واجب أهل الإسلام تجاه الخطر الصفوي الإيراني
لا زال سجل الإجرام والغدر للنظام الصفوي الإيراني الخبيث تتوالى صفحاته السوداء مكتوبة بمداد من دماء أهل الإسلام في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بل وفي إيران نفسها، ممارساً أبشع صور الإجرام والتنكيل والحصار والتجويع والتعذيب، سعياً منه لفرض الهيمنة والسيطرة على كل بلاد الإسلام، متوسلاً لتنفيذ هذه الغاية الخبيثة بكافة الوسائل الخشنة والناعمة، من دعمٍ للأنظمة المجرمة، وتجييشٍ للميليشيات الطائفية المسلحة في بؤر الصراع، وتوظيفٍ للطوائف والأقليات لحساباته السياسية، لتكون شوكة في خاصرة أوطانها، مستغلاً إمكاناته الاقتصادية وما يسطو عليه من ثروات البلدان التي ترزح تحت هيمنته، وما يجنيه من أموال العوام تحت مسمى (الخمس)؛ لتنفيذ مخططاته الاجرامية، والتي يحاول أن يحسن وجهها القبيح بما يملكه من عدد كبير من القنوات الفضائية والوسائل الإعلامية، حتى أصبح هذا النظام الطائفي وما يتبعه من أحزاب وميليشيات في بلاد المسلمين يمثل خطراً وجودياً على أهل الإسلام أنظمة وشعوباً، سيما في ظل دعم الأنظمة الغربية له، وغضها للطرف عن جرائمه، وإعراضها بالكلية عن وصمه بالعنف أو وضعه على قائمة الإرهاب، مما يؤكد أنهم وجدوا فيه ضالتهم ليكون شرطياً لهم في المنطقة الإسلامية.
ومما يلفت الانتباه أن الجرأة والتطاول لنظام الملالي في إيران بلغت حداً جعلته ينتفض غضباً إذا مُّس أحد عملائه بأذى، ومن ذلك اعتداؤه على مقر سفارة بلادنا المملكة العربية السعودية بلد الحرمين على خلفية تنفيذ الحكم الشرعي على أحد المفسدين في الأرض من المحسوبين عليه .
ونظراً لما تشهده المنطقة من تطورات خطيرة، وقياماً بالواجب الشرعي في بيان الحق والنصح للخلق؛ يجدون لزاماً عليهم بيان ما يلي:
أولاً: إن تسلط الأعداء ومنهم الإيرانيون الصفويون على أهل الإسلام، يخشى أن تكون عقوبة ربانية على تفريط العباد في جنب الله والقيام بنشر دينه ونصرته وظلمهم لأنفسهم كما قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران 165]، وقال تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} [التوبة 126]، ولن تُدفع هذه العقوبة إلا بتوبة جميع الأمة رعاة ورعية رجالاً ونساء وفعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، ومن ذلك الاعتصام بحبله والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، قال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران 120].
ثانياً: من المهم التنبه إلى خطر ما تفعله فئات من الأقليات في الدول الإسلامية ساعية للتحكم بالأكثرية منسلخة من نسيجها الوطني، ثم تعزز ذلك بقطيعتها وانفصالها المجتمعي، لتدين بالولاء والتبعية السياسية والمذهبية للخارج وتكون خنجراً يوظف للانقلاب على المجتمع والدولة، وهنا نطالب هذه الأقليات بالتعقل والاستقلالية ومراجعة سياساتها حتى لا تكون أداة تستخدم لتنفيذ أهداف أجنبية لا تخدم استقرارهم ومستقبل أبنائهم، مع التأكيد على وجوب بسط العدل مع الجميع، في كل حال ومع كل أحد، امتثالاً لقوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة 8].
ثالثاً: نتمنى على دول الخليج مزيداً من الحذر من الاختراقات الاستخباراتية والسياسية والاقتصادية التي تتسلل بخفاء شديد لتعزز من نفوذها وتسلطها على بلادنا، فالخلايا التخريبية والتجسسية التي أعلن عنها في البحرين والكويت تدق علامة الخطر القريب والبعيد !
رابعاً: إن النظام السياسي الصفوي الإيراني، قد بذل جهداً كبيراً لإنجاح مشروعه الشيطاني في بلاد المسلمين، وسخر جميع إمكانياته السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية والدعوية؛ لإنجاح هذا المشروع وتثبيته، ولا يمكن مقاومة هذا المشروع وتقويضه وحصاره وبتره؛ إلا بمشروع آخر مضادٍ يقوم به أهل الإسلام ويعملون من خلاله على مواجهة هذا الخطر الداهم.
خامساً: ولعل من أهم معالم مشروع أهل الإسلام -الآنف الذكر-: دعم الشعوب المسلمة لاستعادة حقوقها في كل البلدان التي اصطلت بنار النظام الصفوي الإيراني، وبناء شراكات حقيقية مع علماء الأمة والمؤسسات والجمعيات الإسلامية، لتحصين بلاد المسلمين من خطر التمدد الصفوي.
سادساً: على كل قادر من المسلمين السعي لكشف كربة إخواننا الذين سلط عليهم النظام الصفوي الإيراني وأذنابه سلاح التجويع، كما في مضايا والزبداني وغيرها من ديار المسلمين المنكوبة، وإن من أكبر ما يسهم في ذلك رفع القيود عن العمل الإغاثي، ودعم مؤسساته، وتقوية جذوره في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
سابعاً: دعم أهل السنة في إيران، ونصرة قضاياهم من الأولويات الاستراتيجية التي يجب السعي لها بكل الوسائل المتاحة، ويتطلب ذلك تبني رسالة سياسية وإعلامية رشيدة فاعلة ترفع قضايا أهل السنة في كل مكان، وتحمل همومهم، وتخفف من مشكلاتهم.
ثامناً: وإن من الآثار الكارثية للعدوان الإيراني المجرم، ما تمارسه مليشياته الطائفية ضد أهل السنة في العراق بمدينة "ديالى" وغيرها من إبادة جماعية، وتهجير قسري، وهدم للمساجد، بأبشع الوسائل، على مرأى ومسمع من العالم، في مشهد متكرر وأحداث متواصلة ومتجددة؛ مما يوجب على عموم المسلمين حكومات وشعوباً، مؤسسات وأفراداً، المسارعة لنصرة إخوانهم في العراق ومعونتهم بكافة الصور والوسائل السياسية والإغاثية والحقوقية والإعلامية، وبكل الطرق المشروعة للدفاع عن أنفسهم والحفاظ على هويتهم وبلادهم.
تاسعاً: نثمن ما قامت به حكومتنا في المملكة العربية السعودية وفقها الله تعالى لكل خير وعدد من الدول الإسلامية أيضا من قطع للعلاقات الدبلوماسية مع نظام الملالي في إيران، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، ينبغي أن تكون في إطار مشروع استراتيجي شامل لعزل هذا النظام وتحجيمه، مع التأكيد على أن الخلاف مع إيران ليس مجرد خلاف سياسي عابر، بل هو خلاف عقدي متجذر.
وفي الختام ..
فإننا نؤكد على أن هذا النظام الصفوي الحاقد، يحمل بذور فنائه فيه، وما كان له أن ينتفش ويتمدد؛ لولا تفرق أهل الإسلام وتشرذمهم، كما أن سقوطه الأخلاقي من خلال جرائمه البشعة؛ هو مقدمة -بإذن الله- لسقوطه السياسي والعسكري، وما ذلك على الله بعزيز، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
المصدر: موقع البينة.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).