يسلك الحوثيون
نفس نهج راعية مسيرتهم إيران، وذلك باستخدام الإعلام والشعارات الإعلامية
كوسيلة هامة من وسائل التأثير في قناعات الناس، فاستخدام مناسبات مولد
أئمتهم أو وفاتهم كجانب دعائي يحتشدون له من كل حدب وصوب؛ ليظهروا في صورة
جماعية، وصرخات جماعية وضرب الرؤوس والصدور بحركات متناسقة، الهدف من كل
هذا إرهاب العدو الأمريكي ظاهراً والإسلامي باطناً.
ولا شك أن لهذه الوسائل فوائدها الإعلامية التي ذكرها القرآن في قوله تعالى: ﴿إِذْ
يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا
لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ
الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ
لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ
الْأُمُورُ﴾ [الأنفال:43-44]، قال الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآيات[1/ 322]:
"وكان اللّه قد أرى رسوله المشركين في الرؤيا عدداً قليلاً؛ فبشر بذلك
أصحابه، فاطمأنت قلوبهم وتثبتت أفئدتهم، ولو أراكهم الله إياهم كَثِيرًا
فأخبرت بذلك أصحابك ﴿لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأمْرِ﴾، فمنكم من يرى الإقدام على قتالهم، ومنكم من لا يرى ذلك؛ فوقع من الاختلاف والتنازع ما يوجب الفشل ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ﴾ فلطف بكم ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾
أي: بما فيها من ثبات وجزع، وصدق وكذب، فعلم اللّه من قلوبكم ما صار سببا
للطفه وإحسانه بكم وصدق رؤيا رسوله، فأرى اللّه المؤمنين عدوهم قليلا في
أعينهم، ويقللكم –يا معشر المؤمنين- في أعينهم، فكل من الطائفتين ترى
الأخرى قليلة، لتقدم كل منهما على الأخرى ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا﴾
من نصر المؤمنين وخذلان الكافرين وقتل قادتهم ورؤساء الضلال منهم، ولم يبق
منهم أحد له اسم يذكر، فيتيسر بعد ذلك انقيادهم إذا دعوا إلى الإسلام،
فصار أيضا لطفا بالباقين، الذين مَنَّ اللّه عليهم بالإسلام".
والرافضة في هذه
الأيام يحاولون بكاميراتهم وقنواتهم أن يصنعوا ذلك؛ لأجل استقطاب بسطاء
الناس، وتأجيج عواطفهم؛ حتى وصلوا إلى درجة المبالغة، والكذب الذي لا ينطلي
إلا على السذج من الناسز
ومن آخر كذباتهم:
زعمهم أن عدد زوار الحسين في الأربعينية وصل في العام 1424هـ توقعوا وصول
ثلاثة إلى خمسة ملايين زائر، وفي العام 1433هـ إلى 10 ملايين زائر، وازداد
في العام 1434هـ إلى 25 مليون زائر؛ فمن بالله يصدق هذا الكلام؟!
قلنا: "لقد فات
واضعو هذا الخبر أن يقولوا وصول "مليار" شيعي أو مليارين, فتضخيم الأرقام
صار أمراً مألوفاً لدى الشيعة, فهم يريدون أن يقنعونا بأنهم الأغلبية
الساحقة في العراق, والسبب معروف: الاستئثار بالحكم وتهميش السنة
واضطهادهم.
ونحن نتساءل: كيف
يمكن لهذه المدينة الصغيرة أن تستوعب هذه الملايين الخمسة, ولو قسمنا هذا
العدد على مساحة كربلاء التي تتم فيها الزيارة - بغض النظر عن المساحات
المبنية- فمعناه أنّ كل زائر سيقف على أرض مساحتها 5 سم مربع, ولو قارنا
كربلاء بمكة المكرمة وعرفنا أنّ مكة تكبر كربلاء بعدة مرات، وأنّ زوارها من
كل مكان من العالم, ومع هذا فإنها لا تستوعب أكثر من مليوني حاج, ويحدث
فيها سنوياً الكثير من حالات الاختناق والموت لشدة الزحام استطعنا أن نقدر
عدد زوار كربلاء بعدد يتراوح بين 300- 500 ألف [منقول بتصرف من مجلة الراصد].
لكن الذي يظهر أن
هذا العدد المبالغ فيه هو بالإضافة إلى أعداد الملائكة التي يراها معممو
الروافض ويروونها عن جعفرهم أنه قال: "من خرج من منزله يريد زيارة الحسين
كتب الله له بكل خطوة حسنة..." إلى أن قال: " وإذا قضى مناسكه ... أتاه ملك
فقال له: أنا رسول الله ربك يقرئك السلام، ويقول لك: استأنف فقد غفر لك ما
مضى" [(الطوسي، تهذيب التهذيب (2/14)، ابن قولويه، كامل الزيارات ص (132)، وسائل الشيعة (10/341-342)].
أضف إليهم
الملائكة التي تنزل مع الله لزيارة قبر الحسين، ففي بحار الأنوار للمجلسي:
"إن قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره
المؤمنين" [بحار الأنورا (100/258)].
وبدأ الحوثيون في
صعدة اليمن يطبقون نفس الخطوات في الترويج الإعلامي السياسي الكاذب الذي
يستغل فيه السذج، وذلك لتكثير سوادهم، وإظهارهم بالكثرة، والغريب في الأمر
التناقض الذي يحصل في تحديد عدد المشاركين؛ فبعض الصحف المخالفة -كما يبدو
للبعض تسميتها- أفادت أن عدد المشاركين في العام الماضي وصل إلى 50 ألف
مشارك، وأخرى موالية زادت في العدد إلى 300 ألف مشارك، وبالغت أخرى لتصل
بالعدد إلى مليون وستمائة ألف مشارك؛ فانظر الفارق الكبير بين التقديرات.
وأما هذا العام
1434هـ فيتوقع الحوثي وأصحابه وإعلامه أن يصل عدد المشاركين إلى خمسة مليون
شخص من داخل اليمن وخارجها، وما يظهر كذب هذا الرقم أنهم يريدون إقامة هذا
الحفل في العاصمة صنعاء وفي ميدان الثورة الرياضي الذي تتسع مدرجاته لعدد
45 ألف متفرج؛ فهب أنهم جلسوا حتى في أرضية الملعب كم سيزيد الرقم؟؟ ولا
أدري ربما يتوقع الحوثي أن يكتمل العدد بالملائكة كما يحدث في كربلاء.
والغريب في الأمر
هو التصريحات والأهداف السياسية و السياسية التي يظهر بها الحوثي وإعلامه،
والتي يحاكي فيها الحوثي حركات وإشارات وتصريحات حسن نصر الله في جنوب
لبنان، للإشارة إلى أن صعدة تصلح أن تكون جنوب لبنان اليمن، وإلا ما قصة
دعوة الناس من أنحاء الجمهورية إلى صعدة؛ فهل أصبحت صعدة مقدسة؟! أم أن
الحوثي اكتشف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مواليد صعدة؟! أما أنها
محبة الرسول بطعم ولون جديدين عما يعرفه الناس؟!
وهذا ما لعلي أظنه؛ فإن محبة الحوثيين للرسول صلى الله عليه وسلم مختلفة لمن أراد أن يعرفها:
- فالحوثيون يحبون الرسول وإن كانوا أبعد الناس عن الاقتداء به? وسيدهم حسين الحوثي مطاع متبع ولو كان كلامه مخالفاً لكلام الرسول!
- نعم الحوثيون
يحبون الرسول وإن كانوا يرفضون سنته، ويرفضون جميع أحاديثه الواردة في صحيح
البخاري ومسلم وفي السنن والمسانيد مما يحتج بها المسلمون.
- نعم الحوثيون
يحبون الرسول وإن كانوا أكثر أهل الباطل إيذاء له، فهم يؤذونه في زوجته،
ويكفرون أحب صحابته إلى قلبه، ويبغضون صحابته، وبغضهم لهم إنما يعد حبا
للرسول؛ لأنه قال: «الله
الله في أصحابي! لا تتخذوهم غرضاً بعدي؛ فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن
أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن
آذى الله يوشك أن يأخذه» [أحمد و الترمذي وفي سنده كلام].
- نعم الحوثيون
يحبون الرسول، وإن كانوا يكرهون صحابته، وخاصة يكرهون بشدة أبا بكر وعمر
وعثمان وعائشة لأن الرسول كان يحبهم كثيراً، واسمعوا فقط حكمهم في من يحب
أبا بكر: "...لكن إذا لم يكن أمامك إلا أبا بكر لا يعطيك القرآن شيء بكله,
بل تخرج منه وأنت ضال، تجعل القرآن حرباً لله سبحانه وتعالى، تخرج وأنت
تعتقد بأن الله هو مصدر كل فاحشة, وكل ظلم بقضائه وقدره..." [ملزمة المائدة الدرس الثاني].
بعد هذا الكلام
فهل هذه هي المحبة التي يبحث الناس عنها في صعدة وفي كربلاء؟ فما أرخص
المحبة وأهونها إن كانت مجرد شعارات واحتفالات!!
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).