يُدْهِشُني ما يكتبه البعضُ من الكتاب والصحفيين من آراء وما يُدْلي به البعضُ من علماء وفقهاء المسلمين من فتاوي في موضوع السٌنة والشيعة .. إما عن حسن نية وغفلة في غير محلها وإما عن سوء نية لا يعلم دوافعها إلا الله ولذا أود أن ألفت النظر إلي ما في تسمية (السنة و الشيعة) من أخطاءٍ كثيرة أرجو أن نتجنبها منذ الآن فصاعدا ونسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية فنقول : المسلمون و الشيعة مثلما نقول المسلمون و اليهود و المسلمون و المسيحيون و المسلمون و الهندوس وهلم جرا.
فليس هناك مسلم غير سني لا يقتدي بسنة الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم. فأي مسلم هو بالضرورة أيضا سُّني ولذا لا يجوز تخصيص الكل بالجزء. كما أن عقائد الشيعة وأنا اعتبرها ديانة منفصلة أسميها (الديانة الشيعية) قد باتت مختلفة اختلافا جذريا مع صحيح عقائد الإسلام بحيث صارت ديانة مختلفة لها عقائدها ومصادرها وفقهها وأحاديثها وعباداتها .. إلخ .. التي تختلف كثيرا عن عقائد الإسلام. ويكفي للدلالة علي هذا أن عقائد الشيعة الأساسية وهي عقائد الولاية والإمامة والبداء والتقية والعصمة والغيبة والرجعة والطينة وغيرها لا ذكر لها في القرآن الكريم أو صحيح الحديث الشريف أو في عرف المسلمين إلا بطريق التأويل الفاسد الذي يلجأ إليه الضالون المضلون من أصحاب الهوي. كما أن سُنَّة الشيعة في الإقتداء بالأئمة تعلو علي سنتهم في الاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام. ويكفي مقارنة عدد الأحاديث المنسوبة للأئمة والتي يتعبد ويعتقد بها الشيعة بعدد الأحاديث المنسوبة للرسول الكريم في كتب الحديث التي يتبعها الشيعة مثل (الكافي للكليني) أو (بحار الأنوار للمجلسي) أو (مَنْ لا يحضَرُه الفقيه لإبن بابويه القمي) لتبين هذا فضلا عن عقائدهم في طبيعة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وفي تحريف القرآن وفي الخُمْس وفي زواج المتعة وفي أفضلية كربلاء علي الكعبة وفي إرتداد الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة الرسول إلا ثلاثة أو أربعة منهم وفي ارتكاب السيدة عائشة رضي الله عنها للفاحشة إضافةً إلي عقيدة إنتظارهم للمهدي الغائب الذي سيقوم بهدم الكعبة لبنائها علي قواعد الإيمان الصحيح كما سيقوم بإخراج جَسَدَّي سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما من قبريهما ويقوم بصَلْبهما عقابا لهما علي التآمر بعد وفاة الرسول لإغتصاب الخلافة من سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكذا لحرمان السيدة فاطمة إبنة الرسول من حقها في أرض (فدْك) والتسبب في إسقاط جنينها سيدنا محسن أو السر المخفي !! بسبب تعدي سيدنا عمر أثناء محاولة إجبارِه سيدنا علي عَلَى البيعة لسيدنا أبي بكر رضي الله عنهم جميعا. وأيضا سيقوم ــ أي المهدي الغائب ــ بإنفاذ الحد الشرعي في السيدة عائشة رضي الله عنها لإرتكابها الفاحشة أو كما يقولون تقيةً بسبب دورها في حادثة ماريا القبطية زوجة الرسول الكريم رضي الله عنها وكذلك قطع أيادي بني شيبة سَدَنة الكعبة ثم الحكم بشريعة سيدنا داود عليه السلام وليس بالقرآن الكريم .. إلخ.
إلا أننا في خضم هذا لا ينبغي تجاهُل أنَّ عديداً من المراجع الشيعية قد إهتدي إلي سبيل الحق وقام بنقد وتفنيد هذه العقائد وبيٌن بطلانَها كما إنتقد الكثير من عباداتهم في تكفير الصحابة وسبِّهِم .. إلخ. ومثال ذلك في كتب (لله ثم للتاريخ.. كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار) للسيد حسين الموسوي و(كسر الصنم) لآية الله أبو الفضل البرقعي و(سياحة في عالم التشيع.. الحوزة العلمية : أسرار وخفايا) لآية الله محب الدين عباس الكاظمي و(الشيعة والتصحيح .. الصراع بين الشيعة والتشيع) للدكتور موسي الموسوي .. وغيرها من كتابات الشيعة التصحيحية والتي تُعَدُّ بالعشرات.
أما ما يُرَدِّده البعضُ من علماء وفقهاء المسلمين عن وحدة العقيدة بين المسلمين والشيعة وأنَّ اختلافهم هو خلاف مذهبي فقط .. فهو أمر غير صحيح ينم عن غَفْلَةٍ وحُسْن نية في غير محلها أو عن جهل شديد بعقائد الشيعة أو عن سوء نية لا يعلم دوافعَها إلا الله. فالبهائيون أيضا يقولون إنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولكنه ليس خاتم الأنبياء وأن بهاء الله هو آخرهم لمدة لا تقل عن ألف عام قادمة .. إلي آخر ضلالاتهم المعروفة. والقاديانيون يسلكون مسلكا شبيها بالبهائيين. ولذا فإن الإيمان بأنه (لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) لا يُشارك فيه المسلمينَ الشيعةُ فقط ولكن أيضا بقية الفئات الضالة مثل البهائيين والقاديانيين. فالشيعة يؤمنون بأنه لا إله إلا الله وأنَّ محمدا رسول الله ولكنهم في حقيقة عقيدتهم يشركون سيدنا علي رضي الله عنه وكذا بقية الأئمة مع الله عز وجل في إدارة شئون الكون والخلق. فنحن كمسلمين نُسْلِمُ الأمرَ كله لله تعالي وحده أما الشيعة فلا كَوْن ولا حياة عندهم بغير وجود الأئمة ومشاركتهم الله في إدارة الكون. ولا يُقلل من هذا الشرك قولُهُم بأن هذه المشاركة إنما تتم بأمر الله ومشيئته فهذا أمر لم يَرِدْ في القرآن الكريم أو الحديث الصحيح أو في عقائد الإسلام الذي لا يعرف إلا رَبَّا واحدا لهذا الكون كله بغير نائب أو ولي أو وصي أو شريك.
إن ما ذكرتُه في السطور السابقة لا يمثل إلا قمة جبل الجليد العائم من الاختلافات بين عقيدة الإسلام والمسلمين وبين عقائد التشيع والشيعة كما وَرَدَتْ في كتبهم ومراجع عقائدهم والتي يجهلُها معظم مَنْ يتصدون للفتوي أو إبداء الرأي في هذا الموضوع حتي كبار علماء وفقهاء المسلمين وذلك بحجة رَأْبِ الصَدْع بين الفرق الإسلامية وهو عذر أقبح من الذنب لمن يجهل هذه الإختلافات لأنه يُفتي بغير علم ولا يشفع له حسنُ النية في هذا الأمر وهو أيضا إثم عظيم يُدَلِّس به علي سائر المسلمين إذا كان يعرف هذه الحقائق ويتجاهلها أو يتغافل عنها لأسباب لا يعلمها إلا الله ويؤدي إلي مزيد من الشرور كما أثبتَت أحداثُ التاريخ منذ سقوط بغداد الأول بسبب إبن العلقمي حتي سقوطها الأخير بسبب شيعة العراق الذين اتخذوا منذ البداية جانب المُمالأة لقوات العدو الأمريكي في مواجهة جهاد المسلمين من أجل تحرير العراق من الاستعمار الأمريكي.
ولذا فإنني أرجو أن نسمي الأمور منذ الآن فصاعدا بمسمياتها الحقيقية فنقول : (المسلمون و الشيعة) أو (الإسلام و الشيعية) .. حتي تتضح الأمور أمامَ مَنْ مازالوا حَسِني النية وحتي يتبين لهم الحقُ من الضلال.
مقال :
د. محمد سعد زغلول سالم
أستاذ الوراثة الطبية ــ كلية طب جامعة عين شمس
عضو المجالس القومية المتخصصة
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).