0

من محاضرة: الجانب العملي الواقعي للمذهب الباطني

والأصل الذي ترجع إليه الباطنية كما تتفق على ذلك المصادر من سنية وباطنية، أو من إسلامية وباطنية، هو إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وجعفر الصادق هو أحد أئمة الرافضة، وكان قد ولد له ولد يُسمى إسماعيل، وحدث أن مات إسماعيل وهو صغير، والأمر طبيعي جداً أن يولد صبي ثم يموت وهو صغير فدفنه أبوه وانتهى الأمر، ولكن القضية ليست هكذا، حيث كان أولئك الحاقدون المندسون وعلى رأسهم رجل يقال له ميمون القداح ومعه ابنه عبيد الله بن ميمون القداح يحضرون إلى جعفر الصادق وينتسبون وينتمون إليه، ويقولون: نحن من شيعتكم، ونريد أن نأخذ من علمكم، فحصل أن هذا الرجل كون خلايا سرية في عدة دول، كـالعراق ومصر وبلاد فارس، وكان هؤلاء الخلايا يتكونون في الغالب من المجوس ومن الديصانية وقد اختلف في هذا الرجل فقيل: إنه يهودي، وقيل: إنه ديصاني -أي: ديانة قديمة- وقيل: إنه ثنوي، وليس في الحقيقة هناك كبير فرق ولا اختلاف؛ لأنه إن كان يهودياً فهو من يهود فارس، ومن قال: إنه مجوسي فلأن الفرس ديانتهم هي المجوسية، ومن قال: إنه ديصاني فأيضاً الديصانية فرقة من فرق المجوس، فهو كما يبدو في الغالب أنه رجل يهودي من يهود الفرس، المهم أنه نظم أولئك في تلك الخلايا السرية، وأظهر أنهم ينتمون إلى: محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وكما قلنا إسماعيل بن جعفر مات وهو صبي، وأبلغت الدولة أباه بأنه يوجد لك ابن اسمه إسماعيل مختفٍ وينظم خلايا ضد الدولة العباسية، فأنكر جعفر وقال: لا يوجد، فقالوا: بلى يوجد لك ابن، قال: إن ابني توفي وهو صغير ودفنته، فاضطر جعفر الصادق أن يكتب محضراً ومشهداً ويشهد عليه الناس الذين حضروا الجنازة والموت بأنني دفنت ابني هذا وهو صغير، وأنه لا وجود لإنسان اسمه إسماعيل بن جعفر الصادق ولكن أولئك كذبوه، فقالوا: هذا زمان غيبة الإمام -إسماعيل بن جعفر هذا هو الإمام الذي يغيب بناءً على عقيدة الغيبة وهي عقيدة مجوسية قديمة- قالوا: إسماعيل بن جعفر الصادق غاب، وفي فترة الغيبة هذه له نواب وكلاء وله بُواب يُكلمون ويبلغون الناس ماذا يريد، وماذا يخفي معه من العلم اللدني أو العلم الموروث، الذي ورثه آل البيت وحدهم دون سائر الأمة، وقالوا: أما إنكار أبيه له فإنه من باب التقية، فعندما يحتار الناس يقولون لهم بأنه أنكر تقية، ويأتون بمثل هذه التلبيسات التي يصعب على العقول -ولا سيما مع العوام السذج- أن يتبينوا حقيقتها.

فبهذا المكر اليهودي الخبيث استطاع ميمون القداح وابنه أن يبذرا الدعوة وأن ينشراها في الآفاق، ثم قالوا: إن إسماعيل توفي وخلفه محمد بن إسماعيل الذي يقال: إنه في الحقيقة عبيد الله بن ميمون القداح حيث جعل ميمون القداح والده نفسه بمنزلة إسماعيل بن جعفر، وجعل عبيد الله بن ميمون القداح بمنزلة محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، ومنذ ذلك الحين افترقت هذه الفرقة عن بقية فرق التشيع، وكل فرق الشيعة نشأت لهدم الإسلام بلا شك، ولكن هؤلاء افترقوا في تعيين من هو الإمام، وأخذوا بهذه الدورة التي يسمونها دورة الغيبة أو الاستتار.

المصدر مواقع البرهان

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top