0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد:

فنظرا لما نراه ونلحظه من انتشار لبعض المنشورات التي يدعمها الفكر الحوثي في مدينة "تعز" ومديرياتها نتيجة لبعض التحالفات السياسية مع بعض الأحزاب، وحتى لا ننخدع بما ورد فيها من شعارات، كان هذا التعريف ببعض معتقدات الحوثية من كتبهم المنشورة بين الناس، وأترك الحكم فيها للقارئ الكريم.

الحوثي يكره العلم:

قال: "أنا شخصياً أعتقد أن من أسوأ ما ضرنا وأبعدنا عن كتاب الله، وأبعدنا عن دين الله، وعن النظرة الصحيحة للحياة وللدين، وأبعدنا عن الله سبحانه وتعالى هو علم أصول الفقه، بصراحة أقولها إن فن أصول الفقه هو من أسوء الفنون، وأن علم الكلام الذي جاء به المعتزلة هو من أسوأ الأسباب التي أدت بنا إلى هذا الواقع السيئ، أبعدتنا عن الله، أبعدتنا عن رسوله، عن أنبيائه" [مسئولية طلاب العلوم الدينية ص:12].

قلنا: أمثال هذا الكلام يقوله عاقل يدعي العلم، كيف اغتر به أتباعه وجعلوه مبلغاً عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، بل وفي منزلة الرسول كما يقول عنه أتباعه؟! فرجل مثل هذا لصيق بأهل العلم، يقول عن علم جليل كأصول الفقه، والذي يعد أول من ألف فيه الإمام المقدم محمد بن إدريس الشافعي عليه رحمة الله، واهتم به علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم، وتناقلوه جيلاً بعد جيل إلى عصرنا الحاضر؛ لما له من أهمية بالغة في بيان آليات الاجتهاد وضبطها بالضوابط، والقواعد التي يحتاجها المجتهد ليكون اجتهاده صحيحاً، ومن ثم بيان أوصاف المجتهدين، فعلم كهذا لا يمكن أن يروق للحوثي؛ لأنه يريد أن يتعالم على الناس بلا ضوابط؛ ليستطيع أن يتلاعب بالنصوص الشرعية كما يريد، ويحرف معناها بلا قيود، فهل مثل هذا يصلح أن يكون إماماً وقدوة؟!

موقفه من الله والإيمان به:

قال: "كلنا نحن بني البشر يهود ونصارى ووثنين ومسلمين نظرتنا إلى الله تقريباً واحدة"!!!! [معرفة الله -وعده ووعيده- الدرس الثاني عشر ص:4].

قلنا: عجباً لعقيدة الحوثي المنحرفة! كيف يسوي بين عقيدة من يقول: الله أحد، وبين عقيدة من يقول: الله ثالث ثلاثة، أو عزير ابن الله، أو نظرة من يعبد الأوثان ويجعلهما سواء؟!

تشكيك الحوثي في القرآن:

قال: "كتاب الله لا زال يواجه بالتشكيك بأنه إنما جمع من خزف وأضلاع وقراطيس، وجمعها أبو بكر، كان يمكن أن ينتهي القرآن، وفلان عنده آية وفلان نسي آية، وسورة كانت أطول من هذه، ولكن القرآن استطاع أن يدحض كل هذه المقولات. فرق كبير بين من يتلى عليه القرآن من فم رسول الله وهو ينزل عليه طري بيّن، وبين كتاب تعرض للهزات من قبل المسلمين أنفسهم" [آل عمران، الدرس الأول ص:9].

قلنا: السؤال الذي يطرح نفسه: المصحف الذي بين أيدي الناس هو المصحف الذي جمعه أبو بكر ثم عثمان، وأجمع عليه جميع الصحابة بما فيهم الإمام علي رضي الله عنهم جميعاً؛ فأين هو يا حوثي المصحف الذي سمعه الإمام علي رضي الله عنه من فم الرسول مباشرة؟ هل هو المصحف المختبئ في السرداب كما هي عقيدة الرافضة؟! أليس هذا الكلام يعد تشكيكاً صريحاً بكتاب الله؟!

الصحابة يشكلون خطراً على القرآن ولو لم يحفظه الله لزادوا فيه وأنقصوا:

قال: "اقرءوا كتاب (علوم القرآن للقطان)، لتجدوا كيف تعرض القرآن الكريم لهزات؛ لولا أنه محفوظ من قبل الله لكانت فيه سور أخرى، واحدة لمعاوية، وواحدة لعائشة، وواحدة لأبي بكر، وواحدة لعمر، وواحدة لعثمان، لكن الله سبحانه وتعالى حفظه. من أجل من؟ حفظه حتى ممن رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من أجل أن يصل إلينا نظيفاً وسليماً، أعتقد أنه حفظه حتى ممن كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنهم بعد موته كانوا يشكلون خطورة عليه كثير منهم، معاوية ألم يعاصر النبي أليس صحابياً؟ عمرو بن العاص أليس صحابيا؟ المغيرة بن شعبة وعائشة أليسوا صحابة؟ لكن لا يوجد مجال وإلا كان معاوية يختلق لك عشرين مصحفاً" [آل عمران الدرس الأول ص:9].

نقول: كلامه السابق أراد من خلاله الطعن في الصحابة عموماً، وخص منهم بالذكر (عائشة، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومعاوية رضي الله عنهم) لكنه وقع في الطعن في القرآن شعر بذلك أم لم يشعر، فقوله:" إن الله حفظ القرآن من الصحابة، وأنهم كانوا يشكلون خطورة عليه، وهذا يضع أمامه سؤال هام مفاده: فمن الذي نقل إلينا القرآن؟ ومن الذي حفظه وتعاهده حتى وصل إلينا غضاً طرياً كما أنزل، أليسوا الصحابة؟ فإن قال كما في كلامه السابق حفظه الإمام علي رضي الله عنه، من تلقاه من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأقلية من أصحابه، قلنا: بمثل هذا الكلام تسقط حجية القرآن، فالقرآن إنما يعد حجة قطعية بلا نزاع؛ لأنه وصل إلينا بالتواتر، وهذا ثابت بإجماع من يعتد بإجماعهم من علماء الأمة، باستثناء الفرقة الاثنى عشرية التي تكفر عموم الصحابة ماعدا أفراداً منهم، وكذا الحوثي الذي يريد أن يجعل نقلة القرآن آحاداً، وهو بهذا القول يظهر تأثره بمذهب الروافض في تشكيكه بالقرآن وطعنه في نقلته من الصحابة الكرام.

التابعون خير من الصحابة:

قال: "لولا ثقتنا بالله سبحانه وتعالى أنه سيجعل في هذه الأمة من بعد حياة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) من هم أزكى وأقوى وأعظم نفعاً للإسلام والمسلمين ممن كانوا في أيام النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ما عدا الإمام علي (عليه السلام) والأقلية منهم" [آل عمران، الدرس الأول (ص:8)].

قلنا: هذا الكلام مخالف لقول الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «خير القرون قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم» [متفق عليه]. فمن نصدق الحوثي أم محمد رسول الله؟!

من لا يتخذ السادة أعلاماً فإنه يتخذ بدلاً عنهم أبو بكر وعمر:

قال: "متى ما جاء شخص كره (السادة) ولا يريد (السادة) فإلى أين يذهب؟ يكون فاضي؟! تراه يميل إلى من؟ إلى (مقبل، الزنداني، ابن باز، ابن تيمية، البخاري ومسلم، أبو بكر، عمر، عثمان، عائشة) أليس هذا يحصل؟" [آل عمران، الدرس الأول ص:6].

قلنا: هل من الضروري هذا التلازم البغيض، أن من يكره السادة يوالي أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة، أو أنّ من يحب السادة لا بد أن يكره الصحابة، ألا يمكن الجمع بين المحبتين؟!

انظر إلى إنصاف أهل السنة في هذا الباب: قال الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية: "ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرّيّاته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية: "ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم. وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقولٍ أو عملٍ" فبالله عليكم أي المنهجين أعظم إنصافاً وأقوى حجة؟!

الحوثي وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

الحوثي لا يرى أن الصلاة على آل البيت تشمل أم المؤمنين عائشة:

قال: "لكن تصبح المسألة إلى هذه الدرجة أن يتعبدوا الله بالضلال، فيتولى ذلك الشخص ويصلي عليه كما يصلي على محمد وآله، يصلي عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين فيدخلهم في الصلاة التي هي كلمة لها معاني رفيعة، لها معاني سامية جداً، ولها -فيما توحي به- معاني مهمة جداً، من أجل أن تشمل أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وعائشة وفلان، وفلان (أجمعين)". [آل عمران، الدرس الأول ص:6] وبين السبب في كرهه لها فقال: "لن نحاول أن نشربك حب عائشة وقد خرجت تقاتل الإمام علي (عليه السلام)، وتحت قيادتها ما يقارب من ثلاثين ألفاً، وحاشيتها من بني أمية..." [آل عمران، الدرس الأول ص:13].

قلنا: هذا الكلام كذب صريح، فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خرجت للصلح بين المسلمين ولم تخرج لمقاتلة الإمام علي رضي الله عنه، انظر في ذلك: أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي (3/569-570).

عائشة زوج النبي محمد هي من لعبت بالأمة، وأسست لظلم الأمة، وفرقت الأمة، وهي أيضاً فاشلة:

قال: "السلف الصالح هم من لعب بالأمة، هم من أسس ظلم الأمة وفرق الأمة؛ لأن أبرز شخصية تلوح في ذهن من يقول السلف الصالح، يعني: أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعائشة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وهذه النوعية هم السلف الصالح؟ هذه أيضاً فاشلة" [آل عمران، الدرس الثاني ص: 14].

قلنا: الحوثي يكره أمنا عائشة الصديقة رضي الله عنها، ويفصح عن بغضه لها، ويخرجها من جملة آل البيت الذين تشملهم الصلاة على النبي وآله، ويصفها بأقبح الأوصاف بأنها ممن أسس لظلم الأمة وفرق الأمة، وأذكّر أتباعه والمغترين بدعوته بقول الله تعالى: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)) [الأحزاب:6]، فهل مثل هذه الأوصاف يجوز أن يقولها رجل في حق أمه؟ جاء في مناظرة ابن عباس للخوارج في إنكارهم على علي رضي الله عنه في عدم سبيه لعائشة فقال لهم: "وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم؟ فتسبون أمكم عائشة رضي الله تعالى عنها، فوالله لئن قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم من الإسلام، ووالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام، فأنتم بين ضلالتين؛ لأن الله عز وجل قال: ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)) [الأحزاب:6]".

اعتقاده في أبي بكر وعمر رضي الله عنهم:

قال: "... كنا نسكت مع اعتقاد أنهما –أي: الشيخين أبا بكر وعمر- مخطئون عاصون ضالون" [المائدة، الدرس الرابع، ص:1] .

قلنا: هذا اعتقاد الحوثي، فاقرأ اعتقاد الإمام رضي الله عنه: روى سويد بن غفلة أنه قال: مررت بقوم ينتقصون أبا بكر وعمر، فدخلت على أمير المؤمنين فحكيت له ذلك، وقلت: لولا أنهم يرون أنك تضمر لهم شيئاً مثل الذي أعلنوا به ما اجترءوا على ذلك. فقال رضي الله عنه: أعوذ بالله أن أضمر لهما شيئاً إلا الجميل الحسن، أخوا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وصاحباه ووزيراه، ثم نهض باكياً واتكأ على يدي وخرج وصعد المنبر وجلس ثم خطب وقال: ما بال قوم يذكرون سيدي قريش بما أنا عنه منزه، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لا يحبهما إلا مؤمن ولا يبغضهما إلا فاجر، صحبا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على الوفاء والصدق". انظر الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين لإمام الزيدية السيد يحي بن حمزة (ت: 705 هـ، ص: 29-30).

وفي رواية: "لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل" فانظر وفقك الله تعالى هذا المدح العظيم من الأمير كرم الله وجهه على منبر الكوفة للخليفتين أبي بكر وعمر، فمن نصدق الإمام علي رضي الله عنه أم الحوثي الهالك؟!

أبو بكر وعمر وعثمان منحطون يحتاجون إلى تلميع:

قال: "... والآخرين العكس متى سمعتم سنياً يقول: يكفى حديث في الصحابة، أو شغلتمونا بالصحابة، بالعكس بل يشجع على الحديث في الصحابة حرك شغل صحابة صحابة أبو بكر عمر عثمان معاوية أليس هذا يحصل، لاحظوا الفارق الكبير، وهذا يعني أننا في ضلال كبير، أعلامهم يحتاجون أن يلمعوهم، هم منحطون يحتاجون أن يلمعوهم..." [آل عمران، الدرس الأول ص: 12]

الأمة في هبوط من عهد أبي بكر إلى الآن:

قال: "الأمة تهبط نحو الأسفل جيل بعد جيل إلى أن وصلت تحت أقدام اليهود، من عهد أبي بكر إلى الآن وهي تهبط جيل بعد جيل" [المائدة، الدرس الأول: ص:1-2].

قلنا: ترى ألم يسمع الحوثي عن موقف أبي بكر من حروب الردة، ألم يصل إلى مسامعه كيف انتشر الإسلام وفتوحات أهل الإسلام في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وغيرها من الإنجازات العظيمة التي سجلها لهم التاريخ؟!

وصدق من قال:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساوي

أبو بكر وعمر وغيرهم من الصحابة قتلوا الإمام علي وفاطمة والإمام الحسن والإمام الحسين:

 قال: "وهكذا من يهتفون الآن بأنهم يتولون السلف الصالح ممن قتل الإمام علي وفاطمة والإمام الحسن والإمام الحسين، فاطمة نفسها قتلت كمداً، قتلت قهراً وهي ترى هذا الدين يعصف به من أول يوم بعد وفاة والدها رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لم تبك على [فدك]، فدك قضية تؤلمها لكن لم تبك عليه، ولم تمت كمداً على فدك، إنما ماتت كمداً على هذه الأمة" [المائدة، الدرس الأول، ص: 5].

قلنا: "هذا اكتشاف جديد لم نجده إلا عند الحوثي وملاليه من الروافض الاثنى عشرية، حتى الإمام علي، وولديه الحسن والحسين لما يتوصلا إليه؛ لأننا نعلم أن الإمام علي رضي الله عنه كان وبعد موت فاطمة رضي الله عنها مستشاراً في ديوان الخلافة، فكيف فعل ذلك إذا كان يعلم أن أبا بكر متسبب بموت زوجته؟ وإن سكت الإمام علي فكيف يسكت الحسن والحسين عمن قتل والديهما، إنه اختراع من كذب الحوثي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلا فإن المنقول عن الحسن والحسين عليهما السلام أن حالهما كحال أبيهما في الموالاة وإظهار الجميل في حقهما –أي: أبا بكر وعمر- ولم يرو أحد من أهل النقل عنهما طعناً ولا لعناً ولا كفراً ولا فسقاً ولا سبا بل السيرة المحمودة..." [الرسالة الوازعة للمعتدين: للإمام السيد يحي بن حمزة ص:32].

من يتولى أبا بكر وعمر لا يمكن أن يحبه الله:

قال: "فلهذا قلنا: من في قلبه ذرة من الولاية لأبي بكر وعمر لا يمكن أن يهتدي إلى الطريق التي تجعله فيها من أولئك الذي وصفهم الله بقوله: ((فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) [المائدة:54]، ولن يكون من حزب الله؛ لأنه قال فيما بعد: ((وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)) [المائدة: 56]" [المائدة، الدرس الأول ص: 14].

قلنا: هذا الكلام من الحوثي يحتاج إلى دليل؛ لأنه تدخل في مرادات الله، فهو يخبر أن من يتولى أبا بكر وعمر لا يمكن أن يهتدي إلى الطريق التي تجعله ممن يحبهم الله ويحبونه، ولن يكون من حزب الله؟ ويحق لنا أن نسأل الحوثيين ما يدري زعيمكم بهذا؟ أأنزل عليه الوحي؟ أم روح القدس نفث في روعه؟ ذلك أن النصوص تدل على خلاف ما ذهب إليه، فالله في محكم كتابه قال: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10]، وقوله تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [التوبة:100]، وأبو بكر وعمر من أوائل السابقين بالإسلام، وهما ممن رضي الله عنهما في قوله تعالى: ((لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)) [الفتح: 18]، وهذه النصوص جميعها تدل على إيمانهما ورضا الله عنهما ويترتب على ذلك لزوم محبتهما، ومن لا يتولاهما يكون وبلا شك قد خالف المأمور به في هذه الآيات، وخالف ما عليه أئمة آل البيت عليهم السلام، انظر ما نقله الإمام الزيدي السيد يحي بن حمزة قال: "وأما حال زيد بن علي عليهما السلام فقد كان شديد المحبة لهما والموالاة، وأنه كان ينهى عن سبهما ويعاقب عليه، وروي عنه أنه لما بايعه أهل الكوفة ثم دعاهم إلى نصرته قالوا له: إنا لا نبايعك ولا ننصرك حتى تبرأ من الصحابة، فقال: كيف أتبرأ منهما وهما صهرا جدي ووزيراه... فلما أنكر التبرؤ منهما رفضوه، فلأجل ذلك سموا روافض" [الرسالة الوزاعة ص:33-34].

تكفير حكام المسلمين من عهد أبي بكر إلى اليوم:

قال: "وشيء ملاحظ في تاريخ الأمة أن كل أولئك الذين حكموا المسلمين بدأ من أبي بكر أولئك الذين حكموا المسلمين -من غير الإمام علي (عليه السلام) ومن غير أهل البيت ومن كانوا في حكمهم أيضاً- خارجين عن مقتضى الإيمان، هم من أضاعوا إيمان الأمة". [في ظلال دعاء مكارم الأخلاق، الدرس الثاني ص:1].

قلنا: الله أكبر! ما أعظم هذه الجرأة على الله وعلى تكفير المسلمين، كل حكام المسلمين كفار من عهد أبي بكر إلى يومنا.

فرق بين من يقرأ القرآن بولاية علي ومن يقرأه بولاية أبي بكر:

قال: "((وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) [المائدة:55]، أي: (وهم خاشعون)، لكن تعال فاقرأها وأنت ممن يدين بولاية الإمام علي عليه السلام، كم ترى فيها من أبواب الهداية من آية واحدة، لكن إذا لم يكن أمامك إلا أبا بكر فلا يعطيك القرآن بكله شيئاً، بل تخرج منه وأنت ضال، تجعل القرآن حرباً لله سبحانه وتعالى، تخرج وأنت تعتقد أن الله سبحانه وتعالى مصدر كل فاحشة وكل ظلم بقضائه وقدره" [المائدة، الدرس الثاني ص: 14].

قلنا: هذا كلام رجل ملئ بغضاً لأبي بكر من رأسه إلى أخمص قدميه، من يقرأ القرآن وهو يوالي أبا بكر فلا يعطيه القرآن شيئاً بل يخرج منه وهو ضال، ويجعل القرآن حرباً لله سبحانه وتعالى، ينتهي من القراءة وهو يعتقد أن الله سبحانه وتعالى مصدر كل فاحشة وكل ظلم بقضائه وقدره، أيقول هذا الكلام رجل في قلبه مثقال ذرة من إيمان!! ثم وبحسب هذا الكلام فكل المسلمين من عهد أبي بكر وحتى أيامنا هذه -باستثناء الرافضة والحوثيين- كفار يحاربون الله ويعتقدون فيه أنه مصدر كل فاحشة؛ لأنهم يوالون أبا بكر ويحبونه.

ذم وطعن في الخلفاء الثلاثة:

قال: "... كل سيئة في هذه الأمة، كل ظلم وقع للأمة، وكل معاناة وقعت الأمة فيها المسئول عنها أبو بكر وعمر وعثمان، عمر بالذات؛ لأنه هو المهندس للعملية كلها، هو المرتب للعملية كلها فيما يتعلق بأبي بكر...." [المائدة، الدرس الأول ص: 1].

قلنا: ما الذي فعله أبو بكر الصديق وعمر الفاروق ليتحملا وزر كل سيئة ووزر كل ظلم يحدث في الأمة، لا بارك الله في منهج هذا هو موقفه من خيرة أصحاب محمد، ولن نستطرد في الرد وذكر فضائلهما، وأكتفي فقط بإيراد هذا الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما صاحبكم فقد غامر فسلم، وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر. ثلاثاً، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه، فقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم. مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي –مرتين- فما أوذي بعدها».

فانظر كيف أن المؤمنين الصادقين عرفوا فضل أبي بكر فما أوذي بعدها، حتى أتى من لا نصيب لهم في دين يؤذنه ويسبونه ويكفرونه، فما أعظمه من إيذاء لنبي الله محمد لو كان يعلمون.

يوم السقيفة كان يوم التخطيط لقتل الإمام علي:

قال: "هل كان ذلك وليد تلك اللحظة، وليد ذلك الشهر الذي سقط فيه الإمام علي (عليه السلام) شهيداً؟ لا. إنه الانحراف الذي بدأ في يوم السقيفة، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أية خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحس، عالي الوعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث وتسلسل تبعاتها، يقول في كلمة صريحة في بيت صريح:

وكل مصاب نال آل محمد *** فليس سوى يوم السقيفة جالبه".

[ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام) ص:1].

قلنا: انظروا من هو شاهد الحوثي على هذا الباطل، إنه الشاعر الهبل الذي وصفه الحوثي بأنه مرهف الحس، عالي الوعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث وتسلسل تبعاتها، أتدري ما هو حاله؟ قال عنه شيخ الإسلام الشوكاني رحمه الله تعالى في البدر الطالع: "وكذلك الشاعر المشهور الحسن بن على بن جابر الهبل، وكان متظاهراً بالرفض وثلب الأعراض المصونة من أكابر الصحابة، ومشى على طريقته تلامذته..."، وقد انتقده أيضاً المؤرخ الزيدي يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد في كتابه: (بهجة الزمن)، وقال بعد أن نقل بعض أشعاره وكلامه المنحرف، ووصفه أنه رافضي، قال: "والرافضة هذا الزمان الذين من الزيدية كثير، إلا أن منهم من يستتر بمذهبه، ولا يظهره عند سائر الزيدية غير الرافضة، ولم يظهر الرفض إلا هذا حسن بن علي الرافضي، و......، فهؤلاء الذين أظهروا الرفض والشتم للصحابة رضي الله عنهم، وباءوا بآثامهم، وكبيرهم الذي أفظع حسن بن علي بن جابر الهبل لا رحمه الله، ومن أقواله:

العن أبا بكر الطاغي وثانيه *** والثالث الرجز عثمان بن عفان

الثلاثة لهم في النار منزلة *** من تحت منزل فرعون وهامانا

يا رب فالعنهم والعن محبهم *** ولا تقم لهم في الخير ميزانا

تقدموا صنو خير الرسل واغتصبوا *** ما أحل ابنته ظلماً وعدوانا"

اللهم إنا نبرأ إليك من هذا القول ومن قائله!

فهذا هو شاهد الحوثي على أن أبا بكر وعمر هما سببا كل مصيبة نزلت بآل محمد، فهل رافضي خبيث كهذا يصلح أن يكون شاهداً على جواز الطعن في أبي بكر وعمر؟

خلافة أبي بكر شر ولا يزال شرها إلى الآن:

قال: "لكن قوله: (وقى الله شرها) ليس صحيحاً، ما زال شرها إلى الآن، وما زال شر تلك البيعة التي قال عنها (فلتة) ما زال شرها إلى الآن، وما زلنا نحن المسلمين نعاني من آثارها إلى الآن. هي كانت طامة بشكل عجيب، هي سبب المشكلة وهي المُعَمِّي عن حل المشكلة، لا يوجد قضية مثلها، أن تكون هي سبب المشكلة، والذي يعمي على ألا تعرف حلها" [المائدة، الدرس الأول: ص:1].

قلنا: يرى الحوثي أن خلافة أبي بكر الصديق -والتي تمثل نموذجاً رفيعاً للخلافة الإسلامية الراشدة- شر، وما زال شرها إلى الآن، وأنها هي سبب المشكلة التي أعمت الأمة عن الحل، لكن أئمة آل البيت لا يقولون بقول الحوثي، فقد روى المرتضى عن الإمام جعفر الصادق عن محمد الباقر عن علي بن الحسين عن الحسين: "إن علياً خطب بالناس خطبة فقال: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين. فجاءه رجل فقال: سمعتك تقول في الخطبة آنفاً: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين فمن هم؟ قال: حبيباي وعماك أبا بكر وعمر إماما الهدى والمقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن اقتدى بهما يرشد، ومن تمسك بهما فهو من حزب الله، وحزب الله هم المفلحون" [كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال (13/ 11)، وتلخيص الشافي للطوسي: ج2 ص:428، والرسالة الوازعة ص:30]، فمن نصدق الإمام علي وأبنائه من بعده أم نصدق الحوثي وأكاذيبه؟!

جهود الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كلها صارت هباء منثوراً:

قال: "فالإمام علي (عليه السلام) عندما كان يستقبل ذلك الحدث الذي يتوقعه أن يخضب دم رأسه لحيته ويسقط شهيداً لم يكن منزعجاً من ذلك، كان الذي يزعجه هو ما يرى الأمة فيه وهي تسير باتجاه ذات الشمال، وهي تبتعد حيناً بعد حين، ومسافات طويلة تبتعد عن كتاب الله وعن منهج رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، كان يتألم عندما يرى أن تلك الجهود التي بذلها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وبذلها هو تحت لوائه في مكة، وفي المدينة في معارك الإسلام كلها ضاعت هباء، وصارت هباء منثوراً تحت أقدام، وعلى أيدي من لم يكونوا يجرءون في يوم من الأيام أن ينزلوا إلى ساحات الوغى لمواجهة أعداء الله" [ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام) ص:5].

قلنا: هذا الكلام هو قدح في الرسول صلى الله عليه وسلم وفي دعوته وفي عصمته، وهو اتهام له بالفشل في تربية أصحابه من بعده، وكيف يعقل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وسلم له صاحباً يتزوج ابنته ويصاحبه في الهجرة وهو الصديق، ويختار له صاحباً آخر، يتزوج ابنته (حفصة) ويتخذه وزيراً في حياته وهو الفاروق، وثالث يزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه وهو عثمان رضي الله عنه، فكيف يعقل أن يقربهم النبي صلى الله عليه سلم المؤيد بوحي السماء ويصاهرهم، ثم يكونون من أشد الخائنين له؟ إن أي قائد ناجح يختار خير الناس وأصدقهم وأعظمهم أمانة ويجعلهم وزراء له، ليكون ذلك سبباً في نجاح دعوته. لذلك فإن هذا الكلام إنما هو قدح في نجاح دعوته صلى الله عليه وسلم وقدح في أصحابه؛ لأنه إذا كان صاحب الرسالة وهو القدوة المتبع قد فشل، فمن باب أولى أن يلحق الفشل بالصحابة والتابعين وكل من اتبعه. فهل فكّر الحوثي بهذه النتيجة؟

الإمام علي لم يسقط شهيداً، بل صعد إلى ربه شهيداً:

قال: "إن الإمام علياً (عليه السلام) -وإن وجدناه سقط شهيداً، بل نقول: صعد إلى ربه شهيداً-إنه ما يزال حياً، كما أن هذا القرآن الذي قرنه به الرسول حياً، حياً فيما يعطيه من هدى من نور، من دروس، من عظة، من عبر، حياً فيما يعطيه الأحرار، فيما يعطيه المجاهدين، حياً فيما يعطيه الصادقين من دروس تجعلهم يذوبون في هذا الدين" [ذكرى استشهاد الإمام علي (عليه السلام) ص:5].

قلنا: يذم الحوثي الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم بكل وسائل الذم والطعن، وفي المقابل يغلو في مدح الإمام علي رضي الله عنه حتى يصفه بهذه الأوصاف، فهل من يفعل ذلك يمتلك ذرة من العدل والإنصاف.

موقفه من اليهود:

اليهود في أيام الرسول مساكين مستضعفين لله بدو لله:

قال: "فأين رحمة الله إن جوزنا عليه أن يهتم بسكان الجزيرة العربية خلال فترة ثلاثة وعشرين سنة، وأمام يهود مساكين مستضعفين لله بدو لله، لم يكونوا على هذه الخطورة العالية كيهود هذه الأيام..." [آل عمران، الدرس الأول ص:6].

قلنا: سبحان الله ما هذا الجور وعدم الإنصاف اليهود في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، عند الحوثي مساكين مستضعفين لله بدو لله، وأصحاب خبرة دينية، لكن أصحاب محمد كأبي بكر وعمر ظلمة معتدون منحطون، ما لكم كيف تحكمون؟! ومع ذلك فاليهود يهود سواء قبل أيام الرسول أو في أيامه أو بعدها وصفهم الله بأنهم قتلة الأنبياء ومنكري الرسالات، ويكفي في دحض كلامه السابق قول الملك المنان، العالم بما في الصدور: ((لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ)) [المائدة:82]، فأين المسكنة والبدو لله من أناس يحملون للحق وأهله كل هذا البغض؟!

اعتقاده في الخميني:

قال: "كان إماماً عادلاً، كان إماماً تقياً". [خطر دخول أمريكا اليمن. ص:1].

قلنا: عقيدة الحوثي في أبي بكر وعمر أنهما مخطئون عاصون ضالون، لكن عقيدته في الخميني أنه كان إماماً عادلاً، كان إماماً تقياً، على الرغم أنّ الخميني على عقيدة فاسدة ومنهج ضال منحرف، يقوم على أساس القول بتحريف القرآن، والتكفير للصحابة ما عدا خمسة، وقد يزاد رجل أو اثنان، يرى في كتابه الطهارة: "أن أمنا عائشة وطلحة والزبير أخبث من الكلب والخنزير"، ويرى كما في الحكومة الإسلامية: أنّ "الأئمة بلغوا منزلاً لم يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل"، ناهيك عن أخلاقه السيئة واجتهاداته الباطلة من مثل قوله بجواز الاستمتاع بالرضيعة كما في كتابه تحرير الوسيلة، وعداونيته المقيتة، فقد قتل بعد انتصار الثورة الإيرانية أكثر من خمسين ألفاً من معارضية، وغير ذلك من العقائد الباطلة والأفعال المشينة، فهذا هو الإمام العادل التقي كما يصفه الحوثي.

المنافقون مؤمنون:

قال: "ومعظم المنافقين ما كانوا كافرين، بمعنى: منكرين للقرآن أو منكرين للرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بل هم مؤمنون بأن هذا القرآن هو القرآن، وأن هذا هو رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، لكن ينطلقون منطلقات أخرى بسبب قلة وعيهم، وبسبب جهلهم بالله سبحانه وتعالى جهلهم بمعرفة الله بالشكل الذي كان يمكن أن يخلف في نفوسهم خشية لله، اهتمامهم بمصالحهم، اهتمامهم بنفوسهم" [آل عمران، الدرس الأول ص:4].

قلنا: هذا كلام الحوثي الهالك فاستمع إلى حكم الله في المنافقين، قال الله تعالى: ((إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا)) [النساء:145]، وأنكر الله عليهم ادعائهم الإيمان بمحمد فقال سبحانه: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)) [المنافقون:1]، الحوثي يقول عن المنافقين إنهم مؤمنون بأن هذا رسول الله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون، والمنافقون معظمهم ما كانوا كافرين من وجهة نظر هذا الهالك، لكن أصحاب محمد أكثرهم ضالون منحرفون فيا لله العجب! كيف يذهب البغض والتعصب بالعقول.

موقفه من الوحدة مع أهل السنة:

قال: "فمن الحماقة أن نرتبط بهم، أو نفكر بأن بالإمكان أن نتوحد معهم، إذا توحدنا معهم فهم يريدون أن نتوحد معهم تحت رايتهم، هم لن يقبلوا أي واحدٍ من أهل البيت أو من شيعة أهل البيت ... فإنا نتجه نحن نحوهم لنتوحد تحت رايتهم نحن سندخل في المشكلة وسنعمى كما عموا" [المائدة، الدرس الأول: ص:16].

قلنا: وأعظم دليل على عدم التوافق معهم أنهم يرون لغة القتل أفضل وسيلة للتخلص من المخالف، وما جرى في دماج من رغبة جامحة في التخلص من 12 ألف نسمة بين طفل ورجل وامرأة، وحصارهم لأكثر من شهرين وإرادة إبادتهم من خلال القنص ومنع وصول الغذاء والدواء إليهم، لخير شاهد على وحشيتهم مهما كانت الأعذار التي يعتذرون بها، كذلك محاولاتهم المتكررة لبسط نفوذهم على المحافظات القريبة منهم كالجوف وحجة وعمران ونشر معتقدهم بقوة السلاح ومن خالفهم يقتل لخير شاهد آخر على أن لغة السلاح هي اللغة التي يجيدها هؤلاء، لأجل ذلك يكون من المستحيل فعلاً التوحد معهم.

وقبل الوداع نود تنبيه القارئ الكريم على بعض الوقفات الهامة منها:

* هذه النقولات نقلت من ملازم زعيم الحوثيين الهالك حسين بدر الدين الحوثي بالحرف، ومن ملازمه ندينه، فنأمل ممن سيجد في قلبه شك منها أن يعود إلى أصلها، إما أن يطلبها من دعاة الحوثية، فإن لم فسيجدها على صفحة حسين بدر الدين الحوثي على الفيسبوك.

* قد يعجب بعض الناس من الشعارات البراقة التي يرددها الحوثيون أو ببعض الانتصارات السياسية المصطنعة التي يحققها بعض رموز الرفض هنا وهناك، لكن ليعلموا أن تعظيم الرجال ومنحهم صفات الإمامة والولاية والقداسة لا يكون لمجرد ذلك، إنما الأهم من ذلك النظر في صحة منهجهم وسلامة معتقدهم.

هكذا علمنا ربنا سبحانه لما قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) [الحجرات:13]، واستفدنا هذا الدرس من حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أَبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: «َإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفاجِر» [أخرجه البخاري].

فوالله ثم والله لو رأينا رجلاً يحرر الأقصى، ويضع الراية على قبة الصخرة، لن نغتر بفعله وهو ممن يشكك في القرآن، ويطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويسب ويقدح في صحابة الحبيب محمد صلى الله عليه وأله وسلم وعلى رأسهم سادة الأمة أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم. أي إيمان لدى من هذا وصفه، وإن كتب الله النصر على يديه لقلنا كما قال الحبيب محمد: «إن الله ليعز هذا الدين بالرجل الفاجر».

* بعض الإخوة قد يتحسسون من طرح مثل هذه المواضيع، لكن ليعلموا أنه ما يحملنا على ذلك إلا أننا رأينا إقبالاً من بعض شبابنا على هذا المنهج الباطل والمنحرف، إما تعصباً لنسب، أو طمع في دعم مادي، أو تحالفات سياسية على حساب الدين، أو جهلاً بالانحرافات العقائدية في هذا المنهج، فنقول لهؤلاء: اعلموا أن دينكم ومعتقداتكم هي أغلى ما تملكون، وأغلى ما عنه تدافعون، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولولا من يقيمه اللّه لدفع ضرر هؤلاء -يعني أهل البدع- لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب –يعني: الكافرين- فإن هؤلاء إذا استولوا، لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء" اهـ من الفتاوى (28/232).

* الفكر الحوثي فكر عدائي تصادمي لا يجيد إلا لغة السلاح، وهو طامع بالاستقلال عن اليمن لبناء دولة للرافضة في شمال اليمن خدمة للمشروع الفارسي التوسعي وليس له أي هدف آخر، فننبه أبناء اليمن زيدية وشافعية إلى خطورة هذا الفكر الطامع. وأن لا يغتروا بمشاركاته الثورية فإنما هي لأمر كان يطلبه، ولتحقيق أهداف ومشاريع خارجية لا تمت لليمن بصلة.

* نعلق الآمال بالله في كشف زيف هذا الباطل وبكل مسلم غيور على دينه على اختلاف بلدانهم وتوجهاتهم، ونخص بالذكر الأسر الهاشمية من آل البيت، والذين نحسبهم على خير وصلاح ولا يرتضون بهذا المنكر، ونحسبهم لا يرتضون بإيذاء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في أهله وأصحابه، وفي الكتاب الذي أمر بقراءته وتبليغه، نقول لهم: أين الغيرة على دين محمد؟ وأين غضبتكم على من يثير الشكوك حول كتاب الله المعظم، وأين موقفكم أمام من يقدح في أمكم وزوجة جدكم المكرم؟ أين المحبة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبين أظهركم من يبث الشبهات حول القرآن، ويسب أصحاب الرسول الكرام، ويقذع في ذم صاحبيه ورفيقيه في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة أبي بكر وعمر، ويتطاول في الذم والطعن في أمنا الصديقة عائشة حبيبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟

أخبرنا التاريخ أن الإمام زيد بن علي رحمه الله رفض نصرة أصحاب الكوفة وهو أحوج ما يكون لنصرتهم؛ لأنهم طلبوا منه سب أبي بكر وعمر!! فأين من يداهن ويجامل الحوثيين لأجل مكاسب سياسية أو دنيوية من فعل الإمام زيد بن علي ونصرته لجده رسول الله؟!

لسنا متجنيين على أحد، هذه هي معتقدات هذا المنهج الوافد، فما موقفكم منها؟

أروا الله منكم موقفاً تبرهنون به على حبكم لمحمد، ودفاعكم عنه، والذب عن سنته وأزواجه وصحابته.

اللهم إنا نشهدك أنا قد بلغنا قومنا، وحذرناهم من هذا المنكر الوبيل، اللهم إنا لا نرتضي إيذاء رسولك في أهله وصحابته ونتبرأ من هذا القول وقائله. فاعف عنا التقصير، ولا تعذبنا بذنوب غيرنا. آمين آمين آمين.   

المصدر البرهان

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top