لعل أحداً لم
يفته مشهد دهس المتظاهرين الشيعة لشرطي بحريني، بسيارة (GMC) مراراً
وتكراراً، وعود جمع منهم على هذا الميت، الذي صار كخرقة بالية، بالضرب
والركل ورمي الحجارة عليه.. وهو ميت، ميت.. لا حياة ولا قدرة؟!
كان ذلك مريعاً..
سائر القنوات عرضت له، حتى القنوات الشيعة لكن بتفسير آخر؛ ادعت قناة
"العالم": أن المدهوس من المتظاهرين. وأن الذي دهسه هم أتباع النظام؟
حقيقة كافة
المراقبين تعجبوا من هذه الصفاقة على قلب المشهد كلياً.. وبات من المهم
البحث عن تفسير لهذه الظاهرة الشيعية؛ اجتماع الكذب الصريح، مع الحقد
الدفين.
سنجري مع الشيعة في دعواهم أن المدهوس من المتظاهرين، فأين جنازته؟
اعتاد الشيعة على تشييع قتلى المظاهرات بشكل جماهيري دعائي.
فأين هذا المدهوس عن هذه الطقوس الشيعية؟
لم يقيموا له
جنازة؛ لأن القتيل رحمه الله كان شرطياً سنياً، ساقه قدره أن يكون بين يدي
هؤلاء؛ لينكشف للعالم قدر الضغينة الذي يملأ قلوب "فريق" من الشيعة على
السنة!!
ولعل قائلاً أن
يقول: الجزم بأنه عمل حاقد، منسوب إلى التشيع، فيه مجازفة، ففي المظاهرات
يغيب العقل عن العامة، وتحدث منهم أمور منكرة، مثل هذا الحدث وأكثر، أما
رأيت متظاهرين: يحرقون، ويسحلون، وينهبون، ويقتلون؟
يقال: نعم. هذا
يحدث في المظاهرات، لكن الذي صدر من هؤلاء، لم يكن سببه ودافعه غوغائية
المتظاهرين، إنما صدر عن نظرية شيعية متكاملة، أصّلها المراجع لهم طوال
قرون سبقت، حتى أنتجت فريقاً من الشيعة، يحمل في نفسه قدراً كبيراً من
الاحتقان تجاه السنة.
ولن نطيل على
المستعجل طلب الشاهد على ما نقول؛ فمن نظر في كتب التشيع، وأقوال المراجع
الشيعية قديماً، وسمع منهم حديثاً، ثم أدار رأسه ناحية: إيران، والعراق،
ولبنان. وتذكر حوادث التفجيرات في بلد الله الحرام، وجد ما في كتبهم يطبق
عملياً على الأرض.
ففي كتب الشيعة المتقدمة والمتأخرة، نجد تكفيراً صريحاً لأهل السنة، ويسمونهم نواصب:
قال المفيد أحد المراجع [في بحار الأنوار للمجلسي 903/ 23]: "اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة، فهو كافر مستحق للخلود فالنار".
وهذه الإمامة لا يؤمن بها سوى الشيعة، فمعنى ذلك: أن السنة كفار، وما يأتي أصرح من هذا:
فقد نسب المجلسي إلى جعفر الصادق [في بحار الأنوار 101/ 85]:
"إن الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليه
السلام عشية عرفة. قال: قلت: قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال: نعم. قلت: وكيف
ذاك؟ قال: لأن في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا". وفي المحاسن
النفسانية [في أجوبة المسائل الخرسانية لحسين آل عصفور ص 147]: "المراد بالناصبة فيه، هم أهل السنة".
وفي الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري [307 / 2]:
"وقد روي عن النبي: أن علامة النواصب تقديم غير علي عليه"؛ أي تقديم أبي
بكر وعمر وعثمان. وفيه: "أكثر الأصحاب ذكروا للناصبي ذلك المعنى الخاص في
باب الطهارات والنجاسات، وحكمه عندهم كالكافر الحربي في أكثر الأحكام".
روى الصدوق طاب
ثراه في العلل مسنداً إلى داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه
السلام: ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم، لكني أتقي عليك. فإن قدرت
أن تقلب عليه حائطاً، أو تغرقه في ماء، لكي لا يشهد به عليك، فافعل. قلت:
فما ترى في ماله؟. قال: خذه ما قدرت".
يقول المامقاني: "جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على من لم يكن اثني عشريا" [تنقيح المقال في علم الرجال ص 208].
هذا في المتقدمين، أما المتأخرون فانظر ما يقولون:
قال الخوئي: "الناصب في حكم الكافر؛ وإن كان مظهراً للشهادتين والاعتقاد بالمعاد" [النصب والنواصب لمحسن المعلم ص 609]، وفيه قال الصدر: "النواصب كفار"، ومقاطع على اليوتيوب مشهورة من كلام الأعرجي والشيرازي في تكفير الوهابية وقتلهم.
هذا هو تنظيرهم،
يكفرون السنة، ويقذفونهم بأنهم أولاد زنا وبغايا، ثم يبنون على ذلك القتل،
فإن لم يستطع ذلك، فأي نوع من الأذى، فهو مما يتقرب به إلى الله تعالى.
هناك من يقول: إنها أقوال قديمة، والشيعة لا يؤمنون بها، ولا يجوز أن نحاكمهم عليها.
وكم نود أن يكون كذلك، لكن الواقع يثبت ولا يكذب، يزيد يقينا ولا يزيل شكا.
فما رآه السنة في
إيران بعد الثورة، وما هم فيه اليوم من اضطهاد وقتل للرموز، من علماء
وشيوخ وشباب، يجمع عليه كل السنة هناك، وكل متابع للقضية الإيرانية.
وننبه هنا إلى
خطأ استراتيجي يرتكبه حكام السنة في دول الخليج بتجاهلهم ورقة السنة للضغط
على إيران، كما هو حال إيران في الضغط بورقة الشيعة، لكن لهذا مقام آخر.
كذلك ما كان في
العراق بعد الاحتلال الأمريكي، كان كارثة بكل المقاييس على السنة، لقد
أبيدوا وهجروا من بغداد والبصرة، وقتلوا شر قتلة، بكافة الوسائل الوحشية.
كل هذه الحوادث، إذا قورنت بما سطر في الكتب، نجد تطابقا وتنفيذا حرفيا لما جاء فيها..
فهل كان هذا من قبيل الصدفة؟
ومن نزه الشيعة عموماً من هذا العدوان، فليس بحاجة إلى كبير بيان للرد عليه.
فأفعالهم فريق منهم في بلد الله الحرام في عامي 1409 - 1406 مما سجله التاريخ بالصوت والصورة، لكن الله وقى شرها الإسلام والمسلمين.
ألا ترون كل هذا منسجماً مع ما في تلك النصوص التي وردت في كتبهم؟
تطابقت النظرية
مع الواقع، فكانت عملياتهم تطبيقاً فعلياً لفتاوى غصت بها الكتب، لكن كيف
استطاع المراجع إقناع طائفة من الشيعة بصواب هذه الفتاوى المتطرقة،
الممجوجة فطرة وعقلاً؟
هذا ما نريد فهمه ومعرفة أسبابه؟
بداية عمقت
المراجع كره أبي بكر وعمر وعثمان، باعتبارهم مغتصبين للخلافة من علي رضي
عنهم جميعاً، وسولت للعامة لعنهم وسبهم، وجعلته جزءا من الورد اليومي في
الصباح والمساء، وفي أنواع من الأدعية، ونشأت الصبي على كره هذا الفريق من
خيرة الصحابة.
وهذا مشهور في
كتبهم، ولا ينكرونه، ثم كفروا عامة الصحابة، فالشيعي ينشأ في بيئة تغلي
حقداً وكرها للصحابة، تعليله: أنهم اغتصبوا حق أمير المؤمنين علي رضي الله
عنه.
بعد ذلك، اتخذوا
من حادثة قتل الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم في كربلاء، وسيلة
لتعميق كره السنة، فألقوا في وهم الشيعي؛ أن كل سني يخلق ويوجد حتى قيام
الساعة، هو مذنب مجرم؛ لأنه من نسل قتلة الحسين زعموا.. يحملون على الناس
أوزار غيرهم؟!!
ففي كل عام،
تستغل حادثة عاشوراء لاستحضار الحزن والثأر في القلوب.. يتشحون بالسواد،
ويجرحون الأبدان بالسيوف والسكاكين، ويشجون الرؤوس بالخناجر.. بأيديهم
يفعلون ذلك، فتسيل الدماء لتشتمها الأنوف، وتراها العيون وهي تغطي الوجوه
والظهور والصدور والثياب، حتى الأطفال الرضع منهم يفعل بهم الآباء والأمهات
كذلك، ثم يطلقون عبارات الثأر جماعة: "يا لثارات الحسين"، "يا لثارات
الشيعة"، فتسمعها الآذان بجرس مؤثر.
فتجتمع كافة
الحواس على التفاعل مع الحدث، فتخضع النفس لذلك طواعية، حتى تتولد فيها
الرغبة الجامحة الآنية في الانتقام، أو كتمان ذلك في الضمير حتى اليوم
الموعود.
والشيعي يعاود
الحسينيات في كل وقت، ليسمع قصصا عن قتل الحسين أكثر مما يسمع من سيرة
النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير القرآن، وكلها تلقى في ضميره؛ شعراً
ونثراً وتحريضاً.
وهكذا يتشكل
الإنسان الشيعي: ثائراً محتقناً راغباً في قتل أو إيذاء السني، يظن أنه
بذلك يتقرب إلى الحسين ويرضيه عنه، وينصر آل البيت، ويرضي رسول الله صلى
الله عليه وسلم. فمن رأى الشيعي بعد كل هذا التجييش المبرمج والممنهج، في
حالة هستيرية، يطأ ويضرب ويدهس ميتا، ويعذب ويشوه ويكسر العظم ويفتت اللحم
البشري؛ فليعلم أن كل هذه الشناعة زرعت في نفسه زرعا بأيدي تلك المراجع،
ولم يكن فيها إلا وقودا لنار إن لم تحرقه اليوم، تحرقه غدا؛ إذ عطل عقله،
وطمس ضميره، فلم يردعه عن الظلم والفجور شيء، فصار يقتل أبرياء، لا يسألون
عن دم الحسين، لا هم ولا آباؤهم ولا أجدادهم، ألم يقرأوا قوله: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾[الأنعام:164].
فلا أحد يسأل عن
ذنب غيره، فكيف يقبل هذا الشيعي، أن يلصق بالبريء ذنباً جناه غيره، قبله
بقرون طوال، وهذا البريء المتهم، لو كان له سبيل إلى قتلة الحسين، لما تردد
في قتلهم جزاء عدوانهم على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليس من أخلاق آل
البيت، ولا من ينتسب إلى محبتهم، أن يحمل في قلبه ثأرا لمن ظلمه، فكيف بمن
لم يظلم، ألم يسمعوا عن إمام آل البيت صلى الله عليه وسلم وعفوه عن كفار
مكة؟
على هذه الطائفة
من الشيعة، أن يراجعوا أنفسهم، ويسألوها: إن كان ثأرهم هذا لله أم للهوى،
إن كان للحسين أو ألما وحنقا على العرب؛ لتمزيقهم بأمر الله تعالى وبدعوة
النبي صلى الله عليه وسلم ملك كسرى والفرس؛ الذي لا يزالون يعظمون أيامهم،
حيث احتفلوا في اليومين الماضيين بعيد النيروز، وألقى فيه مرشد الثورة
خطاباً مطولاً، عظم فيه من العيد الجاهلي المجوسي الفارسي، الذي ليس له
علاقة بالإسلام، لا من قريب ولا من بعيد.
ندعو هذه الطائفة
من الشيعة، أن يكونوا كإخوانهم ممن لم يعرفوا بمثل هذه المواقف المتطرفة،
والذين أظهروا في الأزمات روح آل البيت، حين رفضوا وتبرأوا من هذه الأفعال
والجرائم، وأظهروا النكير على شيعتهم، ولم يبالوا بما قد يلحقهم.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).