طيلة أكثر من 3 عقود من نظام المخلوع علي عبد الله صالح، لم تنعم اليمن بالاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، ولم تكن سياساته سوى "ترقيع"– كما يصفها مراقبون– وترحيل لمشاكل، وعدم اعتراف بأخرى، ما جعل نظامه مترهلاً، وبقاءه مجرد خدمة لمن كان يسميهم "ثعابين".
لكن، يمكن القول إن الرئيس القتيل شخصية استثنائية في اليمن؛ فقد تمكن من قيادة بلده رئيساً منذ عام 1978، وبقي طرفاً فاعلاً حتى بعد تنحيه عام 2012.
ولد صالح في 21 مارس 1942 في قرية بيت الأحمر في منطقة سحنان باليمن لعائلة فقيرة تنتمي إلى قبيلة سحنان، وما إن بلغ السادسة عشرة من عمره حتى التحق بجيش الإمامة، ثم دخل مدرسة الضباط بعد عامين، والتحق بالقوات الجمهورية خلال ثورة 26 سبتمبر 1962.
حصل على رتبة ملازم ثاني عام 1963، وفي العام التالي التحق بمدرسة المدفعية، وأصبح عام 1975 قائداً للواء تعز.
دخل صالح التاريخ سادس رئيس للجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي سابقاً)، عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي، وأسس في عام 1982 حزب المؤتمر الشعبيّ العام الذي ظل يتزعمه حتى آخر لحظة من مشواره الطويل في السلطة وفي الصراع حولها لاحقاً.
- حملات تنتهي بالموت
من غرائب القدر أن صالح، رئيس اليمن المخلوع، كان قد قام بست حملات عسكرية ضد الحوثيين في صعدة بين عامي 2004 – 2010، إلا أن الإطاحة به من السلطة إثر ثورة شعبية عام 2012، مهد الطريق ليصبح الحوثي، العدو اللدود القديم، صديقاً وحليفاً جديداً له.
وعلى الرغم من أن العلاقات بين هذين "الحليفين – النقيضين" اتسمت بالتوتر منذ إبرام التحالف عام 2014، فإن انفجار الأزمة الأخيرة بينهما في قتال شامل عنيف، كان مفاجأة بشكل ما، خاصة أن الرئيس السابق كان قد كال للحوثيين المديح منذ أيام مرطباً الأجواء معهم، فيما هاجم بشدة السعودية، وكشف عن رسالة من الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، كان بعث بها إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون عام 1966.
ولم تمض إلا أيام قليلة على هذا التصريح حتى اشتعلت النار بين الحليفين اللدودين، ربما بعد أن تراكم انعدام الثقة بين الطرفين وتضاربت مصالحهما، وارتباطاتهما، وربما وصل أحدهما أو كلاهما إلى اليقين بأن الفراق آت لا محالة، وفاضت كأس الصبر، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة.
ولعل مشكلة اليمن تكمن في أن صالح والحوثيين، كلاً منهما كان يرى نفسه ملكاً وسيداً للموقف، ولذلك لم يحتمل أحدهما الآخر، على الرغم من انخراطهما في معركة واسعة ضد التحالف العربي الذي تقوده السعودية بامتداده المحلي.
إلا أن معركة علي عبد الله صالح السابعة مع الحوثيين خسرها وأصابته في مقتل، ولم يستطع استعمال "مَكْره" في الخروج منها بأقل الخسائر، فكان الرصاص في جسده حاسماً.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).