الحمد
لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين ولا
عدوان إلا على الظالمين من أمثال الرافضة المعتدين ومن لف لفهم وحامى عنهم
وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أما بعد:
فلا
يزال الرافضة أبنا المجوس يطعنون في أصول الإسلام وفي نقلته وحملته وهم
بالطعن أولى، كيف لا وقد عبدوا غير الله وتوجهوا إلى طاعة الشياطين، وكذبوا
في ما زعموا من أن علياً رضي الله عنه هو الله، تعالى الله عمّا يقول
الظالمون علواً كبيراً، وفي هذه الأيام يقوم هؤلاء الزنادقة بالاحتفالات
بذكرى موت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، وهي زوجة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فإلى أي حدٍ وصل حقد هؤلاء بل تطاول بهم الأمر بنشر
مقالاتهم الفاسدة وترويجها على السفهاء من الدهماء وغيرهم، هذه الضلالات
فيض من غيض، بل لا تكاد تقرأ لهم أو تسمع لهم إلا وتجد الكفر البواح الصراح
في مقالاتهم ومراجعهم ومسموعاتهم، والآن نسمع نبرة جديدة منهم وهي دسيسة
قديمة في نسلهم، وهي حقدهم على العرب وتسميتهم بأسوأ الألقاب وهم بالتسمية
أولى كما قيل: (رمتني بدائها وانسلت) فهم مخالفون لأمر الله وأمر رسوله صلى
الله عليه وسلم، فإن الله فضل العرب على سائر الأجناس من الناس كما سأذكر
ذلك، فعن عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إنا
لقعود بفناء النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرت بنا امرأة، فقال بعض القوم:
هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أبو سفيان: مثل محمد في بني
هاشم، مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله
عليه وسلم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال: ما بال
أقوال تبلغني عن أقوام، إن الله خلق السموات سبعاً، فاختار العلى منها،
وأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من
بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من
قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب
العرب، فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم».
وأيضاً
في المسألة ما رواه الترمذي وغيره من حديث أبي بدر شجاع بن الوليد عن
قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن سلمان رضي الله عنه. قال: «قال
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سلمان! لا تبغضني فتفارق دينك، قلت:
يا رسول الله! كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: تبغض العرب فتبغضني».
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي بدر شجاع بن
الوليد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم بعد ذكر هذه
الأحاديث: "فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بغض العرب سبباً لفراق الدين،
وجعل بغضهم مقتضيا لبغضه" وقال شيخ الإسلام أيضاً في نفس المصدر في فصل
التشبه بالكفار: "وهذا دليل على أن بغض جنس العرب ومعاداتهم كفر أو سبب
للكفر، ومقتضاه: أنهم أفضل من غيرهم، وأن محبتهم سبب قوة الإيمان؛ لأنه لو
كان تحريم بغضهم كتحريم بغض سائر الطوائف، لم يكن سبباً لفراق الدين، ولا
لبغض الرسول، بل كان يكون نوع عدوان، فلما جعله سبباً لفراق الدين وبغض
الرسول دل على أن بغضهم أعظم من بغض غيرهم، وذلك دليل على أنهم أفضل؛ لأن
الحب والبغض يتبع الفضل، فمن كان بغضه أعظم دل على أنه أفضل، ودل حينئذٍ
على أن محبته دين؛ لأجل ما فيه من زيادة الفضل"ا.هـ. فهذه من أحد الأمور
التي يقع فيها القوم بل من أصل دينهم.
وروى أَبُو جَعْفَر الْحَافِظ الْكُوفِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أَحبُّوا الْعَرَب لثلاث: لِأَنِّي عَرَبِيّ، وَالْقُرْآن عَرَبِيّ، ولسان أهل الْجنَّة عَرَبِيّ»
قَالَ الْحَافِظ السلَفِي: هَذَا حَدِيث حسن، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله كما في جامع الرسائل والمسائل بتحقيق رشاد سالم: فصل في الدليل
على فضل العرب (ص:285) قال رحمه الله تعالى: "وَسبب مَا اختصوا بِهِ -أي:
العرب- من الْفضل وَالله أعلم مَا جعل الله لَهُم من الْعُقُول والألسنة
والأخلاق والأعمال، وَذَلِكَ أَن الْفضل إِمَّا بِالْعلمِ النافع أَو
الْعَمَل الصَّالح، وَالْعلم لَهُ مبدأ وَهُوَ قُوَّة الْعقل الَّذِي هُوَ
الْفَهم وَالْحِفْظ وَتَمام وَهُوَ قُوَّة الْمنطق الَّذِي هُوَ الْبَيَان
والعبارة، فالعرب هم أفهم وأحفظ وأقدر على الْبَيَان والعبارة، ولسانهم أتم
الْأَلْسِنَة بَيَاناً وتمييزاً للمعاني، وَأما الْعَمَل فَإِن مبناه على
الْأَخْلَاق وَهِي الغرائز المخلوقة فِي النَّفس، فغرائزهم أطوع من غرائز
غَيرهم، فهم أقرب إِلَى السخاء والحلم والشجاعة وَالْوَفَاء من غَيرهم،
وَلَكِن حازوا قبل الْإِسْلَام طبيعة قَابِلَة للخير معطلة عَن فعله لَيْسَ
عِنْدهم علم منزل وَلَا شَرِيعَة مأثورة، وَلَا اشتغلوا بِبَعْض الْعُلُوم
بِخِلَاف غَيرهم، فَإِنَّهُم كَانَت بَين أظهرهم الْكتب الْمنزلَة، وأقوال
الْأَنْبِيَاء فضلوا لضعف عُقُولهمْ وخبث غرائزهم"ا.هـ.
وبعد
هذا النقل المبارك يتضح جلياً سبب حقد هؤلاء الرافضة للعرب، إنما هو حقدهم
على الدين وحسدهم للعرب لما امتازوا به من الفضائل عن غيرهم، وإن الناظر
اليوم إلى حال كثير من الطوائف والفرق والجماعات عندما يشتم هؤلاء الرافضة
العرب، وشتمهم لأم المؤمنين، ويقيموا الاحتفالات لذلك كذلك، فلا تكاد تجد
أحدهم يحرك ببنت شفاه ولا حتى كلمة استنكار، بل تجدهم في المقابل يؤيدون
الرافضة على مذهبهم الخبيث ويوالونهم ويدعون للتقارب معهم زعموا مثل
الصوفية وغيرها، فإنهم يقدمون مصالحهم السياسية على كل اعتبار، ومن مكرهم
أنهم حين يرون ردة الفعل القوية من الشارع العام مثل الاستنكار على أولئك
الأشرار والاستنكار على من لم يستنكر فإنهم يستنكرون استنكاراً بارد
ليدفعوا عن أنفسهم التهمة وهي لصيقة بهم لا محالة، وهذا من مكرهم، فإنهم
أهل مكر وخديعة، بل يزيد الطين بله أنهم يتصدرون تلك المواقف بعد طول صمت
لتسيس مصالحهم ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ))[الأنفال:30] وكما قال تعالى: ((وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ))[يوسف:21] هذا ما تيسر ذكره على عجالة من أمري، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أهله وصحبه أجمعين.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).