0
قضية فدك بين السنة والشيعة ومحمد ابن الأزرق الأنجري

الكاتب د. منير المرود

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وصحبه الطاهرين.

أما بعد:

فقد اطلعت على ما كتبه الأخ محمد بن الأزرق الأنجري في عدة مقالات حول قضية “فدك” بين الإمام الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبين الطاهرة المرضية سيدة نساء الجنة فاطمة رضي الله عنها. وذلك بعد أن راسلني وطلب مني إبداء رأيي في الموضوع، فجزاه الله خيرا وأحسن له الثواب في الدنيا والآخرة كما أحسن الظن بي.

وبعد قراءة المقالات الأربع في الموضوع، بدا لي أن الأستاذ يستند في رأيه على نفس شبه الشيعة تقريبا، وإن خالفهم في النية والمقصد، حيث إن النتيجة في النهاية واحدة، هي ثبوت مظلومية فاطمة الزهراء رضي الله عنها في مواجهة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

 كما أنه يقوم بالحكم على واقع بينه وبينه سنوات مديدة، وقرون عديدة، من خلال روايات تحتمل معاني كثيرة، وقراءات متعددة، بالإضافة إلى ما تعرضت له من التحريف والإدراج والتغيير، وهذا في حد ذاته خطأ منهجي كبير، وليت الأمر توقف عند هذا الحد فقط، بل إنه يلزم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم بإلزامات توافق وجهة نظره البعيدة عن واقع الدعوة والدولة في عصر النبوة وبعدها.

المبحث الأول: مؤاخذة وعتاب

ولئن كان من المفروض أن أفرد باقي مقالاته بالنقد والتعليق، فإني آثرت أن أبدأ بمقاله الأخير، حيث شرع فيه ببسط بعض أدلته على ما ذهب إليه من تخطئة خير الأمة بعد نبيها الخليفة الراشد: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، في حين اكتفى في المقالات الأولى بالتقديم للموضوع، مع وضع سيناريوهات مختلفة للوقائع التي شهدها عصر النبوة وعصر الخلفاء الراشدين بما يتوافق مع وجهة نظره في الموضوع، دون عرض أدلة قطعية يقينية تعزز رأيه.

ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أن الأخ “محمد بن الأزرق” يطالبنا دائما بالردود العلمية العارية عن التجريح، بينما لا زال يسلك طريقا مستفزة للغاية في نقده لعلماء السنة قديما وحديثا. فمنهج الأستاذ هو هو في التنقيص من علماء السنة وتوثيق رواة الشيعة من جهة، والاعتماد على قراءتهم للتاريخ من جهة أخرى !!.

وهذه بعض الأمثلة:

ـ قال في مقدمة مقاله الرابع في الموضوع: (يجب الاعتراف بأن جماهير علماء السنة يفضلون الخلفاء الثلاثة على موالينا فاطمة وعلي والحسن والحسين.

ولأجل ذلك، فإن الرواة الأوائل من أهل السنة، كانوا يهتبلون بكل رواية لصالح الخلفاء ولو تضمنت الإساءة لآل الكساء الأطهار، فينشرونها ولو اشتملت على الخرافات والأكاذيب كما سيظهر للمحايدين في قصة مولاتنا فاطمة مع سيدنا أبي بكر من روايتي مالك بن أوس وعروة بن الزبير المخرجتين في الصحيحين.

في المقابل، كان الرواة السنة يهملون الروايات الداعمة لموقف آل البيت أحيانا، ولو كانت صحيحة. )

وذكر كلاما في حق الزهري رفعه به إلى السماء، ثم أسقطه على أم رأسه أرضا بقوله بعده: (فلماذا يا ترى لم يرو أيا من الأخبار عن “ادّعاء” مولاتنا فاطمة أن النبي وهبها أرض فدك ؟ حتى ولو كانت موضوعة مكذوبة، فالزهري يجب أن يسمعها ويرويها كما فعل في أخبار كثيرة. والزهري لم يكن ناصبيا ولا أمويا، لكنه كان يمارس سذّ الذرائع، فلعلّه خشي على مقام الصديق رضي الله عنه، فتحاشى رواية ما يثبت أن مسألة فدك لا علاقة لها بالميراث)اهـ.

قلت: فأي مذهب هذا الذي أسس على روايات أفراد ينتقون من الأحاديث ما يوافق مذاهبهم ومشاربهم ؟!، وكيف لسيد الرواة وإمامهم أن يكتم العلم، ويتحاشى رواية أحاديث لكونها تتنافى مع مقام الصديق رضي الله عنه… ؟! تا الله لو ثبت هذا لخدشت عدالته، وسقطت عندنا إمامته.

والأخ الأستاذ “ابن الأزرق” لم يكتف بهذا فقط بل قام بالتعريض بأبي بكر أيضا، وذلك بقوله: (: كان سيدنا أبو بكر يجهل الهبة )!!، كما قال في أول سطر في الجزء الثالث من سلسلة مقالاته في الموضوع: (كان قرار الصدّيق رضي الله عنه بخصوص قضية فدك عاملا من عوامل تمزيق اللحمة بين الصحابة ثم الأمة من بعدهم. ) اهـ.

قلت : إذا كان هذا حال خليفة رسول الله وصاحبه في الهجرة والغار، فأي إسلام هذا الذي سندعو الناس إليه ؟، فوالله ما رأيت أقواما أزهد في رموزهم من بعض الباحثين المشككين في نوايا سلفهم.

والغريب في الأمر، أن الغرب يمجدون قادتهم السفهاء، ونحن نشكك في نوايا رموزنا الصادقين الأعفاء، ولو كان عندهم ربع عشر أبي بكر الصديق لأقاموا له الدنيا ولم يقعدوها، ولنصبوا له التماثيل، ووضعوا القوانين التي تجرم الخوض في عرضه والانتقاص من شأنه.

ـ ثم قال ابن الأزرق أيضا: (ليس لأن آل البيت كانوا متشوفين للدنيا ومتاعها، بل لأنها – قضية فدك – كانت مظهرا من مظاهر (الإجحاف) في حق بني هاشم (والتضييق) عليهم اجتماعيا واقتصاديا. بدأ ذلك بإقصائهم من مشاورات اختيار الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم) اهـ.

قلت: ولأن أبا بكر لم يحسن التصرف بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي باحث بعده بأربعة عشر قرنا ليبين له الطريقة التي كان عليه أن يسلكها للخلافة، فيقول: (كان مولانا الصديق حقيقا بالخلافة، لكن المشكلة في طريقة اختياره وظروفها وسرعتها.

كان من المفروض أن يتجه المهاجرون الذين حضروا السقيفة نحو تعطيل اختيار الخليفة الذي اجتمع لأجله الأنصار.

أي كان من الواجب على سادتنا المهاجرين أن يقولوا للأنصار :

إن اختيار الخليفة شأن عظيم، يتطلب حضور سائر المهاجرين والأنصار، ولا يجوز البت فيه قبل الفراغ من جنازة نبينا الكريم، فليكن فلان رئيسا مؤقتا ريثما يُدفَن نبينا، فيشهد اختيارَ الخليفة جمهورُ المهاجرين والأنصار، وبنو هاشم خاصة، احتراما لهم وتعظيما للنبي المختار.

فلما تعجل أهل السقيفة اختيار الخليفة، كان من المنتظر أن يستشعر بنو هاشم التهميش والإهمال) اهـ.

قلت: إذا كان لا يجوز للمفتي أن يفتي في مجتمع لا يعرف تقاليده وعاداته، فكيف لمن نصب نفسه قاضيا أن يقدم أحكاما على واقع لا يعرف عنه إلا النزر القليل من الروايات المتضاربة والمتناقضة أحيانا.

إن ما وقع بين الصحب الكرام أمر ابتلى الله به من جاء بعدهم، لينظر ماذا يصنعون، وأجدني أحيانا مضطرا إلى القول بأنه لا ينفع في هذا الحال إلى التسليم وحسن الظن بالصحابة رضي الله عنهم، لأنهم صفوة الخلق، وخير الناس بعد الأنبياء والمرسلين، ولا يجوز الإنكار عليهم، لأنهم ومع كل ما وقع بينهم، ضربوا أكبر مثال على حسن تدبير الاختلاف، حيث استمرت الحياة، وتطورت الدولة، وانتشرت الدعوة، وحافظوا على الوحدة، وأسسوا لحضارة عظيمة استمرت لعدة قرون.

ـ وقال عن ابن تيمية والذهبي في الجزء الرابع من سلسلته: (فإذا وجدت ابن تيمية وتلميذه الذهبي رحمهما الله يحتجان بأن الهبة لا تثبت إلا بالتملّك والحيازة، فاعلم أنهما لم يستحضرا ما قلناه، أو أنهما يمارسان المغالطة والتمويه مستغلّين جهل القارئ أو الخصم بمثل هذه التفاصيل الدقيقة) اهـ.

ـ وقال عن الألباني رحمه الله: (فإنه أبان عن شطط وغلوّ في المجازفة، حيث أورد الحديث في سلسلته الضعيفة رقم 6570، وقال دون حياء ولا خوف من الله : موضوع).

ـ وقال عن الذهبي : (وأتفه مما سبق، قول الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال…) اهـ.

ـ وعلق على كلام للهيمي بقوله: (كلام فارغ من التحقيق…) اهـ.

فيا ليت شعري: كيف يستقيم مذهب أهل السنة والجماعة وهؤلاء رواته وقادته وأئمته وعلماؤه !!.

المبحث الثاني: الأخطاء العلمية الواردة في هذا المقال:

اعتمد “ابن الأزرق” في مقاله هذا على رواية ضعيفة معلولة في إثبات ما ذهب إليه من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وهب فدك لفاطمة رضي الله عنها، فقال: ( الرواية الأولى في هبة فدك : حديث أبي سعيد الخدري :
ورد من طرق عدة عَنْ فُضَيْلٍ بن مرزوق، عَنْ عَطِيَّةَ بن سعيد العوفي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري قَالَ: ” لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَأَعْطَاهَا فَدَكَ ” ( مسند أبي يعلى الموصلي ح 1075 و ح1409، ومسند البزار- كشف الأستار ح2223، والكامل في ضعفاء الرجال (6/ 324)
ثم علق قائلا:( قلت : هذا أثر حسن :فضيل بن مرزوق صدوق، وعطية العوفي تابعي جليل حسن الحديث ظلمه النقاد لتشيعه كما أثبت العلامة محمود سعيد ممدوح في ” رفع المنارة ” أو غيره.) اهـ.

قلت: إذا كان هذا الأثر حسنا، فلم يبق للضعف بعده معنى، وبيان ذلك فيما يلي:

روي الحديث عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري من طريق واحد هو :

1 ـ عطية بن سعيد العوفي: ضعيف اتهم بالتدليس، ورمي بالتشيع.

وإن كان التشيع نفسه ليس قادحا في عدالته، إلا أنه كان داعية لمذهبه، وهذا الحديث مما يوافق رأيه في قضية فدك، فيكون مردودا لموافقته مذهبه. والدليل أن الرواية مسلسلة بالرواة الشيعة.

وأما كلام محمود سعيد في كتابه “رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة” ص: 181 وما بعدها فمردود عليه، لأنه اعتمد فيه قلب الحقائق مع التلبيس والتدليس.

ولولا خشية الإطالة لسردت أقوال أئمة الحديث في “عطية العوفي”، حيث إن جمهورهم، بل معظمهم، إن لم أقل جلهم على تضعيفه، إلا ابن معين فقد ورد عنه قولان: التوثيق والتضعيف، وفي هذه الحالة يقدم القول الذي وافق فيه الجمهور والله أعلم. وكذا ورد توثيقه عن ابن سعد رحمه الله.

كما يجب التنبيه إلى أن بعض العلماء قد نسبه إلى التدليس القبيح، كما فعل ابن حجر رحمه الله وبعده الشيخ الألباني رحمه الله، والأمر يحتاج إلى دراسة وتوقف وإعادة نظر في الروايات المعتمدة في إصدار هذا الحكم، خاصة أن الترمذي رحمه الله كان يحسن أحاديثه عن أبي سعيد، مع الوضع بالاعتبار أن المحققين من العلماء على أنه من المتساهلين في التصحيح رحمه الله.

وفي جميع الأحوال فإن بعضهم يتعامل مع هذا النوع من الرواة بناء على قبول بعض رواياتهم دون البعض الآخر، فيعتقد بعض الباحثين أنه تجاوز القنطرة بناء على أن المحدث الفلاني قد قبل حديثه أو حسن له، كما هو الشأن بالنسبة لعطية، فقد قبل بعض العلماء رواياته في التفسير لأنها في كتاب، لكنهم اشترطوا أن لا تخالف أصلا من أصول أهل السنة، فإذا ما نظرنا إلى روايته هنا نجدها تنتصر لوجهة نظره المذهبية الشيء الذي يجعلها غير مقبولة البتة.

ولا يعترضن علينا معترض بأنه ليس داعية لمذهبه، إذا يكفي لإثبات ذلك أنه من رؤوس شيعة الكوفة، قال عنه ابن عدي في الكامل: «وهو في جملة متشيعي أهل الكوفة وعامة ما يرويه في فضائل أهل البيت » اهـ.

2 ـ ورواه عن عطية راو واحد هو : فضيل بن مرزوق: وهو صدوق يهم، رمي بالتشيع، وثقه جماعة وضعفه آخرون، فلا يقبل حديثه عند التفرد، ويستشهد به في المتابعات.

قال عنه ابن حبان في ” الضعفاء “: ( كان يخطيء على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات).

3 ـ ورواه عن فضيل كل من:

أ ـ أبو نعيم الفضل بن دكين.

ب ـ علي بن عابس : وهو ضعيف.

ج ـ سعيد بن خثيم: صدوق رمي بالتشيع، له أغاليط، وثقه ابن معين.

د ـ أبو يحيى التيمي: هو إسماعيل بن إبراهيم الأحول، من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين، قال الذهبي في المغني 1 / 77: (مجمع على ضعفه وَقَالَ ابْن عدي يكْتب حَدِيثه ).

هـ ـ حميد بن حماد بن خوار: ضعيف لين الحديث. ( أنظر الضعيفة 14 / 157 ).

قلت: فهذه رواية مسلسلة بالضعفاء، وبعض رواتها فيهم تشيع، وهي توافق مذهبهم في قضية فدك، لذلك حكم عليها المحققون بالضعف والوهن، بل إن ابن كثير رحمه الله حكم عليها بالوضع فقال في تفسيره: 5 / 63 ط العلمية: (وهذا الحديث مشكل لو صح إسناده، لأن الآية مكية، وفدك إنما فتحت مع خيبر سنة سبع من الهجرة، فكيف يلتئم هذا مع هذا؟ فهو إذا حديث منكر، والأشبه أنه من وضع الرافضة، والله أعلم )، وكذلك فعل الإمام الذهبي رحمه الله حيث قال في في ميزان الاعتدال (3/135) : « هذا باطل… ».

الخلاصة:

هذا الحديث ضعيف مسلسل بالرواة الشيعة، ولا يهمنا من روى الحديث من الثقات، إذ أن مداره على راويين ضعيفين، الشيء الذي يجعلنا نرده ولا نبالي.

ثانيا: هل ناقض الهيثمي نفسه في “مجمع الزوائد” وحسن أحاديث تفرد بها عطية بن سعيد العوفي ؟ :

قال ابن الأزرق متهما الهيثمي رحمه الله: (وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (7/49) : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ. هـ

كلام فارغ من التحقيق، كيف، وقد حسّن هو ذاته في الكتاب نفسه أحاديث تفرّد بها عطية رحمه الله ؟ ) اهـ.

قلت: يجب على الأستاذ ابن الأزرق أن يبين لنا موضع التناقض وإلا كان قوله مناقضا للمنهج العلمي في إطلاق الأحكام جزافا دون أي بحث أو تحري !!.

وأنى له ذلك، وقد سبرنا كلام الهيثمي في مجمعه، فوجدناه متزنا لا يناقض بعضه بعضا، فهو متمسك بتضعيف جميع أحاديث عطية العوفي دون انتقاء أو تمييز، وفيما يلي بعض النقول التي تبين صدق هذه الدعوى:

فهذه نماذج للروايات التي أوردها من طريق عطية، ثم علق عليها بقوله: (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ. )، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. ) وهي الغالب، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ )، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ )، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.)، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ)، أو (وَفِيهِ عَطِيَّةُ العوفي، وهو ضعيف، وفيه توثيق لين ).

فالحكم الفصل على عطية عند الهيثمي رحمه الله هو الضعف، ويحكي أحيانا توثيق ابن معين له صراحة أو يومئ له غير معتد به.

ثالثا: قول ابن أبي حاتم في رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؟ وترجيحه الإرسال على الوصل ؟، وهل أدرك الفضل بن دكين أم لا؟

قال: ( وفي علل الحديث لابن أبي حاتم (4/577) : سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ عليُّ بْنُ عَابِسٍ، عَنْ فُضَيل، عَنْ عَطِيَّة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ قَالَ : لمَّا نزلَتْ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}. ورَوَاهُ أَبُو نُعَيْم، عَنْ فُضَيل، عن عطيَّة، لا يقول: عن أبي سَعِيدٍ.

أيُّهما أصحُّ؟ قَالَ: كَمَا قال أبو نُعَيْمٍ أصحُّ. هـ

قلت ـ ابن الأزرق ـ: ابن أبي حاتم الرازي لم يدرك أبا نعيم الفضل بن دكين، ولم يذكر لنا سنده إليه، فلا ندري الواسطة بينهما، فيبقى ترجيح أبي حاتم الرازي أن الخبر مرسل يرويه عطية العوفي عن النبي مباشرة محل توقف ونظر ).

الرد:

1ـ لم يتبين لي وجه استشكال الأستاذ كون ابن أبي حاتم لم يدرك أبا نعيم الفضل بن دكين ( 219 هـ )، مع أن الحكم صادر من أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ( ت 277 هـ )، وليس من ابنه عبد الرحمان ( ت 327 هـ ).

هب أن ابن الأزرق روى عن الغماري موافقته الترمذي في الحكم على حديث بالصحة أو الضعف أو الإرسال مثلا، وبينهما وبينه قرون، فهل يمكن أن نستشكل الأمر ونقول: « ابن الأزرق لم يدرك الترمذي ولم يذكر لنا سنده إليه، فيبقى ترجيح الغماري أن الخبر مرسل محل نظر وتوقف »، فهاته كتلك !

2ـ أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي من تلاميذ الفضل بن دكين، فالرواية إذا موصولة بين ابن أبي حاتم وبين الفضل بن دكين.

3ـ لم يتفرد أبو حاتم بالحكم على هذا الطريق بالإرسال، فقد وافقه في ذلك أبو زرعة الرازي ( ت 264 هـ )، حيث سأل ابن أبي حاتم في علله 4 / 583 كلا من أبيه وأبي زرعة عن الحديث نفسه، لكن من طريق سعيد بن خثيم هذه المرة، فقال: (وسألتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ حديثٍ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ خُثَيْم ، عَنْ فُضَيْل بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}، دعا النبيُّ (ص) فاطمةَ، فجعَلَ لها فَدَكَ؟

فقال: إنما هو عَنْ عطيَّة؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ… مُرسَلً؛ قَالَ: ليس فيه ذِكْرُ أبي سعيد.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حدَّثنا أَبُو نُعَيْم، عَنْ فُضَيْل، عَنْ عطيَّة، قَطْ ؛ قَالَ: لمَّا نزلَتْ…، ليس فيه ذِكْرُ أَبِي سَعِيد) اهـ،

فأبو زرعة رحمه الله وافق أبا حاتم في الحكم على الحديث بالإرسال، وصرح بالتحديث بينه وبين أبي نعيم الفضل بن دكين، فرفع اللبس.

ثم قال ابن الأزرق: (وعلى فرض كونه مرسلا، فهو مرسل حسن، يعتبر به ).

قلت: أنى له الحسن وهو مسلسل بالضعفاء المتشيعين كما أسلفت، والحديث يوافق مذهبهم ويخالف ظاهر القرآن، الشيء الذي جعل الحافظ ابن كثير، والإمام الذهبي رحمهما الله، وبعدهم الشيخ الألباني يحكمون عليه بالوضع.

رابعا: بين ابن الأزرق والألباني رحمهما الله:

قال ابن الأزرق عفا الله عنه: ( وشتان بين قول أبي حاتم الرازي أو الحافظ الهيثمي وبين الطامة والداهية التي وقع فيها الألباني غفر الله لنا وله، فإنه أبان عن شطط وغلوّ في المجازفة، حيث أورد الحديث في سلسلته الضعيفة رقم 6570، وقال دون حياء ولا خوف من الله : موضوع ) اهـ.

قلت:

1ـ قوله: ( دون حياء ولا خوف من الله ) مردود غير مقبول.

2 ـ لقد وافق الألبانيُّ ابنَ كثير والذهبي في الحكم على الحديث بالوضع، ولم يبتدع هذا القول من عند نفسه، وعلى فرض أنه لم يسبق إلى هذا الحكم فإنه مقبول من إمام جليل شهد له المخالف والموافق بسبقه في هذا الفن.

خامسا: هل ناقض الشيخ الألباني نفسه وصحح عشرات الأحاديث التي يرويها عطية بن عوف ؟

قال “ابن الأزرق” راميا الشيخ الألباني رحمه الله بالتناقض، متأثرا بمحمود سعيد ممدوح ـ المتشيع ـ في كثير مما ورد في هذه المقالات: (ثم إن الألباني حسّن عشرات أحاديث عطية العوفي، في الصحيحة والسنن وغير ذلك. ).

قلت:

1ـ القول في هذه الشبهة كالقول في التي قبلها عن الهيثمي.

2ـ أين هي هذه العشرات؟، أذكر لنا مثالا أو مثالين لحديث صححه أو حسنه الشيخ لعطية، إلا إن كنت تقصد أنه جعل بعض أحاديثه حسنة لورودها من أكثر من طريق واحد فهذا أمر موجود معلوم، أما في حالة التفرد فلا وألف لا…

3ـ هناك الكثير من الشواهد على أن الشيخ يضعف حديث عطية في حالة الانفراد قولا واحدا، منها:

ـ قوله في الصحيحة 2 / 635: (قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء، عطية العوفي فمن دونه.

والشاهد الآخر من حديث أبي الدرداء وقد خرجته في تعليقي على ” المشكاة ” (5312) وقد صححه ابن حبان، فالحديث حسن على أقل المراتب. والله أعلم. )

ـ وقوله 3 / 67: (قلت: يعني أنه حسن لغيره وذلك لأن عطية العوفي ضعيف، فرواه جماعة عنه هكذا

ورواه آخرون على وجهين آخرين كما يأتي ).

4ـ لقد عقد الشيخ الألباني رحمه الله مقدمة طويلة في سلسلته الضعيفة بين من خلالها ضعف عطية، ودافع عن رأيه باستماتة كبيرة في رده على الأنصاري… وسرد هناك أسماء بعض من ضعفوه سواء من المتقدمين أو المتأخرين، وذكر منهم: 1 / 11: (1 – سفيان الثوري، 2- هُشيم،3- أحمد بن حنبل،4- ابن معين، 5- البخاري، 6- أبو داود،7- النسائي، 8- أبو حاتم، 9- أبو زرعة،10- ابن حبان، 11- الساجي، 12- الدارقطني، 13- الحاكم، 14- البيهقي، 15- ابن حزم.

ومن أسماء الأئمة المتأخرين:

1ـ ابن الجوزي، 2- النووي، 3- ابن تيمية، 4- ابن قيم الجوزية، 5- الزيلعي، 6- ابن عبد الهادي،7- الذهبي، 8- الهيثمي، 9- ابن حجر نفسُه!، 10- البوصيري)اهـ.

سادسا: هل لرواية الفضل بن دكين لهذه الطريق أي مزية؟

قال ابن الأزرق: (والألباني لم يقف على طريق أبي حاتم ولا رآه، وفيه الإمام الحجة الفضل بن دكين عن فضيل بن مرزوق ) اهـ.

قلت: ما فائدة رواية الفضل للحديث إذا كان أصل الحديث فيه راويان ضعيفان ضعفا لا ينجبر مثله إلا بطريق أخرى قوي.

سابعا: شاهد ابن عباس الذي رواه ابن مردويه!!

قال ابن الأزرق تحت عنوان:( شواهد لم يقف عليها من تكلموا في حديث عطية :

قال الحافظ السيوطي في الدر المنثور (5/274) : وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} أقطع رَسُول الله فَاطِمَة فدكا.هـ ) اهـ.

قلت: أين هو سند هذا الشاهد الذي أخرجه ابن مردويه، وفي أي كتاب أورده ؟ وهل يجوز الاعتبار به دون الاطلاع على سنده ؟، فإذا كان الأمر كذلك: فلا يجوز الاهتبال بمثل هذه الروايات التي لا يعرف لها رسم في الأولين.

ثامنا: إيراده عدة روايات خارج محل النزاع:

لقد أورد أخونا الأستاذ محمد ابن الأزرق الأنجري عدة روايات وأحاديث خارج محل النزاع، بحيث لا تمس بأي صلة لموضوع البحث، كحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه الذي ختم به المقال الرابع، رغم أنه لم يحرره تحرير النقاد، لمعرفة متن الحديث مما أدرج فيه.

وعلى فرض أن المتن كله من كلام جبير رضي الله عنه، فإن الحديث لا يدل بصلة أو بأخرى على أن فدك مما وهبه النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها، الشيء الذي يجعله خارجا عن الموضوع المطروح.

تاسعا: عاصمة من الزلل والخطل في أمر فدك:

روى البخاري في صحيحه برقم: 3094 عن مالك بن أوس قال: – بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال، إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين، لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفا، فقال: هل لك في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم، فدخلوا، فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفا يسيرا، ثم قال: هل لك في علي، وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما، فدخلا، فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من مال بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا نورث ما تركنا صدقة» يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه؟ قال الرهط: قد قال: ذلك، فأقبل عمر على علي، وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، ثم قرأ: {وما أفاء الله على رسوله منهم} [الحشر: 6]- إلى قوله – {قدير} [الحشر: 6]، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حياته، أنشدكم بالله، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي، وعباس، أنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يعلم: إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم: إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة، وأمركما واحد، جئتني يا عباس، تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا – يريد عليا – يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة»، فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله، هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي، وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.

تعليق:

هذه الرواية جامعة مانعة تبين أن حديث « لا نورث ما تركنا صدقة » كان مشتهرا بين الكثير من الصحابة منهم علي والعباس وعثمان رضي الله عن الجميع، ولا أخال الأستاذ محمد ابن الأزرق يتجرأ على تضعيف هذا الحديث لأنه من وضع ” مالك بن أوس الحدثان” كما زعم بعض الشيعة المساكين اعتمادا منهم على ما رواه ابن عدي في الكامل 5 / 519 عن عَبد الرحمن بن يوسف بن خراش، مع أن ابن عدي أورده في معرض ذكر تشيع ابن خراش، الشيء الذي جعله يحكم على هذه الرواية القاصمة لمذهبهم بالوضع.

عاشرا: أسئلة محيرة لا يمكن الإجابة عليها إلا بتكلف:

وفي ختام هذه الإطلالة السريعة نتساءل الأسئلة التالية ـ نقلا عن غيرنا ـ :

1ـ إذا كانت فدك هبة من النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها، فهل وهب مثلها لباقي بناته وقد كن على قيد الحياة في السنة السابعة التي أفاء فيها الله على رسوله أراضي خيبر، حيث توفيت زينب رضي الله عنها في السنة الثامنة، وأم كلثوم رضي الله عنها في السنة التاسعة، فكيف يعطي فاطمة عطية دون باقي بناته وهو الذي وصف هذا الفعل بالجور، وأبى أن يشهد عليه كما في حديث بشير بن سعد رضي الله عنه.

2ـ الصحيح أن فاطمة رضي الله عنها طالبت بإرثها من النبي صلى الله عليه وسلم وليس بأرضها التي وهبها لها النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى فرض استواء الروايات فإن الأمر يحتمل الوجهين، وما احتمل واحتمل سقط به الاستدلال، خاصة مع تباعد الزمن، وتضارب الروايات في الموضوع، حيث ضاعت الحقيقة المطلقة، وسيطر الطيش على العقول، واختار أهل كل مذهب ما يوافق مذهبهم، إلا أهل السنة فإنهم يروون مالهم وما عليهم، فلنتنبه.

3ـ لقد تولى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمر المسلمين بعد سلفه عثمان رضي الله عنه، فلماذا لم يرجع الحق لأصحابه، ويرفع الظلم عن المظلومين من أهله وعشيرته؟

ونحن إذ نضع هذه التساؤلات التي تدل على صحة موقف أبي بكر رضي الله عنه، لا ننتظر أجوبة عاطفية بعيدة عن المنطق والواقع كقول أخينا ابن الأزرق: (وهو ما فعله مولانا علي كذلك لأنه شهم لا يرضى الاستفادة مما حُرِمت منه زوجه الطاهرة اهـ، فهذا لا يستقيم في حق الإمام علي المشهود له بالشجاعة والصدع بالحق، فالشهامة تقتضي رد الحق إلى أهله ورفع التمييز الذي تعرض له أهل البيت من طرف أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم !! كما يدعي الشيعة ومن وافقهم القول.

4ـ لم تكن فاطمة رضي الله عنها الوحيدة التي طالبت بميراثها فيما ترك النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن زوجاته صلى الله عليه وسلم قد طالبن بنفس الأمر، لكنهن أحجمن عن ذلك بعد سماعهن لحديث منع ميراث الأنبياء، وفي هذه الواقعة رد على ما ادعاه الأستاذ ابن الأزرق من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تصدق بجميع أمواله قبل التحاقه بالرفيق الأعلى.

خاتمة:

نسأل الله تعالى أن يرضي عن جميع الصحابة الكرام، وأن يلهم أخانا محمد ابن الأزرق الأنجري رشده، وأن لا ينساق وراء هذه المواضيع التي لا تجر على الأمة إلا الويلات، والعاقل من اتعظ بغيره، فالسنة سنة، والشيعة شيعة، ولا يمكن التقريب بينهم بحال من الأحوال، فإما أن تكون سنيا خالصا، أو شيعيا جلدا، فليختر الإنسان لنفسه الإسلام الحق الذي يوافق الأدلة الإجمالية والعقلية كما يوافق الفطرة، والسعيد من اتعظ بغيره.

حدثنا شيخنا الدكتور الأصولي عبد الحميد العلمي الفاسي أنه كان يحضر مع العلامة الدكتور يوسف القرضاوي العديد من المؤتمرات للتقارب بين السنة والشيعة، وحينما تحين وقت الصلاة يقدمون الشيخ القرضاوي للصلاة بهم، حتى إذا اختلى الشيعة بأنفسهم أعادوا الصلاة مرة أخرى، كما يحددون موعدا للقاء معين قصد التباحث في موضوع التقريب، فإذا بهم يعتذرون في آخر لحظة بدعوى انشغالهم بحضور الحسينيات. ( انتهى كلام الدكتور عبد الحميد العلمي بالمعنى).

 المصدر مواقع سنة وشيعة

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top