0

عقيدة الطينة عند الشيعة

كلما أوغل القارئ في عقائد الشيعة وأفكارهم ازداد يقينا بالمقولة الشائعة المعروفة عند أهل السنة والجماعة: (ملة الكفر واحدة)، فجميع الفرق والمذاهب الباطلة تلتقي مع بعضها بالأفكار الكفرية العامة، وإن اختلفت تفاصيل وجزئيات تلك الأفكار عند كل مذهب وفرقة.

وهذا حال عقيدة الطينة عند الشيعة الأمامية، فهي تلتقي بشكل واضح مع عقيدة اليهود بأنهم (شعب الله المختار) وأن الله اصطفاهم من بين جميع البشر، وأن ما عداهم من الناس حيوانات خلقها الله لخدمتهم، وقد جعلوا لهذه العنصرية المقيتة نصوصا توراتية وتلموديه، نسبوها كذبا وبهتانا إلى الله تعالى، ومن هذه النصوص: (لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض) سفر التثنية 6/7، وجاء في التلمود: (الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة) (اليهودي جزء من الله) والعياذ بالله تعالى، وهناك الكثير من أمثال هذه النصوص في سفر الخروج والتكوين واللاوين وغيرها.

فما هي عقيدة الطينة الشيعية؟؟ وما هو سبب ظهور هذه العقيدة؟؟ وما هو الرد عليها؟؟

عقيدة الطينة عند الشيعة الأمامية

جوهر هذه العقيدة وفحواها: أن الشيعي خلق من طينة خاصة بينما خلق السني من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينيتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصي وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة، وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستين رواية من رواياتهم الباطلة. (1)

أول من قال بهذه العقيدة

يبدو أن الذي تولى كبر هذه العقيدة -فيما يظهر- هو شيخ الشيعة الكليني، الذي بوب لها بابا بعنوان: (طينة المؤمن والكافر) وضمن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطينة.(2)

ثم ما زالت تكثر هذه الروايات والأخبار من بعد الكليني حتى سجل منها شيخهم المجلسي 67 حديثا في باب عنونه (باب الطينة والميثاق).

ولعل أكثر من فصل في هذه العقيدة هو ابن بابوية في علل الشرائع، حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه، وقد رأى بعض شيوخ الشيعة المعاصرين أن ذلك من باب مسك الختام لذلك الكتاب فقالوا: (إنه ختم بهذا الحديث الشريف كتاب علل الشرائع).(3)

سرية هذه العقيدة

هذه العقيدة سرية عند الشيعة في الأصل، وهم يتواصون بكتمانها على عامتهم، لأن العامي لو اطلع عليها لتعمد فعل الكبائر والموبقات والانغماس في الشهوات الدنيوية لتحصيل اللذة والمتعة، لعلمه أن جريرة ذلك وباله يعود على غيره في الآخرة، وبالتالي فإن الإكثار منها لا ضرر فيه ولا جزاء.

وقد كانت هذه العقيدة محل إنكار من بعض عقلاء الشيعة المتقدمين كالمرتضى وابن ادريس، لأنها في نظرهم وإن تخللت أخبارها فيكتب الشيعة، إلا أنها على كل حال أخبار آحاد مخالفة للكتاب والسنة والإجماع فوجب ردها.

ومع محاولات الشيعة كتمان هذه العقيدة وعدم إظهارها، إلا أن هذه الأخبار تكاثرت على مر الزمن، وقد رد أحد شيوخهم -نعمة الله الجزائري- على من أنكر هذه العقيدة بقوله: (إن أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكاثرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال لإنكارها، والحكم عليها بأنها احاديث أخبار بل صارت أخبار مستفيضة بل متواترة) (4).

سبب ظهور هذه العقيدة

إن كثرة وقوع الشيعة في الموبقات والمعاصي والآثام التي تبيحها عقائدهم المحرفة، مع كثرة الطاعات والعبادات والصالحات التي يقوم بها أهل السنة والجماعة انطلاقا من صحيح الإسلام الذي يؤمنون به، جعلت عامة الشيعة يقعون في التناقض والاضطراب، إذ كيف يكونون على الحق مع هذه الأعمال الشنيعة، وكيف يكون خصومهم وأعداؤهم -أهل السنة- على الباطل وهم على هذه الأعمال الصالحة والحسنة.

وحين كثرت هذه الحوادث وانتشرت، جاء الكثير من عامة الشيعة يشتكون لأئمتهم هذا الواقع، فما يجد أئمة الشيعة مخرجا من هذا المأزق إلا بعقدة الطينة هذه، والتي تجعل أفعال الشيعي مهما قبحت وساءت فلا عقوبة عليها، بل إنها سترد إلى السني، وهي بسبب طينته الممزوجة معه، وأن أفعال السني مهما صلحت وحسنت فثوابها ليست له وإنما للشيعي، لأنه ما فعلها إلى بطينة الشيعي الممزوجة فيه؟!

ومن أمثله هذه الشكاوى وجواب الأئمة عليها:

روى ابن بابوية بسنده: عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر-عليه السلام- يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر -يعني الرفضي- إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: اللهم لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا، قلت: فيأتي بكبيرة من الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: لا..، قلت: يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطريق ويخيف السبل، ويزني، ويلوط، ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم، ويأتي الكبائر فكيف هذا ولم ذاك؟

فقال: يا إبراهيم هل يختلج صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك، فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال: فقلت يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم -في إشارة لأهل السنة- من يكثر من الصلاة والصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحرص على الجهاد، ويأثر كذا على البر وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط، وسائر الفواحش فما ذاك؟ ولِمَ ذاك؟ فسّره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي، وضاق ذرعي. (5)

هذا واحده من الأسئلة والشكاوي التي تكشف انزعاج الشيعة من واقعهم المليء بالمعاصي والموبقات بالمقارنة بواقع سلف هذه الأمة وأئمة أهل السنة ومعظم عامتهم من تقى وأمانة وصلاح، وقد أجيب السائل بمقتضى عقيدة الطينة وهي أن المعاصي الموجودة عند الشيعة في بسبب أهل السنة والأعمال الصالحة التي تسود المجتمع السني بسبب طينة الشيعي، ونص الإجابة هو التالي:

(يقول إمامهم) يا أبا إسحاق (راوي الخبر) ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك إلا تخبرني، فقال: يا إسحاق إن الله عز وجل لما كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها، ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطين وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم، وسرق ولا لاط ولا شرب المسكر ولا اكتسب شيئاً مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضته، وهي طينة ملعونة من حمأ -طين أسود متغير- مسنون- منتن-، وهي طينة خبال -الفساد والنقصان-، وهي طينة أعدائنا، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين، ولم يقروا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين -طينتكم وطينتهم- فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالمائين فما رأيت من أخيك من شر لفظ، أو زنا، أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، ليس من جوهريته وليس من إيمانه، إنما بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حج بيت، أو صدقة، أو معروف فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الأيمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الإيمان.

قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة؟ قال لي: يا أبا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم فرّدها على أعدائنا، وعاد كل شيء إلى عنصره الأول.

قلت: جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو. (6)

الرد على هذه العقيدة

عقيدة الطينة عند الشيعة الأمامية تحمل الكثير من المغالطات والتناقضات، فضلا عن كونها مخالفة لأبسط قوعد المنطق والعقل، ويمكن الرد على هذه العقيدة الباطلة بأكثر من وجه:

1- هي مخالفة لأبسط قواعد العدل والمساواة البشرية النسبية، فضلا عن كونها مخالفة للعدل الإهلي المطلق، إذا كيف تكون حسنات وأعمال السني الصالحة في الآخرة للشيعي!! بينما تكون جرائم وآثام وموبقات الشيعي الخبيثة غدا يوم القيامة على السني!! ومن المعلوم أن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تنطق بالعدالة الإهلية يوم القيامة: قال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام/164]، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر/38]، {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر/17].

2- روايات الشيعة كما هو ظاهر يناقض بعضها بعضا، فالشيعي في معرض الأسئلة والشكاوى مغرق في الجريمة، وموغل في الآثام والموبقات، إضافة لسوء المعاملة ورداءة الخلق، فكيف يكون من هذا حاله أفضل طينة عند الله؟!

3- من العلوم أن الله تعالى قد خلق الناس جميعا على فطرة الإسلام، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم/30]، وعقيدة الطينة تخالف هذا النص القرآني الواضح والصريح.

4- ناقضت الشيعة بهذه العقيدة مذهبها في أفعال العباد، لأن مقتضى هذه العقيدة أن يكون الشيعي مجبورا على فعله وليس له اختيار، إذ أفعاله بمقتضى الطينة وليست من كسبه وإرادته واختياره، بينما مذهبهم أن العبد يخلق أفعاله كمذهب المعتزلة. (7)

إن الأيام تثبت يوما بعد يوم ذلك التشابه الكبير والخطير بين عقائد الشيعة الإمامية وبين عقائد اليهود والنصارى، فكما أن عقائد اليهود تمتاز بالعنصرية، نجد العنصرية بأبشع صورها في عقيدة الطينة الشيعية، بل ربما كانت عقائد الشيعة أشد وقعا على الإسلام والمسلمين من عقائد اليهود والنصارى، نظرا لادعائهم الانتساب إلى الإسلام وهم منه ومن تعاليمه وأحكامه براء.

ــــــــــــــــ

(1) أصول مذهب الشيعة الأمامية/ 956 ناصر بن عبد الله بن علي القفاري

(2) أصول الكافي 2/2

(3) علل الشرائع ص 606 وبحار الأنوار 5/225 - 233

(4) الأنوار النعمانية1/293 - 295

(5) علل الشرائع ص606 وبحار الأنوار 5/228

(6) علل الشرائع ص 490 وبحار الأنوار 5/247

(7) علل الشرائع 638 و أصول مذهب الشيعة الأمامية 961

المصدر: 

مركز التأصيل للدراسات والبحوث

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top