0
هذهي الصورة لما يفعلة الشيعية في ليلة القدر لا حوال والا قوة الا بالله

مراتب الحديث عند الشيعة

علي السالوس

الإخباريون من الجعفرية ـ وهم قلة قليلة ـ لا علم لهم بمصطلح الحديث، فهم يتلقون بالقبول كل ما ورد عن أئمتهم في كتب الحديث المعتمدة عندهم، بل يرون تواتر كل حديث وكلمة بجميع حركاتها وسكناتها الإعرابية والبنائية وترتيب الكلمات والحروف(1) وكتب الحديث هذه أربعة ظهرت في القرنين الرابع والخامس، وأصحابها يرون صحة ما أثبتوا في كتبهم.

والجعفرية الاثنا عشرية ظلوا قرابة ثلاثة قرون بعد ظهور هذه الكتب لا يفترقون كثيراً عن النزعة الإخبارية، فأول من وضع مصطلح الحديث وبين مراتبه عندهم هو الحسن بن المطهر الحلي الملقب بالعلامة الذي توفي سنة 726 هـ (2) .

والحديث عند جمهور الجعفرية ينقسم إلى متواتر وأخبار آحاد. وأثر عقيدتهم الباطلة يظهر في المتواتر باشتراطهم أن لا يكون ذهن السامع مشوباً بشبهة أو تقليد يوجب نفي الخبر ومدلوله (3) وندرك الأثر هنا عندما نراهم يقولون بهذا الشرط يندفع احتجاج مخالفينا في المذهب على انتفاء النص على أمير المؤمنين رضي الله عنه - بالإمامة فإذا ما نقل بالتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينص على إمامة أحد من بعده فالاتهام يوجه إلى السامعين، وبذلك يصلون إلى هدفهم بعدم حجية هذا النقل. وعلى العكس من هذا نراهم يذهبون إلى تواتر حديث الثقلين والغدير(4).

فعقيدة الإمامة توجههم في رفض الأخذ بالتواتر أو رفع غيره إلى مرتبته، ما دام الخبر متعلقاً بهذه العقيدة.

وأخبار الآحاد عندهم تنقسم إلى أربع مراتب، هي أصول الأقسام وإليها يرجع كل تقسيم آخر، وهذه المراتب هي الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. فأما الصحيح عندهم فهو ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة (5) .

وزاد بعضهم في التعريف أن يكون العدل ضابطاً، ورأى صاحب (مقباس الهداية) أن قيد العدل يغني عن ذلك، فمن ليس ضابطا فليس بعدل أي أنهم متفقون على أن شروط الصحة هي-

1. اتصال السند إلى المعصوم بدون انقطاع.

02 أن يكون الرواة إماميين في جميع الطبقات.

03 وأن يكونوا كذلك عدولا ضابطين.

وأثر الإمامة هنا يبدو إلى جانب تحديد المعصوم - في اشتراط إمامية الراوي، فالحديث لا يرقى لمرتبة الصحيح ما لم يكن الرواة من الجعفرية الاثني عشرية في جميع الطبقات.

وأول واضع لأقسام الحديث عندهم يوضح سبب هذا الاشتراط بقوله لا تقبل رواية الكافر، وإن علم من دينه التحرز عن الكذب، لوجوب التثبت عند الفاسق، والمخالف من المسلمين، إن كفرناه فكذلك، وإن علم منه تحريم الكذب - خلافاً لأبي الحسن لاندراجه تحت الآية، وعدم علمه لا يخرجه عن الاسم، ولأن قبول الرواية تنفيذ الحكم على المسلمين، فلا يقبل كالكافر الذي ليس من أهل القبلة.

احتج أبو الحسن بأن أصحاب الحديث قبلوا أخبار السلف كالحسن البصري وقتادة وعمر بن عبيد، مع علمهم بمذهبهم، وإنكارهم على من يقول بقولهم، والجواب المنع من المقدمتين، ومع التسليم فنمنع الإجماع عليه وغيره ليس بحجة. والمخالف غير الكافر لا تقبل روايته أيضاً لاندراجه تحت اسم الفاسق (6) .

ويقول الماماقاني (7): الموافق للتحقيق هو أن العدالة لا تجامع فساد العقيدة وأن الإيمان شرط في الراوي ، ويقول أيضاً: وهو الذي اختاره العلامة في كتبه الأصولية وفاقاً للأكثر لقوله تعالى: {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6] ولا فسق أعظم من عدم الإيمان، والأخبار الصريحة في فسقهم بل كفرهم لا تحصى كثرة .

يستفاد مما سبق أن الإيمان شرط في الراوي، وخبر الفاسق يجب التأكد من صحته، وغير الجعفري كافر أو فاسق، فخبره لا يمكن بحال أن يكون صحيحاً، وهنا لا يبدو أثر الإمامة فحسب بل يظهر التطرف والغلو والزندقة.

ويأتي بعد الصحيح الحسن، وهوما اتصل سنده إلى المعصوم بإمامي ممدوح مدحاً مقبولا معتداً به، غير معارض بذم، من غير نص على عدالته، مع تحقق ذلك في جميع مراتب رواة طريقة، أو في بعضها. (8)

ويستفاد من هذا النص أنهم يشترطون للحسن اتصال السند إلى المعصوم بدون انقطاع.

أن يكون جميع الرواة إماميين.

وأن يكونوا ممدوحين مدحاً مقبولاً معتداً به، دون معارضة بذم، وبالطبع الذم غير المقبول لا يعتد به.

ألا ينص على عدالة الراوي، فلو كان الرواة عدولاً لأصبح الحديث صحيحا كما عرفنا من دراستنا للصحيح.

تحقق ذلك في جميع مراتب رواة طريقه، أو في بعضها. يفهم من هذا أن جميع الرواة غير ثابتي العدالة، أو بعضهم كذلك والآخرين عدول، فالمعروف أن الحديث يحمل على أدنى مرتبة في الرواة فلو فقد شرطا آخر غير العدالة لما أصبح حسناً.

ويقول صاحب (ضياء الدراية) (ص 24):

ألفاظ المدح على ثلاثة أقسام:

ما له دخل في قوة السند، مثل صالح وخير.

ما له دخل في قوة المتن لا في السند، مثل فهيم وحافظ.

ما ليس له دخل فيهما، مثل شاعر وقارئ.

فالأول يفيد في كون السند حسنا أو قويا، والثاني ينفع في مقام الترجيح، والثالث لا عبرة له في المقامين، بل هو من المكملات .

ويقول عن الجمع بين القدح والمدح (الصفحة ذاتها):

القدح بغير فساد المذهب قد يجامع المدح لعدم المنافاة بين كونه ممدوحاً من جهة، ومقدوحاً من جهة أخرى .

وأثر عقيدة الإمامة في هذا النوع يبدو فيما يأتي:

اشتراط إمامية الراوي.

قبول رواية الإمامي غير ثابت العدالة، ورفض رواية غير الإمامي كائناً من كان، وبالغاً ما بلغ من العدالة والتقوى والورع.

قبول رواية الإمامي الممدوح المقدوح أحياناً بشرط ألا يكون القدح بفساد المذهب، وفساد المذهب يعني الخروج عن الخط الجعفري فهذا قدح لا يغتفر (9) .

ويأتي بعد الحسن الموثق، وهو ما اتصل سنده إلى المعصوم بمن نص الأصحاب على توثيقه، مع فساد عقيدته، بأن كان من أحد الفرق المخالفة للإمامية، وإن كان من الشيعة، مع تحقق ذلك في جميع رواة طريقه أو بعضهم مع كون الباقين من رجال الصحيح (10) .

وهذا التعريف يفيد اشتراط ما يأتي:

اتصال السند إلى المعصوم:

أن يكون الرواة غير إماميين، ولكنهم موثقون من الجعفرية على وجه الخصوص.

أو يكون بعضهم كذلك، والآخرون من رجال الصحيح، حتى لا يدخله ضعف آخر، فيكفي أن دخل في الطريق من ليس بإمامي.

وأثر عقيدة الإمامة هنا يبدو فيما يأتي:

جعل الموثق بعد الصحيح والحسن لوجود غير الجعفرية في السند.

التوثيق لا يكون إلا من الجعفرية أنفسهم، ولذلك قال صاحب (ضياء الدراية) توثيق المخالف لا يكفينا، بل الموثق عندهم ضعيف عندنا، والمدار في الموثق إنما هو توثيق أصحابنا .

ويوضح الماماقاني توثيق أصحابه بقوله:

يمكن معرفة غير الإمامي الموثق بأن يكون الإمام قد اختاره لتحمل الشهادة أو أدائها، في وصية، أو وقف، أو طلاق، أو محاكمة، أو نحوها، أو ترحم عليه أو ترضاه، أو أرسله رسولاً إلى خصم له أو غير خصمه، أو ولاه على وقف أو على بلدة، أو اتخذه وكيلاً، أو خادماً ملازماً، أو كاتباً، أو أذن له في الفتيا والحكم أو أن يكون من مشايخ الإجازة أو تشرف برؤية الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر أو نحو هذا(11) .

فالتوثيق إذن لا يخرج عن النطاق الجعفري الاثني عشري.

مع هذا النوع من التوثيق لا يدخل السند مع الموثقين إلا رجال الصحيح، وعلى الرغم من ذلك يبقى هذا القسم في المرتبة الثالثة.

وبعد الموثق يأتي الضعيف، وهو ما لم يجتمع فيه شرط أحد الأقسام السابقة، بأن اشتمل طريقة على مجروح بالفسق ونحوه، أو على مجهول الحال، أو ما دون ذلك كالوضاع (12) .

وفي الحديث عن الصحيح رأينا كيف أنهم اعتبروا غير الجعفري كافراً أو فاسقاً فروايته ضعيفة غير مقبولة، ولا تقبل من غير الجعفري إلا من نال توثيق الجعفرية.

وعلى هذا الأساس يرفضون الأحاديث الثابتة عن الخلفاء الراشدين الثلاثة وغيرهم من أجلاء الصحابة، والتابعين، وأئمة المحدثين والفقهاء، ما داموا لا يؤمنون بعقيدة الإمامية الاثني عشرية. فالروايات التي يدخل في سندها أي من هؤلاء الصديقين الصالحين الأئمة الأعلام الأمناء، تعتبر روايات ضعيفة في نظر هؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون حديثا.

المصدر: الدرر السنية - من كتاب (مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع)

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top