يستدل الرافضة والصوفية بجواز التوسل لأحاديث وردت، منها:
الحديث الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: «من
خرج من بيته إلى الصلاة، فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك
بحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً.. أقبل الله عليه بوجهه».
[رواه الإمام أحمد (3/ 21), وابن الجعد في مسنده (1/ 299), وابن أبي شيبة في المصنف (6/ 25), وابن ماجه رقم: (778).. وغيرهم].
وهذا الحديث
إسناده ضعيف؛ لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، وعطية ضعيف
كما قال الإمام النووي في "الأذكار", وقال الذهبي في "الضعفاء" (1/ 88):
"مجمع على ضعفه".
وقال الإمام
أحمد: "ضعيف الحديث, وبلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير,
وكان يكنيه بأبي سعيد!! فيقول: قال أبو سعيد، يوهم أنه أبو سعيد الخدري".
وقال الحافظ ابن حجر في كتابه: "التقريب": "صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلساً".
أورده الحافظ ابن حجر في كتابه: "طبقات المدلسين" المرتبة الرابعة، وقال: "تابعي معروف، ضعيف الحفظ مشهور بالتدليس القبيح".
والتدليس القبيح
الذي أراده الحافظ ابن حجر، هو تدليس الشيوخ، وهذا النوع من التدليس لا
يصلح معه التصريح بالسماع، خاصة في مثل هذه الحالة؛ حيث ثبت -كما مر عن
الإمام أحمد- أن عطية العوفي له شيخ كذاب –الكلبي- يكنيه أبا سعيد، وله
أيضاً رواية عن الصحابي أبي سعيد، فكان يدلس الرواية عن الأول بالرواية عن
الثاني، فحكم روايته بالسماع أو العنعنة عن من يسميه أبا سعيد لا يحتج بها،
مع ما فيه من ضعف.
الحديث الثاني: حديث بلال رضي الله عنه أنه قال: «كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة قال: بسم الله، آمنت
بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم بحق السائلين
عليك، وبحق مخرجي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً..» الحديث.
[رواه
ابن السني في كتابه: "عمل اليوم والليلة" رقم: (82) من طريق الوازع بن
نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عنه].
قال الإمام النووي في "الأذكار": "حديث ضعيف أحد رواته الوازع بن نافع العقيلي وهو متفق على ضعفه، وأنه منكر الحديث".
وقال الحافظ ابن
حجر بعد تخريجه: "هذا حديث واه جداً، أخرجه الدارقطني في "الأفراد" من هذا
الوجه, وقال: تفرد به الوازع، وهو متفق على ضعفه, وأنه منكر الحديث, والقول
فيه أشد من ذلك، فقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة، وقال أبو حاتم وجماعة:
متروك الحديث، وقال الحاكم: يروي أحاديث موضوعة".
وقال ابن عدي: "أحاديثه كلها غير محفوظة".
وقال البخاري: "منكر الحديث".
الحديث الثالث: عن أبي أمامة قال: «كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح وإذا أمسى دعا بهذا الدعاء: اللهم
أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد.. أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات
والأرض، وبكل حق هو لك، وبحق السائلين عليك...».
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 117): "رواه الطبراني، وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف مجمع على ضعفه".
وقال في موضع آخر: "لا يحل الاحتجاج به".
وقال ابن حبان عن فضال: "شيخ يزعم أنه سمع أبا أمامة، يروي عنه ما ليس من حديثه".
وقال أيضاً: "لا يجوز الاحتجاج به بحال، يروي أحاديث لا أصل لها".
وقال ابن عدي في "الكامل" (13/ 25): "أحاديثه كلها غير محفوظة".
وقال عنه البيهقي في كتابه: "شعب الإيمان": "فضال صاحب مناكير".
وهذه الأحاديث مع
كونها ضعيفة فهي لا تدل على التوسل بالمخلوقين أبداً، وإنما تعود إلى أحد
أنواع التوسل المشروع، وهو التوسل إلى الله تعالى بصفة من صفاته عز وجل؛
لأن فيها التوسل بحق السائلين على الله, وبحق ممشى المصلين, فما هو حق
السائلين على الله تعالى؟ لا شك أنه إجابة دعائهم، وإجابة الله دعاء عباده
صفة من صفاته عز وجل، وكذلك حق ممشى المسلم إلى المسجد هو أن يغفر الله له،
ويدخله الجنة, ومغفرة الله تعالى ورحمته، وإدخاله بعض خلقه ممن يطيعه
الجنة كل ذلك صفات له تبارك وتعالى.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).