إن أسمى ما يرجوه المؤمن
في هذه الحياة؛ أن يلقى ربه على عمل صالح؛ ومن أعظمها أن تقبض روحه وهو بين
يدي مولاه يؤدي ما فرضه الله عليه من صلاة ودعاء واستغفار، خصوصاً في هذا
الشهر الكريم الذي أكرمنا الله بصيامه وقيامه؛ فما زالت صلاة التراويح سمة
بارزة لهذا الشهر، وقد رأينا اندهاش الكثير من الغربيين بهذه الصلاة، بل
وإسلام بعضهم بمجرد مشاهدتهم لهذه الشعيرة المباركة، لكن يبدوا أن وجهة
أخرى متدثرة برداء الإسلام لا ترى هذا الأمر بل وتعتبره أمراً مشيناً
ومرفوضاً!!
فقد
ذكرت بعض المواقع الشيعية المغربية خبراً تحت عنوان: "بدعة صلاة التراويح
تحصد ضحية في طنجة واثنتان خارج طنجة"؛ معتبرين في ذلك صلاة التراويح سبباً
في وفاة بعض المصلين، وأنها بدعة عمرية لم تكن من عمل النبي صلى الله عليه
وسلم!
هكذا
يطرح الشيعة ما عندهم من شواذ دون استحياء؛ نتيجة فقدهم للبوصلة الصحيحة
الموجهة إلى صراط النبي صلى الله عليه وسلم، وقديماً قيل: إذا لم تستحِ
فاصنع ما شئت.
وقبل
الرد على هذه اللوثة أود أن أؤكد أن هناك حقائق كثيرة لطالما غيبها أصحاب
العمائم السوداء والبيضاء عن الشيعة لأسباب كثيرة، ومن ذلك صلاة التراويح،
فهم دائماً يؤكدون على أن صلاة التراويح لم تكن على عهد النبي صلى الله
عليه وسلم، وإنما أحدثت في خلافة عمر، فإذا عدنا إلى كتبهم - التي إما أن
يكونوا جاهلين بما فيها وإما أن يكونوا متجاهلين لها - نجدها طافحة بذكرها
وسنيتها وورودها.
قال
أغا رضا الهمداني في مصباح الفقيه: "وفي صحيحة أبي العباس وعبيد بن زرارة
أن أبا عبد الله سئل: هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكثر،
وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله،
فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي، فإذا كثر الناس خلفه
تركهم ودخل منزله، وكان يفعل ذلك مراراً".
وعن
أبي عبد الله عليه السلام قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة - أي صلاة العشاء - صلى بعدها،
يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل
ويدعهم مراراً. قال: وقال: "لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان".
ويأتي
بعد هذا الشيعة ليقولوا إن صلاة التراويح بدعة عمرية!! وقول عمر: "نعمت
البدعة هذه" جاءت في رواية صحيحة وهي: عن نوفل بن إياس الهذلي قال: "كنا
نقوم في عهد عمر بن الخطاب فرقاً في رمضان في المسجد إلى ها هنا وهاهنا،
فكان الناس يميلون على أحسنهم صوتاً، فقال عمر: ألا أراهم قد اتخذوا القرآن
أغاني، أما والله لئن استطعت لأغيرن هذا، قال فلم يلبث إلا ثلاث ليال حتى
أمر أبي بن كعب فصلى بهم ثم قام في مؤخر الصفوف فقال: إن كانت هذه بدعة
فنعمت البدعة هذه». وهذه الرواية تفيد أنهم كانوا يصلونها جماعات صغيرة
فجمعهم على جماعة واحدة، فهذه بدعة صورية شكلية لا حقيقة للبدعة فيها؛
لأنها جماعة واحدة بدل جماعات، فعمر رضي الله عنه ما أراد البدعة الشرعية
وإنما البدعة من حيث اللغة، فإن البدعة تطلق في اللغة ويراد بها ما هو
محمود وما هو مذموم، أما البدعة في دين الله فإنها لا تحتمل إلا وجهاً
واحداً وهو المذموم. إذن فصلاة التراويح سنة نبوية - روى أحاديثها أهل
السنة والشيعة - لم يبتدعها عمر رضي الله، عنه فلا نكفره كما يفعلون إذ
اتخذوا تكفيره وتبديعه ديناً يدان به و يأجر من يكفره و يلعنه!!
وبمطالعة
كتاب: "احتفال وتمجيد علماء الشيعة لأبي لؤلؤة المجوسي قاتل أمير المؤمنين
الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه" لناصر رضوان، وكتاب: "يوم الغفران
احتفال الرافضة بمقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه" لمحمد مال الله؛ يتبين
له ذلك جلياً، فتباً لمثل هذه العقائد وسحقاً.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).