ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحزن إن الله معنا؟
أليس أبو بكر داخلًا فيها؟
أليس أبو بكر كان يخاف على نفسه؟
إن النبي صلى الله عليه وسلم كما أنه لم يخلف على فراشه جبناء؛ فإنه لم يصطحب جبناء, وإلا كان ذلك طعنًا فيه.
أليس النبي صلى الله عليه وسلم عندكم يعلم الغيب؟
ثم إن حزن أبي
بكر لم يكن على نفسه, بل كان حزنه على الرسول صلى الله عليه وسلم, والدليل
أنه كان في الهجرة يمشي مرة أمامه يسوثق له الطريق ومرة خلفة يخشى عليه
الطلب, وأيضًا حين دخل الغار قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ليتأكد من أمان
الغار, وسد الحفر التي فيه, حتى لدغ رضي الله عنه من دوابه, وتفل رسول
الله صلى الله عليه وسلم على مكان اللدغة فبرأت.
وهل كل من يحزن يكون جبانًا؟
قالت الملائكة لسيدنا لوط: ﴿لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [العنكبوت:33], فهل كان سيدنا لوط جبانًا؟
وقال جبريل لمريم: ﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ [مريم:24].
وقال تعالى للمؤمنين: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:139].
هل معنى ذلك ولا تكونوا جبناء؟
لفظ (مع) تتعدد معانيه بحسب سياق النص:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحديد:4] تفيد العلم أم النصر والتأييد؟
﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:194] تفيد العلم أم النصر والتأييد؟
﴿إِذْ
يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ
الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ﴾ [الأنفال:12] هل هذه المعية معية علم أم معية نصر وتأييد؟
فإذا كانت المعية
معية النصر لا معية العلم ولا المصاحبة ثبت الثناء على أبي بكر, ولا يخالف
في كون المعية هنا معية التأييد إلا جاهل أو مكابر جبار عنيد.
وإذا لم نجد
السكينة على أبي بكر في هذه الآية فإننا نجدها فيه وفي غيره في آيات أخر
تثبت السكينة على كل أصحابه وليس فقط في أبي بكر, قال تعالى: ﴿لَقَدْ
رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ
عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح:18].
وقال تعالى: ﴿إِذْ
جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ
بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الفتح:26].
وقال تعالى: ﴿ثُمَّ
أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ
جَزَاء الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن
يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة:26-27].
وقد كان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فقط في هجرته وإنما في غزواته وفي بيعة الشجرة.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).