0

مقتل الحسين بين أهل السنة والرافضة

الحمد لله وبعد:

مع العد التنازلي ليوم عاشوراء يستعد الرافضة لهذا الحدث بطريقتهم المعهودة المعروفة من لطم للخدود ، وشق للجيوب ، ونياحة – الحمد لله على نعمة العقل - ، بينما في المقابل نجد أن أهل السنة يذكرون بصيام ذلك اليوم لحث النبي صلى الله أمته على صيامه على سبيل الاستحباب ، ولما فيه من الأجر المترتب على صيامه ، وفرقٌ بين الحالتين .

وعند الرافضة تقرأ قصة مقتل الحسين بأسلوب مؤثر ، يبدأ بالبكاء والعويل ، وينتهي بالدماء التي تتدفق من رؤوسهم وأجسادهم ، وبنوك الدم بحاجة لمثل هذه الدماء إن قبلت به ، وفي هذه القصة عندهم من الكذب الذي تعوده الرافضة واتخذوه دينا ما الله به عليم ، وقد سمعنا بأصوات حاخاماتهم ، ورأينا ما يحصل في ذلك اليوم عن طريق ( النت ) ما يندى له الجبين، ويصد أهل الكفر عن الدخول إلى هذا الدين بسبب هذه الصورة المكذوبة عن دين الإسلام، والإسلام منها بريء براءة الذئب من دم يوسف.

يقول ابن كثير في ( البداية والنهاية ) (6/260) عن الأكاذيب التي قيلت في مقتل الحسين : (وقد ذكروا في مقتله أشياء كثيرة أنها وقعت من كسوف الشمس يومئذ وهو ضعيف ، وتغيير آفاق السماء ولم ينقلب حجر إلا وجد تحته دم ، ومنهم من خصص ذلك بحجارة بيت المقدس، وأن الورس استحال رمادا ، وأن اللحم صار مثل العلقم ، وكان فيه النار إلى غير ذلك مما في بعضها نكارة وفي بعضها احتمال والله أعلم) .

وقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ولم يقع شيء من هذه الأشياء ، وكذلك الصديق بعده مات ولم يكن شيء من هذا ، وكذا عمر بن الخطاب قتل شهيداً وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ، وحصر عثمان في داره وقتل بعد ذلك شهيداً ، وقتل علي بن أبي طالب شهيداً بعد صلاة الفجر ولم يكن شيء من هذه الأشياء والله أعلم .ا.هـ.

وقد نقل ابن كثير في ( البداية والنهاية ) شيئا من صور الاحتفال بذلك اليوم عند الرافضة، وما حصل بسببه من قتال بين أهل السنة والرافضة نقف مع بعضها، فدعونا نورد ما نقله هذا الإمام رحمه الله.

ما وقع من الفتن بين السنة والرافضة بسبب مأتم الحسين:

قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) (11/293) : ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فيها : في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض ، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد ، بين أهل السنة والرافضة ، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه ، بعيد عن السداد ، وذلك : أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة ، وتسمى بعضهم بطلحة ، وبعضهم بالزبير ، وقال : نقاتل أصحاب علي ، فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلقٌ كثير ، وعاث العيارون في البلد فساداً ، ونهبت الأموال ، ثم أخذ جماعة منهم فقتلوا وصلبوا ، فسكنت الفتنة.ا.هـ.

وقال أيضا (12/36) : ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وفيها : عملت الرافضة بدعتهم الشنعاء وحادثتهم الصلعاء في يوم عاشوراء ، من تعليق المسوح ، وتغليق الأسواق ، والنوح والبكاء في الأزقة ، فأقبل أهل السنة إليهم في الحديد فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل من الفريقين طوائف كثيرة ، وجرت بينهم فتن وشرور مستطيرة .ا.هـ.

وقال (12/222): ثم دخلت سنة عشر وخمسمائة في يوم عاشوراء وقعت فتنة عظيمة بين الروافض والسنة بمشهد علي بن موسى الرضا بمدينة طوس ، فقتل فيها خلق كثير .ا.هـ.

قوة شوكة أهل السنة على الرافضة تمنع ظهور البدع:

قال ابن كثير (11/356) : ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وثلاثمائة . في عاشر محرمها أمر الوزير أبو الحسن علي بن محمد الكوكبي - ويعرف بابن المعلم - وكان قد استحوذ على السلطان أهل الكرخ وباب الطاق من الرافضة بأن لا يفعلوا شيئا من تلك البدع التي كانوا يتعاطونها في عاشوراء من تعليق المسوح ، وتغليق الأسواق والنياحة على الحسين ، فلم يفعلوا شيئا من ذلك ولله الحمد .ا.هـ.

وقال أيضا : ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة . وفيها : منع عميد الجيوش الشيعة من النوح على الحسين في يوم عاشوراء ، ومنع جهلة السنة بباب البصرة وباب الشعير من النوح على مصعب بن الزبير بعد ذلك بثمانية أيام ، فامتنع الفريقان ولله الحمد والمنة .ا.هـ.

وقال أيضا في ترجمة (عميد الجيوش الوزير الحسن بن أبي جعفر أستاذ هرمز) (11/397): ومنع الروافض النياحة في يوم عاشوراء ، وما يتعاطونه من الفرح في يوم ثامن عشر ذي الحجة الذي يقال له : عيد غدير خم ، وكان عادلا منصفا .ا.هـ.

وقال أيضا (12/115) : ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة . في يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ دكاكينهم وأحضروا نساء ينحن على الحسين ، كما جرت به عادتهم السالفة في بدعتهم المتقدمة المخالفة ، فحين وقع ذلك أنكرته العامة ، وطلب الخليفة أبا الغنائم وأنكر عليه ذلك .

فاعتذر إليه بأنه لم يعلم به، أنه حين علم أزاله ، وتردد أهل الكرخ إلى الديوان يعتذرون من ذلك ، وخرج التوقيع بكفر من سب الصحابة وأظهر البدع .ا.هـ.

وعندما تضعف شوكة أهل السنة يكون العكس .

قال ابن كثير (12/3) : ثم دخلت سنة ست وأربعمائة . في يوم الثلاثاء مستهل المحرم منها وقعت فتنة بين أهل السنة والروافض ، ثم سكن الفتنة الوزير فخر الملك على أن تعمل الروافض بدعتهم يوم عاشوراء من تعليق المسوح والنوح .ا.هـ.

والله المستعان.

البدعة لا تقابل ببدعة مثلها:

قال ابن كثير: ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وفيها : أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنة فادعوا أن في مثل هذا اليوم حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار فامتنعوا من ذلك ، وهذا أيضا جهل من هؤلاء ، فإن هذا إنما كان في أوائل ربيع الأول من أول سني الهجرة ، فإنهما أقاما فيه ثلاثا ، وحين خرجا منه قصدا المدينة فدخلاها بعد ثمانية أيام أو نحوها ، وكان دخولهما المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أمر معلوم مقرر محرر.

ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتما يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة أهل السنة ، فادعوا أن في اليوم الثاني عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير ، فعملوا له مأتما كما تعمل الشيعة للحسين ، وزاروا قبره كما زاروا قبر الحسين ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها ، ولا يرفع البدعة إلا السنة الصحيحة.ا.هـ.

المصدر: موقع الحقيقة

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top