكويت والبحرين.

الجديد في النفوذ الإقليمي الإيراني يتمثل في توطيد العلاقة مع النظام السوري، إلى درجة يرى فيها عدد من المحللين السياسيين العرب والسوريين أن هذه العلاقة أصابها خلل كبير بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد، وتحولت من علاقة تحالف وندية إلى علاقة تبعية دمشق لطهران. وفق المنظور نفسه يقرأ كثير من الرسميين العرب تقارب المكتب السياسي لحركة حماس مع طهران.

في هذا التحقيق سنقترب من السؤال الشيعي في الأردن، والجدل المثار حوله، والتداخل بين المجالين الديني والسياسي- الأمني، من خلال محاور رئيسة لكن لا بد ابتداء من الوقوف على الواقع الجديد للشيعة بعد احتلال العراق وأثر ذلك على حركة التشيع الديني والسياسي في المنطقة، ثم التعريف بالعشائر الأردنية الشيعية من الأصل، وعلى ظاهرة التشيع الجديدة وقراءتها في سياق الأسباب التي تقف وراءها والمنظور الأمني لها وصولاً إلى قصص بعض المتشيعين والآفاق المستقبلية للتشيع في الأردن.

 

المارد الشيعي يعود من جديد

على الرغم من وجود الشيعة في المنطقة العربية منذ قرون، إلاّ أن السؤال الشيعي لم يطرح في العالم العربي، وبالتحديد في المشرق بقوة كما هو الحال اليوم. بالطبع فإن احتلال العراق وخروج المارد الشيعي من قمقم النظام البعثي السابق، في ظل جغرافية سياسية جعلت من إيران داعماً لوجستياً لهم، وفي ظل وجود أقليات شيعية معتبرة في الخليج العربي وفي لبنان. كل هذا جعل من الوجود الشيعي بمثابة الظاهرة السياسية الجديدة والخطيرة التي تجتاح المنطقة.

النفوذ الإيراني تراجع كثيرا في تسعينيات القرن المنصرم، مع محاولة الإصلاحيين بقيادة الزعيم السابق خاتمي، تحسين العلاقات مع المحيط العربي، وتأكيد الإصلاحيين، في أكثر من مناسبة، أن مشروع تصدير الثورة قد توقف. إلا أن "البروستريكا الخاتمية" لم تدم طويلاً فعاد الملالي للسيطرة بقوة على مراكز صنع القرار وأعادوا توجيه السياسة الخارجية الإيرانية، وقد ساعد تقدم برنامجها النووي، إيران على التقاط كثير من الأوراق واكتساب مناطق نفوذ إضافية، مع تدهور المشروع الأميركي في العراق.

ربما ساهم دور إيران في العراق، واستياء شرائح واسعة من المجتمعات العربية من مواقف "قوى سياسية شيعية" عراقية، محسوبة على إيران، في إضعاف الدعاية الإيرانية والحد من خطورة التغلغل الإيراني في المجتمعات العربية في السنوات التي تلت الاحتلال، إلا أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان والأداء المتميز لمقاتلي حزب الله والخطاب السياسي لأمينه العام، أعاد مرة أخرى مخاوف الدول العربية من نفوذ إيران وقدرتها على تحريك الشارع العربي، بعد أن أصبحت صور حسن نصر الله ترفع في المظاهرات العربية، في اللحظة نفسها التي يتبدى فيها النظام العربي في حالة من العجز الشديد وعدم القدرة على التأثير في الأحداث.

وتشير تقارير إعلامية متعددة إلى استعادة حزب الله شعبيته في المجتمعات العربية، ما أدى إلى تحسين صورة "الشيعة" مرة أخرى. ويذكر تقرير لشبكة نداء القدس الدولية أن الفلسطينيين باتوا يتغنون باسم حسن نصر الله في أعراسهم ويهتفون بحياته. بينما تذكر تقارير أخرى أن عددا من العائلات العربية السنية قد سمت مواليدها الجدد باسمه.

التشيع في المنطقة؛ إطلالة عامة

تختلف البيانات والإحصائيات حول أعداد الشيعة العرب، بالتحديد في الدول التي توجد فيها نسبة معتبرة من الشيعة، إذ تشير معلومات وتقارير دولية، محل خلاف، إلى نسبة 10% في السعودية (المنطقة الشرقية)، وقرابة 50% في البحرين و30% في كل من الكويت ولبنان، و10% في قطر ونسبة تصل إلى 16% في الإمارات العربية المتحدة و60% في العراق. ( أرقام غير دقيقة . الراصد )

أما المتشيعون العرب، المتحولون إلى المذهب الشيعي، فلا يوجد إحصائيات أو أية بيانات حولهم. المعلومات والأرقام تؤكد أن حجم الظاهرة لا يزال محدوداً، وإن كانت قد شهدت طفرة ملحوظة في السنوات الأخيرة. سورية من الدول العربية التي بدأ الجدل فيها حول ظاهرة التشيع، ويعيد عدد من الباحثين السوريين هذا التأثير إلى عوامل رئيسة في مقدمتها تحالف النظام السوري مع طهران والمرونة التي يبديها مع الحجاج والزوار الإيرانيين الذين يتوافدون بالآلاف إلى دمشق لزيارة المسجد الأموي ولزيارة مقام السيدة زينب، الذي تحول إلى مقصد ديني وثقافي مهم، أيضا، للشيعة العرب القادمين من دول الخليج، حيث يقيمون هناك ويحضرون دروسا في الحوزة الزينبية. كما أن وجود عشرات الآلاف من الشيعة العراقيين يساهم في تعزيز الوجود الشيعي في سورية، بالإضافة إلى جوار لبنان والتحالف مع حزب الله، حيث يلقي المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله دروسا دينية بانتظام في "الحوزة الزينبية".

وتشير معلومات إلى أنّ النشاط الشيعي قد أعاد تأهيل ضريح رقية في وسط دمشق، وأن أعداداً كبيرة من الزوار الإيرانيين تؤمه يومياً، وكذلك الحال مع ضريح سكينة بنت الحسين في منطقة دارية، الذي أصبح مقصداً للزوار الشيعة في حي سني متشدد.

في هذا السياق أرسلت نخبة علماء الشام (منهم محمد سعيد رمضان البوطي، وهبة الزحيلي، محي الدين الكردي، محمد محمد الخطيب) رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد تنتقد فيها قانونا جديدا يمنع المناهج الشرعية الإضافية في الصفوف الأولى والإعدادية، وفي المدارس الشرعية، وتصف الرسالة القانون بالمؤامرة. إلا أن الملفت في الرسالة أنها تشير ولأول مرة، حسب باحثين سوريين، إلى الحوزات الموجودة في سورية، التي وفقاً للرسالة تتجاهل قرار المنع، وتمضي في تدريس مناهجها، ولعل في الرسالة تلميحا، لا يكاد يخفى، على تواطؤ الحكومة السورية مع النشاط الشيعي.

ووفقاً لباحث سوري، فضّل عدم ذكر اسمه، فإنّ المرجع الشيعي السابق محمد مهدي شمس الدين كان قد نال قرارا من الرئيس الراحل حافظ الأسد يسمح بإقامة بعض الحوزات والسماح ببعض مظاهر التشيع، كما يشير دانييل لوغاك، مؤلف كتاب "سورية في عهدة الجنرال الأسد"، وفي أثناء لقاء الأعيان العائلة العلوية في القرداحة، في صيف عام 1980 اُتخِذ قرارٌ بإرسال قرابة خمسمائة شاب من "العلويين" للدراسة في المعاهد الدينية في قم، ليتخصصوا في المذهب الجعفري، وكان يخطط منذ تلك الفترة إلى تشكيل تحالف شيعي إقليمي. ويعتقد عدد من الباحثين السوريين أن إرسال العلويين إلى قم ما يزال دارجا إلى اليوم.

الفترة الأخيرة تجاوزت النخبة العلوية وشهدت نشاطا شيعيا واسعاً، ولا يعجز الزائر للمسجد الأموي أن يلحظ مظاهر وجود الشيعة والطقوس والأدعية الشيعية والوفود الإيرانية، التي يكاد يعتقد من يراها أن المسجد الأموي هو حسينية، وليس مسجدا سنياً. في لبنان، على الرغم من وجود قوي للشيعة في الجنوب إلاّ أنّ ظاهرة "التشيع" لا تزال محدودة، نظراً لوجود طوائف وأديان متعددة لكل منها مؤسساتها ومراكزها ومصالحها.

الحلقة الرئيسة التي توجد فيها حالات قليلة من التشيع هي المخيمات الفلسطينية، وفقاُ لمصادر شيعية. الجدل حول التشيع يطغى اليوم في أوساط إعلامية وسياسية فلسطينية، ويبدو السبب الرئيس في ذلك توطد التحالف بين حركة حماس (المكتب السياسي في دمشق) وبين طهران، بالإضافة إلى العلاقة التاريخية التي تربط حركة الجهاد بطهران.

بعض التقارير الإعلامية تصل إلى وصف الظاهرة بـ"الغزو الشيعي لفلسطين".

بالتأكيد ثمة قراءة مبالغ فيها لبعض تصرفات وتصريحات قادة حماس والجهاد من قبل الجهات المعادية للتشيع.

لكن في المقابل هنالك معلومات وإشارات لا يمكن تجاهلها، فإحدى القيادات البارزة المحسوبة سابقاُ على حركة الجهاد، محمد شحادة، أعلن تشيعه في عدة مقابلات صحافية، إذ يذكر أن تحوله الأكبر نحو التشيع كان في سنة 1992 عندما نفت إسرائيل عددا كبيرا من قيادات الجهاد وحماس، وكان هو أحدهم إلى مرج الزهور، في المنطقة الحدودية لجنوب لبنان، والتقى هناك بعدد من أعضاء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وأعجب بروحهم الفدائية وبإخلاصهم، ومن ثم بقي يقرأ الكتب والأدبيات حتى توصل إلى أن العقيدة الشيعية المتمثلة بـ"موالاة آل البيت" هي العقيدة الصحيحة.

يعود تأثر حركة الجهاد بإيران إلى لحظات التأسيس الأولى، حيث تأثر أحد مؤسسي الحركة، وقائدها اللاحق فتحي الشقاقي (قتل في مالطا 1995) بمشروع الثورة الإيرانية والّف كتابا بعنوان "الخميني؛ الحل الإسلامي والبديل" (1979)، وفي أدبيات الحركة الرئيسة وعلاقاتها ومصادر تمويلها واستراتيجيتها السياسية ملامح واضحة بتأثرها بالثورة الإيرانية، وقد كان أبرز قياداتها أسعد بيوض التميمي على علاقة وطيدة بقادة الثورة قبل أن يختلف معهم، و"يكتشف حقيقة الثورة"، كما يذكر ذلك ابنه محمد بيوض التميمي في مقال نشر على أكثر من موقع الكتروني بعنوان: "الثورة الإيرانية إسلامية أم قومية مذهبية؟".

على الرغم من نفي مصادر في حركة الجهاد بشدة تشيع عدد من اعضائها، إلا أن تقارير إعلامية أخرى تؤكد تشيع افراد من الحركة وقيامهم ببناء مؤسسات ثقافية وصحية في مدينة بيت لحم، وبنشر فكر الشيعة في أوساط سنية.

في السياق نفسه تراجع محمد غوانمة، إحدى القيادات السابقة في المقاومة الفلسطينية، بعد أسابيع من إعلانه تأسيس "المجلس الشيعي الأعلى" في فلسطين، إلاّ أن كثيرين ينظرون إلى خطورة الخطوة أنها بمثابة بالون اختبار، ومحاولة أولية للإعلان الرسمي مستقبلا عن التواجد الشيعي في فلسطين.

صحيح أن إيران غير معنية ابتداءً بالتشيع الديني، ولا تريد فتح جبهات في هذا المجال إلاّ أنّ التشيع السياسي مقدمة للتشيع الديني، ورديف له، فطبيعة العلاقات لا تقف عند حدود السياسة إنما تتعداها إلى الثقافة، بخاصة إذا كان المثقفون والسياسيون الإيرانيون، والشيعة عموماً أكثر قدرةً وثقافة من السنة، فالتعليم الشيعي بطبيعته جدلي ومحاجج على نقيض التعليم السني وحتى الثقافة السنية التي لا تحفل كثيرا بالرد على الشيعة ومناقشتهم.

العشائر الأردنية الشيعية

قبل الولوج إلى استنطاق ظاهرة "التشيع" في الأردن، يجدر الوقوف عند وجود عشائر أردنية شيعية، في الأصل منذ بدايات تأسيس المملكة، بل تعود جذور بعضها إلى عام 1890، وأصل هذه العشائر من جنوب لبنان، وتحمل الجنسية الأردنية أباً عن جد، مثلها مثل باقي العشائر الأخرى.

ووفقاً لمصدر موثوق، من الشيعة الأردنيين، فإن تعدداهم يبلغ قرابة ثلاثة آلاف شخص، وهو الرقم الذي لا توجد إحصائية دقيقة تنفيه أو تثبته. وتقطن العشائر الشيعية الأردنية في عدة مناطق رئيسة: الرمثا، دير أبو سعيد، اربد وعمان، وأبرزها:

بيضون، سعد، ديباجة، فردوس، جمعة، الشرارة، حرب، برجاوي، البزة. لا تحتفظ هذه العشائر بأية عادات أو تقاليد خاصة، مخالفة للتقاليد الأردنية، وتندمج في المجتمع الأردني بشكل كامل، وتشاركه في مختلف المناسبات، وإن كان بعضها يحتفل رمزياً بالمناسبات الدينية الشيعية.

في منتصف التسعينيات برزت علاقة بين شخصيات من هذه العشائر وبين مؤسسة الخوئي في لندن، بمباركة من سمو الأمير الحسن، وقد كان حريصاً على حوار المذاهب والطوائف المختلفة، وكان ثمة تفكير بتأسيس مؤسسة خاصة بهم تحت اسم "أبو ذر الغفاري" إلاّ أن الدولة عادت وتراجعت عن دعم الفكرة فيما بعد.

يؤكد أحد وجوه الشيعة الأردنيين، عقيل بيضون، أن ولاءهم السياسي للحكم الهاشمي في الأردن، وأنه من "صميم حبهم وولائهم لآل البيت الأطهار"، وفي حال تجذرت سياسة المحاور في المنطقة وبرزت التناقضات بين الأردن وايران يؤكد الوجه الشيعي أن انحيازهم للأردن وللهاشميين، مع أنه يقر أن ثمة ازدواجية بين عقيدتهم الدينية التي تجعل ارتباطهم السياسي بالإمام الغائب أو من ينوب عنه "الفقيه الولي" وبين انتمائهم الوطني.

وربما يذكرنا هذا الموقف بموقف شيعة العراق، في بداية الحرب العراقية- الإيرانية عندما انحازوا بوضوح للبعد الوطني- القومي على حساب البعد المذهبي.

مصادر رسمية تقر بوجود عشائر أردنية شيعية، وتؤكد على حقوق أفرادها في المواطنة الكاملة، وعلاقتها الجيدة بالدولة، ومع ذلك لا تخفي وجود علامة استفهام حول ولاء بعض الشيعة الأردنيين وارتباطهم بالمؤسسات الدينية الشيعية، خارج الأردن، وعلاقة بعض الأفراد بحزب الله حيث يوجد الشيعة في جنوب لبنان.

التشيع في الأردن

لا يمكن الجزم بأعداد المتشيعين الأردنيين، وإن كان هنالك اتفاق بين مختلف الأطراف الرسمية والقريبة من الشيعة على أنّ الظاهرة محدودة، لكنّها فاعلة في السنوات الأخيرة، وتصل وفق أغلب التقديرات الرسمية وغير الرسمية، ومنها مصادر من القريبين والراصدين لظاهرة التشيع، إلى مئات الأشخاص، سواء من رجال ونساء وعائلات.

معلومات رسمية، يؤكدها بعض المتشيعين، أنّ هنالك قرابة الثلاثين عائلة في مخيم البقعة تشيّعت في الآونة الأخيرة، كما أن هنالك ظاهرة محدودة للتشيع في مدينة السلط، بالإضافة إلى عائلة أو أكثر في مخيم مادبا وحالات في إربد والزرقاء وجرش والكرك، والانتشار الأبرز للظاهرة في عمان في ضواحي مختلفة منها.

هنالك اتفاق على أنّ المتشيعين يمتازون بمستوى ثقافي جيد، وأكثرهم من المتعلمين والدارسين. ويلفت أحد المسؤولين الانتباه إلى أنّ ذلك مدعاة للقلق، مقارنة بجماعات التكفير والقاعدة التي يتسم أفرادها بضعف التحصيل العلمي والمعرفي، ويتسمون في الأغلب الأعم بقلة الاطلاع والدراسة وضحالة الجدل والمحاججة.

ازدهرت ظاهرة التشيع في السنوات الأخيرة، بعد احتلال بغداد، ووفود مئات الآلاف من العراقيين إلى الأردن، وفق تقديرات غير رسمية هنالك عشرات الآلاف من الشيعة، شريحة واسعة منهم من الأثرياء والمثقفين.

ينشط الشيعة العراقيون بإقامة احتفالاتهم الدينية وإحياء المناسبات الشيعية، وقد حوّل عدد منهم منازلهم إلى حسينيات، يجتمعون فيها ويحضرها متشيعون أردنيون ويقرأون فيها سيرة الحسين وينشدون الأناشيد الدينية، إحدى هذه الحسينيات المعروفة كانت في جبل الجوفة، قبل أن تعتقل الأجهزة الرسمية إمام هذه الحسينية السيد علي السغبري، وتقوم باستجوابه ثم بترحيله.

وتؤكد مصادر متعددة أن عائلة شيعية- عراقية ثرية حاولت في آواخر العام المنصرم الحصول على ترخيص في بناء مسجد ملحق به حسينية، في ضاحية عبدون، المعروفة بأنها أرقى وأغنى أحياء عمان، وتأسيس جمعية تحمل اسم الإمام الحسين.

ورغم أن مصادر في وزارة الأوقاف تنفي أن هذا الطلب قد قدم بالفعل، تذكر مصادر رسمية ومقربون من الشيعة أن المؤسسة الرسمية استشيرت في الطلب وتم رفضه.

كما تذكر تقارير أخرى وجود مكتبة في وسط البلد، تبيع كتب الشيعة، ككتاب "المراجعات"، وهو من أكثر الكتب، التي تدعو إلى التشيع، رواجاً. في حين تذكر تقارير إعلامية أن عراقيين شيعة يسكنون الأحياء الفقيرة في عمان (المحطة، الهاشمي الشمالي) يحيون المناسبات الدينية الشيعية في منازلهم، ويتأثر بهم أصدقاؤهم من الأردنيين.

كما تحولت بعض المطاعم الشعبية العراقية في وسط البلد إلى ملتقيات للشيعة العراقيين، وأصبحت تحفل، بصيغة غير مباشرة، بكثير من مظاهر التشيع.

قصة تشيع السقّاف

ارتفعت وتيرة الجدل حول تشيع السيد حسن السقاف، وهو أحد أبرز شيوخ "الأشاعرة"، وأصبح يشغل موقعاً أكاديمياً مرموقاً، وكررت مصادر متعددة دعوى تأثره بالمذهب الجعفري الشيعي، وتبنيه شيئاً من عقيدة الشيعة، بخاصة الموقف من آل البيت ومن الصحابة الكرام، وتبني أقوال في قضية جدلية خلافية بين الفرق الإسلامية متعلقة بـ"تنزيه الله عز وجل"، ومسألة النظر إليه يوم القيامة، مخالفا للأشاعرة. ولم يمض تحول السقاف، ودعوته وتصوراته دون جدل عنيف في أوساط الأشاعرة، وقد تولى الرد عليه أبرز الناشطين الاشاعرة معروف وله مريدون وأتباع، وهو سعيد فودة، في عدة كتب ومساجلات فكرية ومعرفية على موقع كل منهما على شبكة الانترنت.

في لقاء خاص مع السقاف يرد بالنفي القاطع على مزاعم تشيعه، رغم أنه يؤكد أنه يعطي نفسه حق الاجتهاد والنظر في قضايا العقيدة والفقه، قائلاً: "أنا عالم حرّ لست مقلّداً متمسكا بالمذهب الشافعي، وأعتقد أنني وصلت إلى مرحلة يحق لي فيها الاجتهاد بالنظر في أدلة الكتاب والسنة".

وعن السبب في ازدياد الحديث عن تشيعه واعتناقه العقيدة الإمامية الجعفرية يُرجِع ذلك إلى دعاية السلفيين الذين دخل معهم في عراك فكري ومعرفي كبير، وقام بنقد ابن تيمية والألباني، فهم يحاولون إلصاق هذه التهمة به سعياً لتوريطه في العديد من المشكلات والأزمات الأمنية والفكرية، ولا يتوانى السلفيون، كما يذكر السقاف، في تأليب المؤسسة الرسمية عليه والحشد ضده.

وبخصوص تصدي عدد من الأشاعرة له وردهم عليه، فإنّه يُرجع ذلك إلى الحسد والتنافس والانجازات المعرفية والعلمية التي حققها خلال الفترة الماضية.

بخصوص الموقف من الشيعة يقول السقاف إذا كان التشيع هو حب آل البيت وموالاتهم وتوقيرهم ومعاداة من وقف ضدهم فأنا شيعي، أما إذا كان المقصود هو التشيع الإمامي فأنا أختلف مع الشيعة في مسائل جوهرية في العقيدة والفقه، وأهمها أنني لا أقول أصلاً بوجود مهدي منتظر لا على رأي الشيعة ولا السنة، ولا أقول بعصمة الأئمة ومصادر التلقي والتحقق الشرعي عندي مستمدة من علماء ومصادر السنة بالدرجة الرئيسة وأحترم سيدنا أبا بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب ولهما في قلبي المنزلة العظيمة، وإن كنت أفضل علي بن أبي طالب عليهما، ولا أقول بزواج المتعة ولا المسح على القدمين، وأرفض "التقية" في العقيدة وفي غيرها وإن كان للآسف يعمل بها مجموعة من علماء السنة.

يبدو أنّ معركة السقاف مع السلفيين تدفعه إلى البحث عن شركاء في الوسط الإسلامي، وهو لا يعارض إن كان هؤلاء الشركاء هم الشيعة أو الإباضية أو الزيدية، ما جلب له الأقاويل عن علاقاته بالشيعة، بالإضافة إلى علاقاته الجيدة مع عدد من علماء الشيعة والزيدية ومشاركته في مؤتمرات التقريب وخروجه على الخط الأشعري في عدة قضايا كانت من أسباب الجدل الكبير حوله.

يذكر أنّ السقاف يتعرّض لهجوم حاد من الوسط السلفي على خلفية بعض مواقفه المحسوبة على التشيع، وقد خصص عدد من السلفيين كتباً في الرد عليه، من أبرز هؤلاء الكُتّاب، الذين توزع كتبهم مجّانا غالب الساقي الذي ألّف كتابين هما "الإسعاف في الكشف عن حقيقة حسن السقاف" و"كشف الغمة في التحذير من تعدي السقاف على علماء الأمة".

في المقابل للسقاف عدة كتب في الرد على السلفيين أبرزها كتابه عن السلفية الوهابية، الذي ترجم إلى اللغة الانجليزية.

التشيع في المنظور الأمني

في الشهور الأخيرة نشطت الأجهزة الرسمية في متابعة الشيعة العراقيين ورصد ظاهرة التشيع وقامت بعدة مداهمات واعتقالات واستجوابات في صفوف الشيعة العراقيين والمتشيعين الأردنيين، ووضعت الظاهرة تحت المجهر، ما دفع بالشيعة والمتشيعين إلى حالة من الحذر الشديد في نشاطاتهم، والاعتماد على مبدأ "التقية" (عدم الإعلان عن عقيدتهم والتنكر لتشيعهم) في كثير من الأحيان، ما صعّب من مهمة هذا التحقيق، إذ رفض أكثر من التقيت بهم ذكر اسمه خوفا من المساءلة الأمنية.

أحد الأسئلة الرئيسة المطروحة: ما هو مصدر القلق الأمني من ظاهرة التشيع؟ ولماذا نشطت الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة في تعقب المتشيعين؟ ثمة عدة مستويات أمنية في النظر إلى هذه الظاهرة. المستوى الأول الذي يتحدث عنه بعض المسؤولين الأمنيين يرتبط بالظاهرة في سياقها الأمني المحض، بعيداً عن المنطور السياسي الكلي، والإقليمي.

فوفقاً لبعض المسؤولين إن ظاهرة التشيع، وإن كانت محدودة، فهي مقلقة بحد ذاتها، فمن المعروف أن الأردن دولة سنية، لا يوجد فيها مشكلة طائفية أو مذهبية في الأصل، والتشيع الحالي وافد وجديد، ويدفع إلى التساؤلات عن أهدافه وأبعاده ومراميه، فمن واجب المؤسسة الأمنية أن تقلق، وأن تدرس الظاهرة، بخاصة أنها في انتشار، ربما تشكل حالياً بضع مئات، لكن إذا أصبحت مستقبلاً بالآلاف سيصعب التعامل معها، والحد منها، فالأولى متابعتها ومحاصرتها منذ الآن.

كما أنّ واقع الخلافات الطائفية والمذهبية في العالم العربي والإسلامي مقلق، فهي في الأغلب الأعم مدعاة للتوترات الأمنية والمشكلات والمواجهات بين أتباع الطوائف والمذاهب، والأردن، وفقاً للرؤية الأمنية، في غنى عن الدخول في هذا المجال القلق والمضطرب، وخير مثال على ذلك ما يحدث في العراق وباكستان وأفغانستان ودول أخرى تشهد على ما بين السنة والشيعة من مشكلات ومواجهات وصراعات.

إلاّ أنّ الجانب الأمني الأبرز في ظاهرة التشيع يرتبط بالنفوذ الإيراني في المنطقة، وفي حالة الاصطفاف الواضحة بين معسكرين إقليميين؛ الأول يجمع كلا من إيران وسورية وحركات إسلامية (حزب الله، حماس، الجهاد) والثاني ما يسمى بمعسكر الاعتدال العربي (الأردن، السعودية، مصر). وفقاً لمسؤولين وسياسيين فإن خطورة النفوذ الإيراني لا تقف عند حدود التشيع الديني، بل السياسي.

التخوف الأمني أن اداء حزب الله وتحالفه مع حماس، وتأييد الاخوان لهم، وانضمام هذا التحالف إلى المعسكر الإيراني، سيضعف من وجود أي فيتو من جماعة الاخوان ضد ظاهرة التشيع، وربما يؤدي إلى تشيع أفراد من جماعة الاخوان نفسها، التي تنتشر في الأوساط الأردنية- الفلسطينية بقوة. إلاّ أن عدداً من قيادات الاخوان يستغرب من هذا المنظور؛ إذ يرى النائب الاخواني، محمد عقل، أنه يجب التمييز بين مجالين رئيسين في هذا الموضوع، الأول يرتبط بالموقف من المشروع "الأميركي- الصهيوني" في المنطقة، وموقف الاخوان منه واضح وصارم؛ فالاخوان، والحركات الإسلامية، ينحازون تلقائيا إلى المعسكر المضاد للمعسكر الأميركي، وهم إذا ما تعرضت إيران لضغوط وعدوان أميركي سيبذلون ما بوسعهم لمساعدتها وتأييدها، اما المستوى الثاني فهو الموقف من التشيع فجماعة الاخوان كانت على مدار العقود السابقة إحدى أبرز الجماعات والقوى "السنية" الرئيسة في العالم العربي والإسلامي، وهي تنظر لنفسها، تقليدياُ، من هذا المنظور، وهي المكافئ أو الموازي السني للحركة الإسلامية الشيعية التي تجسدت في الدولة الإيرانية – بعد الثورة- وفي الحركات الشيعية الأخرى كحزب الله. ومن المعروف أن هنالك خلافات عقدية وفقهية وفكرية واسعة بين السنة والشيعة منذ فجر الخبرة الإسلامية، والاخوان يدرِّسون مذهب أهل السنة في مناهجهم ودروسهم، ما يجعل التكوين المعرفي والنفسي لعضو جماعة الاخوان محصّناً من التشيع. ويرى النائب عقل أن من يُخشى عليهم التشيع هم الشباب المسلم العاطفي، الذي لم يتلقوا تعليماً وتدريساً منهجياً سنياً كافياً.

إلاّ أنّ الهاجس الأمني الرئيس يأخذ بعداً استراتيجياً أخطر في قراءة ظاهرة التشيع والنفوذ الإيراني، فإذا تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة على خلفية أزمة البرنامج النووي الإيراني، وفي ظل تحالف قوى إسلامية رئيسة مع إيران فإنّ هذا المعسكر سيرفع راية العداء لأميركا وإسرائيل، وهي الراية التي يمكن بسهولة أن تجمع وراءها شرائح واسعة من المجتمعات العربية، بخاصة المجتمع الفلسطيني، في سياق فراغ استراتيجي في المنطقة ناجم عن فشل المشروع الأميركي في العراق، وعجز النظام الرسمي العربي عن مواجهة التحديات الرئيسة في مقدمتها القضية الفلسطينية.

ظروف مثل هذه كفيلة بتجذير الفجوة بين النظم العربية "المعتدلة" وبين القاعدة الشعبية الواسعة من جهة وتقديم دعم شعبي كبير لإيران وحلفائها من جهة أخرى، ولعل المثال الأبرز على هذا الهاجس الأمني يتمثل بتجربة "القاعدة"، إذ لا يؤيد، بالضرورة، كثير من الناس آراءها ومواقفها المختلفة، لكن وقوفها عسكريا ضد السياسة الأميركية تكفل لها بشعبية كبيرة وبقدرة هائلة على التجنيد السياسي والحركي.

إذا ما قارنّا أداء حزب الله وخطاب أمينه العام حسن نصر الله المدروس والمخطط له بعناية مع "القاعدة"، وكذلك الخطاب الثوري ضد إسرائيل وأميركا الذي يقدمه الرئيس الإيراني محمود نجاد بقصد، وبرسالة واضحة، للرأي العام العربي والإسلامي فإنّ النتيجة المتوقعة أن يكون هنالك تعاطف وتأييد وموقف شعبي كبير مع المعسكر الإيراني- الشيعي، وسيؤدي، كما كان الحال مع القاعدة، إلى انضمام والتحاق عدد كبير من الشباب بهذا المعسكر، في حال تدهورت الحالة الأمنية والسياسية في المنطقة.

في المقابل ثمة حرج شديد وكبير لدى المسؤولين العرب في "معسكر الاعتدال" من الموقف من التسوية والعلاقة مع الولايات المتحدة، في ظل حالة السخط والغضب الشعبي، والانحياز الأميركي الصارم باتجاه إسرائيل. ففي سياق تدهور العملية السلمية، والمؤشرات غير المشجعة على ما وصلت إليه مبادرة العرب الثانية في مجلس الأمن، وعدم قدرة الفلسطينيين على تجاوز خلافاتهم، وعدم بروز توجه إسرائيلي واضح لاستعادة العملية السلمية فإن المؤشرات المختلفة على الحالة الشعبية تظهر مستوى عاليا من السخط والغضب والإحباط، والشعور بالإذلال مما آلت إليه الأمور، لا يقف هذا الشعور عند الموقف من الولايات المتحدة وإسرائيل بل يتعداهما إلى الحلفاء العرب.

عدد من المسؤولين العرب الكبار حذّروا الإدارة الأميركية بأنّ تجاهل حل القضية الفلسطينية سيزيد من حالة الحرج التي يعاني منها أصدقاء أميركا، وسيؤدي إلى انتشار التطرف والراديكالية في المنطقة، وفي حال تطورت حالة الاستقطاب سيكون محور إيران قادرا على استثمار هذه الحالة وتوظيفها لمصلحته أمنيا وسياسياً.

استراتيجية مواجهة التشيع

لا تزال الاستراتيجية الأمنية في التعامل مع الشيعة والمتشيعين تنطلق من المنظور الأمني المحض، بعيداً عن الأضواء، وإن كانت الجهود الأمنية شهدت طفرة حقيقية في الشهور الأخيرة. وينفي بعض المسؤولين الأمنيين أن تفكر المؤسسة الرسمية باللجوء إلى الحركة السلفية لمواجهة التشيع والحد منه، على الرغم أن عدة جماعات وحركات دينية عرضت القيام بهذا الدور، إلا أن المؤسسة الرسمية تفضل التعامل مع الظاهرة من خلال بناء قاعدة معلومات صلبة حول الشيعة العراقيين الناشطين في عمان، بخاصة أن هنالك تقارير أمنية مؤكدة تشير إلى انتماءات خطيرة لعدد منهم وارتباط وثيق بإيران، وأجهزتها الأمنية والعسكرية. وتؤكد مصادر أمنية أن من تثبت له علاقة بنشاط تبشيري شيعي يرحّل على الفور، وهو ما حدث بالفعل مع عدد من العراقيين، أما المتشيعون الأردنيون فيخضعون للتحقيق وتتم مراقبتهم للتأكد من عدم قيامهم بنشاطات تبشيرية. كما ذكر بعض أصحاب المكتبات في وسط البلد أنّ الأجهزة الأمنية قامت بتفتيش المكتبات في الآونة الأخيرة بحثاً عن الكتب التي تناصر التشيع أو تدعو له.

النخبة السياسية تختلف في تقييم الابعاد الأمنية والسياسية لظاهرة التشيع وخطر النفوذ الإيراني على الأردن. فالمحلل السياسي، جميل النمري، يوافق على أن ظاهرة التشيع، وإن كانت محدودة إلى الآن، فإنها تمثل أداة ورأس حربة إيرانيا في حال تجذرت حالة الاستقطاب ودخلت إيران والولايات المتحدة في مواجهات إقليمية. كما يميز النمري بين التشيع الديني والسياسي ويرى أنّ الحالة الأمنية ستكون مهددة بالفعل، إذا ما صحّت معلومات "أمنية" عن وجود خلايا تابعة لإيران في الأردن، ستكون فاعلة إذا ازداد التوتر في المنطقة وتعززت حالة الاستقطاب الإقليمي.

على الجهة المقابلة يقف المحلل السياسي، ومدير مركز القدس للدراسات، عريب الرنتاوي، فهو لا يرى أسباباً مقنعة في التخوف الرسمي الأردني من النفوذ الإيراني، ويرى أن ذلك يأتي مساوقةً واضحة للمشروع الأميركي في المنطقة، من خلال خلق ما يسمى بـ"إيران فوبيا"، والترويج أن الخطر الحقيقي هو إيران وليست إسرائيل. مع أن الحقيقة أن الخطر الذي يتهدد الدول العربية، في مقدمتها الأردن، هو من إسرائيل "فمشكلتنا مع ديمونا وليس مع بوشهر".

ويرى الرنتاوي أن الأردن غير معني بخطر التشيع والنفوذ الإيراني، فدون ذلك حواجز جغرافية وديمغرافية، وعلى دول عربية أخرى أن تقلق من هذه الظاهرة وتفكر فيها وليس الأردن، بل على النقيض من ذلك يرى الرنتاوي أن من الخطورة بمكان خلق مشكلة أمنية وسياسية مع إيران والقوى الشيعية في المنطقة، ووضع الأردن في مقدمة حالة الاصطفاف الإقليمي وفي المعسكر المقابل.

ويتساءل الرنتاوي ماذا سيحدث لو تم الوصول إلى "صفقة" بين إيران والولايات المتحدة، ماذا سنجني من تبني سياسات معادية لإيران.

الطريق إلى التشيع: "المستبصرون"

ثمة مشكلة كبيرة في رصد ظاهرة التشيع، إذ أنه يمر بمراحل ودرجات مختلفة، وليس بالضرورة حدا صارما واحداً. فمن المتشيعين من يمشي خطوة ومنهم من يمشي أكثر وآخرين يكملون الطريق إلى نهاياته. أحد المقربين من المتشيعين يوضح أن الخطوة الأولى في التشيع تتمثّل بالانحياز لفكرة الإمامة (إمامة أهل البيت) مقابل فكرة الخلافة عند السنة. فالتشيع يعني ابتداءً إعلان الحب والولاء لذرية علي بن أبي طالب والإيمان بأنهم تعرّضوا لاضطهاد وظلم تاريخي كبير، من الصحابة والدول الإسلامية اللاحقة (الأمويين والعباسيين) وأن علي هو الأحق بوراثة الرسول من أبي بكر وعمر وباقي الخلفاء، وأن ذرية علي بن أبي طالب هم قادة الأمة الذين سُلب منهم الحُكم والسلطة، وأن الأئمة الشرعيين هم من ذرية علي بني أبي طالب.

ثم يبدأ من يقتنع بأحقية علي والظلم الذي تعرّضت له ذريته، وابنه الإمام الحسين، بدراسة العقيدة الشيعية والأحكام الفقهية. ويسمى المتشيعيون بالمستبصرين؛ اي الذين اهتدوا إلى الطريق الصحيح، وتبينت لهم مكانة آل البيت واستقر حبهم في قلوبهم. ويدرس المستبصر كتباً في العقيدة، وكتباً في الفقه الشيعي.

الشيعة كل واحد منهم يقلد مرجعاً معيناً، وفي بلاد الشام ثمة مرجعان رئيسان: الإمام السيستاني، ويقلده الوافدون العراقيون، والسيد محمد حسين فضل الله ويقلده الشيعة والمستبصرون في بلاد الشام وفي بعض دول الخليج العربي. وللسيستاني رسالة توضح المنهج الفقهي الذي يسير عليه أتباعه، من ثلاثة مجلدات، عنوانها "منهاج الصالحين" وللسيد

حسين فضل الله رسالة "الأحكام الفقهية". وهنالك رسالة "الأحكام الفقهية: العبادات والمعاملات" للسيد محمد سعيد الطباطبائي يسترشد بها "مستبصرون" أردنيون وآخرون.

لا ينكر المقربون من "المستبصرين" أن هنالك علاقة روحية وثيقة بين "قُم" (في إيران) والمستبصرين في الدول العربية، بل أن هنالك أقراصاً ممغنطة توزع في "قُم" تتضمن قصص "المستبصرين العرب". وتشكل الحوزة الزينبية في دمشق اليوم المركز الرئيس للمستبصرين الذين يذهبون إليها ويحضرون ويتعلمون المذهب الشيعي، ويتجذر ارتباطهم بالشيعة الآخرين، بينما توزع عليهم كتب لأئمة الشيعة ومراجعهم، ومن الكتب التي توزع كتب السيد محمد حسين فضل الله، الصادرة عن دار الملاك في لبنان، المتخصصة بنشر كتبه.

المستبصرون، على خلاف الشيعة، لا يلزمون بدفع الخمس ولا باتباع مرجع معين، وهو ما يوفر لهم غطاءً أمنياً عند التحقيق معهم، بالإضافة إلى اعتماد مبدأ "التقية" على نطاق واسع، بما يتيح لهم انكار تشيعهم، وتجنب المشكلات المختلفة.

من يقف وراء التشيع؟

تقف أسباب متعددة وراء ازدياد ظاهرة التشيع في مقدمتها وجود عشرات الآلاف من الشيعة العراقيين الوافدين إلى الأردن، عدد كبير منهم حاصلون على تعليم جيد وملمّون بالمذاهب والجدل بينها، ويؤدي اختلاطهم بالمجتمع الأردني إلى تاثر أشخاص بهم، بخاصة أنّ شرائح واسعة من الأردنيين ليس لديها إلمام بالشيعة وبحججهم وبالتاريخ الإسلامي.

أحد الأسئلة المطروحة في هذا السياق: فيما إذا كان التبشير الشيعي منظما ومدروسا أم أنه عفوي ويعتمد على جهود فردية؟ بعض المراقبين والمتابعين لظاهرة التشيع يؤكدون أنّ هنالك استراتيجية خمسينية إيرانية أعدت عام 2000 لنشر التشيع في المنطقة، وقد نشرتها مجلة الوطن العربي في أحد أعدادها. في حين تصر مصادر مقربة من المتشيعين أن الظاهرة طبيعية وتلقائية ولا تحمل أية دلالات تنظيمية.

يؤكد ماهر اسماعيل أن عددا من قريباته ذكرن له وجود نساء عراقيات- من الشيعة، من العائلات الثرية يزرن أردنيات، يبدأن بصداقة معهن ثم تتطور العلاقة ويتخللها فيما بعد دعوة إلى التشيع. من جهته يذكر عمر شاهين، من سكان الزرقاء، ومهتم بالحركات الإسلامية والظواهر المرتبطة بها، أنّ عدداً من أصدقائه تأثر بشيعة عراقيين وافدين، وتشيعوا، وسافروا إلى الحوزة الزينبية لتلقي الدروس المطلوبة في التشيع.

كما تذكر معلومات أمنية أن عددا من العلماء والمراجع الشيعة موجودون في الأردن، وأن لهم دوراً في التأثير على الشيعة العراقيين وفي نمو حركة التشيع في أوساط أردنية، أحد هؤلاء يقطن في حي الهاشمي الشمالي، وكان يقيم الدروس في بيته. يذكر مسؤول أن أحد الشيعة العراقيين قادم من دمشق، يدعى محمود خزاعي، حاول أن يؤسس قاعدة له من الشيعة، كانت هنالك معلومات مؤكدة حوله وعلى الفور تمّ إبعاده.

أحد مصادر التشيع هي القنوات الفضائية الشيعية، التي انطلقت بعد احتلال العراق، وقاربت العشرين فضائية، تبث المواعظ والروايات الشيعية، وتؤثر في الرأي العام. ومن أبرز هذه الفضائيات الفيحاء والأنوار، وهنالك وعاظ معروفون كمحمد الوائلي وعبد الحميد المهاجر. ومن القنوات التي أثرت في الرأي العام، في السنوات الأخيرة، قناة المنار التابعة لحزب الله، وعلى الرغم أن كثيرا من الناس يتابعونها حرصا على التواصل مع رواية حزب الله للمواجهات العسكرية التي كانت تدور في الحرب الأخيرة والصراع مع إسرائيل، إلا أن القناة لا تخلو من توجهات مبنية على الرؤى الشيعية. إذ يذكر أحد المواطنين أن زوجته كانت تتابع قناة المنار لإعجابها بحزب الله، وفي ساعات الليل الأخيرة كانت القناة تبث الأدعية والاناشيد المشبعة بالرؤى والروايات الشيعية المناقضة لمواقف السنة، ما جعله يحذرها من الاستمرار في مشاهدة القناة.

ومن مصادر التشيع في الأردن الطلاب الشيعة الوافدون من الخليج العربي، من السعودية والبحرين والإمارات وعُمان، وعلى الرغم أن علماءهم يحذرونهم من الجهر بعقائدهم، كما يذكر أحد المقربين، إلا أنهم في كثير من الأحيان يمارسون أسلوب الدعوة الفردية، ويؤثرون على أصدقائهم والمقربين منهم.

كثير من الناس تأثروا إيجاباً بأداء حزب الله ودوره، ما ساهم في تشيعهم السياسي ومن ثم الديني فيما بعد، وأكثرية هؤلاء المتشيعين من أبناء المخيمات الفلسطينية، كما هو حال محمد شحادة وبعض قادة الجهاد في فلسطين وبعض الشباب الأردنيين من أصل فلسطيني. ومن المتوقع أن تتعزز هذه الطريق في التشيع في حال اشتدت المواجهة بين إيران والولايات المتحدة.

في المقابل يرى أحد المقربين الأردنيين من المتشيعين أنهم لا يشعرون بالحرج من موقف الشيعة العراقيين من السنة والاحتلال الأميركي، إذ أن "العقلاء من المستبصرين"، على حد تعبيره، يدركون أن المساجد التي يستولي عليها الشيعة من السنة في العراق، كانت في الأصل شيعية، فهم يستعيدون حقهم فيها، بعد أن ظلمهم النظام البعثي السابق، وأن ما يقوم به الشيعة اليوم هو رد على "الوهابيين السنة" الذين يستحلون دماءهم ويكفرونهم.

من قصص المتشيعين

من يرصد بعض مواقع الانترنت يكاد يشعر أننا أمام حرب الكترونية حقيقية بين مجموعات سنية وشيعية، مشابهة للحروب الالكترونية بين "القاعدة" و"الولايات المتحدة"، وقد لوحظ في حرب لبنان الأخيرة بروز جدلية كبيرة ونقاش حاد في الأوساط الإسلامية السنية، بالتحديد السلفية، حول الموقف من حزب الله، بين من يرى أنهم "روافض" وأن ما يجري كله يقع في سياق المؤامرة على السنة (!) وبين من يرى أن على المسلمين تجاوز خلافاتهم والوقوف صفّاً واحداً ضد العدوان الخارجي.

أحد المجالات الرئيسة في الحرب الالكترونية، بين السنة والشيعة، يتمثّل بوجود مواقع على شبكة الانترنت متخصصة في التبشير بالمذهب. من هذه المواقع "المستبصرون" و"المتحولون"، يتضمنان قائمة بمئات اسماء السنة المتحولين إلى التشيع، والذين ألفوا كتباً توضح سبب وطريقة تشيعهم، في المقابل هنالك مواقع سنية للرد على الشيعة وبيان قصص الشيعة الذين تحولوا إلى السنة، ومن أبرز هذه المواقع "البيّنة" وموقع "الراصد".

ثمة عشرات الأسماء من المتشيعين الأردنيين، لكن ثمة أسماء معروفة ومتداولة، ولها كتب تتحدث عن قصصها في التشيع "الاستبصار". من أبرز الأسماء الأردنية على هذا الصعيد المحامي أحمد حسين يعقوب، من جرش، ولد عام 1939، من أسرة شافعية وأتم دراسته الثانوية وأكمل الحقوق في جامعة دمشق. كان يعمل محامياً، وشغل منصب رئيس بلدية، وخطيباً، وكتب في صحيفة اللواء الأسبوعية.

يذكر يعقوب قصة تشيعه: "سافرت الى بيروت لمناقشة بحث قدمته للجامعة اللبنانية عن رئاسة دولة الخلافة في الشريعة والتاريخ.. وأثناء وجودي في بيروت قرأت بالصدفة كتاب أبناء الرسول في كربلاء لخالد محمد خالد، ومع ان المؤلف يتعاطف مع القتلة ويلتمس لهم الأعذار، إلا أنني فجعت الى اقصى الحدود بما أصاب الامام الحسين (عيله السلام) واهل بيت النبوة وأصحابهم، وكان جرحي النازف بمقتل الحسين هو نقطة التحول في حياتي كلها، وأثناء وجودي في بيروت قرأت كتاب (الشيعة بين الحقائق والاوهام) لمحسن الأمين، وكتاب المراجعات للإمام العاملي، وتابعت بشغف بالغ المطالعة في فكر أهل بيت النبوة وأوليائهم، لقد تغيرت فكرتي عن التاريخ كله، وانهارت تباعاً كل القناعات الخاطئة التي كانت مستقرة في ذهني، وتساءلت إن كانت هذه أفعال الظالمين بابن النبي وأهل بيته، فكيف تكون أفعالهم بالناس العاديين؟!.. وقد تبين لي أن اهل بيت النبوة ومن والاهم موالاة حقيقية هم المؤمنون حقا وهم الفئة الناجية، وهم شهود الحق طوال التاريخ، وان الاسلام النقي لا يفهم الا من خلالهم". وليعقوب قرابة ستة عشر كتاباً في التشيع ونقد مذهب أهل السنة، ويعيش حالياً في الولايات المتحدة الأميركية.

من الأسماء الأردنية المتشيعة اللامعة التي تحظى بأهمية ومكانة خاصة في مواقع الشيعة مروان خليفات، وهو شاب من مواليد كفر جايز في مدينة إربد، تخرج من جامعة اليرموك من كلية الشريعة عام 1995، وقد تشيع في سنوات الجامعة، ثم غادر ودرس في قم بإيران وفي الحوزة الزينبية في سورية، يقيم حالياً في السويد، ألف مروان كتاباً اشتهر وذاع صيته، عنوانه "وركبت السفينة" (نشره مركز الغدير للدراسات 1997) يقدم فيه الجدل والحوار الذي صاحب تحوله إلى المذهب الشيعي، ودور صديق شيعي له وتأثيره عليه، بالإضافة للكتب الشيعية التي أخذ يقرأها وتفند مذهب أهل السنة.

ومن الأسماء المتشيعة المعروفة استاذ جامعي من مدينة السلط، يدرس في كلية التربية في جامعة اليرموك. ويذكر عدد من المراقبين والمتابعين لظاهرة التشيع أنّ أحد أسبابها العاطفة الدينية القوية عند كثير من الناس، وحب الرسول عليه الصلاة والسلام وآل بيته، وهو مدخل رئيس من مداخل التشيع، إذ يبدأ الدعاة الشيعة بصدمة المستمع بأن آل البيت تعرّضوا لمؤامرة تاريخية وأنهم ضحية مواقف الصحابة، فيتأثر المستمعون، بخاصة أنّ أدبيات وتراث الشيعة يحفل بالحديث عن آل البيت وحبهم والأناشيد الصوفية في مديحهم والبكائيات، وقصص تثير عواطف ومشاعر الناس.

المجتمع الأردني ليس محصّناً

يتفق، مع بعض المسؤولين، كل من رئيس قسم الفقه في الجامعة الأردنية، د. هايل عبد الحفيظ، والمتخصص بالفرق والمذاهب الإسلامية، د. رحيل غرايبة، على أنّ المجتمع الأردني غير محصن من خطر التشيع، إذ يرى عبد الحفيظ أنّنا يجب أن نفرق بين التشيع السياسي والديني، وإن كانت الظروف السياسية الحالية في المنطقة من أداء متميز لحزب الله والموقف الإيراني الصارم في البرنامج النووي يستقطب اهتماماً واعجابا من المجتمعات العربية، وبالتحديد الأردن، في سياق الضعف الواضح والمشهود لمواقف النظم العربية. بينما يحيل غرايبة خطورة وإمكانية التشيع إلى أن المجتمع الأردني لم يكن على اطلاع وتحصين ضد عقائد الشيعة ورواياتهم، إذ لم تكن لديه في الأصل أقلية أو احتكاك مباشر معهم. فهذا الضعف في المعرفة يمنح فرصة جيدة للتشيع في اختراق المجتمع والتأثير عليه.

ويجيب عبد الحفيظ على الموقف الشرعي والفقهي من التشيع بالقول: "إن الشيعة هم من أهل القبلة مسلمون، لا نكفرهم، لكننا نختلف معهم في قضايا جوهرية في العقيدة والفقه الإسلامي، ونعتقد أنهم انحرفوا فيها عن منهج الإسلام الصحيح، بعضها على درجة كبيرة من الخطورة، كسب الصحابة والقول بأن الأئمة معصومون، وأنّه منصوص عليهم وأنّ مسألة "الإمامة" ركن من أركان العقيدة، فنحن نرى بخلاف ذلك تماماً، ونرى أن الإمامة هي مسألة سياسية محضة وليست عقدية، ولا نجيز سب الصحابة، ونعتبر ذلك إثماً مبيناً. كما أن هنالك اختلافات فقهية بين السنة والشيعة منها الموقف من زواج المتعة، الذي يجيزه الشيعة، ويرفضه جمهور السنة. على هذا الأساس يحرص السنة على ألا يتحول أي سني إلى المذهب الشيعي، وعلى حماية المجتمع السني من التشيع، لاعتقادنا أن التشيع يخالف المنهج الإسلامي الصحيح".

ما هو الموقف الصحيح من ظاهرة التشيع وانتشارها، يجيب كل من غرايبة وعبد الحفيظ أن المطلوب جهد في الوعي الديني والفكري، يتسم بالموضوعية والعلمية، بالفروق والاختلافات الكبيرة بين السنة والشيعة، وتجاوز الشيعة – كما يعتقد السنة- عن المنهج الإسلامي الصحيح. فالمجتمع الأردني لم ينل قسطاً وافراً من هذه المعرفة، ما يسهل اختراقه من ظاهرة التشيع.

يرى المتخصص بالفرق والتيارات الإسلامية، حسن أبو هنية، أن مدخل مواجهة التشيع أردنياً يتمثل بإعادة النظر في المواقف السياسية الاستراتيجية، والاصطفافات الإقليمية، بحيث تأخذ الحكومة مسافة واضحة عن السياسية الأميركية. إذ يرى أبو هنية أن التشيع الذي ينتشر اليوم في العالم العربي، وفي الأردن، على وجه التحديد هو تشيع سياسي- ثقافي أكثر منه تشيعاً عقديا أو مثولوجياً، فكثير من الناس يتأثرون بالظروف السياسية ومواقف الأطراف المختلفة أكثر من تأثرهم بالعقائد والخلافات المذهبية، وتكون المواقف السياسية بمثابة المدخل للولاءات السياسية والمواقف الدينية، ومن المعروف تاريخياً أنّ الشيعة كانت فرقة سياسية قبل أن تتحول إلى مذهب عقائدي.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top