0

وفي الكتاب الذي بين أيدينا (حوارات عقلية مع الطائفة الإثنى عشرية في المصادر) يسعى المؤلف إلى إقامة حوار بينه وبين مذهب الاثنى عشرية لإظهار ما عليه هذا المذهب من عوار وفساد؛ سيما في مسألة المصادر التي يستقون منها دينهم، أو بمعنى آخر: يسعى الكاتب إلى بيان مدى صحة نسبة مذهب الشيعة الإثنى عشرية إلى أهل البيت، من خلال مناقشة علمية لمصادرهم وحقيقة ثبوتيتها،


الكتاب: حوارات عقلية مع الطائفة الاثنى عشرية في المصادر
المؤلف: أ.د/ أحمد بن سعد حمدان الغامدي
عدد الصفحات: 405
ــــــــ
دائما ما يحتاج المخالف لك في الرأي إلى التحاور معه؛ لإقناعه بما تؤمن ولإقامة الحجة عليه، وفي باب العقائد، سيما المخالفة لمعتقد أهل السنة والجماعة، دائما ما يحتاج الباحث في شؤونهم إلى الحديث معهم بلغة تتسم بالدقة والهدوء والموضوعية، يغلب فيها جانب العقل والتروي على جانب العاطفة، فعليك أن تحاور من يتهمك بفساد المعتقد والجهل بل والكفر، وأنت ترجو إقناعه وتحب له الخير، على الرغم مما يحمله لك من بغض وما يدبره له من مكائد.
ولعل مذهب الشيعة الإثنى عشرية يكون من أكثر المذاهب شقاقًا مع أهل السنة، فهناك الكثير والكثير من التناقضات والاختلافات بين سلف هذه الأمة، ومنهج الإثنى عشرية في العقائد والعبادات بل والمعاملات، بحيث تستطيع القول وأنت في غاية الاطمئنان: أن للشيعة دين غير ديننا، وهذا ليس من عنديتنا بل هو كلام شائع عندهم، ويكفيك في هذا الصدد أن تعرف أن الاثنى عشرية يكفرون جموع أهل السنة وأعيانهم.
وفي الكتاب الذي بين أيدينا (حوارات عقلية مع الطائفة الإثنى عشرية في المصادر) يسعى المؤلف إلى إقامة حوار بينه وبين مذهب الاثنى عشرية لإظهار ما عليه هذا المذهب من عوار وفساد؛ سيما في مسألة المصادر التي يستقون منها دينهم، أو بمعنى آخر: يسعى الكاتب إلى بيان مدى صحة نسبة مذهب الشيعة الإثنى عشرية إلى أهل البيت، من خلال مناقشة علمية لمصادرهم وحقيقة ثبوتيتها، وعليه اكتفى المؤلف بدراسة ست مسائل من المسائل المتعلقة بهذه القضية، وهي:
1-  أحوال الأشخاص الذين زعمت الشيعة الاثنا عشرية أنهم أصحاب البيت ورواة مذهبهم.
2- رواة العقائد الشيعية الاثنى عشرية الذين رووا عن أولئك الأصحاب.
3- أحوال الروايات المنسوبة إلى الأئمة المعصومين عند الطائفة.
4- أثرلا اختلاف الروايات المنسوبة إلى أئمة الطائفة على فتاوى علماء الطائفة.
5- مكانة علماء الطائفة القدامى عند علمائها المتأخرين.
6- أحوال المصادر الشيعية ومدى صلاحيتها لإثبات العقيدة والشريعة.
وجاء منهج المؤلف كما يلي: عرض الأمور السابق ذكرها من خلال المصادر الشيعية الاثنى عشرية نفسها وتحليلها وبيان النتائج المترتة عليها بطريقة حوارية.
وقد اشتمل الكتاب على واحد وعشرين مبحثًا. أورد المؤلف تحت كل مبحث مطلبين:
المطلب الأول: لعرض قضية من قضايا البحث.
المبحث الثاني: تحليل تلك القضية وبيان النتائج المترتبة على ما ورد فيه بعنوان (وقفات).
فبدأ الكاتب أول ما بدأ بالحديث عن عقيدة عصمة الأئمة عند الشيعة؛ لأهميتها، حيث أشار إلى أن هذا المبحث يعد بمثابة القاعدة لبقية المباحث الأخرى في هذا الكتاب، لتصور مراد الشيعة الاثنى عشرية بالإمامة، حيث تدعي الإثنا عشرية أنه لابد من وجود:
* إمام معصوم من الذنوب ومن الخطأ والسهو والنسيان.
* ينوب عن النبي صلى الله عليه وسلم في إبلاغ الدين وحفظه.
* وأنهم- أي الشيعة الاثنا عشرية- أخذوا دينهم من أولئك المعصومين.
* وأنه لابد من وجود ذلك المعصوم في كل عصر.
وفي هذا المبحث قام الباحث بالرد على القضيتين الأوليين من هذه الأربع، ثم أفرد لكل قضية من القضيتين الباقيتين مبحثًا مستقلاً.
ومن المباحث المهمة في هذا الكتاب، حديث المؤلف عن التقية عند الشيعة الاثنى عشرية، حيث عرض المؤلف لهذا العقيدة في مبحثه الثالث، مشيرًا إلى أن هدفه ليس الإحاطة بهذه العقيدة، وإنما الهدف من هذا العرض بيان أثرها على المذهب الشيعي بل على الدين كله لو صحت نسبتها إلى الدين بالمفهوم الشيعي، من خلال كتب الروايات الشيعية الاثنى عشرية.
وبعد عرض المؤلف لعقيدة التقية وما نسبه الشيعة للأئمة عندهم من روايات تدل على خوف الأئمة الشديد وركونهم إلى التقية، أوضح المؤلف أن هذا فيه دليل قوى على أن الروايات المنسوبة إلى آل البيت والتي تمتلئ بها مصادر الشيعة حتى يكاد بعضها يكون حمل بعير أنها مشكوك في صدورها عنهم، وهم قد عاشوا في زمن التقية الشديدة التي تمنعهم من تحديث الناس بما يريدون حسب تلك الروايات كذلك.
من الأمور التي تطعن في مصادر الشيعة وتزلزل أركانها ما أثاره المؤلف في مبحثه الرابع، وهو مسألة تناقض فتاوى الأئمة، حيث أوضح أن المتتبع لراويات الشيعة الإثنى عشرية يرى أن التناقض سمة بارزة في المذهب.. تناقض الفتاوى، وتناقض الروايات، وتناقض الجرح والتعديل، وتناقض المدح والذم.. وهكذا لا تكاد تجد جانبا من جوانب الدين ليس فيه تناقض، وهذا يوجب على العاقل أن يقف عند هذه الظاهرة الخطيرة ليعرف أسباب هذا التناقض..
ومن الموضوعات المهمة التي أثارها المؤلف أيضًا مسألة شكوى آل البيت من أصحابهم الشيعة، فالمطلع على أقوال أهل البيت الموجودة في المصادر الشيعية يرى عجبا! يرى أن جميع آل البيت الذين اتخذهم الشيعة الاثنا عشرية أئمة يشكون من أصحابهم الذين صحبوهم بل ويلعنونهم ولم يسلم من لعنهم حتى المشهورين منهم، فقد لعنوهم وتبرؤوا منهم، (وقد عرض المؤلف في المباحث اللاحقة لهذا المبحث كلامًا للأئمة يتهمون فيه أصحابهم بالكذب عليهم والدس في الرواية الكتب) فهل بعد هذا يوثق فيهم أن يرووا حديثًا أو ينقلوا خبرًا.
وفي المبحث الثاني عشر تحدث المؤلف عما رآه من قصور في كتب التراجم في التعريف بالرواه، فبناء على عقيدة عند الشيعة تقول أن الدين سيبقى محفوظًا بوجود الأئمة إلى قيام الساعة، أوضح المؤلف أن عقيدة كهذه كافية لصد معتنقها عن كتابة ما يقوله الإمام، وعن تتبع حال من ينقل عنه، إذ لا يعقل أن يكتبوا شيئا وهم يعتقدون مرافقة الأئمة إلى قيام الساعة، ولهذا فإن كل الدلائل تدل على أن الشيعة الاثنى عشرية لم يكن لها أي تصنيف قبل القرن الرابع الهجرى بخصوص الكلام عن الرواة جرحًا وتعديلًا.  ولهذا فكتب الشيعة لا تسعفهم- في الغالب- في التصحيح والتضعيف، وهذا يؤكد أن الرواية الشيعية غير محفوظة، وأن الشيعي لا يستطيع أن يجد المنهج الذي يصحح به رواياته من خلال مراجعه.
وتحت مبحث عمل الشيعة بروايات لا سند لها، أوضح المؤلف أن الشيعة فرقتين من حيث قبولهم للروايات؛ الأولى تسمى (الإخبارية)، والثانية (الأصولية)، فأما الإخبارية، فتعتقد أن كل الروايات المنسوبة إلى الأئمة صحيحة النسبة إليهم وخاصة الكتب الأربعة التي تعتبر المصادرؤ الأساسية للروايات الشيعية. ولهذا فهل يرفضون دراسة السند، أما الأصولية فترى ضرورة إخضاع النص للنقد ومنهج الجرح والتعديل.
وبين المؤلف أن هذا نظريا فقط، وإلا ففي الحقيقة أن كلا من الطائفتين تقبلان كل رواية تقرر عقائدهم، ويعدلون كل راو يروى ما يقوي مذهبهم. بل قد يقبلون كتبًا كاملة دون سند، ومثال ذلك كتاب نهج البلاغة.
ومن الدلائل على فساد المصادر الشيعية، والتي عرضها المؤلف، تأخر ظهور مصطلح الحديث، وهو أمر يتبع معتقدهم حول مرافقة الأئمة إلى يوم القيامة، بخلال أهل السنة، حيث بدأت عنايتهم بالحديث ووضع الضوابط الدقيقة لقبوله أو رده من القرن الأول للهجرة.
والكتاب مليئ بالموضوعات القيمة التي يقصر المقام عن ذكرها، وبه مباحث أغفلت الحديث عنها خشية الإطالة، فعلى مريد الإحاطة بهذه الجوانب تصفح هذا الكتاب الماتع الذي حرص فيه مؤلفه على الرجوع قد الاستطاعة إلى مراجع الشيعة الأصلية لا الاعتماد على مراجع وسيطة.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه خير قوم، والحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
 

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top