بات من المعلوم لدى النخب الكردية المثقفة ما خفي عن البسطاء
من الكرد و العرب السوريين "أن الكرد السنة مستهدفون من قبل الأنظمة
والجماعات ذات الطابع الشيعي بكافة مكوناتها الاثني عشرية والعلوية وسواها،
و تتعرض المناطق الكردية كشقيقاتها السنية لأشكال التطهير والتغيير
الديمغرافي"، ويذهب بعض المثقفين الكرد إلى القول :بإن الصراع (السني
الشيعي) في ذروته بعيد عنا نحن الكرد، ولكن خفي على هؤلاء أنهم ككرد سنة
يتعرضون لكل ما يتعرض له العرب السنة في سوريا ولكن بصورة خبيثة أكثر وخطط
شيطانية.
إن ما سنظهره في هذا البحث المتواضع لا يقتصر الحديث عن استهداف الكرد السوريين فقط، ولكن منهم نبدأ الحديث وننتهي بنتيجة تقول: أن الغالبية العظمى للكرد في كافة أرجاء "كردستان" أو المناطق ذات الغالبية الكردية هم سنيون طائفياً، وشافعيون من الناحية الفقهية، وكلهم يتعرضون للتدمير من الناحية الثقافية والمذهبية وهذا يعرّض مصالحهم وعرقهم لخطر الانقراض والإبادة ولكن من يقف خلف هذا الخطر؟
أولاً: سوريا "العمال الكردستاني يفرغ سوريا من الكرد"
عندما ثار السوريون ضد نظام الأسد الطائفي و بدأ الكرد كغيرهم من السوريين بالخروج في مظاهرات سلمية ضد نظام الأسد نشر حزب الاتحاد الديمقراطي(pyd) الحقد بين عوام الكرد ووبدأ بتذكيرهم بالظلم الذي تلقوه من إخوانهم العرب و الحقيقة لم يكن ذلك كذباً لأن النظام الطائفي الأسدي كرس التفرقة و الشقاق بين الكرد والعرب ، و كثيراً ما أوقع الفتن بين الطرفين، فقد قامت استخبارات النظام بقتل الشيخ معشوق الخزنوي، و ظهر على التلفزيون الرسمي شخص يدعى عبد الرزاق من محافظة دير الزور بأنه من أسهم في قتل الشيخ الخزنوي، ولكن و بـتأثير من الأحزاب الكردية، عرف الشارع الكردي أن هذه محاولة من النظام لضرب الكرد بالعرب، وكان النظام في نفس الوقت يخوف العرب من الكرد، حيث كان يقول لهم بأن الكرد يسعون لبناء دولة وسوف يخرجونكم منها ويسلبوكم أموالكم وأراضيكم، ثم كان هذا الحزب (pyd) أول جهة رفعت السلاح في سوريا بعد عملية مقتل شاب كردي (إدريس رشو) و من ثم قام بمنع التظاهرات السلمية ضد النظام بحجة أنهم لا يريدون لطائرات النظام أن تقصف المناطق الكردية.
الباحث هوشنك أوسي تحدث عن علاقة الكرد السوريين ودورهم في حزب العمال الكردستاني وكيف جعل هذا الحزب من الأكراد السوريين أعضاء من الدرجة الثانية.
وبعد الضغط من أعضائهم من الكرد السوريين عيّن الحزب رستم جودي الكردي السوري في المناطق الكردية في سوريا، لكن النظام السوري لم يقبل بذلك ثم اغتيل رستم جودي في ظروف غامضة.
ويقول أحد الشهود (طلب عد الكشف عن اسمه) ممن كان عضواً سابقاً في العمال الكردستاني بأنه كان يوصل الشباب المتطوعين للقتال في العمال الكردستاني إلى منطقة نهر دجلة لإيصالهم إلى معسكرات الحزب في جبال تركيا فقال الرجل وفيما كان الشبان يركبون احدى العَبّارات الصغيرة أصيب أحد الشبان بالخوف فغادر العبارة وسرعان ما قام أحد الضباط العلويين الذي كان يشرف على إدخالهم إلى الطرف التركي بإلقاء ذلك الشاب في مياه دجلة فمات غرقاً.
ويتحمل النظام الأسدي مسؤولية التغييرالذي حصل في المناطق الكردية -وهنا أقصد به التغيير الثقافي من عادات و تقاليد- وذلك بسبب تنميته للأحزاب اليسارية ذات الطابع الشيوعي والماركسي، وحتى محاولة تشييع الكرد في سوريا عن طريق "حركة المرتضى" التي كانت باشراف جميل الأسد ، ثم تلاه تنمية حزب العمال الكردستاني الذي كان يشرف عليه جميل الأسد أيضاً.
يقول الراحل الملا محمد حيدر(أحد أهم علماء السنة الكرد) "كيف تسمح حكومة لمجموعة تقول أنها ستحرر كردستان (يقصد العمال الكردستاني) من ممارسة كل الاحتفالات وتجنيد الشباب، في حين أنها وضعتني بالسجن لأني أعطيت دروساً في الصلاة والصيام".
ويضيف الملا محمد حيدر أن تعامل النظام مع القضية الكردية كان صارماً، وأن النظام سجنه مرة لأنه قال في إحدى صلوات الجماعة للمصلين "استووا" باللغة الكردية.
من خلال الإجابة على هذا التساؤل يمكننا أن نبرهن على أن تحالف العمال الكردستاني مع نظام الأسد كان ومازال لأسباب طائفية، فلماذا لم يتحالف الأسد الأب والأبن مع بقية الأحزاب الكردية سواء في العراق وسوريا في حين تحالف مع العمال الكردستاني، والإجابة هي أن معظم مؤسسي حزب العمال الكردستاني هم من العلويين سواء كانوا كرداً أو أتراكاً ويتقاسمون الثقافة اليسارية ذاتها ويخفون المذهبية المتأصلة فيهم.
ثانياً: تركيا "العمال الكردستاني يفسد العملية السلمية التركية الكردية
استطاعت الطائفة العلوية في كل من سوريا وتركيا تدمير المناطق الكردية مرة تلو أخرى بأسلوب أقرب إلى مكائد شيطانية، ويجدر بالذكر ما يرويه الأكراد في المناطق الكردية السنّية قبل مجيء العدالة والتنمية للحكم في تركيا، ما تعرض له كتّابهم وزعماء عشائرهم من اغتيالات في بداية تأسيس العمال الكردستاني، ويروي أحد كوادر الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا (طلب عدم الكشف عن اسمه) إن أهم نشطائهم تعرضوا للقتل في ظروف غامضة، ويضيف "علمنا فيما بعد أن العمال الكردستاني هو المسؤول عنها"، وهذا لا يعتبر إلا غيضاً من فيض بالنسبة للخراب والتهجير الذي تعرضت له القرى و المدن الكردية السنّية اذ كان كوادر الكردستاني يأتون إلى منازلهم (أهالي القرى والمدن) ويجبرونهم على دفع الأتاوات والتزود بالطعام ثم ما أن يغادر كوادر ومقاتلو الحزب القرية يأتي العسكر وهو محمل بالمعلومات لمن أطعم ودفع الأموال لمقاتلي العمال الكردستاني، فيبدأ القتل والتعذيب ثم أحرقت الحكومات التركية ما يزيد عن ثلاثة آلاف قرية ومن ثم تشرد الأهالي وأجبروا على النزوح ليعملوا في المهن الدونية تاركين زراعتهم وقراهم و البقية من مآل حالهم، لن يصعب على عارف بالشؤون الاجتماعية معرفته.
كذلك علينا أن نقرأ الذي حدث من تدمير وخراب في الولايات الكردية ذات الغالبية السنية في الآونة الأخيرة عندما دخل حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية التركية وحصل على ما يزيد عن ثمانين مقعد نيابي في البرلمان، وأستبشر الناس خيرا وتوقع أكراد تركيا أن العملية السلمية باتت تأتي أكلها، ذهب رئيس الحزب المقبوض (صلاح الدين ديمرتاش) عليه حالياً في زيارة إلى روسيا في تحد صارخ للدولة التي كانت في حالة أشبه ما يمكن بالعداء مع روسيا وثم لم يترك العمال الكردستاني للعملية السلمية أن تتقدم للأمام وذلك بحفره للخنادق في بلديات الولايات ذات الغالبية الكردية السنية ، ويجدر بنا أن ننتبه أن البلديات و الولايات الكردية العلوية لم يحفر فيها خنادق ولم يعلن عن أي إدارة ذاتية أو ما شابه ، و هكذا تم تدمير معظم الولايات ذات الغالبية الكردية السنية منها فقط.
ثالثا: إيران "حبال المشانق تلتف حول رقاب الكرد السُنة
وإذا كان استهداف الكرد السنة في كل من سوريا وتركيا والعراق من قبل الطائفيين الشيعة يأخذ أشكال المكر والخبث فإنه في إيران واضح وضوح الشمس، فالكرد في إيران تعرضوا لعملية تشييع قسرية منذ مجيء سلطة الملالي أو ما تسمى بالثورة الإسلامية، و تعرّض علماء الدين السنة الأكراد للإعدام ونذكر منهم ناصر سبحاني و احمد مفتي زاد، فقد اعتقل نظام الخميني ناصر سبحاني لأنه رد على كتاب الخميني (الحكومة الإسلامية) بكاتب سماه (الولاية و الإمامة)، ثم اُعدم سبحاني ولم تسلم جثته لذويه.
في مقالة للكاتب محمد صادق أمين نشرت في موقع الخليج أونلاين يقول فيها "حبال المشانق الإيرانية لا تتوقف عن جز رقاب علماء الدين السنة و دعاتهم" ويتحدث الكاتب محمد صادق أمين في هذا المقال أن كل السنة مستهدفون ويذكر إعدام العلماء السنة على يد السلطة الإيرانية منذ نجاح ما تسمى الثورة الإسلامية و إلى الآن ، وأستطيع القول لم يزل الكرد يدفعون حصة الأسد من هذا الظلم ، وذلك لأن السلطة الإيرانية تخشى من الكرد السنة لسببين كونهم كرد يعيشون على أرضهم التاريخية ، و لكونهم سنة في مذهبهم أيضا ، و تتعامل إيران مع الكرد في إيران على مستويين ،هي تضطهدهم مذهبيا ،و لا تتخلى عن محاولتها في تشييعهم من جهة ، و كذلك هي بتواطؤها مع العمال الكردستاني تضطهد كل الحركات والأحزاب التاريخية الكردية في إيران ، و هنا أعيد ما أشرت إليه في المقدمة وهو أن العمال الكردستاني كما هو في تركيا وسوريا و العراق يستخدم الشعارات القومية الكردية لتنفيذ مخططات إيران و حلفاءها.
ولا أعتقد أن المهتم بالشأن السياسي ينسى ما فعل الاتحاد الديمقراطي (فرع العمال الكردستاني في سوريا ) من قمع للمظاهرات السلمية في القامشلي ، عندما تظاهر الكرد ضد قمع السلطات الايرانية للمظاهرات في مدن إيران الكردية لأجل الفتاة التي انتحرت بعد أن حاول رب عملها أن يتاجر بشرفها في إحدى الفنادق في إيران ، وعندما استشعر العمال الكردستاني أنه قد تتحول التظاهرات إلى انتفاضة ضد نظام الملالي في إيران ، سارع إلى افتعال اقتتال مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران وقتل أحد مقاتلي البشمركة في الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران على الأقل ، وكان ذلك كافيا لتتوقف المظاهرات في المناطق الكردية في إيران .
رابعاً: العراق "البارزاني يمنع أن تكون كردستان العراق جسراً مكملا للهلال الشيعي"
في إقليم كردستان العراق وإن كان يبدوا للوهلة الأولى أن القضية الكردية تأخذ طابعا قوميا فقط، ولكن علينا أن لا نغفل التأثير الطائفي الذي أودى باقتصاد إقليم كردستان عندما قطعت حكومة المالكي الموالية لإيران حصة الاقليم من الموازنة، و الضغط الذي تقوم به طهران على حزب الاتحاد الوطني، وحزب كوران(التغيير) بإفشال كل سياسات التنمية السياسية و الاقتصادية في إقليم كردستان العراق.
يقول مدير المركز الدراسات في جامعة دهوك زيرفان برواري "إن استهداف الكرد السنة في العراق من قبل إيران و الحكومة الطائفية في بغداد له شكلين ، أولا لأن الكرد في العراق غالبيتهم سنة ، و ثانيا لكونهم أكرادا ، واستطاعت إيران احتواء حزب الاتحاد الوطني وحزب كوران(التغيير) في السليمانية لكنها تعجز عن احتواء الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يبدو انه أقرب لمحور الاعتدال في المنطقة و طبعا أقرب الى الجهات السنية"، و الكل يتذكر زيارة رئيس إقليم كردستان للملكة العربية السعودية ، و كذلك نشهد علاقات ممتازة بين الاقليم و بقية دول الخليج العربي ، ولقد شهدنا في تسعينيات القرن الماضي عندما دعا رئيس النظام السوري آنذاك حافظ الاسد رئيس اقليم كردستان لزيارة دمشق حيث طلب حافظ الاسد من مسعود البارزاني أن يجعل اقليم كوردستان ممرا او جسرا بين كردستان العراق وايران لكن البارزاني رفض ذلك العرض والسبب خشية البارزاني أن يكون اقليم كردستان العراق جسرا من جسور الهلال الشيعي التي تعمل على بلورته الحكومة الايرانية منذ نجاح ما تسمى الثورة الاسلامية في إيران والى الآن ، وكان الرد من قبل حافظ الاسد و السلطات الايرانية تحريضهما للعمال الكردستاني و الاتحاد الوطني آنذاك لاحتلال عاصمة الاقليم هولير(اربيل) و والتسبب بشوب حرب اهلية راح ضحيتها عشرات الآلاف.
الخلاصة
مما سبق ذكره يمكننا القول إن النظام الايراني و عن طريق وكلاءه العمال الكردستاني ونظام حافظ الاسد الذي يبقى بشار استمراراً له استهدفوا وما زالوا يستهدفون الكرد في كل مكان لأسباب طائفية و قومية ، و أرجح أن السبب الطائفي المذهبي هو العامل الأهم نظراً لقراءة سلوك النظامين ووضوح طائفيتهم الجهنمية ، ولقد دفع الكرد ولازالوا يدفعون عشرات بل مئات الآلاف من الضحايا في حروب العمال الكردستاني التي لا تمت بصلة بالحقوق الكردية أو استرجاعها و خدمتها ، وهنا أعود إلى الكاتب الكردي السوري المعروف هوشنك اوسي في مقالته التي استرعت انتباه الباحثين "بأن العلوية السياسية تتبلور عندما نعلم أن الغالبية العظمى من مؤسسي و مديري العمال الكردستاني هم علويو الاصل أو كرد سنة تأثروا بالفكر العلوي عن طريق زملاتهم للعلويين في الاحزاب اليسارية التركية كعبدالله اوجلان وغيره" ، وتكمن الخطورة في المسعى الذي يحاول العمال الكردستاني القيام به وهو التغيير الثقافي الذي يقوم به هذا الحزب وهو فصل الكرد عن أصولهم القومية و الثقافية . يقول البروفسور فرهاد سيدا في مقالة له "لقد باتت القومية الكرد منقسمة الى ما يشبه قوميتين او طائفتين ، الابوجية التي نمت في نهايات السبعينات وتحولت اليوم الى ما يشبه قومية موازية للقومية الكردية ، وعلى الكرد(كقومية لها جذورها التاريخية المعروفة) و الابوجية الدخول في صراع يجب أن ينتصر احدها على الأخر لأنه من المستحيل أن يتعايشا في أي إطار".
المصدر اورينت نت
إن ما سنظهره في هذا البحث المتواضع لا يقتصر الحديث عن استهداف الكرد السوريين فقط، ولكن منهم نبدأ الحديث وننتهي بنتيجة تقول: أن الغالبية العظمى للكرد في كافة أرجاء "كردستان" أو المناطق ذات الغالبية الكردية هم سنيون طائفياً، وشافعيون من الناحية الفقهية، وكلهم يتعرضون للتدمير من الناحية الثقافية والمذهبية وهذا يعرّض مصالحهم وعرقهم لخطر الانقراض والإبادة ولكن من يقف خلف هذا الخطر؟
أولاً: سوريا "العمال الكردستاني يفرغ سوريا من الكرد"
عندما ثار السوريون ضد نظام الأسد الطائفي و بدأ الكرد كغيرهم من السوريين بالخروج في مظاهرات سلمية ضد نظام الأسد نشر حزب الاتحاد الديمقراطي(pyd) الحقد بين عوام الكرد ووبدأ بتذكيرهم بالظلم الذي تلقوه من إخوانهم العرب و الحقيقة لم يكن ذلك كذباً لأن النظام الطائفي الأسدي كرس التفرقة و الشقاق بين الكرد والعرب ، و كثيراً ما أوقع الفتن بين الطرفين، فقد قامت استخبارات النظام بقتل الشيخ معشوق الخزنوي، و ظهر على التلفزيون الرسمي شخص يدعى عبد الرزاق من محافظة دير الزور بأنه من أسهم في قتل الشيخ الخزنوي، ولكن و بـتأثير من الأحزاب الكردية، عرف الشارع الكردي أن هذه محاولة من النظام لضرب الكرد بالعرب، وكان النظام في نفس الوقت يخوف العرب من الكرد، حيث كان يقول لهم بأن الكرد يسعون لبناء دولة وسوف يخرجونكم منها ويسلبوكم أموالكم وأراضيكم، ثم كان هذا الحزب (pyd) أول جهة رفعت السلاح في سوريا بعد عملية مقتل شاب كردي (إدريس رشو) و من ثم قام بمنع التظاهرات السلمية ضد النظام بحجة أنهم لا يريدون لطائرات النظام أن تقصف المناطق الكردية.
الباحث هوشنك أوسي تحدث عن علاقة الكرد السوريين ودورهم في حزب العمال الكردستاني وكيف جعل هذا الحزب من الأكراد السوريين أعضاء من الدرجة الثانية.
وبعد الضغط من أعضائهم من الكرد السوريين عيّن الحزب رستم جودي الكردي السوري في المناطق الكردية في سوريا، لكن النظام السوري لم يقبل بذلك ثم اغتيل رستم جودي في ظروف غامضة.
ويقول أحد الشهود (طلب عد الكشف عن اسمه) ممن كان عضواً سابقاً في العمال الكردستاني بأنه كان يوصل الشباب المتطوعين للقتال في العمال الكردستاني إلى منطقة نهر دجلة لإيصالهم إلى معسكرات الحزب في جبال تركيا فقال الرجل وفيما كان الشبان يركبون احدى العَبّارات الصغيرة أصيب أحد الشبان بالخوف فغادر العبارة وسرعان ما قام أحد الضباط العلويين الذي كان يشرف على إدخالهم إلى الطرف التركي بإلقاء ذلك الشاب في مياه دجلة فمات غرقاً.
ويتحمل النظام الأسدي مسؤولية التغييرالذي حصل في المناطق الكردية -وهنا أقصد به التغيير الثقافي من عادات و تقاليد- وذلك بسبب تنميته للأحزاب اليسارية ذات الطابع الشيوعي والماركسي، وحتى محاولة تشييع الكرد في سوريا عن طريق "حركة المرتضى" التي كانت باشراف جميل الأسد ، ثم تلاه تنمية حزب العمال الكردستاني الذي كان يشرف عليه جميل الأسد أيضاً.
يقول الراحل الملا محمد حيدر(أحد أهم علماء السنة الكرد) "كيف تسمح حكومة لمجموعة تقول أنها ستحرر كردستان (يقصد العمال الكردستاني) من ممارسة كل الاحتفالات وتجنيد الشباب، في حين أنها وضعتني بالسجن لأني أعطيت دروساً في الصلاة والصيام".
ويضيف الملا محمد حيدر أن تعامل النظام مع القضية الكردية كان صارماً، وأن النظام سجنه مرة لأنه قال في إحدى صلوات الجماعة للمصلين "استووا" باللغة الكردية.
من خلال الإجابة على هذا التساؤل يمكننا أن نبرهن على أن تحالف العمال الكردستاني مع نظام الأسد كان ومازال لأسباب طائفية، فلماذا لم يتحالف الأسد الأب والأبن مع بقية الأحزاب الكردية سواء في العراق وسوريا في حين تحالف مع العمال الكردستاني، والإجابة هي أن معظم مؤسسي حزب العمال الكردستاني هم من العلويين سواء كانوا كرداً أو أتراكاً ويتقاسمون الثقافة اليسارية ذاتها ويخفون المذهبية المتأصلة فيهم.
ثانياً: تركيا "العمال الكردستاني يفسد العملية السلمية التركية الكردية
استطاعت الطائفة العلوية في كل من سوريا وتركيا تدمير المناطق الكردية مرة تلو أخرى بأسلوب أقرب إلى مكائد شيطانية، ويجدر بالذكر ما يرويه الأكراد في المناطق الكردية السنّية قبل مجيء العدالة والتنمية للحكم في تركيا، ما تعرض له كتّابهم وزعماء عشائرهم من اغتيالات في بداية تأسيس العمال الكردستاني، ويروي أحد كوادر الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا (طلب عدم الكشف عن اسمه) إن أهم نشطائهم تعرضوا للقتل في ظروف غامضة، ويضيف "علمنا فيما بعد أن العمال الكردستاني هو المسؤول عنها"، وهذا لا يعتبر إلا غيضاً من فيض بالنسبة للخراب والتهجير الذي تعرضت له القرى و المدن الكردية السنّية اذ كان كوادر الكردستاني يأتون إلى منازلهم (أهالي القرى والمدن) ويجبرونهم على دفع الأتاوات والتزود بالطعام ثم ما أن يغادر كوادر ومقاتلو الحزب القرية يأتي العسكر وهو محمل بالمعلومات لمن أطعم ودفع الأموال لمقاتلي العمال الكردستاني، فيبدأ القتل والتعذيب ثم أحرقت الحكومات التركية ما يزيد عن ثلاثة آلاف قرية ومن ثم تشرد الأهالي وأجبروا على النزوح ليعملوا في المهن الدونية تاركين زراعتهم وقراهم و البقية من مآل حالهم، لن يصعب على عارف بالشؤون الاجتماعية معرفته.
كذلك علينا أن نقرأ الذي حدث من تدمير وخراب في الولايات الكردية ذات الغالبية السنية في الآونة الأخيرة عندما دخل حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية التركية وحصل على ما يزيد عن ثمانين مقعد نيابي في البرلمان، وأستبشر الناس خيرا وتوقع أكراد تركيا أن العملية السلمية باتت تأتي أكلها، ذهب رئيس الحزب المقبوض (صلاح الدين ديمرتاش) عليه حالياً في زيارة إلى روسيا في تحد صارخ للدولة التي كانت في حالة أشبه ما يمكن بالعداء مع روسيا وثم لم يترك العمال الكردستاني للعملية السلمية أن تتقدم للأمام وذلك بحفره للخنادق في بلديات الولايات ذات الغالبية الكردية السنية ، ويجدر بنا أن ننتبه أن البلديات و الولايات الكردية العلوية لم يحفر فيها خنادق ولم يعلن عن أي إدارة ذاتية أو ما شابه ، و هكذا تم تدمير معظم الولايات ذات الغالبية الكردية السنية منها فقط.
ثالثا: إيران "حبال المشانق تلتف حول رقاب الكرد السُنة
وإذا كان استهداف الكرد السنة في كل من سوريا وتركيا والعراق من قبل الطائفيين الشيعة يأخذ أشكال المكر والخبث فإنه في إيران واضح وضوح الشمس، فالكرد في إيران تعرضوا لعملية تشييع قسرية منذ مجيء سلطة الملالي أو ما تسمى بالثورة الإسلامية، و تعرّض علماء الدين السنة الأكراد للإعدام ونذكر منهم ناصر سبحاني و احمد مفتي زاد، فقد اعتقل نظام الخميني ناصر سبحاني لأنه رد على كتاب الخميني (الحكومة الإسلامية) بكاتب سماه (الولاية و الإمامة)، ثم اُعدم سبحاني ولم تسلم جثته لذويه.
في مقالة للكاتب محمد صادق أمين نشرت في موقع الخليج أونلاين يقول فيها "حبال المشانق الإيرانية لا تتوقف عن جز رقاب علماء الدين السنة و دعاتهم" ويتحدث الكاتب محمد صادق أمين في هذا المقال أن كل السنة مستهدفون ويذكر إعدام العلماء السنة على يد السلطة الإيرانية منذ نجاح ما تسمى الثورة الإسلامية و إلى الآن ، وأستطيع القول لم يزل الكرد يدفعون حصة الأسد من هذا الظلم ، وذلك لأن السلطة الإيرانية تخشى من الكرد السنة لسببين كونهم كرد يعيشون على أرضهم التاريخية ، و لكونهم سنة في مذهبهم أيضا ، و تتعامل إيران مع الكرد في إيران على مستويين ،هي تضطهدهم مذهبيا ،و لا تتخلى عن محاولتها في تشييعهم من جهة ، و كذلك هي بتواطؤها مع العمال الكردستاني تضطهد كل الحركات والأحزاب التاريخية الكردية في إيران ، و هنا أعيد ما أشرت إليه في المقدمة وهو أن العمال الكردستاني كما هو في تركيا وسوريا و العراق يستخدم الشعارات القومية الكردية لتنفيذ مخططات إيران و حلفاءها.
ولا أعتقد أن المهتم بالشأن السياسي ينسى ما فعل الاتحاد الديمقراطي (فرع العمال الكردستاني في سوريا ) من قمع للمظاهرات السلمية في القامشلي ، عندما تظاهر الكرد ضد قمع السلطات الايرانية للمظاهرات في مدن إيران الكردية لأجل الفتاة التي انتحرت بعد أن حاول رب عملها أن يتاجر بشرفها في إحدى الفنادق في إيران ، وعندما استشعر العمال الكردستاني أنه قد تتحول التظاهرات إلى انتفاضة ضد نظام الملالي في إيران ، سارع إلى افتعال اقتتال مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران وقتل أحد مقاتلي البشمركة في الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران على الأقل ، وكان ذلك كافيا لتتوقف المظاهرات في المناطق الكردية في إيران .
رابعاً: العراق "البارزاني يمنع أن تكون كردستان العراق جسراً مكملا للهلال الشيعي"
في إقليم كردستان العراق وإن كان يبدوا للوهلة الأولى أن القضية الكردية تأخذ طابعا قوميا فقط، ولكن علينا أن لا نغفل التأثير الطائفي الذي أودى باقتصاد إقليم كردستان عندما قطعت حكومة المالكي الموالية لإيران حصة الاقليم من الموازنة، و الضغط الذي تقوم به طهران على حزب الاتحاد الوطني، وحزب كوران(التغيير) بإفشال كل سياسات التنمية السياسية و الاقتصادية في إقليم كردستان العراق.
يقول مدير المركز الدراسات في جامعة دهوك زيرفان برواري "إن استهداف الكرد السنة في العراق من قبل إيران و الحكومة الطائفية في بغداد له شكلين ، أولا لأن الكرد في العراق غالبيتهم سنة ، و ثانيا لكونهم أكرادا ، واستطاعت إيران احتواء حزب الاتحاد الوطني وحزب كوران(التغيير) في السليمانية لكنها تعجز عن احتواء الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يبدو انه أقرب لمحور الاعتدال في المنطقة و طبعا أقرب الى الجهات السنية"، و الكل يتذكر زيارة رئيس إقليم كردستان للملكة العربية السعودية ، و كذلك نشهد علاقات ممتازة بين الاقليم و بقية دول الخليج العربي ، ولقد شهدنا في تسعينيات القرن الماضي عندما دعا رئيس النظام السوري آنذاك حافظ الاسد رئيس اقليم كردستان لزيارة دمشق حيث طلب حافظ الاسد من مسعود البارزاني أن يجعل اقليم كوردستان ممرا او جسرا بين كردستان العراق وايران لكن البارزاني رفض ذلك العرض والسبب خشية البارزاني أن يكون اقليم كردستان العراق جسرا من جسور الهلال الشيعي التي تعمل على بلورته الحكومة الايرانية منذ نجاح ما تسمى الثورة الاسلامية في إيران والى الآن ، وكان الرد من قبل حافظ الاسد و السلطات الايرانية تحريضهما للعمال الكردستاني و الاتحاد الوطني آنذاك لاحتلال عاصمة الاقليم هولير(اربيل) و والتسبب بشوب حرب اهلية راح ضحيتها عشرات الآلاف.
الخلاصة
مما سبق ذكره يمكننا القول إن النظام الايراني و عن طريق وكلاءه العمال الكردستاني ونظام حافظ الاسد الذي يبقى بشار استمراراً له استهدفوا وما زالوا يستهدفون الكرد في كل مكان لأسباب طائفية و قومية ، و أرجح أن السبب الطائفي المذهبي هو العامل الأهم نظراً لقراءة سلوك النظامين ووضوح طائفيتهم الجهنمية ، ولقد دفع الكرد ولازالوا يدفعون عشرات بل مئات الآلاف من الضحايا في حروب العمال الكردستاني التي لا تمت بصلة بالحقوق الكردية أو استرجاعها و خدمتها ، وهنا أعود إلى الكاتب الكردي السوري المعروف هوشنك اوسي في مقالته التي استرعت انتباه الباحثين "بأن العلوية السياسية تتبلور عندما نعلم أن الغالبية العظمى من مؤسسي و مديري العمال الكردستاني هم علويو الاصل أو كرد سنة تأثروا بالفكر العلوي عن طريق زملاتهم للعلويين في الاحزاب اليسارية التركية كعبدالله اوجلان وغيره" ، وتكمن الخطورة في المسعى الذي يحاول العمال الكردستاني القيام به وهو التغيير الثقافي الذي يقوم به هذا الحزب وهو فصل الكرد عن أصولهم القومية و الثقافية . يقول البروفسور فرهاد سيدا في مقالة له "لقد باتت القومية الكرد منقسمة الى ما يشبه قوميتين او طائفتين ، الابوجية التي نمت في نهايات السبعينات وتحولت اليوم الى ما يشبه قومية موازية للقومية الكردية ، وعلى الكرد(كقومية لها جذورها التاريخية المعروفة) و الابوجية الدخول في صراع يجب أن ينتصر احدها على الأخر لأنه من المستحيل أن يتعايشا في أي إطار".
المصدر اورينت نت
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).