0

مثل الرافضي

لقد ضرب اللهُ عز وجل في كتابِه الحكيم الأمثالَ للنَّاس؛ ليتفكَّروا وليتدبروا، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر: 21]، وبيَّن سبحانه أنَّه لا يعقلُها ولا ينتفعُ بها إلا العالمون، قال جل جلاله: ﴿وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: 43].

ومن تلكم الأمثال التي ضربَها سبحانه: قصة ذلك الرَّجلِ الذي أُوتي الآياتِ فانسلخَ منها ولم ينتفعْ بها، وبقيَ على ضلالِه، قبل أن يؤتَى وبعد أن أُوتي، فهو في كلا الحالين ضالٌّ، فمثلُه كما ذكر سبحانه كمثل الكلبِ لم ينتفع بترك الحمل عليه، فهو في كلا الحالين يلهث، فلو قلبنا الطَّرفَ، وسرحنا الفكرَ في حال طائفةٍ من النَّاس قد أعمى الحقدُ قلوبَهم، وأغشى أبصارَهم، وصمَّ آذانَهم، لوجدنا صدقَ ذلك المثالِ وتجليه في حالِهم، ذلكم هم الرَّافضة.

فها هم في دولة "البحرين" قد أُولوا الاهتمامَ، وأُفسحتْ أمامهم المجالاتُ، فأقاموا شعائرَهم وأظهروها، وأُوتوا مناصبَ وتولوها، فهل تغيرتْ أنفسُهم أو تبدَّلتْ، أو زالتْ أحقادُهم أو انتهت؟!

والجوابُ عن هذا يتَّضحُ ويتبيَّنُ في تلك الصورةِ المحزنة المؤلمةِ المبكية بدهسِ رجلِ الأمنِ بطريقةٍ همجية بشعة، تنُمُّ عن حقدٍ دفين عميق، لا تزيلُه تلكم التَّنازلاتُ، ولا تمحيه تلك العطايا والهباتُ.

كذلك ونحن نستعرض بعضًا من مخازيهم لا تغيبُ عنَّا أحداثُ الحوثيين وآلامها، وغيرها وغيرها مما قد مضى وانطوى، وما هو آتٍ، فهم في كلا الحالين حاقدون معادون، فمهما قدَّمتَ لهم وأعطيتَ، وهيأتَ لهم وأهديت، فإنَّهم لا يزالون حاقدين حاسدين، ففي حال تركِهم وعدم التَّعرُّضِ لهم مناوئين معادين، وفي حال تقريبِهم وإرضائهم مُتربِّصِين مُبغضين.

وجانبٌ آخر يدلُّ على صدقِ المثال وانطباقِه، فتأملْه:

ينشئُ أحدُهم على ضلالاتٍ وخرافات، ويبقى على ذلك ردْحًا من الزَّمن، فإذا ما هُيئتْ له سُبلُ المعرفة، وأصبحتْ قريبةَ المنال من وسائل اتصالٍ حديثة، وتقنيات عالية، وصدحَ العلماءُ الرَّبانيون بالحقِّ وبيَّنوه، وكشفوا ضلالاتِ القومِ وفنَّدوها، فظهر الحقُّ جليًّا وأشرقتْ شمسُه على ظلماتِ الباطل ففضحتْه، وعلا زَيْفِ الدَّعاوى فأحرقتْه، فما بقي منهم إلا أن يحثوا الخطى ويتبعوا سبيلَ الهدى، فإذا بهم على أعقابِهم ينتكسون، وفي غيِّهم وضلالِهم يرتكسون، فلم ينتفعوا بالآياتِ والدلالات، وما ذاك إلا بسببِ الترسُّباتِ المشينة والأحقادِ الدَّفينةِ التي بذرتْها حُسينياتُهم، واستنبتها ورعاها معمَّموهم، فهي تغذِّي قلوبَهم، وتشحن نفوسَهم، وتعمي أبصارَهم، وتصم آذانَهم، ظلماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ، إذا أخرج يدَه لم يكدْ يراها، فأنَّى يستجيب لك إلا من شاء الله له الهداية، فاللهُ يهدي من يشاء، وصدق اللهُ إذ يقول: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ﴾ [الأعراف: 176].

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top