التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية
بداية
أكد الدكتور محمد بن إبراهيم السعدي الذي قدم للكتاب أن حقيقة الكتاب
تتجاوز العنوان إلى سبر قضايا مهمة في علم النفس الاجتماعي، وإدارة الرأي
العام في عالمنا الإسلامي، الذي استند إليه الصهاينة في صناعة كذبتهم
الكبرى(العداء للسامية) والتي تستند إلى حقيقة في علم النفس الاجتماعي مفادها: أن الكذبة الكبيرة يمكن أن تكون حقيقة كبيرة حين لا يسمع الناس غيرها.
وبنفس الأسلوب والطريقة كرر الصفويون التجربة من خلال(التكفير) لكل من عاداهم وخاصة من أهل السنة، للترويج لفكرة مفادها: أن هناك تلازما بين مصطلح(التكفير) والسلفية،
ليأتي هذا الكتاب بتفكيك هذه المصطلحات وبيان ضوابط أهل السنة فيه،
وعشوائية الرافضة ومزاجيتهم في جعله سلاحا مسلطا على رقاب مخالفيهم.
في مقدمة الكتاب أشار المؤلف إلى خطورة مسألة(التكفير) في
الإسلام، وخطورة اتهام الرافضة لأهل السنة بأنهم يكفرون المسلمين، ليكون
هذا الكتاب بيانا لحقيقة: من يكفر من؟ وقد جعله المؤلف في ثلاثة فصول
وخاتمة.
الفصل الأول: في خطورة التكفير وحرمة القول فيه بلا علم:
ذكر الباحث في بداية هذا الفصل خطرين عظيمين للتكفير:
أولهما: فساد الدين لأن من كفر مسلما فقد كفر، بمعنى أنه قد وقع في خطأ عظيم يستحق أن يوصف بالكفر.
ثانيهما: تحذير القرآن والسنة من إطلاق الحكم بتكفير المسلم وما يتبعه من أحكام في الحال والمآل من غير تبين ولا تثبت.
المبحث الأول: حرمة تكفير المسلم بغير حق: ذكر الباحث في هذا المبحث عدة أحاديث في عظم جريمة تكفير المسلم، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ » مسلم برقم/225
كما
ذكر بعض الشرور التي يفتحها باب التكفير وأهونها التنابز بالألقاب المنهي
عنه في الإسلام، ناهيك عن كون التكفير استباحة لما حرمه الله من عرض
المسلم، كما أن غلظ أمر التكفير وشدة خطورته دفع أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم للامتناع عن إطلاق التكفير او التفسيق على أهل القبلة.
وبعد
أن ذكر الباحث كل هذه الأحاديث في تحريم تكفير المسلم، خلص إلى قاعدة صلبة
وأساس متين في عقيدة أهل السنة وهي: الأصل في المسلم براءة الذمة، وأن
الاعتداء عليه بتكفيره من أعظم ما توعد الله فاعله بالوعيد والإثم العظيم.
المبحث الثاني: شبهة التكفير والقتال المثارة حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب(بيانها
مع الرد عليها): ذكر الباحث في هذا المبحث تمهيدا لعدد من الشبهات التي
يثيرها الحاقدون على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أهمها وأخطرها: فرية
أن الشيخ وأتباعه قد أطلقوا عنان التكفير للأمة الإسلامية بدون علم ولا
تفصيل، واستباحوا دماء وأموال المسلمين لأدنى شبهة وتأويل.
وقد أطال الباحث في بيان هذه الشبهة والرد عليها، ذاكرا أهم الأسباب التي دعته لذلك وهي:
1- اهتمام الشيخ وأتباعه بمسألة التكفير وضوابطها وتوضيح وما أشكل فيها وتفصيل ما احتاج لتفصيل وتوضيح.
2- كثرة من رمى الدعوة السلفية بشبهة التكفير والقتال.
3- موافقة الكثيرين للشيخ في مسألة بيان التوحيد والنهي عن الشرك، دون أن يوافقوه على تكفير من أنكر التوحيد وقتاله.
4-
تأثر بعض العلماء المعروفين بالتحقيق وسلامة المعتقد بهذه الشبهة، كالإمام
الشوكاني رحمه الله، والشيخ محمد بن ناصر الحازمي، والشيخ محمد صديق خان.
المبحث الثالث:
مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير
مع الدر والدحض لها: اعتبر المؤلف أن محمد بن عبد الرحمن ابن عفالق هو أول
من افترى على الشيخ ابن عبد الوهاب بفرية تكفير المسلمين، ثم ألحقه بمجموعة
من المفترين من أمثال: أحمد بن علي القباني، وسليمان بن أحمد بن سحيم،
وعلوي بن أحمد بن الحسن بن الحداد، وحسن بن عمر الشطي، والشيعي عبد الرؤوف
بن محمد بن عبد الله، وعلي نقي اللكنهوري، و أحمد زيني دحلان، وأحمد رضا
خان، و محمد جواد مغنية – كبير الشيعة في عصره -.
وبعد
سرد هذا العدد من المفترين على الشيخ وأتباعه، أورد المؤلف رد الشيخ أولا،
حيث أعلن الشيخ براءته من هذه الفرية والاتهام، من خلال رسائله التي عمت
البلدان بمنطقة نجد وما حولها، مؤكدا أنه لم يكفر إلا المشركين، وأنه لا
يستحل التكفير بمجرد الظن، وأكد أنه لا يكفر مسلما بارتكاب الكبائر
والذنوب.
بعد
ذلك ذكر المؤلف ردود بعض علماء الدعوة السلفية على المفترين عليهم، وقد
ذكر المؤلف منهم حسين بن غنام، وعبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، وكذلك
الشيخ عبد اللطيف حفيد الإمام محمد بن عبد الوهاب، الذي أكد أن جده من أعظم
الناس إحجاما عن إطلاق التكفير، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو
غير الله من أهل القبور دون أن يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة.
كما
أكد أن جده لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك
الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، ناهيك عن دحض الشيخ صالح بن محمد الشتري
كذب المفترين على الشيخ، ورد الشيخ سليمان بن سحمان على اتهامات أعداء
الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
بعد
ذلك تناول المؤلف موقف علماء الدعوة السلفية المعاصرين من التكفير، فذكر
بداية بيان هيئة كبار العلماء بالسعودية، الذي يرد مسألة التكفير إلى الله
ورسوله بحيث لا يكفر إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة.
كما
ذكر قول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي نوه فيه لعظم وخطر الإقدام
على التكفير أو التفسيق بغير حجة يعتمد عليها من الكتاب والسنة، كما ذكر
قول فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين الذي أوصى بتقوى الله في جميع
الأحكام وعدم التسرع فيها، وخصوصا في التكفير، منوها إلى ضرورة عدم الجبن
بتكفير من كفره الله ورسوله، مع التفريق بين المعين وغير المعين، مستعرضا
شروط التكفير بالتفصيل عند أهل السنة.
ومن
العلماء المعاصرين الذي تناولوا شروط التكفير أيضا الشيخ عبد الله بن
جبرين، حيث أجاب عن كثير من الأسئلة حول هذا الموضوع، وكذلك فعل الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية، الأمر الذي
ينفي - بحسب المؤلف – فرية المفترين على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته
بأنهم يكفرون المسلمين.
الفصل الثاني: ضوابط وقواعد التكفير عند أهل السنة والجماعة:
المبحث الأول: أصول التكفير: وقد ذكر فيها المؤلف أهم وأبرز الأصول في هذه القضية الخطيرة وهي:
1-
أن ألفاظ الإيمان والكفر والشرك والتوحيد ألفاظ شرعية ينبغي أن تؤخذ
حدودها من الكتاب والسنة، ومن هنا قرر أهل السنة أن باب التكفير باب توقيفي
مرجعه السمع، ولا مجال فيه للاجتهاد والنظر، ثم ذكر المؤلف مجموعة من
أقوال علماء السلف الصالح في الدلالة على هذا المعنى والأصل.
2-
الإيمان له شعب متعددة، كل واحدة منها تسمى إيمانا، أعلاها شهادة التوحيد
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، ومنها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعا
كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول الإيمان بزوالها إجماعا كترك إماطة
الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة يلحق بالأولى أو الأخرى.
3-
الإيمان مركب من قول القلب واللسان وعمل بالقلب والجوارح، فالتصديق قول
القلب، والنطق بالشهادتين قول اللسان، وعمل القلب النية والإخلاص، وعمل
اللسان الدعاء والاستغفار، وعمل الجوارح أداء العبادات.
4- الكفر نوعان: كفر أكبر كالشرك بالله أو سبه وسب رسوله، وكفر أصغر لا يخرج عن الملة كالمعاصي التي أطلق عليها الشرع وصف الكفر.
5- لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمى مؤمنا، وكذلك لا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبد أن يسمى كافرا.
6- الاحتياط في التكفير منهج أهل السنة.
المبحث الثاني: ضوابط التكفير: وقد ذكر فيها المؤلف أهمها وهي:
1- الحكم بالظاهر: فأهل السنة لا يحكمون بالظنون والأوهام، وإنما يحكمون القطع واليقين، اما الباطن فأمره إلى الله.
2- التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية التي يضيق فيها العذر أو يتسع.
3- من نطق بلفظ صريح دال على الكفر فلا يسأل عن قصده.
4- قيام الحجة فقد حصل الاتفاق من السلف على عدم تكفير المعين إلا بعد قيام الحجة عليه.
5- عدم التكفير بكل ذنب ما لم يستحله.
المبحث الثالث: موانع التكفير: التي إن وجدت أو وجد أحدها لم يحكم بالتكفير على فاعل الكفر وهي:
1- العذر بالجهل في حالات تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص.
2- الخطأ بشروطه وضوابطه.
3- الإكراه كما جاء في كتاب الله والأحاديث الصحيحة.
4-
التأويل والذي يقصد به التلبس والوقوع في الكفر من غير قصد لذلك، بل مع
اعتقاد أنه على صواب، بسبب قصور في فهم الأدلة الشرعية دون تعمد المخالفة.
الفصل الثالث: أقوال ونصوص غلاة الشيعة الاثني عشرية في تكفير من خالفهم:
في
هذا الفصل تناول المؤلف مسألة غلو الشيعة الاثني عشرية في تكفير كل من
خالفهم ولم يدن بمعتقدهم الباطل، التي تكثر في فتاويهم ومروياتهم، والتي لم
يسلم منها نبي ولا صحابي ولا إمام مذهب فقهي، حتى وصل بهم الأمر بتكفير
مخالفيهم من الفرق الشيعة الأخرى، فكفر الاسترابادي والكاشاني(الإخباري) بعض الأصوليين، فكيف سيكون حالهم مع أهل السنة والجماعة ؟!
لقد وصل الغلو في التكفير عند الاثني عشرية إلى حد تجرأ أحد علمائهم(نعمة الله الجزائري) على
التصريح بأنهم لم يجتمعوا مع من خالفهم لا على إله ولا نبي ولا إمام، وأن
رب وإمام من خالفهم ليس هو ربهم ونبيهم – والعياذ بالله -.
المبحث الأول: تكفير غلاة الشيعة للصحابة:
والتي اشتهر بها الرافضة دونا عن جميع الملل والفرق، وقد ذكر المؤلف بعض
الأمثلة على هذا التكفير التي تطفح بها كتبهم، ولعل أبرزها: كتاب(بحار الأنوار) للمجلسي، و: (كتاب أصول الكافي) للكليني.
وقد
رد المؤلف على هذه الفرية بنصوص القرآن الكريم التي تشهد بمنزلة الصحابة،
والأحاديث الصحيحة التي تمدحهم وتثني عليهم، وأقوال السلف الصالح بأن
الصحابة كلهم عدول ثقات، وأقوال العلماء فيمن يسب الصحابة أو يذمهم.
المبحث الثاني: تكفير غلاة الشيعة للأئمة الأربعة وعلماء المسلمين: فذكر المؤلف لعن صاحب(الكافي
لأبي حنيفة، وكذلك لعن الخصيبي للإمام أحمد، ووصف الرضوي الأئمة الأربعة
بالمنحرفين، واتهام البحراني الشافعي بالكفر، وغيرها من الأقوال الشيعية
الشنيعة في الأئمة الأربعة رحمهم الله.
المبحث الثالث: تكفير غلاة الشيعة لمخالفيهم من أهل السنة:
وقد جاء ذلك صريحهم في كتبهم، ومن أهم أسباب تكفيرهم لأهل السنة هو عدم
إيمانهم بنظرية الإمامة التي يعتقد بها الشيعة الاثني عشرية، فمنكر الإمامة
عندهم كافر وإن أظهر التوحيد، ويسمون أهل السنة بالنواصب.
المبحث الرابع: تكفير غلاة الشيعة لبلدان بكاملها:
فأهل الشام عند الكليني شر من الروم، وأهل المدينة شر من أهل مكة، وأهل
مكة يكفرون بالله جهرة، كما أنهم يبغضون مصر ويعتبرونها سجن من سخط الله.
وفي مقابل التكفير والتحقير لبعض البلدان وسكانها، يقدس الشيعة الاثني عشرية بعض الأماكن كمدينة(قم).
المبحث الخامس: تكفير غلاة الشيعة لعامة الأمة: فلا يبحث الشيعة عن ذنب لشخص ما حتى يحكموا عليه بالكفر، بل يكفي ألا يكون(شيعيا) لمفهومهم حتى يحكم عليه بالكفر عندهم، وقد أورد المؤلف الكثير من أقوال علمائهم المسطورة في كتبهم ومراجعهم المعتمدة.
المبحث السادس: موقف غلاة الشيعة المعاصرين من التكفير:
وقد أورد الباحث في هذا المبحث الكثير من أقوال وتصريحات زعمائهم الحاليين
من أمثال: الخميني وأبو القاسم الخوئي، ومحمد صادق الروحاني، التي تؤكد
إصرارهم على تكفير كل من خالف مذهبهم، وأن هذا الفكر التكفيري لم يكن حكرا
على كبار علمائهم السابقين، وأن الشعارات المعاصرة التي يرفعونها ما هي إلا
تقية فحسب.
فهذا الخميني يقول:(المراد
بالمؤمن: الشيعة الإمامية الاثني عشرية)، بل وصل غلوهم إلى حد اعتبار
التوبة خاصة بالشيعة الإمامية دون غيرهم، وأن مخالفيهم لا يدخلون الجنة،
وما يظهرونه باعترافهم بأن من عداهم مسلمون، فهو في الظاهر والدنيا فقط،
أما في الباطن والآخرة فكل من خالفهم كافر.
بل
وصل بهم الغلو إلى أبعد من كل ما سبق، فقد اعتبر بعضهم المسلم غير الشيعي
الاثني عشري نجس، ولا تجوز الصلاة مع النواصب كما يزعمون، ويجيزون غيبة غير
الموافق لعقيدتهم.
وفي ختام هذا الكتاب عرض المؤلف لأبرز وأهم النتائج فيه، فجزاه الله تعالى عن المسلمين كل خير.
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).