0

موقف علماء الشيعة الرافضة من القرآن الكريم

مع الشيعة وجهاً لوجه، لابد وأن تتضح الحقيقة، حقيقة ما نسب إلى الشيعة الرافضة من القول بتحريف القرآن الكريم، وموقفهم مما أوردته كتبهم باستفاضة، وسطرته أقلام أئمتهم، ولم يظهر للشيعة السياسيين والمعاصرين موقف واضح فيه التبرؤ من هذا الكفر، وممن اعتقده أو قاله، ولا يكفي ذلك بل لابد من تحديد الموقف الشرعي ممن قال ذلك من أئمتهم أو من غير أئمتهم، وموقفهم من الكتب التي حوت ذلك القول المفترى، والأمر بالغ الصعوبة وليس بالسهل الهين، إذ يقع الشيعة بين أمرين أحلاهما مر، الأول الإنكار على من اعتقد هذا القول وتكفيره بحسب ما تقتضيه نصوص الشريعة الغراء، وإجماع الأمة، والبراءة ممن قال ذلك ومن كتبه، أو الصمت المريب الذي يجعلنا نحشر الشيعة في دائرة واحدة، بل هم من حشر نفسه في تلك الدائرة، لسكوتهم المريب، وبهذا نقول ليس من اعتقد تحريـف القرآن من أهل القبلة، ولا من أهل الإسلام.

ويمكننا عرض الموضوع بشيء من الحياد الموضوعي، وللقارئ العادي ـ فضلاً عمن له إلمام بالفرق، وتخصص بأهل المقالات ـ الإجابة على التساؤلات المطروحة في هذا الموضوع:

المقدمة:

لا شك أنّ من الشيعة المخلصين من يستنكر اعتقاد التحريف ويستقبحه، غير أن العتب عليهم فيما هم عليه من التمسك بالموروث الذي نشأوا فيه، ونشأ عليه آباؤهم، وتعظيمهم لمشايخ هذا المذهب الذين انتصروا لهذه الفكرة المخجلة وتحدثوا عنها بصراحة بالغة، ولم يكن لهؤلاء العقلاء موقف مراجعة من تراث الفكر الشيعي الذي يقرر هذه المقولة الكفرية الصارخة.

فليس يكفي منهم مجرد استنكار هذه الفكرة في المذهب فقط مع الإصرار على التمسك به، إذ أنّ الإصرار على البقاء على المذهب الخطأ إصرار على الخطأ، أليس كثير من النصارى يستنكرون عقيدة الثالوث ويعترضون على وثنيات الكنيسة وانحرافاتها، ويرفضون فكرة تأليه الإنسان؟ ومع ذلك هم باقون على عقيدة فاسدة مسايرة لما تركهم عليه الآباء والأجداد.

إنّ استنكار عامة الشيعة لفكرة اعتقاد التحريف في القرآن أرغمت مشايخهم على إنكار صدور هذه الفكرة من أبرز علماء الشيعة و أركان مذهبهم حتى قال آغا برزك معتذراً لشيخه في المذهب النوري: ( قال شيخنا النوري في آخر أيامه : أخطأت في تسمية الكتاب و كان الأجدر أن يسمى بـ فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب رب الأرباب لأني أثبت فيه أنّ كتاب الإسلام ( القرآن ) الموجود بين الدفتين المنتشر في بقاع العالم وحي إلهي بجميع سوره و آياته و جمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل و لا زيادة و لا نقصان و لا شك لأحد من الإمامية فيه ). كيف نستطيع قبول هذا النقل وكتاب النوري الذي أراد به إثبات تحريف القرآن والموسوم بـ (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) و ألحقه بكتاب (الرد على كشف الارتياب ) رداً على كتاب ( كشف الارتياب ) لمؤلف شيعي آخر هاجم فيه كتابه ( فصل الخطاب )، فانظر إلى إصرار النوري على هذه العقيدة، و دفاعه عنها، بل و عدم اقتناعه بالردود عليه و انظر بالمقابل إلى هذا الذي يحاول جاهداً رفع الملامة عن شيخه و لو بالكذب عليه!!! أو الكذب له...

ولذلك يقال:

على علماء الشيعة الصادقين في هذا الإنكار أولاً: تحديد موقف شرعي واضح يحمل في سياقه طابع الفتوى المجمعية لا الفردية، في قضية بهذا الحجم، ويكون حديثهم فيها بكل صراحة وجرئة عما اطلعوا عليه من كتبهم القديمة، والتي لا تزال تطبع مراراً وتكراراً، بل وتجد طريقها إلى العالم الإسلامي، لإفساد عقيدة أبنائه، وتعكير صفو الوفاق المنشود بين السنة والشيعة.

ثانياً: إصدار فتواهم في كفرالطاعنين في الوحي الخالد الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه}، فهل لعلماء الشيعة الجرأة اليوم على تكفير كبار علماءهم ( النوري، الجزائري، القمي، الكاشاني )؟{ اسألوهم إن كانوا ينطقون }.

التاريخ يجيبك بأن من يستنكرون نسبة القول بالتحريف إلى مذهبهم اليوم لم يحرروا فتواهم في قائل ذلك القول الشنيع، فضلاً عن أن يقيموا حد الردة عليه، لقوله بالتحريف و تأليفه كتاباً في الطعن في القرآن!!! بل اعتبروا كتابه ( مستدرك الوسائل ) ثامن أهم كتب الحديث المعتمدة في مذهبهم، و دفنوه بعد موته في مكان مقدس عندهم، يتمنى جُل الشيعة أن يُدفنوا هناك و لو ليوم واحد، ذاك هو بناء المشهد الرضوي بالنجف!!!

ولعل القارئ يقول: تركهم للتكفير ورعاً منهم!!! ولنا أن نسأل أين كان ورعهم هذا متوارياً عندما كفروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، العجب كل العجب من هؤلاء الذين يكفرون أصحاب رسول الله و يتفنون في شتمهم ولعنهم ليل نهار، بل و يكفرون من لم يؤمن بإمامة الأئمة الإثنى عشر، كيف لا يكفرون من يطعن بالقرآن؟!!

إنّ علماء الشيعة اليوم يعلمون أنّ تكفيرهم لكبار علماؤهم القدماء يعني بطلان مذهب الشيعة، و ذلك لأنّ مذهب الشيعة لم يقم إلا بهؤلاء و بجهودهم في توثيق روايات الأئمة و جمعها و كتابتها و شرحها و توجيهها، و إنما يأتي الخوف من حيث أنّ من تجرأ على القرآن و افترى عليه و حرّفه كيفما يشاء، كم من السهل عليه أن يفتري على رسول الله و على الأئمة و على الصحابة و على الناس أجمعين.

ويحاول كثير من الأتباع اليوم دفع هذا القول المنسوب إليهم والمنافحة وبقوة لإنكاره، ويذكر أن الشيخ إحسان إلاهي كان يلقي محاضرة في أحد المساجد في أميركا عن عقيدة تحريف القرآن عند الشيعة، فاعترض أحد الشيعة و قال: إن الشيعة لا يعتقدون بذلك.

عندها تحداه الشيخ إحسان أن يحضر له فتوى من علماء الشيعة بولاية أميركية واحدة يكفرون فيها من يقول بتحريف القرآن. و كانت النتيجة أن عجز هذا الشيعي عن إحضار هذه الفتوى و لو من عالم شيعي واحد! ولكي لا يكون هذا المقال مجرد رأي للكاتب يختلس به عواطف القراء نورد جملة من مقولات علماء الشيعة موثقة من كتبهم لا من كتب مخالفيهم من أهل السنة، والتي تدمغهم بالقول بتحريف القرآن منها تمثيلاً لا حصراً:

1 - قول الشيخ المفيد:

) إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان ( أوائل المقالات : ص 91.

2 - قول أبي الحسن العاملي :

( اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ).

3 - قول نعمة الله الجزائري :

( إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما، ومادة، وإعرابا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها ) .

4 - قول محمد باقر المجلسي :

في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث :

( موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح، ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟ ) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟

5 - قول سلطان محمد الخراساني :

(اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك ) .

6 - قول العلامة الحجة السيد عدنان البحراني:

قال : ( الأخبار التي لا تحصى (أي أخبار التحريف) كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر).

كبار علماء الشيعة يقولون بأن القول بتحريف و نقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة

ومن هؤلاء العلماء:

1 - أبو الحسن العاملي : إذ قال : (وعندي في وضوح صحة هذا القول تحريف القرآن وتغييره بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة ) .

2 -العلامة الحجة السيد عدنان البحراني: إذ قال: ( وكونه : أي القول بالتحريف ) من ضروريات مذهبهم ( أي الشيعة ) .

علماء الرافضة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص :

1- علي بن إبراهيم القمي :

قال في تفسيره ( ج1/36 ط دار السرور - بيروت ) :

وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران : 110] فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : { خير أمة } يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام ؟ فقيل له : وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال : إنما نزلت :( كنتم خير أئمة أخرجت للناس) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ومثله آية قرئت على أبي عبد اللــــه عليـه السلام { الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } [الفرقان : 74] فقال أبو عبد الله عليه السلام : لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما. فقيل له : يا ابن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال : إنما نزلت : ( الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما) وقوله : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } [الرعـد : 10] فقال أبو عبد الله : كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل له : وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال : إنما نزلت ( له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله) ومثله كثير.

وقال أيضا في تفسيره ( ج1/37 دار السرور. بيروت ) :

وأما ما هو محرف فهو قوله : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) (النساء : 166) وقوله ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ( المائدة : 67 ) وقوله : ( إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ) (النساء : 168) وقوله : (وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون)(الشعراء 227) وقوله : (ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت ) (الأنعا:93).

ويجدر الإشارة هنا إلى أن دار الأعلمي ببيروت قامت بطباعة تفسير القمي، لكنها حذفت مقدمة الكتاب للسيد طيب الموسوي لأنه صرح بالعلماء الذين طعنوا في القرآن من الشيعة، وذلك لحاجة في نفوس الشيعة قضوها.

أخي المسلم: أنت تعلم أن كلمة (في علي )و (آل محمد )ليستا في القرآن الكريم المحكم المنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، والسنة مملوءة بفضائل علي وبيان منزلته ووجوب محبته ومحبة آل البيت، والوصية بهم من النبي معلومة، ولسنا بحاجة إلى تحريف القرآن وادعاء ذلك لكي نثبت أو نجحد محبة آل البيت، ولكن من طمس الله على بصائرهم وأعمى أبصارهم يفعلون ذلك.

-2 نعمة الله الجزائري واعترافه بالتحريف:

قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية 2/357، 358 :

(إن تسليم تواترها ( القراءات السبع ) عن الوحي الإلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعرابا، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها (يقصد صحة وتصديق الروايات التي تذكر بأن القرآن محرف).

نعم قد خالف فيها المرتضى والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل ).

(والظاهر أن هذا القول ( أي إنكار التحريف ) إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليهم بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها وهذا الكلام من الجزائرى يعني أن قولهم ( أي المنكرين للتحريف ) ليس عن عقيدة بل لأجل مصالح أخرى).

ويمضي نعمة الله الجزائري فيقرر أن أيادي الصحابة امتدت إلى القرآن وحرفته وحذفت منه الآيات التي تدل على فضل الأئمة فيقول 1/97: (ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة(يقصد الأحاديث التي تروي مناقب وفضائل الصحابة رضوان الله عليهم) فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو أعظم من هذا كتغييرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرين وفضائح المنافقين وإظهار مساويهم كما سيأتي بيانه في نور القرآن) عزيزي القارئ إن المقصود في نور القرآن هو فصل في كتاب الأنوار النعمانية لكن هذا الفصل حذف من الكتاب في طبعات متأخرة لخطورته.

ويعزف الجزائري على النغمة المشهورة عند الشيعة بأن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلا علي رضوان الله عليه، وأن القرآن الصحيح عند المهدي، وأن الصحابة ما صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم إلا لتغيير دينه وتحريف القرآن فيقول: 2/360،361،362 :

(قد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين عليه السلام بوصية من النبي صلى الله عليه وسلم، فبقي بعد موته ستة أشهر مشتغلا بجمعه، فلما جمعه كما أنزل أتي به إلى المتخلفين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : هذا كتاب الله كما أنزل فقال له عمر بن الخطاب : لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك، عندنا قرآن كتبه عثمان، فقال لهم علي : لن تروه بعد اليوم ولا يراه أحد حتى يظهر ولدي المهدي عليه السلام. وفي ذلك القرآن(يقصد القرآن الذي عند المهدي) زيادات كثيرة وهو خال من التحريف، وذلك أن عثمان قد كان من كتاب الوحي لمصلحة رآها صلى الله عليه وسلم وهي أن لا يكذبوه في أمر القرآن بأن يقولوا إنه مفترى أو إنه لم ينزل به الروح الأمين كما قاله أسلافهم، بل قالوه أيضا، وكذلك جعل معاوية من الكتاب قبل موته بستة أشهر لمثل هذه المصلحة أيضا، وعثمان وأضرابه ما كانوا يحضرون إلا في المسجد مع جماعة الناس فما يكتبون إلا ما نزل به جبرائيل عليه السلام. أما الذي كان يأتي به داخل بيته صلى الله عليه وسلم فلم يكن يكتبه إلا أمير المؤمنين عليه السلام لأن له المحرمية دخولاً وخروجاً، فكان ينفرد بكتابة مثل هذا وهذا القرآن الموجود الآن في أيدي الناس هو خط عثمان، وسموه الإمام وأحرقوا ما سواه أو أخفوه، وبعثوا به زمن تخلفه إلى الأقطار والأمصار ومن ثم ترى قواعد خطه تخالف قواعد العربية).

وقد أرسل عمر بن الخطاب زمن تخلفه إلى علي عليه السلام بأن يبعث له القرآن الأصلي الذي هو ألفه وكان عليه السلام يعلم أنه طلبه لأجل أن يحرقه كقرآن ابن مسعود أو يخفيه عنده حتى يقول الناس : إن القرآن هو هذا الكتاب الذي كتبه عثمان لا غير فلم يبعث به إليه وهو الآن موجود عند مولانا المهدي عليه السلام مع الكتب السماوية ومواريث الأنبياء ولما جلس أمير المؤمنين عليه السلام على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء، وقد بقي القرآن الذي كتبه عثمان حتى وقع في أيدي القراء فتصرفوا فيه بالمد والإدغام والتقاء الساكنين مثل ما تصرف فيه عثمان وأصحابه وقد تصرفوا في بعض الآيات تصرفا نفرت الطباع منه وحكم العقل بأنه ما نزل هكذا.

التعليق:

هل هذا الكلام من العالم الجزائري الشيعي يصلح جواباً لكل شيعي يسأل نفسه لماذا لم يظهر علي رضى الله عنه القرآن الأصلي وقت خلافته هو؟!!

وقال أيضا في ج 2/363 :

فإن قلت كيف جاز القراءة في هذا القرآن مع ما لحقه من التغيير؟

قلت: قد روي في الأخبار أنهم عليهم السلام أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتى يظهر مولانا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن من أيدي الناس إلى السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين عليه السلام فيقرى ويعمل بأحكامه؟

التعليق:

هل هذا الجواب من العالم الجزائري الشيعي يقنع الشيعة أنفسهم فضلاً عن السنة من المسلمين؟!! يسألون لماذا يقرأ الشيعة القرآن الذي بين أيدينا مع أنه محرف ـ على حد زعمهم وافترائهم ـ ؟!!!

3-الفيض الكاشاني ( المتوفي 1091 هـ ) :

وممن صرح بالتحريف من علمائهم : مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير(الصافي ).

قال في مقدمة تفسيره معللا تسمية كتابه بهذا الاسم (وبالحري أن يسمى هذا التفسير بالصافي لصفائه عن كدورات آراء العامة والممل والمحير) تفسير الصافي - منشورات مكتبة الصدر - طهران - إيران ج1 ص13.

وقد مهد لكتابه هذا باثنتي عشرة مقدمة، خصص المقدمة السادسة لإثبات تحريف القرآن، وعنون لهذه المقدمة بقوله ( المقدمة السادسة في نُبَذٍ مما جاء في جمع القرآن، وتحريفه وزيادته ونقصه، وتأويل ذلك) المصدر السابق ص 40.

وبعد أن ذكر الروايات التي استدل بها على تحريف القرآن، والتي نقلها من أوثق المصادر المعتمدة عندهم، خرج بالنتيجة التالية فقال: (والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي عليه السلام، في كثير من المواضع، ومنها لفظة آل محمد

صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها، ومنها غير ذلك، وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله، وعند رسول صلى الله عليه وآله وسلم )، تفسير الصافي 1/49 منشورات الأعلمي ـ بيروت، ومنشورات الصدر - طهران.

ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية قال : (وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي فإن تفسيره مملوء منه، وله غلو فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي فإنه أيضا نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج )تفسير الصافي 1/52 منشورات الأعلمي ـ بيروت، ومنشورات الصدر - طهران.

4- أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي ( المتوفي سنة 620هـ ) :

روى الطبرسي في الاحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال: (لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علي عليه السلام القرآن، وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال : يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت ، وكان قارئا للقرآن ، فقال له عمر : إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلى ذلك.. فلما استخلف عمر سأل عليا أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم) الاحتجاج للطبرسي منشورات الأعلمي - بيروت - ص 155 ج1.

ويزعم الطبرسي أن الله تعالى عندما ذكر قصص الجرائم في القرآن صرح بأسماء مرتكبيها، لكن الصحابة حذفوا هذه الأسماء، فبقيت القصص مكناة. يقول : (إن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن، ليست من فعله تعالى، وإنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، واعتاضوا الدنيا من الدين )المصدر السابق 1/249.

ولم يكتف الطبرسي بتحريف ألفاظ القرآن، بل أخذ يؤول معانيه تبعا لهوى نفسه، فزعم أن في القرآن الكريم رموزا فيها فضائح المنافقين، وهذه الرموز لا يعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه( المصدر السابق 1/253).

هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن، وما أظهره لا يعد شيئا مما أخفاه في نفسه، وذلك تمسكا بمبدأ ( التقية ) يقول : (ولو شرحت لك كلما أسقط وحرف وبدل، مما يجري هذا المجرى لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء، ومثالب الأعداء)المصدر السابق 1/254.

ويقول في موضع آخر محذرا الشيعة من الإفصاح عن التقيه (وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الائتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق )المصدر السابق 1/249.

5- محمــد باقــــر المجلســـــي :

و يرى المجلسي أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلى إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة على حد زعمهم فيقول في كتابه (مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول) (الجزء الثاني عشر ص 525) في معرض شرحه الحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية قال عن هذا الحديث: (موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأسا، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الامامة فكيف يثبتونها بالخبر ؟ ) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟

وأيضا يستبعد المجلسي أن تكون الآيات الزائدة تفسيراً (مرآة العقول للمجلسي ص 525 ح 12 دار الكتب الإسلامية ـ ايران).

وأيضا بوب في كتابه بحار الأنوار بابا بعنوان (باب التحريف في الآيات التي هي خلاف ما أنزل الله ) بحار الانوار ج 89 ص 66 - كتاب القرآن.

6-الشيخ محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد.

أما المفيد الذي يعد من مؤسسي المذهب فقد نقل إجماعهم على التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة.

قال في ( أوائل المقالات ) : (واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف، واتفقوا على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس، واتفقوا أن أئمة الضلال (يقصد الصحابة) خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأجمعت المعتزلة، والخوارج، والزيدية والمرجئة، وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه ) ( أوائل المقالات ص 48 ـ 49 دار الكتاب الإسلامي ـ بيروت).

وقال أيضا : إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين فيه من الحذف والنقصان (المصدر السابق ص 91 ).

وقال ايضا (ذكرها آية الله العظمي على الفاني الأصفهاني في كتابه آراء حول القرآن ص 133، دار الهادي - بيروت) حين سئل في كتابه ( المسائل السروية) ما قولك في القرآن. أهو ما بين الدفتين الذي في أيدى الناس أم هل ضاع مما أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم منه شيء أم لا؟ وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين ( ع ) أم ما جمعه عثمان على ما يذكره المخالفون.

وأجاب : إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر وهو جمهور المنزل والباقي مما أنزله الله تعالى قرآنا عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام لم يضع منه شيء وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك منها : قصوره عن معرفة بعضه. ومنها : ماشك فيه ومنها ما عمد بنفسه ومنها : ما تعمد إخراجه. وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي على المدني والمنسوخ على الناسخ ووضع كل شيء منه في حقه ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق : أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، إلى أن قال : غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة ولا نقصان منه إلى أن يقوم القائم (ع) فيقرئ الناس القرآن على ما أنزل الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام ونهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر وإنما جاء بالآحاد (الشيعة لا يستطيعون أن يثبتوا التواتر إلا بنقل أهل السنة فيكون القرآن كله عندهم آحاد)، و قد يغلط الواحد فيما ينقله ولأنه متى قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف وأغرى به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا (ع) من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين. ( المسائل السرورية ص 78-81 من

موقف علماء الشيعة الرافضة من القرآن الكريم

جمع وترتيب: الشيخ أبو السمح اليمني

مع الشيعة وجهاً لوجه، لابد وأن تتضح الحقيقة، حقيقة ما نسب إلى الشيعة الرافضة من القول بتحريف القرآن الكريم، وموقفهم مما أوردته كتبهم باستفاضة، وسطرته أقلام أئمتهم، ولم يظهر للشيعة السياسيين والمعاصرين موقف واضح فيه التبرؤ من هذا الكفر، وممن اعتقده أو قاله، ولا يكفي ذلك بل لابد من تحديد الموقف الشرعي ممن قال ذلك من أئمتهم أو من غير أئمتهم، وموقفهم من الكتب التي حوت ذلك القول المفترى، والأمر بالغ الصعوبة وليس بالسهل الهين، إذ يقع الشيعة بين أمرين أحلاهما مر، الأول الإنكار على من اعتقد هذا القول وتكفيره بحسب ما تقتضيه نصوص الشريعة الغراء، وإجماع الأمة، والبراءة ممن قال ذلك ومن كتبه، أو الصمت المريب الذي يجعلنا نحشر الشيعة في دائرة واحدة، بل هم من حشر نفسه في تلك الدائرة، لسكوتهم المريب، وبهذا نقول ليس من اعتقد تحريـف القرآن من أهل القبلة، ولا من أهل الإسلام.

ويمكننا عرض الموضوع بشيء من الحياد الموضوعي، وللقارئ العادي ـ فضلاً عمن له إلمام بالفرق، وتخصص بأهل المقالات ـ الإجابة على التساؤلات المطروحة في هذا الموضوع:

المقدمة:

لا شك أنّ من الشيعة المخلصين من يستنكر اعتقاد التحريف ويستقبحه، غير أن العتب عليهم فيما هم عليه من التمسك بالموروث الذي نشأوا فيه، ونشأ عليه آباؤهم، وتعظيمهم لمشايخ هذا المذهب الذين انتصروا لهذه الفكرة المخجلة وتحدثوا عنها بصراحة بالغة، ولم يكن لهؤلاء العقلاء موقف مراجعة من تراث الفكر الشيعي الذي يقرر هذه المقولة الكفرية الصارخة.

فليس يكفي منهم مجرد استنكار هذه الفكرة في المذهب فقط مع الإصرار على التمسك به، إذ أنّ الإصرار على البقاء على المذهب الخطأ إصرار على الخطأ، أليس كثير من النصارى يستنكرون عقيدة الثالوث ويعترضون على وثنيات الكنيسة وانحرافاتها، ويرفضون فكرة تأليه الإنسان؟ ومع ذلك هم باقون على عقيدة فاسدة مسايرة لما تركهم عليه الآباء والأجداد.

إنّ استنكار عامة الشيعة لفكرة اعتقاد التحريف في القرآن أرغمت مشايخهم على إنكار صدور هذه الفكرة من أبرز علماء الشيعة و أركان مذهبهم حتى قال آغا برزك معتذراً لشيخه في المذهب النوري: ( قال شيخنا النوري في آخر أيامه : أخطأت في تسمية الكتاب و كان الأجدر أن يسمى بـ فصل الخطاب في عدم تحريف كتاب رب الأرباب لأني أثبت فيه أنّ كتاب الإسلام ( القرآن ) الموجود بين الدفتين المنتشر في بقاع العالم وحي إلهي بجميع سوره و آياته و جمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل و لا زيادة و لا نقصان و لا شك لأحد من الإمامية فيه ). كيف نستطيع قبول هذا النقل وكتاب النوري الذي أراد به إثبات تحريف القرآن والموسوم بـ (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) و ألحقه بكتاب (الرد على كشف الارتياب ) رداً على كتاب ( كشف الارتياب ) لمؤلف شيعي آخر هاجم فيه كتابه ( فصل الخطاب )، فانظر إلى إصرار النوري على هذه العقيدة، و دفاعه عنها، بل و عدم اقتناعه بالردود عليه و انظر بالمقابل إلى هذا الذي يحاول جاهداً رفع الملامة عن شيخه و لو بالكذب عليه!!! أو الكذب له...

ولذلك يقال:

على علماء الشيعة الصادقين في هذا الإنكار أولاً: تحديد موقف شرعي واضح يحمل في سياقه طابع الفتوى المجمعية لا الفردية، في قضية بهذا الحجم، ويكون حديثهم فيها بكل صراحة وجرئة عما اطلعوا عليه من كتبهم القديمة، والتي لا تزال تطبع مراراً وتكراراً، بل وتجد طريقها إلى العالم الإسلامي، لإفساد عقيدة أبنائه، وتعكير صفو الوفاق المنشود بين السنة والشيعة.

ثانياً: إصدار فتواهم في كفرالطاعنين في الوحي الخالد الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه}، فهل لعلماء الشيعة الجرأة اليوم على تكفير كبار علماءهم ( النوري، الجزائري، القمي، الكاشاني )؟{ اسألوهم إن كانوا ينطقون }.

التاريخ يجيبك بأن من يستنكرون نسبة القول بالتحريف إلى مذهبهم اليوم لم يحرروا فتواهم في قائل ذلك القول الشنيع، فضلاً عن أن يقيموا حد الردة عليه، لقوله بالتحريف و تأليفه كتاباً في الطعن في القرآن!!! بل اعتبروا كتابه ( مستدرك الوسائل ) ثامن أهم كتب الحديث المعتمدة في مذهبهم، و دفنوه بعد موته في مكان مقدس عندهم، يتمنى جُل الشيعة أن يُدفنوا هناك و لو ليوم واحد، ذاك هو بناء المشهد الرضوي بالنجف!!!

ولعل القارئ يقول: تركهم للتكفير ورعاً منهم!!! ولنا أن نسأل أين كان ورعهم هذا متوارياً عندما كفروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، العجب كل العجب من هؤلاء الذين يكفرون أصحاب رسول الله و يتفنون في شتمهم ولعنهم ليل نهار، بل و يكفرون من لم يؤمن بإمامة الأئمة الإثنى عشر، كيف لا يكفرون من يطعن بالقرآن؟!!

إنّ علماء الشيعة اليوم يعلمون أنّ تكفيرهم لكبار علماؤهم القدماء يعني بطلان مذهب الشيعة، و ذلك لأنّ مذهب الشيعة لم يقم إلا بهؤلاء و بجهودهم في توثيق روايات الأئمة و جمعها و كتابتها و شرحها و توجيهها، و إنما يأتي الخوف من حيث أنّ من تجرأ على القرآن و افترى عليه و حرّفه كيفما يشاء، كم من السهل عليه أن يفتري على رسول الله و على الأئمة و على الصحابة و على الناس أجمعين.

ويحاول كثير من الأتباع اليوم دفع هذا القول المنسوب إليهم والمنافحة وبقوة لإنكاره، ويذكر أن الشيخ إحسان إلاهي كان يلقي محاضرة في أحد المساجد في أميركا عن عقيدة تحريف القرآن عند الشيعة، فاعترض أحد الشيعة و قال: إن الشيعة لا يعتقدون بذلك.

عندها تحداه الشيخ إحسان أن يحضر له فتوى من علماء الشيعة بولاية أميركية واحدة يكفرون فيها من يقول بتحريف القرآن. و كانت النتيجة أن عجز هذا الشيعي عن إحضار هذه الفتوى و لو من عالم شيعي واحد! ولكي لا يكون هذا المقال مجرد رأي للكاتب يختلس به عواطف القراء نورد جملة من مقولات علماء الشيعة موثقة من كتبهم لا من كتب مخالفيهم من أهل السنة، والتي تدمغهم بالقول بتحريف القرآن منها تمثيلاً لا حصراً:

1 - قول الشيخ المفيد:

) إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان ( أوائل المقالات : ص 91.

2 - قول أبي الحسن العاملي :

( اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ).

3 - قول نعمة الله الجزائري :

( إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما، ومادة، وإعرابا، مع أن أصحابنا قد أطبقوا على صحتها والتصديق بها ) .

4 - قول محمد باقر المجلسي :

في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث :

( موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح، ولا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الاعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر؟ ) أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف ؟

5 - قول سلطان محمد الخراساني :

(اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك ) .

6 - قول العلامة الحجة السيد عدنان البحراني:

قال : ( الأخبار التي لا تحصى (أي أخبار التحريف) كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر).

كبار علماء الشيعة يقولون بأن القول بتحريف و نقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة

ومن هؤلاء العلماء:

1 - أبو الحسن العاملي : إذ قال : (وعندي في وضوح صحة هذا القول تحريف القرآن وتغييره بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وأنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة ) .

2 -العلامة الحجة السيد عدنان البحراني: إذ قال: ( وكونه : أي القول بالتحريف ) من ضروريات مذهبهم ( أي الشيعة ) .

علماء الرافضة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص :

1- علي بن إبراهيم القمي :

قال في تفسيره ( ج1/36 ط دار السرور - بيروت ) :

وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران : 110] فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : { خير أمة } يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي عليهم السلام ؟ فقيل له : وكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال : إنما نزلت :( كنتم خير أئمة أخرجت للناس) ألا ترى مدح الله لهم في آخر الآية { تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ومثله آية قرئت على أبي عبد اللــــه عليـه السلام { الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } [الفرقان : 74] فقال أبو عبد الله عليه السلام : لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما. فقيل له : يا ابن رسول الله كيف نزلت ؟ فقال : إنما نزلت : ( الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما) وقوله : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } [الرعـد : 10] فقال أبو عبد الله : كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل له : وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال : إنما نزلت ( له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله) ومثله كثير.

وقال أيضا في تفسيره ( ج1/37 دار السرور. بيروت ) :

وأما ما هو محرف فهو قوله : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) (النساء : 166) وقوله ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك في علي فإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ( المائدة : 67 ) وقوله : ( إن الذين كفروا وظلموا آل محمد حقهم لم يكن الله ليغفر لهم ) (النساء : 168) وقوله : (وسيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون)(الشعراء 227) وقوله : (ولو ترى الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت ) (الأنعا:93).

ويجدر الإشارة هنا إلى أن دار الأعلمي ببيروت قامت بطباعة تفسير القمي، لكنها حذفت مقدمة الكتاب للسيد طيب الموسوي لأنه صرح بالعلماء الذين طعنوا في القرآن من الشيعة، وذلك لحاجة في نفوس الشيعة قضوها.

أخي المسلم: أنت تعلم أن كلمة (في علي )و (آل محمد )ليستا في القرآن الكريم المحكم المنزل على قلب محمد صلى الل�%

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top