بالرغم من الضغوط الدولية الساعية إلى تحجيم الدور الإيراني في سوريا
بشكل عام، وفي الجنوب السوري بشكل خاص؛ حيث يوجد موطئ قدم للمعارضة فيه،
فإن إيران ما تزال تحث الخُطا في سعيها المحموم لتعزيز حضورها في هذه
المنطقة.
وتشهد المنطقة الجنوبية، خاصة محافظة درعا الواقعة على الحدود السورية
الأردنية، محاولات إيرانية لتثبيت قواعد لها في هذه البقعة الحيوية،
مستخدمة في ذلك كل الوسائل الممكنة والمتاحة.
ويكشف مطّلعون أن إيران تسعى لتعزيز وجودها في الجنوب السوري بطرق مختلفة، منها استقدام قوات إيرانية ومليشيات من جنسيات مختلفة.
وتحدث أبو معتز الدرعاوي لـ "الخليج أونلاين"، حول الدور الإيراني في "تجنيد" شباب من أهالي المنطقة عن طريق استغلال حاجتهم للمال.
الدرعاوي، وهو ناشط مدني من سكان الجنوب السوري، أوضح أن من طرق تعزيز
إيران وجودها في هذه المنطقة "استقدام قوات من الحرس الثوري الإيراني،
والمليشيات الطائفية العراقية والأفغانية واللبنانية، وأيضاً من خلال إنشاء
ألوية عسكرية تتبع لها مباشرة، تضم عناصر ومتطوّعين من أبناء المنطقة".
وأكد أن انضمام متطوّعين من المنطقة لهذه الألوية جرى بالفعل مؤخراً في مدينة إزرع.
اقرأ أيضاً :
اتفاق ثلاثي لإطلاق منطقة خفض تصعيد جنوب سوريا
ولفت الدرعاوي النظر إلى أن "الحرس الثوري الإيراني، وبهدف تعزيز مواقعه
في الجنوب السوري، فتح أمام شباب محافظة درعا القاطنين في مناطق سيطرة
نظام الأسد باب التطوّع والانتساب إلى صفوف اللواء (313)، الذي يخضع
للتدريب والتمويل من قبل قيادة الحرس الثوري مباشرة".
وقال إن مقر هذا اللواء يقع في مدينة إزرع (شمال درعا)، التي تعتبر أحد المعاقل الرئيسية للنظام في ريف درعا الأوسط.
وبيّن أن "عدد المنتسبين إلى هذا اللواء بلغ أكثر من 200 شخص، وفق مصادر
في المدينة، وأن أعمار منتسبيه تتراوح ما بين 20 و40 عاماً، وهي سنّ
الخدمة الإجبارية والاحتياطية المعتمدة في صفوف قوات نظام الأسد".
وأضاف أن "الحرس الثوري يستغلّ الأوضاع الاقتصادية السيئة للشباب، ويقدم
لمنتسبي اللواء 313 إغراءات مميزة، مقارنة بالامتيازات التي يقدّمها
النظام لمنتسبي قواته".
وتابع: "من هذه الامتيازات رواتب شهرية عالية، وحوافز إضافية، وبطاقات
خاصة تمكّنهم من حرية التنقّل في أماكن سيطرة النظام، وعبور حواجزه دون أن
يعترضهم أحد".
وأشار إلى أن "اللواء بات ينافس اللجان الشعبية وألوية المرتزقة الأخرى التابعة للنظام في القدرة على استيعاب الشباب والمتطوّعين".
الدرعاوي نبه إلى أن "عدداً كبيراً من عناصر ما يُعرف باللجان الشعبية
والدفاع الوطني، وهم أكثر من مارس القتل والسرقة والاغتصاب، انضمّوا إلى
اللواء الجديد. هؤلاء النسبة الكبرى منهم من سكان مدن وقرى إزرع والشيخ
مسكين وقرفا ونامر، وهي معاقل أساسية للنظام في جنوب سوريا".
من جهتها نقلت مواقع إخبارية عن الشاب صفوان، وهو أحد المتطوّعين
الفارّين من اللواء 313 إلى مناطق المعارضة، قوله إن عمليات التجنيد في
التشكيل الجديد استهدفت بشكل خاص المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية
في قوات الأسد.
وأضاف أن "الالتحاق بهذا اللواء كان بسبب خوف بعض هؤلاء الشباب من السحب
الإجباري والاحتياطي من قبل قوات النظام، وإرسالهم إلى جبهات القتال في
المحافظات الأخرى"، مبيّناً أن "التطوّع في هذا اللواء يضمن لمنتسبيه
البقاء في محافظة درعا حصراً".
القائد الميداني في قوات المعارضة السورية، أبو عبد الله الحوراني، يرى أن هذا اللواء لن يبقى، وسينتهي بانتهاء الأزمة في البلاد.
وقال في حديثه لـ "الخليج أونلاين": إن "فتح باب التطويع في تشكيلات
عسكرية جديدة دليل على إفلاس قوات النظام وحلفائها، والخسائر الكبيرة التي
تكبّدتها".
وأضاف: "إيران على ما يبدو استشعرت أن خروجها من محافظة درعا بات
قريباً، فآثرت أن تؤسّس هذا التشكيل ليبقى قاعدة خلفيّة لها في المنطقة
الجنوبية".
وعبّر الحوراني عن اعتقاده بأن "معظم عناصر هذا التشكيل ينتمون إلى
الطائفة الشيعية في المنطقة الجنوبية، التي كان يتوزّع أفرادها قبل الثورة
على مدن وبلدات بصرى الشام، والمليحة، والشيخ مسكين، وطفس، ودرعا المحطة،
وقرفا، وبعض القرى الأخرى".
وأوضح أن "هؤلاء، وبسبب انحياز الكثير منهم إلى نظام الأسد في حربه ضد
الشعب السوري، تركوا قراهم ونزحوا إلى مناطق سيطرة النظام بعد أن سيطر
الثوار عليها".
إيران، وبحسب مختصين، بذلت جهوداً كبيرة لتغيير ديموغرافية المنطقة الجنوبية في سوريا؛ سعياً إلى تثبيت نفوذها فيها.
- شيعة درعا والرقم 313
حول ذلك يشير الباحث أحمد العلي، وهو أستاذ مختص بالتاريخ، إلى أن
"الشيعة في درعا أو من يُطلق عليهم اسم (المتاولة)، موجودون في مناطق درعا
منذ أكثر من 100 عام، وقد جاؤوا إلى هذه المناطق من لبنان للعمل الزراعي،
ثم استقرّوا فيها واندمجوا مع سكان درعا الأصليين"، مبيّناً أن البعض منهم
ناصر الثورة في بداياتها وقدموا تضحيات كبيرة.
ولفت العلي في حديث لـ "الخليج أونلاين" النظر إلى أن "أفراد هذه
الطائفة لم يكونوا يمارسون طقوساً دينية خاصة بهم إلا بعد الدعم الكبير
الذي تلقّوه من إيران، قبل أكثر من 20 عاماً؛ وذلك بالتزامن مع محاولات
التشييع التي بذلتها إيران في الجنوب السوري بمباركة نظام الأسد ومخابراته،
وبمساعدة بعض الأشخاص المتنفّذين".
وأضاف أن "النظام الإيراني أنفق مبالغ طائلة على حملات التشييع بدرعا
والترويج لها؛ حيث بنى العديد من الحسينيات في تجمّعات المتاولة، وزوّدها
بالخدمات، وأغدق الأموال على بعض الأفراد والجماعات للترويج للمذهب
الشيعي".
وأشار إلى أن "تسمية اللواء 313 لم تأتِ من فراغ؛ فلهذا الرقم مدلولات دينية في المذهب الشيعي".
واستطرد بالقول: إن "الروايات والمعتقدات الشيعية تشير إلى أن الرقم 313
هو عدد أنصار وقادة جيش المهدي المنتظر، الذين سيبايعونه ويُخلصون له،
بالرغم من عدم وجود ما يثبت ذلك".
وأوضح أن "العقيدة الشيعية روّجت بشكل كبير لهذا الرقم، حتى أصبح شعاراً
للكثير من الألوية العسكرية الإيرانية، فهناك اللواء 313 مهام خاصة،
والمهدي 313، ورافضي 313، وغيرها".
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).