الأخطبوط
الإيراني ذو الأذرع المتشعبة الخبيثة دائمُ العبث بشئون جيرانه الداخلية،
يسعى دومًا لتأليب الأقليات الشيعية في تلك الدول على أنظمة الحكم فيها،
وليس منَّا ببعيد ما شهدته البحرين العام الفائت، عندما اقترب المتآمرون
الشيعة كثيرًا من الإطاحة بالنظام في المملكة الخليجية، قبل أن تستقيم
الأمورُ مجددًا عقب تدخل قوات "درع الجزيرة".
فَشَلَ المخططُ
الإيراني لقلب نظام الحكم في البحرين، لكن هذا لا يمنع أن أذرع هذا
الأخطبوط تمتد لتطال جميع دول الخليج، وما اكتشاف خلايا التجسس في هذا
البلدان إلا إشارة إلى هذا الاختراق الإيراني لتلك المجتمعات. بيد أن ما
حدث في مملكة البحرين كان نذيرًا لتلك البلدان وصيحة إفاقة لها، رأينا
بعدها إدانات قوية لتدخلات إيران في شئونها الداخلية، فضلا عن الإيقاع بعدد
من شبكات التجسس الإيرانية وتقديمها للمحاكمة.
وتمتد أذرع هذا
الأخطبوط أيضًا إلى اليمن، وكان ذلك ظاهرًا في الدعم الذي قدَّمه نظام
الملالي في طهران للمتمردين الحوثيين في شمال اليمن، ذلك الدعم بالمال
والسلاح الذي مكَّنهم من الصمود في ست حروب خاضها ضدهم نظام علي عبد الله
صالح، دون أن ينجح في القضاء على شوكتهم أو إلجام جموحهم.
استغلتْ إيران
حالة عدم الاستقرار والفوضى إبان أحداث الثورة اليمنية، ووسَّعت تغلغلها
داخل المجتمع اليمني، حتى نجحت في الوصول إلى طبقة البرلمانيين والسياسيين
فضلا عما دون ذلك من الطبقات. كما نجحت في توسيع نفوذها من الشمال حيث
الحوثيين الشيعة، إلى الجنوب حيث فصائل "الحراك" الانفصالية، بالإضافة إلى
سعيها في إفشال التسوية السياسية الراهنة من خلال دعم بعض القوى اليمنية.
ويبدو أن المجتمع
اليمني نظرًا لانتشار الفقر وسوء الخدمات به، كان فريسة سهلة للانهيار
أمام طوفان المال الإيراني. لكن السلطات اليمنية نجحت مؤخرًا في توجيه عدة
لطمات للنظام الإيراني بعد الكشف عن عدد ليس بالهين من شبكات التجسس التي
تعمل لصالح إيران.
وأعلنت وزارة
الدفاع اليمنية عن تفاصيل جديدة بشأن خلايا التجسس الإيرانية التي أعلن
مؤخرًا عن توقيفها في اليمن، مشيرةً إلى أن عدد هذه الخلايا وصل إلى ست
خلايا، تم القبض على عناصرها في صنعاء وعدن ومحافظات أخرى، وتضم بين
عناصرها إيرانيين وسوريين.
وأوضحت وزارة
الدفاع أن "الإيرانيين الموقوفين كانوا دخلوا إلى اليمن على أساس أنهم
مستثمرون، وحصلوا على ترخيص من الجهات المختصة بإنشاء مصنع، وبدأوا في نقل
معداته وآلاته إلى اليمن عبر ميناء عدن، وعند تفتيش إحدى الحاويات تبين أن
المعدات فيها ليست لأغراض مدنية متعلقة بالمصنع الذي مُنح الترخيص، وإنما
لأغراض عسكرية طابعها عدائي تستهدف أمن اليمن واستقراره".
وأضافت الوزارة
أن تلك المعدات "يمكن إعادة تجميعها لصنع صواريخ وأسلحة متنوعة، وبالتالي
قامت أجهزة الأمن اليمنية على إثر ذلك بالقبض على الإيرانيين والبدء
بالتحقيق معهم".
وكشفت مصادر
حكومية يمنية أن أعضاء خلايا التجسس الإيرانية يعدون بالعشرات، وأنهم
يخضغون للتحقيق من قبل فريق تحقيق أمني متخصص في جرائم التجسس. وأكدت تلك
المصادر أن نتائج التحقيقات توصلت إلى معلومات خطيرة تمس الأمن القومي
اليمني، وتكشف تورط إيران في دعم جماعات مسلحة لزعزعة الاستقرار.
وقالت المصادر
نفسها إن "المعلومات التي جمعتها أجهزة الأمن اليمنية عن نشاط الخلايا
الإيرانية تشير إلى وجود مخطط إيراني لتهديد أمن دول مجاورة لليمن، وتوسيع
النفوذ الإيراني في المنطقة، واستهداف مصالح دولية استراتيجية انطلاقاً من
اليمن".
وأضافت أن الملف
"سيحال قريباً على القضاء اليمني الذي سيتولى محاكمة هؤلاء العناصر في
جلسات علنية"، وأشارت إلى أن صنعاء لم تعين سفيراً جديداً لها في طهران منذ
أشهر عدة نتيجة التوتر الشديد بين البلدين بعد كشف الخلايا، واتهامات
الرئيس هادي لإيران بدعم جماعات مسلحة ومحاولة إفشال العملية السياسية
الجارية برعاية مجلس التعاون الخليجي والامم المتحدة.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).