يظن
كثير من الباحثين أن معتقد الرافضة في آل البيت المغالاة في حبهم فحسب
وحقيقة معتقدهم في آل البيت أنهم جمعوا بين الإفراط والتفريط الغلو والجفاء
، فغلو في بعضهم حتى أوصلوه درجة التأليه ، وفرطوا وقدحوا في البعض الآخر
حتى أخرجوه من الإسلام .
وأعظم النصب وأشنعة تكفير علي رضي الله عنه ، وهو قول الكاملية من الرافضة الإمامية ، أتباع أبي الكامل[1] إذ يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي ، وكفر علي بتركه قتالهم[2] . وكان بشار بن برد[3] على هذا المذهب ، وروي أنه قيل له ما تقول في الصحابة ؟ قال: كفروا، فقيل له: فما تقول في علي فتمثل بقول الشاعر:
و ماشر الثلاثة أم عمر
بصاحبك الذي تصبحينا[4]
ومن نصب الرافضة : قدحهم وتكفيرهم لأمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن كما تقدم بيانه [5]
ويظهر
نصب الرافضة جلياً في طعن بعضهم في نسب ولد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك
بانكار بنوة رقية وأم كلثوم وزينب للنبي صلى الله عليه وسلم[6] ولم يجرؤ على مثل هذا القول من أهل البدع سواهم وكفى بذلك نصباً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رده على ابن المطهر الحلي : ( وهم ينكرون[7]
على بعض النواصب أن الحسين لما قال لهم أما تعلمون أني ابن فاطمة بنت رسول
الله ، قالوا: والله ما نعلم ذلك ، وهذا لا يقوله ولا يجحد نسب الحسين إلا
متعمد للكذب والافتراء ، ومن أعمى الله بصيرته باتباع هواه حتى يخفى عليه
مثل هذا ، فإن عين الهوى عمياء ، والرافضة أعظم جحداً للحق تعمداً ، وأعمى
من هؤلاء ، فإن منهم ومن المنتسبين إليهم كالنصيرية[8]
وغيرهم من يقول : إن الحسن والحسين ما كانا من أولاد علي ، بل من أولاد
سلمان الفارسي ، ومنهم من يقول : إن علياً لم يمت ، وكذلك يقولون عن غيره
.. ومنهم من يقول إن رقية و أم كلثوم زوجتي عثمان ليستا بنتي النبي صلى
الله عليه وسلم وكن هما بنتا خديجة من غيره ، ولهم في المكابرات وجحد
المعلومات بالضرورة أعظم مما لأولئك النواصب الذين قتلوا الحسين وهذا مما
يبين أنهم أكذب وأظلم وأجهل من قتلة الحسين ) [9].
ومما
يدل على نصبهم أيضاً قدحهم وطعنهم في العباس وولده وعقيل رضي الله عنهم
والذي تقدم بيانه عند ذكر تفريط الرافضة في آل البيت ، يقول الإمام ابن
تيمية رحمه الله: ( ومن العجب من هؤلاء الرافضة أنهم يدعون تعظيم آل محمد
عليه أفضل الصلاة والسلام ، وهم سعوا في مجيء التتر الكفار إلى بغداد دار
الخلافة ، حتى قتلت الكفار المسلمين مالا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم
وغيرهم ، وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمان مائة ألف ونيفاً وسبعين ألفاً ،
وقتلوا الخليفة العباسي ، وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين فهذا
هو البغض لآل محمد صلى الله عليه وسلم بلا ريب ) [10].
و مما يدل على نصبهم اتهامهم لزيد بن علي بن الحسين رحمه الله بشرب الخمر[11] ، كما يتهمونه بأنه دعا بالإمامة لنفسه ، وقد حاول المامقاني حمل ما ورد في ذمه على التقية[12].
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والرافضة تشهد على كثير منهم بالكفر والفسوق
وهم أهل السنة منهم المتولون لأبي بكر وعمر كزيد بن علي بن الحسين وأمثاله
من ذرية فاطمة رضي الله عنها ، فإن الرافضة رفضوا زيد بن علي بن الحسين ومن
والاه وشهدوا عليهم بالكفر والفسق ، بل الرافضة أشد الناس عداوة إما
بالجهل وإما بالعناد لأولاد فاطمة رضي الله عنها) [13].
ومن ذلك تسميتهم لجعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق[14] بالكذاب[15].
و طعنهم في الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما[16]
، وقد نقل المامقاني عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
بقول: (لو توفي الحسن بن الحسن بالزنا وشرب الخمر كان خيراً مما توفى)
(وحكى المامقاني خلافاً بين الرافضة في إخراجه من الإسلام أو الاكتفاء
بالطعن فيه ) [17].
و
كذا ابنه عبد الله المحض فقد رموه بالكذب لاستهزائه بالجفر ، حتى قال عنه
المامقاني: (وبالجملة فالأخبار في ذم عبد الله هذا وبيان إيذائه للصادق
وإجترائه عليه بالفعل والقول المحض المقذع كثيرة ) [18]. و كذا ابنه محمد بن عبد الله النفس الزكية[19]
فقد رموه بالكذب وادعاء الإمامة وكما هو معلوم أن من ادعى الإمامة من غير
ولد الحسين المنصوص عليهم فهو كافر عند الرافضة ولذلك يقول المامقاني فيه: (
والأخبار صريحة في المطلوب وحملها جميعاً على التقية تكلف لا داعي إليه) [20].
وكذا
الحال في باقي ولد الحسن ولا يستغرب هذا من الرافضة فقد طعن أسلافهم في
الحسن رضي الله من أجل ما حصل بينه وبين معاوية من صلح تحقيقاً لخبر جده
المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه فمنعوا الإمامة في ولده وتنقصوهم ورموا
بالكفر من ادعى الإمامة منهم ، وقد نص المامقاني على أن سائر بني الحسن
كانت لهم أفعال شنيعة لا تحمل على التقية [21].
و
يكفي الرافضة نصباً إخراجهم آل العباس وآل عقيل وآل جعفر من آل البيت إذ
أن آل البيت في مفهوم الرافضة أصحاب الكساء فحسب كما تقدم بيانه[22].
فالرافضة
ألصق بالنصب من غيرهم ، وهذا هو حقيقة معتقد الرافضة في آل البيت وإنما
اتخذوا دعوى المحبة لبعض آل البيت أو على الأصح لبعض أفراد آل البيت ستاراً
لتنفيذ مرادهم وتحقيق أهدافهم إذ أنهم من أبعد الناس عن متابعة من ادعوا
لهم الإمامة .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : ( بل هم مخالفون لعلي رضي الله عنه وأئمة أهل
البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنة والجماعة : توحيدهم ،
وعدلهم ، وإمامتهم ، فإن الثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت من
إثبات الصفات . وإثبات القدر ، وإثبات خلافة الخلفاء الثلاثة ، وإثبات
فضيلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وغير ذلك من المسائل كله يناقض مذهب
الرافضة ، والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم ، بحيث أن معرفة
المنقول في هذا الباب عن أئمة أهل البيت يوجب علماً ضرورياً بأن الرافضة
مخالفون لهم لا موافقون لهم ) [23].
قلت
: بل إن إمامهم الهالك الخميني قبحه الله وأخزاه – نصب العداء حتى لرسول
الله صلى الله عليه وسلم إذ زعم أنه لم يبلغ ما أمره الله به في شأن
الإمامة فانظر ما يقول عند قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } [24]
وواضح بأن النبي لو كان بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر به الله ، وبذل
المساعي في هذا المجال، لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات
والمشاحنات والمعارك ولما ظهرت ثمة خلافات في أصول الدين وفروعه [25].
و
كفى بذلك نصباً وقبحاً وكفراً وزندقة فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينتقل
إلى الرفيق الأعلى حتى كمل الدين ، وقد بلغ الرسالة وادى الأمانة ونصح
الأمة ومن قال خلاف ذلك فهو زنديق ملحد والإسلام منه براء .
وما
قاله الخميني هو حقيقة ما تؤول إليه عقيدة الرافضة وإنما أتخذوا محبة آل
البيت شعاراً ليخدعوا به السذج من الناس ومن قل علمه وفقهه ، إذ هم على دين
غير دين الإسلام وهذا ما صرح به نعمة الله الجزائري الرافضي في كتابه
الأنوار النعمانية إذ قال: ( إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ،
والنبي الذي خليفته أبوبكر ليس نبينا ) [26] فهذه عقيدة القوم {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالين } [27]
فهم ليسوا من الإسلام في شيء ومن كان هذا حاله فلا يستغرب منه مثل هذا
الفعل والقول ، فعليهم من الله ما يستحقون ، ونسأله التوفيق والثبات على
الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه .
[1] لم أجد له ترجمة .
[2]
أصول الدين للبغدادي (279) والملل والنحل (174) والمقالات (1/89)
واعتقادات فرق المسلمين (91) منهاج السنة (3/472) والصواعق المحرقة (69)
والخطط للمقريزي (2/352).
[3]
بشار بن برد العقيلي بالولاء ، أبو معاذ أشعر المولدين أصله من طخارستان
كان ضريراً، نشأ بالبصرة وقدم بغداد وأدرك الدولتين الأموية والعباسية رمي
بالزندقة ، ودان بالرجعة ، وكفر جميع الأمة ، قال البغدادي في الفرق (56)
بعد ذكر فضائحه ( وقد فعل الله به ما استحقه ، وذلك أنه هجا المهدي فأمر به
حتى غرق في دجلة ، ذلك له خزي في الدنيا ولأهل ضلالته في الآخرة عذاب أليم
) وكان هلاكه سنة 167هـ ، وقيل 168هـ . انظر ترجمته في : طبقات الشعراء
لابن المعتز (21) والاعلام (2/52).
[4]
الفرق بين الفرق (54) والتبصير (35) وهذا البيت هو البيت السادس من معلقة
عمرو بن كلثوم التغلبي . انظر شرح القصائد العشر (387) للخطيب التبريزي.
[5] انظر ص (407-422).
[6] انظر ص(423-427).
[7] أي الروافض .
[8]
هم نسبة إلى محمد بن نصير أبي شعيب البصري النميري ، كان مولى من أصحاب
الحسن العسكري الإمام الحادي عشر للإمامية الرافضة فلما مات الحسن ادعى أنه
الباب ثم ادعى أنه نبي بعثه أبو الحسن العسكري وكان يقول بالتناسخ ولاغلو
في أبي الحسن ويقول فيه بالربوبية ويقول بالإباحة للمحارم ، وله شنائع
كثيرة.
انظر
الغيبة للطوسي (259-260) ورجال الكشى (323) وانظر المل والنحل (188) وقال
النوبختي في الفرق (93) وشذت فرقة من القائلين بإمامة ( علي بن محمد ) في
حياته قالت بنوة رجل يقال له (محمد بن نصير النميري ).
[9] المنهاج (4/368).
[10] منهاج السنة (4/592-596).
[11] انظر رجال الكشي (151).
[12] تنقيح المقال (1/467-471).
[13] منهاج السنة (4/64).
[14]
جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق أخو الحسن العسكري ذكر
الذهبي أنه أخذ ميراث أخيه صاحب السرداب. انظر جمهرة أنساب العرب (61)
والسير (13/121).
[15] انظر بحار الأنوار للمجلسي (51/5).
[16]
الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما أبو محمد قال الذهبي: (قليل الرواية
مع صدقه وجلالة قدره)، وقال ابن حجر (صدوق) وكان من اشد الناس بغضاً
للرافضة ومن أجل ذلك كان حكم الرافضة عليه مات سنة 97 وقيل 99هـ.
انظر السير (4/483) والبداية والنهاية (9/178) والتقريب (159).
[17] تنقيح المقال (1/273).
[18] انظر بصائر الدرجات (194.176.173) وتنقيح المقال (2/177).
[19]
محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الملقب بالنفس
الزكية ولد ونشأ بالمدينة ، قال ابن حجر ثقة ، خرج على المنصور وغلب على
المدينة وتسمى بالخلافة، ثم قتل فيها وكان ذلك سنة 145هـ. انظر مقاتل
الطالبين (232) والسير (6/210) والتقريب (487).
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).