بعد عملية "عاصفة الحزم" التي
قادتها الدول الخليجية على حوثية اليمن كثر الحديث عن الطبيعة المذهبية
للحوثيين، هل هم زيدية، أم شيعة إثنى عشرية؟ وعلى هذا الأساس بدأت حالة من
الجدل. فمن يرى أنهم زيدية يرى أنهم يتفقون في كثير من الأصول والمباني مع
أهل السنة والجماعة، ويرى- على هذا الأساس- أن ما يحدث في اليمن مجرد صراع
سياسي فحسب، لا علاقة له بمذهبية أو طائفية.
وعلى الطرف الآخر يرى فريق أكبر
أنهم ليسوا بزيدية، حيث تتفق كثير من عقائدهم وآرائهم وتحركاتهم مع فرقة
الإثنى عشرية، ولهذا تحتضنهم إيران، ولهذا تتولاهم وتنفق عليهم وعلى
مشروعهم الطائفي في اليمن، ويرى هذا الفريق أن الحوثية وكيلاً رسمياً
وحقيقياً لإيران في جزيرة العرب، يهدف إلى تقويض الحكم السني فيها وفي
غيرها من البلدان العربية، وإقامة حكم شيعي صفوي تتزعمه إيران.
وما
بين الفريقين سنعرض لوجهة النظر التي نراها أقرب للواقع الحوثي في أرض
اليمن، حيث تدل الوقائع التاريخية والدينية على أن الحوثية ليسوا زيدية
خُلص، كما أنهم ليسوا إثنا عشرية خُلص، وإن كانوا أقرب إلى الإثنى عشرية
منهم إلى الزيدية أو أهل السنة من باب أولى.
فالحوثيون هم النسخة المتطرفة
للزيدية، وهم كما يرى باحثون امتداد لنتوء زيدي معروف هم فرقة "الجارودية"
التي اختلفت عن المذهب الزيدي العام في اشتراط أن يكون الإمام من
"البطنين"، وأيضاً قالوا إن ولاية "علي" منصوص عليها نصاً خفياً، وأجازوا
تضليل وتفسيق "أبي بكر" و"عمر"- رضي الله عنهما-، وبذلك اقتربوا أكثر من
الإمامية كما يقول الباحث اليمني "زيد الوزير" في مقاله له بعنوان:
"الجارودية ليست من الزيدية"، نشر في فصلية المسار، الصادرة من مركز التراث
والبحوث اليمني، السنة العاشرة العدد الثاني.
وإضافة لما سبق فالحوثية يحرضون
ويتباهون بلجم "السُّنيِّة" وقتلهم واستحلال أموالهم- والسنية هم أهل
السنة؛ لأنهم يوالون "أبا بكر" و"عمر"، ويقدمونهما على "علي"، كما أنهم
دائمو التمجيد لـ"ثورة الخميني"، ويعتبرون أن حزب الله في لبنان هو النبراس
الذي يجب أن يسيروا عليه.
يقول حسين الحوثي في أحد دروسه
القديمة المفرغة، مقارناً بين صفات الخميني وصفات الحاكم: "صاحب تلك الصفات
والمعايير الإلهية هو الشخص الذي يمكن أن نبني على يديه الأمة بناءً
عظيماً، وهكذا من يكون على هذا النحو صاحب تلك المميزات التي ذكرها الله هو
من يمكن أن يبني الأمم العظيمة، وأين إيران الآن عن إيران قبل الثورة
الإسلامية مع أن الفارق الزمني قليل، هو أقل من عمر ملك واحد ممن حكموها
قبل الثورة".
فالحوثيون
حركة فكرية وعسكرية متمردة باطنية، نشأت أولاً في صعدة شمالي اليمن وانشقت
فكرياً ومذهبياً عن المذهب الزيدي، وسارت على نفس المنهاج الذي تبناه حزب
الله في لبنان، ذو المرجعية الفكرية والدينية والسياسية الموالية لطهران.
المصدر البرهان
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).