0
حسن عبد الكريم نصر الله (أغسطس/1960) من مواليد بلدة البازورية بالقرب من مدينة صور، ترعرع في ظل معاناة تعيشها أسرته بسبب عسر الظروف التي تمر بها وقلة فرص العمل، هذا الأمر جعله ينزح إلى العاصمة بيروت مع عائلته حيث كان يعمل بائعاً للخضار مع والده، ودرس الابتدائية والمتوسطة حتى اندلعت الحرب الأهلية التي أكلت الأخضر واليابس في بيروت، فعاد مع عائلته إلى بلدته الأصلية. في الجنوب تابع دراسته الثانوية في مدرسة ثانوية صور الرسمية للبنين. خلال وجوده في البازورية التحق حسن نصر الله بصفوف حركة أمل الشيعية التي أسسها الإمام موسى الصدر التي كانت غايتها إنشاء مليشيات مسلحة تحمي الوجود الشيعي في لبنان، وأصبح نصر الله مندوب الحركة في بلدته، حيث تعرف على محمد الغروي، وهو مدرس كان يدرس التعاليم الدينية الشيعية في إحدى مساجد البلدة، حيث طلب منه نصر الله مساعدته في الذهاب إلى مدينة النجف العراقية إحدى أهم مدن الشيعة، والتي تتلمذ فيها كبار علماء الدين الشيعة، وبالفعل فإن الغروي ساعده في الذهاب إلى النجف بعد أن حمّله كتاب توصية لمحمد باقر الصدر أحد أهم رجال الدين الشيعة عبر تاريخهم، وبوصوله إلى النجف تمكن نصر الله بلقاء شخص لبناني يدعى عباس الموسوي، وابتداءً من تلك اللحظة فإن صداقة قوية ومتينة ستقوم بين الرجلين الذين كتبا فصلاً هاماً من تاريخ لبنان الحديث عبر مساهمتهما في إنشاء وتأسيس حزب الله اللبناني عام 1982 خارجاً عن حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل).
بعد لقائه عباس موسوي، التقى نصر الله بمحمد باقر الصدر الذي طلب الاهتمام بنصر الله، وتأمين ما يلزم له من مال وتعهد بدراسته.
اهتمت المراجع الشيعية بنصر الله لتأهيله كزعيم سياسي، ووضعت له برامج إعداد متشددة، ومع نهاية تعليمه الديني عام 1978 بدأ النظام العراقي بالتضييق على المدارس الدينية، وتم ملاحقة الطلبة اللبنانيين خصوصاً بالانتماء لحزب الدعوة وحركة أمل، أو حتى حزب البعث السوري، وبعد محاولة الأمن العراقي اعتقال معلمه عباس الموسوي في الحوزة التي كان يدرس بها، أيقن نصر الله بأنه لا مجال للبقاء في العراق، حيث عاد إلى لبنان، والتحق في حوزة علمية بمدينة بعلبك، ومارس العمل السياسي في صفوف حركة أمل.
عام 1982 اجتاح الجيش الصهيوني جنوب لبنان، ووصل حتى بيروت حيث انقسمت في حينه حركة أمل إلى تيارين، أحدهما يقوده نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، وكان يطالب بالانضمام إلى "جبهة الإنقاذ الوطني"، وتيار آخر متدين كان نصر الله والموسوي أحد أعضائه وكان يعارض هذا الأمر، وبتفاقم النزاع انشق التيار المتدين عن تيار نبيه بري لكونهم قد سجلوا عليه مآخذ كثيرة بسبب الاختلاف في تفسير الإرشاد الذي خلّفه موسى الصدر، وأغلب الروايات تقول إن رفض تيار نصر الله الدخول في تحالف بري بسبب تأييده لبشير الجميل الذي كان يطمح إلى رئاسة الجمهورية.
مع إعلان نشأة حزب الله كانت مهمة نصر الله تجنيد الشبان في خلاياه العسكرية، لكنه سرعان ما أصبح نائب مسؤول منطقة بيروت الذي كان يشغله إبراهيم أمين السيد أحد نواب حزب الله السابقين في البرلمان اللبناني، واستمر نصر الله بالصعود داخل سلم المسؤولية في حزب الله، فتولى لاحقاً مسؤولية منطقة بيروت، ثم استُحدث بعد ذلك منصب المسؤول التنفيذي العام المكلّف بتطبيق قرارات "مجلس الشورى"، فشغله نصر الله.‏
سافر نصر الله لإكمال تعليمه الديني في قم بإيران، وبعد فترة من الزمن اندلعت مواجهات بين حركة أمل وحزب الله اضطرته للعودة، لكنه بقى لفترة قصيرة دون أي منصب في الحزب حتى انتخاب عباس الموسوي أميناً عاماً، حيث عاد حسن نصر الله لمسؤوليته السابقة.
بعد اغتيال الجيش الصهيوني للأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي انتخب نصر الله أميناً عاماً للحزب بالرغم من صغر سنه، شخصية الرجل وتأثيره في قاعدة الحزب منحته جرأة كافية ليدخل الانتخابات النيابية اللبنانية، حيث تعرف كتلة حزب الله باسم "كتلة الوفاء للمقاومة"، حيث حصدت مقاعد كثيرة في البرلمان أثرت مستقبلاً في الحياة السياسية اللبنانية.
في عام 2000 انسحب الجيش الصهيوني من جنوب لبنان من طرف واحد، لكن حسن نصر الله الذي اعتبر هذا الانسحاب نصراً لحزبه، قال: إن تحرير لبنان لن يكتمل إلا بتحرير مزارع "شبعا" التي تؤكد الحكومة الصهيونية بأنها أراضي سورية، وبين هذه وتلك ترى أوساط سياسية لبنانية أن حسن نصر الله أداة من أدوات النظام السوري، ويتخذ المقاومة وسيلة لاستعطاف العالم الإسلامي والعربي.
أسرت شعارات حسن نصر الله قلوب الكثيرين حول المقاومة وتحرير فلسطين، وخصوصاً بعد الحرب التي خاضها حزب الله في عام 2006 مع الجيش الصهيوني ومني فيها الأخير بخسائر كبيرة، لكن الجرائم التي نفذها الكيان الصهيوني، والحصار الذي فرضه على قطاع غزة ولم يلقى أي ردة فعل من حسن نصر الله سوى الثرثرات، حيث تناقصت شعبيته كثيراً حتى اندلاع الثورة السورية ووقوفه مع النظام السوري في الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري.
حسن نصر الله متزوج من فاطمة ياسين، وله منها خمسة أولاد: محمد هادي، محمد جواد، زينب، محمد علي, محمد مهدي. ولقي محمد هادي نصر الله مصرعه في مواجهة عسكرية مع الجيش الصهيوني أثناء احتلاله جنوب لبنان.
ومع عمليات القتل التي أصبحت مشهداً يومياً يمارسه حزب الله بالمناصفة مع النظام السوري ومليشيات إيرانية أخرى ضد أهل السنة في سوريا أضحى حسن نصر الله رجل دين يقود مليشيا طائفية تستمد أيديولوجيتها من حوزات الجهل والتخلف.
وبسبب هذا الجهل أضحى الرجل يقود الكثيرين من الرجال ويمدهم بالمال من خزائن ملأتها له إيران لتحقيق غايتها في البحث عن نفوذ شيعي في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ على الدكتاتور العلوي بشار الأسد.
فقد استطاع بفضل الدعم الإيراني أن يشيد له مملكة في جنوب لبنان، وأن ينصب نفسه ملكاً عليها، ويوجه السياسة اللبنانية كيفما شاء، حتى منع الحكومة التي يرأسها رئيس وزراء سني من تقديم الدعم لضحايا الحرب في سوريا، فقد أسبغ على طائفته الشيعية من نعمته وأمواله الإيرانية، ومما فاء الله عليه من أنفال وابتزاز لرجال أعمال واحتكار، وتجارات غير نظيفة، واستغلال لأموال البلديات وميزانياتها، وحماية تجار المخدرات والمافيا في جنوب لبنان.
ويبقى مصير حسن نصر الله مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصير النظام السوري، حيث وضع لمهمة وغاية تريدها إيران، وفي حال انتهى النظام السوري سيكون نتيجة محصلة نهاية حزب الله.
المصدر: مجلة البيان

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top