0

الدولة الصفوية وقنبلة السنة

نور الدين قلالة

قبل أيام قليلة أقدمت السلطات الإيرانية على هدم “المصلى” الوحيد للسنة في طهران، ومع أن هذا المكان لم يرق بعد ليصبح مسجدا، فقد رأى نظام الملالي أنه يشكل خطرا على الأمن القومي للبلاد ،في الوقت الذي لا تمانع فيه العديد من الدول الغربية بناء مساجد للمسلمين من دون التأكيد على كونهم سنة أو شيعة.

والحقيقة أن السلطات الإيرانية التي تسعي لامتلاك القنبلة النووية تمنع السنة منذ عقود من بناء مسجد لهم في طهران، الأمر الذي دفعهم إلى إقامة الصلوات في هذا المصلى الوحيد الذي أصبح في اليوم في خبر كان، مما يثبت أن إيران الصفوية التي تقمع السنة في العراق وتطاردهم في سوريا و تحاربهم في اليمن، ليس من الممكن أبدا ولا من المعقول أن تطلق يدهم في عقر دارها، وهي المعروفة تاريخيا باقترافها مذابح جماعية بحق السنة في بدايات دولة الصفويين عندما أمر حكامها بأن يُرمى يوميا من مآذن المساجد أكثر من (70) عالما وطالب علم من علماء السنة الموحدين.

وعلى الرغم من أن البعض فسر السلوك الإيراني العدائي تجاه السنة من خلال هدم المصلى هو مجرد رد فعل على سياسة التحريض على استهداف الحسينيات الشيعية في الخليج، إلا أن ذلك ليس سببا كافيا لسياسة الحظر الشامل التي تمارسها إيران على كل أنشطة السنة ،في حين أنها تحيط أكثر من (200) معبد يهودي بكل وسائل الرعاية والدعم، وبين سياسة هدم السنة و دعم اليهود مسارات تاريخية مترابطة ومنسجمة مع فكر آيات الله وممارسات ميلشياتهم الطائفية، فالسنة كانوا يشكلون الأغلبية في إيران قبل حكم السلالة الصفوية منذ حوالي (500) سنة، ولكن تحولت بالقوة والقتل والبطش إلى التشيع بعد حكم سني قرابة عشرة قرون، وبقيت الأقاليم التي عصت على دخول جنود الصفويين مثل كردىستان وبلوشستان والأحواز وغيرها سنية إلى يومنا هذا.

وحتى لا نغوص في الماضي ونغرق في إشكالاته الاجتماعية وتعقيداته الدينية، وجب أن نلقي نظرة بسيطة إلى مستقبل السنة في إيران، وكيف أن هذه الفئة أصبحت تزعج المراجع الشيعية التي تحلم بحرق الأقاليم السنية المتبقية، فقد نشر موقع “شيعة أونلاين” قبل أشهر تقريرا أوضح فيه أنه خلال الـ20 عاما القادمة سيصبح الشيعة في إيران أقلية مذهبية ،في المقابل تتحول التركيبة السكانية للسنة إلى الأكثرية  بنحو (70)% مقابل (30)% للشيعة، فيما يؤكد الأستاذ الأكاديمي بجامعة مشهد الدكتور سيد حسين علوي أنه بعد (40) سنة ستندم إيران أشد الندم لتطبيقها سياسة خفض النمو السكاني”، كما يقول الباحث والمفكر الاستراتيجي الأمريكي زبغنيو بريجينسكي إن “شيخوخة المجتمع الإيراني تؤدي إلى هلاك البلاد” وأن سياسة تحديد النسل “أدت بعد ربع قرن من الزمن إلى نتائج في غاية الخطورة”، بل أن آية الله حيدري يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يكشف أن معدل النمو السكاني في البلاد سيصبح صفرا بحلول العام 2017، وبعد ذلك سيتحول إلى نمو سلبي، إلى درجة أن التوقعات تشير إلى تراجع عدد سكان إيران في 2026 ليصبح (45) مليون نسمة.

ونظرا لعدم توفر إحصائية دقيقة عن نسبة السنة في إيران ،بسبب عدم سماح نظام طهران لأية جهة أو منظمة للقيام، كان من الصعب تحديد عددهم بصفة علمية، لكن معظم التقديرات تجزم بأن عددهم ما بين (20) (25) مليونا من إجمالي سكان إيران البالغ عددهم نحو (70) مليون أي حوالي 25% من سكان إيران، وهنا تبرز القنبلة الديموغرافية التي ترعب نظام إيران وتهدده بالانهيار لأن السنة في تزايد مستمر والشيعة في تراجع مخيف.

وقد أعرب مؤخرا مختص وخبير في الشؤون الدينية والمذهبية في إيران، عن القلق من انخفاض عدد سكان الشيعة وارتفاع عدد أهل السنة في هذا البلد، وقال حجة الإسلام الدكتور ناصر رفيعي، العضو البارز في “الهيئة العلمية لجامعة المصطفى العالمية”، نقلاً عن وكالة “مهر” الإيرانية أن عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من أبناء السنة يعادل 50% من كل التلاميذ في إيران، ما يعني أن عددهم أصبح يعادل الشيعة”، وأضاف رفيعي: “في إحدى المدن في محافظة أذربيجان الإيرانية يفوق عدد أهل السنة عدد الشيعة، حيث أصبحت نسبة السنة 70%، والشيعة 30%، وهذا خطير جداً”.

كما أفادت بعض التقارير بأنه على الرغم من قلة الموارد الاقتصادية وتفشي البطالة بفعل الممارسات النظامية في أقاليم السنة فإن الإحصائيات تظهر ارتفاع نسبهم بشكل سريع ما دفع السلطات الإيرانية إلى ترويج زيادة الولادة وإلغاء خطة تحديد النسل التي كانت تبنتها منذ عقود، خوفا من فقدان الانسجام الطائفي، خاصة وأن الترويج للمذهب الشيعي عنصر أساسي في  استقرار وأمن إيران، ولكن الذي يثير قلق المسؤولين الإيرانيين أن عدد أتباع المذهب السني قد تجاوز في 2011 المليون شخص في إقليم طهران نفسها التي تعد عاصمة التشيع في العالم، أي أن نسبة السنة في طهران بلغ نحو 10% وهو في زيادة مستمرة ،زيادة تهدد ركائز دولة بنيت على أنقاض الآخرين، وكأني بإيران الصفوية صورة طبق الأصل لإسرائيل الصهيونية وصراعها مع النمو السكاني للعرب الذي يهدد وجودها، فمتى تنفجر هذه القنابل الموقوتة ليعلم الجميع أن ما بني على باطل فهو باطل.

المصدر: إسلام أون لاين

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top