0

الرد على أكذوبة أن الفتنة تخرج من بيت عائشة

الشبهة:

ثبَت في الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أشار نحو مَسكنِ عائشة فقال: (هنا الفتنةُ - ثلاثًا - حيث يَطلُع قرنُ الشيطان)[البخاري (6680)، ومسلم(2905)]

وحاول الرافضة أن يَطعنوا في أم المؤمنين بهذا الحديث، وقالوا: "أراد أنَّ الفتنة تَخرج من بيتها؛ فهي إذًا سببُ الفتنة".

الجواب :

أوَّلاً: هذا فهم سقيم، وضلال مبين؛ إذ يَلزم من ذلكم التناقضُ في كلام النبيِّ المعصوم صلى الله عليه وسلم؛ إذ كيف يَسكُن في هذا البيت حتى يتوفَّاه الله، بل ويختارُ الله أن يكون مدفنُه فيه، وهل يرقُد نبينا صلى الله عليه وسلم في معقلِ الشيطان؟!

أفٍّ لما يُلقيه الشيطان! أجعلتم مدخل النبي ومسكنَه ومدفنه هو عينُه مخرجَ الشيطان، فهذا والله طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يكون طعنًا في عائشة.

ثانيًا: إن مسكن عائشة كان يَهبط فيه الوحيُ كما تقدم في الحديث قولُه صلى الله عليه وسلم: (والله، ما نزَل الوحي وأنا في لحافِ امرأة منكنَّ غيرها).[البخاري (2436)، (3554)]

ثالثًا: قول الراوي: "فأشار نحوَ مسكن عائشة"، فكيف فهمتُم أن الإشارة كانت لبيت عائشة وأنها سببُ الفتنة؟! والحديث لا يدل على هذا بأيِّ وجه من الوجوه، وهذه العبارة لا تَحتمل هذا الفَهم عند من له أدنى معرفةٍ بمقاصد الكلام.

فإنَّ الراوي قال: "أشار نحو مسكن عائشة"؛ أي: جهة مسكن عائشة، ومسكن عائشة رضي الله عنها يقع شرقيَّ مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فالإشارة إلى جهة المسكن وهو (المشرق) لا إلى المسكن نفسه، ولو كانت الإشارةُ إلى المسكن لقال: "أشار إلى مسكن عائشة"، ولم يقل: "إلى جهة مسكن عائشة"، والفرق بين التعبيرينِ واضح وجلي.

رابعًا: وهذا الحديث قد جاء مخرَّجًا في كتب السُّنة من الصحيحين وغيرهما من عدة طرُق، وبأكثرَ من لفظ، وقد جاء التصريح في بعض هذه الروايات بأن الإشارة كانت إلى المشرق، وجاء النصُّ في بعضها على البلاد المشار إليها بما يَدحضُ الشبهة، ويُغني عن التكلُّف في الرد عليها بأي شيء آخر.

وها هي بعض روايات الحديث من عدة طرق عن ابن عمر رضي الله عنهما:

فعن ليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبِل المشرق يقول: (ألا إنَّ الفتنة هاهنا؛ من حيثُ يَطلع قرنُ الشيطان) [البخاري (6680)، ومسلم (2905)]

وفي هذه الرواياتِ تحديدٌ صريح للجهة المشار إليها، (وهي جهة المشرق)، وفيها تفسيرٌ للمقصود بالإشارة في الرواية الأخرى.

قلت: وفي عصورنا ظهرَت البابية والبهائية والقاديانية وغيرهم.

خامسًا: كما جاء في بعض الروايات الأخرى للحديث تحديدُ البلاد المشار إليها.

فعن نافع عن ابن عمر قال: ذكَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمَنِنا)، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدِنا؟ فأظنه قال في الثالثة: (هناك الزلازل والفتن، وبها يَطلُع قرنُ الشيطان) [البخاري (990)، (6681)، والترمذي (3953)]

قال الخطابيُّ رحمه الله: "نجد من جهة المشرق، ومَن كان بالمدينة نجدُه باديةُ العراق ونواحيها، وهي مشرقُ أهلِ المدينة".[فتح الباري(13/7)]

وعن سالمِ بن عبد الله بن عُمر أنه قال: يا أهلَ العراق، ما أسألَكم عن الصَّغيرة، وأركبَكم للكبيرة! سمعتُ أبي عبدَ الله بن عمر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الفتنة تجيء من هاهنا) وأومَأَ بيده نحو المشرق، (من حيث يَطلع قرنا الشيطان). [رواه مسلم (2905)، وانظر صحيح البخاري(3105)]

وفي بعض الروايات جاء ذِكر بعض من يَقطُن تلك البلاد من القبائل ووصفُ حال أهلها.

فعن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: أشار رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيده نحوَ اليمن فقال: (ألا إن الإيمان هاهنا، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدَّادين؛ عند أصولِ أذناب الإبل، حيث يطلُع قرنا الشيطان، في ربيعةَ ومُضَر). [البخاري (3126)، (3307)، ومسلم(51)]

والفدَّادون: هم الذين تَعلو أصواتُهم في حُروثهم ومواشيهم، واحدُهم فدَّاد، وقيل: هم المُكثِرون من الإبل. [النهاية لابن الأثير(3/ 419)]

فدلت هذه الروايات دلالة قطعيَّة على بيان مرادِ النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (الفتنة هاهنا) وأن المقصود بذلك بلادُ المشرق، حيث جاءت الروايات مصرِّحة بهذا، كما جاء في بطلان ما تدَّعيه الشيعة من أن الإشارة كانت إلى بيت عائشة، فإن هذا قولٌ باطل، ورأيٌ ساقط.

لم يفهَمه أحدٌ، وما قال به أحدٌ سوى هؤلاء الشيعةِ، والذي يَحملهم على هذا هو بُغضهم لأمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

المصدر: شبكة الدفاع عن السنة

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top