0

"زواج المتعة" أو ما يُسمى بـ "الزواج المؤقت" يشرعه المذهب الشيعي ونظام الحكم في إيران، وفيه يُحدد الزوجان الوقت، وبمجرد انتهائه يكون الطلاق قد وقع، ولارتباط نظام ولاية الفقيه في إيران بالمذهب الشيعي، أصبح النظام من أكثر المدافعين والمروجين لهذا النوع من "العقد" الذي ظاهره الزواج وباطنه الزنا، بحسب الإيرانيين الرافضين له.

فمنذ أعوام خرجت دعوة من وزير الداخلية الإيراني الأسبق بور محمدي إلى إشاعة الزواج المؤقت "زواج المتعة" لمواجهة المشكلات الجنسية عند الشباب، الأمر الذي انعكس على قيام الشباب الإيرانيين في الفئات العمرية من 15 عاماً فأكثر بإقامة علاقات جنسية، تحت هذه التسمية.

هذا الزواج الذي يُعتبر بعيداً كل البعد عن الزواج الطبيعي الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والعائلي للطرفين، قد دافع عنه المذهب الشيعي وروج له طوال القرون الماضية على الرغم من مخالفته لحقوق المرأة الإنسانية حيث تتحول إلى مجرد سلعة تحت غطاء الشرعية الدينية الشيعية، ومع ذلك أيضاً يدافع عنه نظام الملالي في إيران ويُروج له باسم حماية شعيرة من شعائر المذهب الشيعي.

ويرى ناصر فكوهي الأستاذ في جامعة طهران، في تصريحات سابقة له نشرتها "الجزيرة"، أن القضية الجنسية قد أصبحت مشكلة، بفعل ثقافة السوق التي وجهت ضربة لحق الإنسان في إقامة عائلة.

ويرى فكوهي أن المعارضين لإشاعة هذا النوع من الزواج يرون فيه تهديداً للعائلة، ولكنه يؤكد أن المجتمع الإيراني لا بد أن يعترف بوجود مشكلة في الروابط القائمة بين الشباب.

ودعا فكوهي إلى أن تتصدى مجموعة من المتخصصين لهذه المسألة لإيجاد حل مقنع يأخذ بعين الاعتبار مشاكل الزواج في إيران، وأبرزها تأمين المسكن وارتفاع المهور وتكاليف الزواج المرهقة.

باليوم والساعة

يُطلق على هذا الزواج في إيران لقب "صيغة" وهي لفظة عربية مشتقة من قراءة صيغة عقد زواج المتعة في الفقه الشيعي، حيث إن هذا الزواج لا يحتاج إلى شيخ دين ليُتمم لهما مراسم الزواج، وإنما يكفي أن يقرأ الزوجان صيغة العقد ليُصبحا زوجين يحق لهما ممارسة الجنس، في مدة قد تكون ساعة أو يوماً أو أسبوعاً، ثم يفترق الزوجان بعد أن تأخذ الزوجة "أجرها" نظير "الخدمة" التي قدمتها للرجل، فقد كانت مجرد سلعة باعت نفسها لمدة ساعة أو يوم ثم تُطلِق على نفسها لقب الزوجة!

الفقر والمتعة

زادت ظاهرة المتعة في إيران مع وجود نظام الملالي المشجع لهذه الشريعة الغريبة عن المجتمعات السليمة، بالرغم من وجود حركات رفض شعبية في صفوف العلمانيين الإيرانيين الرافضين لأن تتحول المرأة إلى "سلعة جنسية"، ولكن النظام مع كل هذا ماضٍ في الترويج لها، كما أن الفقر الذي زادت نسبته في صفوف الشعب الإيراني بعد محاولة تصدير الثورة الخمينية وخلق المشاكل مع جاراتها، كان له دوره في هذه الظاهرة، فساعدت هذا العوامل على تحقيق المزيد من الانتشار لهذا النوع من الزواج المرفوض شعبياً، ثم جاءت سنوات الحرب والحصار وتراجع الاقتصاد الإيراني، فاجتمعت بهذا العوامل والأسباب الملائمة لزيادة ظاهرة زواج المتعة في إيران، وكل هذا تحت حماية نظام الملالي الذي يُعتبر من أكبر المروجين لها في تاريخ المذهب الشيعي.

فتح الفنادق للمتعة

قبل عدة سنوات دعت بعض الأوساط في النظام الإيراني إلى فتح باب المتعة في الفنادق الإيرانية، بأن تقيم نساءٌ في الفندق لتقديم "خدماتهن" تحت اسم "زواج المتعة"، إلا أن الإصلاحيين وبعض العلمانيين رفضوا ما روج له المحافظون والمتشددون بذريعة إهانة المرأة الإيرانية، فتداولت الصحف الإيرانية هذه القضية، وسرعان ما خَفَت صوت المروجين له تحت الضغط الشعبي الرافض لإهانة المرأة الإيرانية.

ولكن هناك بعض المدن التي تشتهر بالسياحة الدينية، مثل مدينتي قُم ومشهد، يزدهر فيها هذا النوع من الزواج، وهناك إقبال كبير على هذه المدن من السياح الشيعة من مختلف أنحاء العالم، ولذا تنشط فيها التجارة الجنسية تحت ستار زواج المتعة. وأشارت التقارير الصحفية إلى ازدهار هذه التجارة في مدينة مشهد التي يقصدها الشيعة لزيارة الإمام الثامن علي بن موسى الرضا، خاصة مع وجود السياح الشباب الذين يقصدون هذه المدينة بهدف الترفيه الجنسي تحت غطاء الهدف الديني. وتنتشر في مشهد ظاهرة استئجار غرف الفنادق بالساعة تحت غطاء "زواج المتعة"، فضلًا عن اصطحاب بعض السيدات الأجنبيات أيضاً إلى هذه الغرف، وأحياناً يكون عقد الزواج شفهياً فقط، ولا توثيق لعقود زواج المتعة في أغلب الحالات.

صيغة عقد الزواج

وهناك الكثير من الإيرانيات قد وقفن ضد هذا الزواج، وبعض منهن قمن بدراسات وكتابة كتب لتوضيح خطورة هذا الزواج على النسيج الاجتماعي للمجتمع الإيراني، ومنهن الدكتورة شهلا حائري التي كتبت كتباً ودراسات حول زواج المتعة، حيث أكدت في دراسة لها أن المذهب الشيعي يعتبر المتعة عقداً بين الرجل والمرأة مثل باقي العقود الشرعية فى إيران يتعين بموجبه عرض من "المرأة" وقبول من "الرجل"، وقد يكون باستطاعة المرأة إتمام الإجراءات بمفردها أو بالاستعانة برجل دين، ويصبح الزواج ساري المفعول منذ تلاوة الصيغة التالية: تقول المرأة: أنا (تذكر اسمها) أتزوج منك، أو أُمَتِّعك، مقابل "قدر من المال" (يتم تحديده)، ولمدة (يتم تحديدها أيضاً)، ويرد الرجل: وأنا قبلت الزواج بهذه الشروط.

وأشارت في دراستها إلى عدم التزام المرأة المتمتعة بالعدة التي مدتها 45 يوماً، حيث تعود إلى "الزواج" فور افتراقها عن زوجها الأول، لتستمر في ممارسة زواج المتعة بشكل يومي أو أسبوعي مع أزواج مختلفين تحت اسم المتعة، وهذا يُشكل خطورة على المرأة وعلى الرجال الذين يتزوجونها.

اختلاف الشيعة

المتعة يُروج لها نظام الملالي وكذلك فقهاء الشيعة، حيث يؤكدون أن للمتمتع ثواباً، وأن كل كلمة يقولها للمرأة يكتب له الله بها حسنة، وإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنباً، فإذا اغتسل غفر الله له بعدد ما مر من الماء على شعره، حسب ما ورد على لسان معظم الفقهاء وفي العديد من المراجع الخاصة بالاثنا عشرية.

انتشار الظاهرة

وأشارت تقارير صحفية سابقة إلى أن نسبة زواج المتعة بلغت 20% في مقابل الزواج العادي، وأن هذه النسبة الرسمية هي فقط لزواج المتعة المسجل رسمياً، ولكن الأرقام تتضاعف في حالة إحصاء زواج المتعة خارج الإطار القانوني، فهناك الآلاف من زواجات المتعة تتم خارج التوثيق الرسمي، والتي ترفع النسبة إلى أكثر من 40%، مما يجعل هذه الظاهرة تُشكل خطورة كبرى على المجتمع الإيراني.

وتخلص الباحثة الإيرانية شهلا إلى القول: "كعالمة اجتماع لا بد أن نُقر بأن المشكلة الجنسية من أهم التحديات التي تواجه الجمهورية الإسلامية، ولكن على الدولة إذا اعتبرنا أن الزواج المؤقت هو أحد الحلول لهذه المشكلة أن تُجيب على تحدياته الاجتماعية والقانونية".

المصدر الخليخ اونلاين

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top