أثار الإعلام الإيراني حفيظة الرئاسة التونسية، بإطلاق شائعات كاذبة تروج لتصريحات تونسية مغلوطة تدعم طهران، ليفتح من جديد ملف العلاقات بين إيران ودول المغرب العربي.
الرئاسة التونسية نفت، مؤخراً، تصريحات منسوبة للرئيس الباجي قائد السبسي، قال فيها إن إيران هي "حامية العالم الإسلامي من إسرائيل"، وذلك بعد ترويج وكالات أنباء إيرانية، ما أثار ردود أفعال وحالة من الجدل.
اللقاء الذي جمع بين السبسي ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني رضا صالحي أميري، في 31 مارس/آذار 2017، جاء مواكباً لمشاركة إيرانية في فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب، والحديث بكثرة عن السينما الإيرانية.
ونفياً لادعاءات الإعلام الإيراني، أكد بيان الرئاسة التونسية أن "هناك تحريفاً واضحاً واستغلالاً إعلاميّاً كبيراً لهذا اللقاء ومضمونه"، لافتاً إلى أن "الدبلوماسية التونسية ليس من عاداتها أصلاً أن تتخذ مثل تلك المواقف وبتلك المصطلحات".
ورغم ذلك فإن الباحث الجزائري إدريس ربوح ألقى باللوم على الدول العربية، باعتبارها حائط الصد ضد النفوذ الإيراني في المنطقة، محذراً من التوغل الشيعي في المنطقة.
وفي تعليقه على لقاء أميري بالسبسي، قال الباحث الجزائري، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، إن التعاون الإيراني مع دول المغرب العربي، وتطبيع العلاقات بينهم، ليس بالأمر الجديد، مؤكداً أن زيارة وزير الثقافة والإرشاد الإيراني، رضا صالحي أميري، ومشاركته في معرض الكتاب في تونس، واستقبال رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، له باعتباره الرجل الثاني بعد رئيس الجمهورية، يدل على المستوى الرفيع الذي يجمع البلدين، واهتمام دول المغرب العربي وحرصها على هذا التعاون مع إيران.
بيان الرئاسة التونسية أكد أن اللقاء تناول "علاقات التعاون بين البلدين، وأهمية أن تستفيد إيران من فك العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليها لعقود، وأن تعمل على التفاعل إيجابياً، والانفتاح على محيطها الإقليمي وتحسين علاقاتها بدول الجوار"، حسبما نشرته وكالة الأنباء التونسية.
- تحرك إيراني
ربوح أشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن دول المغرب العربي على قناعة بأن إيران تتحرك في كل منطقة فيها غياب لدور عربي حقيقي وفعال وجاد.
وحذّر ربوح من الاستهانة العربية بالتحرك الإيراني في المنطقة، في إشارة إلى أن طهران تسعى لاستثمار كل الفرص، بل تصرح بمعلومات وتصريحات لم يتم التداول فيها، من أجل تحقيق مآرب أخرى، ضارباً مثالاً بما رُوِّج له بعد لقاء أميري بالسبسي.
ورغم أن النفي التونسي جاء على المزاعم الإيرانية، فإن ربوح تساءل عن فائدة الرد إن جاء متأخراً، "وقد تحقق المراد الإيراني بالترويج لإشاعات تركت انطباعاً قوياً لدى الناس"، مستبعداً أن يكون للنفي التونسي نفس التأثير لدى الرأي العام، بعد ترويج الإشاعة الإيرانية.
وأكد ربوح أن أميري استطاع توظيف زيارته للسبسي بما يريد ويسعى لتحقيقه، حتى وإن كان هناك نفيٌ وتكذيبٌ فيما بعد.
وطالب ربوح دول الخليج العربي باستغلال كل المساحات الممكنة لإغلاق الطريق أمام توسع إيران، "خاصةً أن هذه المساحات ستعزز مساحة الأمن القومي العربي، ومن ثم يمكنها التحرك مع الدول العربية والفاعلين في المنطقة من المغاربة لمواجهة الاختراق الإيراني في المغرب العربي وأفريقيا".
- إيران والتشيع في تونس
وسجلت إيران حضوراً لافتاً في معرض تونس الدولي للكتاب، حيث تمثلت المشاركة الإيرانية في عدد من الأجنحة لمؤسسة المعارض الثقافية الإيرانية ومجمع أهل البيت والقسم الثقافي لسفارة إيران في تونس.
كما تصدرت كتب الخميني المعروضات الإيرانية، بالإضافة إلى كتب تناقش فكرة "الاثني عشرية" وكتب عن إيران، وصور وأدلة تعرف بجمهورية ولاية الفقيه، وهو ما يعزز الحضور الثقافي الإيراني في تونس.
مصدر تونسي مطلع كشف أن "الملحقية الثقافية لسفارة طهران في تونس تكثف من أنشطتها الرامية لاستقطاب الشباب التونسي، كما توفر دورات مجانية لدراسة اللغة الفارسية".
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "إيران في سنوات سابقة نظمت زيارات جماعية لفئات مختلفة من المجتمع التونسي تنوعت بين سياسيين وصحفيين وحقوقيين، في محاولة لفتح آفاق لسياساتها التوسعية في المنطقة العربية، والتي ترتكز على الفكر الخميني الاثنا عشري، في الوقت الذي نجحت فيه إيران بإيجاد أذرع لها في المشرق العربي؛ على غرار مليشيات حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، إلا أنها لم تسجل أي اختراق بارز في دول المغرب العربي، رغم تصاعد أنشطتها، خصوصاً في الجزائر".
- العلاقات الإيرانية التونسية
ومؤخراً، سجلت العلاقات التونسية الإيرانية تطوراً بعد إبرام العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون بين البلدين في قطاع السياحة، وإنشاء خط جوي مباشر بين البلدين، وبرنامج تنفيذي لتوسيع السياحة الإيرانية في البلاد.
برنامج التعاون بين البلدين أبرم لمدة 3 سنوات، يشمل مشاريع استثمارية، وتسهيل حركة السياحة، ومساعدة وكالات الأسفار على تصميم برامج سياحية مشتركة، وتبادل الخبرات، والمشاركة في المعارض.
وعلى الرغم من توتر العلاقات التونسية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، فإنه ومنذ 1990 أعادت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية، التي تجسدت في توسيع العلاقات في مختلف الأصعدة، وإنشاء لجنة مشتركة دائمة تنعقد كل ستة أشهر برئاسة نائب رئيس الجمهورية الإيرانية والوزير الأول التونسي أي بمعدل اجتماع سنوي في كل عاصمة، عقد حتى الآن تسعة اجتماعات دورية، بالإضافة إلى انعقاد منتدى سنوي يضم عدداً كبيراً من رجال أعمال الدولتين.
وفي 16 يناير/كانون الثاني الماضي، وقع البلدان اتفاقاً تجارياً، بمقتضاه تنخفض الرسوم الجمركية بينهما، بالإضافة لتوقيع أكثر من ثلاثين مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري سابقاً.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).