0

معتز بالله محمد – كاتب مصري

 

خاص بالراصد

تأسس المجمع العالمي لأهل البيت بأمر مباشر من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية عام 1990 بهدف "نشر معارف أهل البيت وترسيخ الوحدة الإسلامية والعمل على اكتشاف وتنظيم وتعليم ودعم أتباع العترة الطاهرة عليهم السلام" وهو ما يعني بكلمات أخرى نشر التشيع، وتغذية ودعم المد الشيعي بكافة الطرق الممكنة حول العالم.

والمجمع أشبه ما يكون بشبكة دولية، أو بالأحرى دولة شيعية عالمية مصغرة هدفها وضع مشاريع وخطط دورية لنشر التشيع في العالم تشرف على تنفيذها شخصيات رفيعة المستوى من النخب والرموز الشيعية حول العالم، ولعل البند الرابع في بيان المجمع عن أهداف التأسيس، يكشف الكثير من آلية عمله واعتماده ميزانيات ضخمة لتجنيد العملاء والأتباع، حيث ينص هذا البند على "مكافحة الفقر والجوع والمحاولة لإيجاد السلام الدولي، توسعة الأسس المادية والمعنوية لأتباع أهل البيت(ع) في العالم والمساعدة علی نمو وإصلاح الوضع الفكري، والثقافي، والسياسي والاقتصادي، والاجتماعي لأتباع أهل البيت(ع)".

تحركات ونشاطات المجمع في الدول السنية تتم تحت غطاء تحقيق الوحدة الإسلامية، وهو الشعار الذي قد لا يخلو منه أي من بياناته، لكن المتابع لأنشطة المجمع لا يجد عناء في اكتشاف اصطفاف هذه المنظمة قلبا وقالبا إلى جانب المشروع الطائفي لاسيما في دول مثل العراق وسوريا ولبنان والبحرين وأخيرا اليمن.

يتكون المجمع من هيئات وأذرع مختلفة تتنوع نشاطاتها المعلنة بين طرح ومناقشة البرامج ووضع الأهداف وآليات العمل، والخطط الثقافية والاقتصادية في مختلف الدول حول العالم لدفع المشروع الشيعي.

الجمعية العامة

إذا ما شبّهنا المجمع العالمي لأهل البيت بدولة مصغرة، فيمكننا أيضا تشبيه الجمعية العامة للمجمع بمواطني هذه الدولة، فهي التي تصوّت على انتخاب الهيئة العليا التي تعد حكومة هذه الدولة المفترضة. وتتكون الجمعية العامة من نخبة المجتمعات الشيعية، ومثقفيها ومفكريها من أنحاء العالم، وتنعقد الجمعية ويلتقي أعضاؤها مرة كل أربع سنوات، فيما يسمى بملتقى الجمعية العامة، وتتم خلاله طرح المقترحات وبحث الآليات لتحقيق الأهداف، إضافة للموافقة على قرارات لتطوير الوضع الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي والقانوني للشيعة حول العالم.

الهيئة العليا

وتتكون من 25 عضوا من دول مختلفة، غالبيتهم من إيران، وبعضهم من العراق ولبنان والسعودية والبحرين، ودول إفريقيا السمراء، ومن ضمنهم حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، والكويتي حسين المعتوق، والبحريني عيسى قاسم.

والهيئة العليا للمجمع العالمي لأهل البيت هيئة شورية مكونة من مجموعة من الأعضاء المرموقين الذين يتم اختيارهم من بين أعضاء الجمعية العامة ويقع علی عاتق هذه الشوری مسؤولية المصادقة علی الخطوط العامة، وتقنين البرامج، وتحديد ميزانية المجمع وكذا الإشراف علی مجالاته التنفيذية.

الأمين العام

إذا كانت الجمعية العامة تنتخب الهيئة العليا فإن الأخيرة تتولى انتخاب أرفع شخصية تنفيذية في المنظمة وهو الأمين العام، وقد تعاقب على هذا المنصب منذ تأسيس المجمع عام 1990 حتى وقتنا هذا أربعة أشخاص هم آية الله محمد علي التسخيري والسياسي المعروف الدكتور علي‏ أكبر ولايتي وآية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي وأخيرا آية الله الشيخ محمد حسن أختري، الذي يتقلد المنصب منذ عام 2004.

اللجان (المعاونيات)

وتنقسم إلى عدد من اللجان المنضوية تحت إمرة الأمين العام وتشمل النشاطات الدولية والثقافية، والتنفيذية، والاقتصادية، وتتولى تحقيق سلسلة من الأهداف من بينها الاقتصادية، كالنشاطات الخيرية والاقتصادية الهادفة إلی دعم الشيعة، ومن المرجح أن هذه الأموال تأتي من الميزانية الضخمة التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات التي يرصدها المرشد الاعلى للثورة الإيرانية لنشاطات المجمع، إضافة لتبرعات الشيعة المعروفة بأموال الخمس.

وعبر هذه الأموال أيضا يتم ترغيب وتحفيز الشيعة وإيجاد المكونات الدينية والمراكز الثقافية، فضلا عن دعم النشطاء في المجال الديني والمبلغين المحليين. وكذلك إنشاء وحماية المواقع الإلكترونية الإسلامية وإقامة الملتقيات الوطنية، والإقليمية والعالمية. ويبذل المجمع جهودا كبيرة في دعم الإعلام الشيعي التوسعي.

شوری تقنين المناهج الثقافية

هذه الشورى التي تتكون من خمسة من أعضاء الجمعية العمومية، هي الذراع الإعلامي والثقافي للمجمع، والذي يهدف لتحقيق غزو ثقافي شيعي في كافة المجتمعات، لاسيما السنية وذلك من خلال عدة آليات، أهمها استقطاب كتاب سنة أو غير مسلمين من الأصل يمتدحون الفكر الشيعي وتوقيع العقود معهم لشراء حقوق نشر كتبهم ومؤلفاتهم.

يلعب قسم الترجمة دورا بارزا في الترويج للثقافة الشيعية، من خلال الاستعانة بمترجمين على مستوى عال من الحرفية لترجمة إصدارات المجمع أو مؤلفات شيعية أخرى إلى أكثر من 30 لغة حول العالم. ولا يتوقف الأمر عند التأليف والبحث أو ترجمة المؤلفات، فهناك قسم خاص بإصدار وتوزيع المنتجات الفكرية على أتباع المذهب الشيعي، حيث تم إصدار نحو 1000 كتاب بـ 32 لغة، وتوزيعها في مخالف بلدان العالم. ويتضمن النشاط الثقافي للمجمع عقد الندوات والمؤتمرات، والحضور في الندوات الثقافية العالمية أمثال معارض الكتاب، ودعم المؤسسات والمراكز الثقافية.

إصدارات

ومن بين عشرات المؤلفات التي أصدرها المجمع أو ترجمها للعربية كتاب "ولاية الإمام علي (ع) في الكتاب والسنّة" من تأليف مرتضى العسكري، و"الوعد الصادق" لمحمد مهدي الآصفي، و"الوحدة الإسلامية من منظور الثقلين" لمحمد باقر الحكيم، و"من حياة أهل ‌البيت عليهم‌ السلام" لمحمد علي تسخيري، وكتاب "النظرية السياسية لدى الإمام زين ‌العابدين عليه‏ السلام" من تأليف محمود البغدادي.

التعليم والتواصل

لا يدخر المجمع جهدا في تدريس مخاطبيه عبر جامعة أهل البيت، وما يقدم لأتباع أهل البيت من زمالات دراسية في جامعات أخری ومن خلال دورات التعرّف علی التشيع وعبر المراسلة من خلال الأقراص المدمجة، والمواقع الإلكترونية. كذلك يهتم بالرد على الاستفسارات والتواصل مع منتقدي المذهب الشيعي عبر الإنترنت أو الهاتف، الأمر الذي ربما يتم خلف كواليسه الكثير من عمليات التشييع وتجنيد العملاء في بلدان مختلفة([1]).

التقرير الفاضح

ويكشف تقرير الأمين العام محمد حسن أختري الذي قدمه في فبراير 2014 أمام الدورة الرابعة للمجمع العالمي لأهل البيت في طهران عن نشاطات متنوعة قام بها المجمع خلال الأعوام الأربعة السابقة، تميط اللثام عن نشاطات مشبوهة للترويج للفكر الشيعي، ومن بينها كما وردت في التقرير بالنص:-

- تأسيس 20 جمعية محلية في الدول المناسبة من الناحية السياسية والاجتماعية خاصة تلك التي يتعرض فيها شيعة أهل البيت (ع) لمؤامرات الصهيونية الدولية. وذلك بهدف إحباط هذه المخططات والتعرف الصحيح على مذهب أهل البيت (ع).

- إقامة العديد من المخيمات الثقافية والتعليمية في إيران للتعرف على الثقافة الإيرانية الإسلامية وزيارة مختلف المراكز العلمية والثقافية والدينية والسياحية، حيث تم إقامة 20 مخيما ثقافيا لحوالي 1000 شخصية من جمهورية أذربيجان وماليزيا ومدغشقر والباكستان وبريطانيا والبحرين والسعودية وألمانيا وبلجيكا وهولندا وكينيا ودولة الإمارات وتركيا.

- افتتاح مواقع الكترونية وغرف دردشة باللغتين العربية والإنجليزية بهدف التعرف على الثقافة والمذهب الشيعي والرد على الشبهات ضدهم بالإضافة إلى افتتاح مركز التعليم العالي لمذهب أهل البيت (ع) بهدف تربية الكوادر اللازمة التي تعمل للترويج للمذهب الشيعي في مختلف أنحاء العالم.

- القيام بإصدار ونشر 434 كتابا لتنمية النشاط الفكري للناشئة والشباب للتعرف على مبادئ المذهب الشيعي وعشاق أهل البيت (ع) وإرسال نصف مليون كتاب إلى 24 دولة، وتتضمن كتبا مثل المصحف الشريف ونهج البلاغة والصحيفة السجادية وتاريخ الإسلام وأفكار الإمام الراحل (ره) بالإضافة إلى كتب الأدعية والزيارات وتعليم الصلاة للأطفال، كما تم إنشاء حوالي 400 مكتبة في مختلف أنحاء البلاد وأكثر من 600 مكتبة في العراق بالإضافة إلى العديد من المكتبات في أفغانستان وأنحاء أخرى من العالم.

- تقديم الدعم للتجمعات الشيعية والمنظمات المدنية المدافعة عن حقوق الشيعة وإجراء دراسات شاملة عن وضع الشيعة في مختلف أنحاء العالم والاهتمام بمشاكلهم بمن فيهم أولئك الذين في العراق وتونس والمغرب وتنزانيا والنيجر وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري وجزر القمر ومدغشقر والسودان والجزائر وسيراليون وكينيا.

- إقامة العديد من الاجتماعات والندوات ومراسم تكريم العديد من الشخصيات العلمية والدينية الشيعية بهدف تعزيز المعتقدات والشعائر الإسلامية، حيث تم استضافة أكثر من 2000 طالب من باكستان وألمانيا وأذربيجان في دورات تعليمية في إيران للعمل كمبلغين في بلدانهم.

- تشكيل لجنة إعلامية فنية بهدف وضع التمهيدات اللازمة لافتتاح قناة الثقلين الفضائية وهي قناة شيعية سيكون مقرها المركزي في طهران وتبث عبر الأقمار الصناعية لكافة أنحاء العالم، وتبلغ كلفة المشروع 30 مليون دولار يتحمل المجمع العالمي نسبة 50% من التكلفة والبقية يتطوع بها الخيرون.

- التمهيد لإقامة اتحادات للصحفيين والحقوقيين والأطباء والمؤلفين والفنانين الذين ينتمون لأهل البيت (ع)([2]).

أختري والقرضاوي

لعل من أكثر الشخصيات السنية التي ناصبها أختري العداء هو الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لاسيما بعد أن خرج الأخير وأعلن انسحابه من عملية التقريب بين المذاهب التي خدعت الكثير من العلماء السنة، قبل أن يقفوا على حقيقة الأهداف الشيعية التي عبّرت عن نفسها في العراق بداية ثم في لبنان وسوريا والبحرين واليمن.

لكن هذا ليس بالأمر المهم بقدر المغالطات الفاضحة التي أوردها أختري في رسالة مفتوحة بعث بها للقرضاوي في يوليو 2013 وهي تكشف زيف الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت، لاسيما فيما يتعلق بتصوير إيران وكأنها واحة التسامح بين الأغلبية الشيعية والأقلية السنية في وقت يدرك فيه الجميع ما يعانيه السنة من قمع وعنصرية تصل إلى حد الإعدامات الجماعية في إيران، إضافة لنفي استهداف حزب الله اللبناني للسنة، رغم أن ما يحدث في سوريا ليس ببعيد، حيث قال أختري في رسالته للقرضاوي:-

"لقد ادّعيت في تصريحاتك الأخيرة بأنك (ظللت لسنوات تدعو للتقريب بين المذاهب وسافرت إلى إيران، وادعيت بأنه تم الضحك عليك وأن المتعصبين والمتشددين في إيران يريدون أكل أهل السنة)، بينما العالم يجمع بأن أبناء الطائفة السنية يعيشون مع إخوانهم الشيعة في الجمهورية الإسلامية في إيران في أعلى قمة من السلام والوئام والمودة والمحبة وما تشهده إيران من وحدة إسلامية قلّ نظيرها في العالم العربي والإسلامي. وقلت: (بأن مشايخ السعودية كانوا أنضج مني  وأبصر لأنهم عرفوا هؤلاء على حقيقتهم)".

"وهنا ينبغي التنويه إلى أن حزب الله لم يقم في أي يوم من الأيام باستهداف السنة بل شاركهم في حربهم ضد الصهاينة الغزاة وحقق انتصاراً تاريخياً مع حركة حماس والجهاد الإسلامي السنية بحيث لم يتمكن حكام الدول العربية المتخاذلة تحقيقها منذ عقود.

كما تأتي دعوتك التحريضية في حين أن الجهود جارية لحل الأزمة السورية سلمياً لكن أمثالك من الذين أصبحوا من الذين يؤججون نار الفتنة وأتون الحرب ويعملون خلافاً لقول الله عز وجل في الآية الكريمة (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يحب المقسطين) الحجرات: 9" ([3]).

 



[1] - ويكي شيعة – المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.

[2] - موقع المجلس الإسلامي العلمائي- تقرير الشيخ أختري إلى الدورة الرابعة للمجمع العالمي لأهل البيت في طهران.

[3] - موقع قناة المنار.. المجمع العالمي لأهل البيت للقرضاوي: مواقفك تزيد من نار الفتنة .. اتق الله.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top