0

علي رضي الله عنه والرد على الشبهات

لما كانت بدع الشيعة السبئية بدأت تروج في عهد علي رضي الله عنه، وبدأت مزاعم السبئية تلوكها الألسن؛ تصدى علي رضي الله عنه فرد الشبهات وأوضح المشكلات في حينها، وهذا هو الواجب ألا يؤخر بيان الحق فتتشرب النفوس بالشبهات، لذلك لما ظن أن عند علي رضي الله عنه علما خاصا ليس عند غيره، وسئل عن ذلك بادر بالرد، ونفى ذلك...

وفي حادثة أخرى يحدث أبو الطفيل عامر بن واثلة فيقول: سئل علي رضي الله عنه: "هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ فقال: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يعلم به الناس كافة إلا كتاب في قراب سيفي هذا، قال: فأخرج صحيفة مكتوب فيها: لعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثا، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من سرق منار الأرض".

انظر - رعاك الله - فقه علي إذا لم يكتف رضي الله عنه بالإخبار بل عضد ذلك بشيء محسوس وأخرج الصحيفة ونشرها للناس وقرأها عليهم حتى لا يأتي مدع ويزعم أن في الصحيفة علما خاصا.

ويأتيه رجل ويقول له: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك؟ فيغضب رضي الله عنه وأرضاه ويقول: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئا يكتم الناس غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. فقال: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: «لعن الله من لعن والده...» الحديث.

ويقوم خطيبا رضي الله عنه ويقول: من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله عز وجل وهذه الصحيفة فقد كذب.

وفي هذا رد على مزاعم الشيعة ممن يدعي أن عند أئمتهم علما خاصا ليس عند غيرهم، أو فهما مسددا من الله، فهذا إمامهم علي بن أبي طالب الذي اتفقوا على إمامته يرد قولهم ويكذبه فكيف بمن هو دونه من الأئمة.

وتردد شبهة ثانية، ويروج كذب ابن سبأ من القول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي رضي الله عنه بالإمامة، فيرد الصحابة ذلك، وتوضح هذه المشكلة؛ ذكروا عند عائشة رضي الله عنها أن عليا رضي الله عنه كان وصيا، فقالت: "متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت: حجري - فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه"؟.

ويؤكد علي رضي الله عنه ذلك فيقوم خطيبا بعد وقعة الجمل ويقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في الإمارة شيئا، وإنما هو رأي رأيناه).

وعند وفاته رضي الله عنه يكذب مزاعم الشيعة بالوصية، إذ قيل له: ألا توصي؟ فيقول: "ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فأوصي، اللهم إنهم عبادك فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم".

يقول الإمام أحمد بن محمد الهيتمي: "فهذه الطرق كلها عن علي متفقة على نفي النص بإمامته، ووافقه على ذلك علماء أهل بيته".

ومن الشبه التي ردها علي بن أبي طالب ونفاها: ادعاء عصمته، فقد أنكر رضي الله عنه على من ألمح إلى عصمته، وبين الحق ناصعا وقال: "يهلك في محب مفرط يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني بما ليس في. ثم قال: وما أمرتكم بمعصية فلا طاعة لأحد في معصية الله تعالى" فلم يثبت لنفسه العصمة رضي الله عنه.

وقال لمن ادعى ألوهيته: (ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني).

ومما أذيع في خلافة علي من الشبهات: الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر، والزعم أن عليا أفضل منهما، فيرد علي رضي الله عنه هذه الشبهة ويبين الحق هو وأئمة آل البيت، وينشرون فضائل الصديق والفاروق، ويعلنون ولاءهم لهم، ويجيبون من يسألهم، وقد قام علي رضي الله عنه مرارا يخطب في الناس ويقول: "إن أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر".

ويحدث محمد بن الحنفية فيقول: "قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين".

ويبادر علي رضي الله عنه ويسأل أصحابه يوما ويقول: "أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت. قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس. قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر.

ويأتي نفر من أهل العراق إلى الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويقولون له: "يا أبا محمد حديث بلغنا أنك تحدثه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أبي بكر وعمر رحمهما الله؟ فقال: نعم. حدثني أبي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: «يا علي؛ هذان سيدا كهول أهل الجنة بعد النبيين والمرسلين».

يقول الإمام الآجري رحمه الله تعالى: "فهؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السادة الكرام رضوان الله عليهم يروون عن علي رضي الله عنه مثل هذه الفضيلة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. جزى الله الكريم أهل البيت عن جميع المسلمين خيرا.

ويؤكد علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولاءه وحبه للصحابة جميعا حتى من اختلف معهم بل وتقاتل، فهو يعلم أن هذا لا يقطع أواصر الأخوة الإيمانية، إذ بعد قتاله في الجمل مع طلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين - والقتال مظنة البغض ولكنها نفوس زكاها الله - يقول: "إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر:47].

ويكرر علي رضي الله عنه القول على ابن طلحة لما جاءه ويقول: "إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله عز وجل: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر:47]، فيقول له رجل: "دين الله أضيق من حد السيف، تقتلهم ويقتلونك، وتكون أنت وهم إخوانا على سرر متقابلين؟! فقال له علي: التراب في فيك فمن عسى أن يكونوا".

فالضيق في دين الشيعة التي لم تسع قلوبهم لحب الصحابة كلهم رضي الله عنهم. أما قلوب المؤمنين فقد وسعت حبهم، وجرت ألسنتهم بالترضي عنهم والدعاء لهم كما أمرهم ربهم في قوله: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10].

وصدق أنس بن مالك رضي الله عنه حينما قال: "قالوا إن حب عثمان وعلي لا يجتمعان في قلب مؤمن، وكذبوا، قد جمع الله عز وجل حبهما بحمد الله في قلوبنا"

المصدر: الدرر السنية.

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top