الحوثيون والطوق الصفوي
تقتضي القراءة
المتأنية للملف الحوثي الذي يكاد يُشْعل اليمن ويهدد بإحراق المحيط العربي
كله، تقتضي التذكير بجملة من الاحترازات الجوهرية التي تضع المسألة في
إطارها الصحيح، وضمن سياقها المنطقي.
فقد تزامن تمرد
الحوثيين مع اندلاع الشرارة الكبرى للمشروع الصفوي الخطير في المنطقة، وهو
المشروع الذي وجد فرصته الذهبية في التحالف العملي بين آيات قم وآيات
المحافظين الجدد، الذين أطاحوا بأكبر خصمين لطهران (صدام في الغرب وطالبان
في الشرق!!)، وقد اضطر بعض الساسة العرب إلى الحديث عنه علانية، عبر
التحذير من الهلال الشيعي.
علما بأن استخدام
مصطلح الشيعة يسر خاطر الصفوية المجوسية؛ لأن لبَّ مشروعها التدميري
الهدام والقديم/المتجدد، يركب موجة التشيع وصولا إلى طموح معادٍ للإسلام
جملة وتفصيلا. ناهيك عن أن الزيدية – مثلاً - مذهب شيعي يعد معتدلاً بعامة،
وهو لا يشاطر البكائين على أبي لؤلؤة المجوسي في الحقد على الصحابة الكرام
ولا سيما على الفاروق الذي أطفأ الله على يديه نار المجوسية وأزال لوثة
الإباحية المزدكية.
كما أن تمدد
مشروع الكراهية الرافضي إلى تخوم الجزيرة العربية من الشرق والجنوب - بعد
الشمال العراقي - يجعل صفة القوس أو الهلال غير دقيقة في تشخيص واقع الحال،
فالصورة الفعلية لا المجازية هي صورة طوق فظيع يتمنى الانقضاض على قلب
العالم الإسلامي.
ولذلك فإن تسمية
الأشياء بأسمائها الحقيقية، يوجب علينا التنبيه من خطورة الطوق الصفوي
بدلاً من الهلال الشيعي، وهو ما تعبر عنه صراحة أدبيات الحوثيين، الذين
ينتمون في الأصل إلى الزيدية التي لا تكنّ مودة للاثني عشرية وبخاصة في
طبعتها الفارسية السوداء.
وباستثناء حفنة
من الجارودية فإن الزيدية تعد أكثر طوائف الشيعة قرباً من منهج الحق ولا
سيما في الموقف مما شجر بين بعض أصحاب النبي الكريم في زمن الفتنة.
والحوثيون اليوم
لا يلتصقون بالرفض الصفوي عقدياً وفكرياً فحسب، بل إن أسلحتهم وتمويلهم
جميعاً ذات مصدر إيراني محض. وهم لم يعودوا يُخْفون تطابقهم مع ذلك المشروع
المدمّر، وتركيز ضغائنهم على أهل السنة والجماعة، من خلال نعتهم بـ:
الوهابية; بعد تقديم نسخة مزيفة عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه
الله تعالى.
غير أن للسرطان
الحوثي الذي أصبح شرساً بحكم التغذية الخارجية المتصلة وجهاً محلياً مؤسفاً
يجب الإلمام به، إن لم يكن لمحاسبة المذنبين في وقت غير ملائم، فللعبرة
والاتعاظ وإنقاذ ما يمكن لإنقاذه في الأقل.
ذلك أن بعض
زعامات حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن – سابقا - سبق لها أن آزرت
المشروع الحوثي الخطير منذ منتصف التسعينيات الميلادية الماضية، نكاية
بالحزب اليمني للإصلاح، باعتباره خصماً قوياً تعذر عليها احتواؤه مثلما
استحال عليها استئصاله بسيف المعز أو بِذَهّبِه. وكم كان هؤلاء مجرمين في
حق اليمن عندما استخدموا مشروعاً جذرياً خارجياً لتقليص حجم حزب مهما قال
فيه شانئوه فإنه ذو برنامج ينبع من داخل البلاد ويهدف إلى مصلحتها العليا،
ولا سيما أن أهدافه كلها تنطلق من أرضية الإسلام بما هو معبر جامع عن
الهوية الأصيلة لأهل اليمن كافة.
إن الخطر الحوثي
الماثل اليوم في اليمن بقوة مسلحة ومدربة لا يهدد اليمن فقط، بل إنه في
المحطة الأخيرة يستهدف بلاد الحرمين، التي يعدها دهاقنة (قم) الصخرة التي
تعترض مشروعهم المجوسي الصفوي.
فهل يعي أولو الأمر من الساسة والعلماء وقادة الرأي والفكر عظم هذا الخطر الذي يتهدد الجزيرة العربية كلها؟
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).