بسم الله الرحم الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد؛
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد؛
من
المعلوم أن الإمامية يقولون أن منزلة الإمامة أعل من النبوة، بل هي أهم
أركان الدين، وعل ذلك يكفرون خلائق لا حصر لها ممن لا يؤمنون بإمامتهم
المزعومة، بل من أنكر إماما واحد من الإثنى عشر بمن فيهم الإمام الخرافة
فهو كافر يستحق الخلود في النار كما تواترت عندهم الروايات على ذلك، وأجمع
عليه علمائهم؛ وبعد كل هذا لا نجد في القرآن ولا ربع آية تتكلم على الإمامة
أو أمر بالإيمان بها أو النهي عن الكفر بها، فلا أدري من أين أتوا بأن
الإمامة أهم أركان الدين.
ثم قالوا أن الإمامة تكون بتنصيب إلهي وادعوا النص على إمامة علي رضوان الله عليه؛ ونظرا أن القرآن لا يوجد به ولا ربع دليل على أن الإمامة أهم من النبوة أو أن منكرها كافر، بل لا ذكر لها أصلا بمفهومها السبئي، فلم يستدل الرافضة على عقيدتهم هذه بشيء من القرآن، إنما استدلوا على النص على عليٍ رضي الله عنه مباشرة، ومن المعلوم أيضًا أن القرآن الكريم ليس فيه نص ظاهر يؤيد دعواهم فلجأوا إلى تحريف النصوص والإستدلال بروايات لا تثبت في ذكر أسباب النزول، ومن أهم ما استدلوا به على حسب تصريح علمائهم ما يسمونه آية الولاية؛
ثم قالوا أن الإمامة تكون بتنصيب إلهي وادعوا النص على إمامة علي رضوان الله عليه؛ ونظرا أن القرآن لا يوجد به ولا ربع دليل على أن الإمامة أهم من النبوة أو أن منكرها كافر، بل لا ذكر لها أصلا بمفهومها السبئي، فلم يستدل الرافضة على عقيدتهم هذه بشيء من القرآن، إنما استدلوا على النص على عليٍ رضي الله عنه مباشرة، ومن المعلوم أيضًا أن القرآن الكريم ليس فيه نص ظاهر يؤيد دعواهم فلجأوا إلى تحريف النصوص والإستدلال بروايات لا تثبت في ذكر أسباب النزول، ومن أهم ما استدلوا به على حسب تصريح علمائهم ما يسمونه آية الولاية؛
قال شيخ الطائفة الطوسي: "وأما النص على إمامته من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55]". (1)
وقال الطبرسي: "وهذه الآية من أوضح الدلائل على صحة إمامة علي بعد النبي بلا فصل". (2)
ويكاد شيوخهم يتفقون على أن هذا أقوى دليل عندهم؛ حيث يجعلون له الصدارة في مقام الاستدلال في مصنفاتهم. (3)
ووجه الإستدلال من الآية ما قاله المفسر عبد الله شبر: "اتفق المفسرون والمحدثون من العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة وهو مذكور في "الصحاح الستة"(4) و"إنما" للحصر باتفاق أهل اللغة، والولي بمعنى الأولى بالتصرف المرادف للإمام والخليفة(5)، كما أن الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية ، وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه(6).
ــــــــــــــ
(1) تلخيص الشافي: (2/10) .
(2) مجمع البيان: (2/128) .
(3) انظر - مثلاً -: ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة، حيث اعتبره البرهان الأول (ص:147)، وشبر في حق اليقين: (1/144)، والزنجاني في عقائد الإمامية الاثني عشرية: (1/81-82).
(4) قوله: "الصحاح الستة" تسمية غير سليمة؛ لأن أهل السنة لا يعدون جميع الكتب الستة "صحاحًا" ولذا يسمونها "الكتب الستة"، فهذا كذب لإيهام القارئ أن كل ما في هذه الكتب صحيح.
(5) شبر، حق اليقين: (1/144)، الزنجاني، عقائد الإمامية الاثني عشرية: (1/81-82).
(6) راجع تأويلات الإمامية للآية الكريمة ، في المراجع التالية: التبيان (3/558 - 564) ، ومجمع البيان (6/126 -130) ، والميزان (6/2 -24).
**********
فالأن نرى أن الشيعة تعتمد في استدلالها بالآية بما روي في سبب نزولها؛ لأنه ليس في نصها ما يدل على مرادها، فصار استدلالهم بالرواية لا بالقرآن، وهذا الإستدلال باطل من وجوه:
أحدها: الزعم بأن أهل السنة أجمعوا على أنها نزلت في عليّ " من أعظم الدعاوى الكاذبة بل أجمع أهل العلم بالنقل، على أنها لم تنزل في عليّ بخصوصه، وأن عليًّا لم يتصدٌّق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة المروية في ذلك من الكذب الموضوع". (1)
أما القول: إنها "مذكورة في الصحاح الستة" فكذبٌ صُراح؛ إذ لا وجود لهذه الرواية في الكتب الستة.
الوجه الثانى: أن الرواية المُحتج بها لا تثبت(2)، وقد ساق ابن كثير الآثار التي تروى في أن هذه الآية نزلت في علي حين تصدق بخاتمه، وعقب عليها بقوله: "وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها، وجهالة رجالها، ثم قال: وقد تقدم في الأحاديث التي أوردناها أن هذه الآيات كلها نزلت في عبادة بن الصامت رضي الله عنه حيث تبرأ من حلف اليهود، ورضى بولاية الله ورسوله والمؤمنين، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} ". (3)
الوجه الثالث: الأخبار مجمعة على أن علياً رضي الله عنه لم يكن ممن تجب عليه الزكاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان فقيرا وزكاة الفضة أنما تجب على من ملك النصاب حولا، وعلي لم يكن من هؤلاء.
الوجه الرابع: تعارض الروايات مع ما هو مثلها أو أقوى منها في مصادر الإمامية أنفسهم!
أما الأول: فتعارضها مع ما رواه الكليني من أن سبب نزول الآية كان التصدق بحلة ثمنها ألف دينار! والحلة غير الخاتم.
فقد روى بإسناده عن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} قال: كان أمير المؤمنين في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم تصدق على مسكين فطرح الحلة إليه وأومأ بيديه أن احملهـا، فانزل الله عز وجل هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته. (4)
وأما معارضتها لما هو أقوى منها: فلتناقضها مع ما قرره الكليني من أن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الإمام لا تجب عليهما زكاة. وروى في ذلك بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قلت له: أمَا على الإمام زكاة ؟ فقال: أحلت يا أبا محمد! (أي سألت عن أمر مستحيل في حق الإمام) أمَا علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله. إن الإمام يا أبا محمد لا يبيت ليلة ولله في عنقه حق يسأله. (5)
قال مولى محمد صالح في شرح الحديث: "وذلك لأن وجوب الزكاة على الإمام محال". (6)
فكيف أدى علي الزكاة وهو راكع، وهو ليس عليه زكاة أصلا؟!!!!!
ــــــــــــــ
(1) منهاج السنة (7/11).
(2) من عنده رواية صحيحة فليأتي بها.
(3) تفسير ابن كثير (3/139).
(4) الكافي (1/289).
(5) الكافي (1/408-409).
(6) شرح أصول الكافي، مولى محمد صالح (7/38).
**********
الوجه الخامس: إن قيل : أن الزكاة هنا معناها الصدقة غير المفروضة نقول : هل هذا القول مقطوع به؟ أم قيل على سبيل الظن؟ أما القطع فلا سبيل إليه لأن الزكاة إذا اقترنت بالصلاة –خصوصاً إذا عبر عن أدائها بلفظ (الإيتاء)- فلا يعنى بها في جميع القرآن إلا الزكاة المفروضة، كما أن الصلاة هنا هي الصلاة المفروضة لا غير. وأما الظن فلا يغني في الأصول عن القطع شيئا.
الوجه السادس: على فرض أن الزكاة معناها الصدقة غير المفروضة، فإن " الله تعالى لا يثني على الإنسان إلا بما هو محمود عنده، إما واجب وإما مستحب، والتصدق أثناء الصلاة ليس بمستحب باتفاق المسلمين، ولو كان مستحبًا لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض عليه، ولكرر عليّ فعله، ولفعله الأئمة من بعده، فلما لم يكن شيء من ذلك، عُلم أن التصدُّق في الصلاة ليس من الأعمال الصالحة، وإن في الصلاة لشغلا، بل إن الاشتغال بإعطاء السائلين يبطل الصلاة كما هو رأي جملة من أهل العلم". (1)
الوجه السابع: ثم ما هذا الأمر الذي لا يقبل التأخير وهم في الصلاة ؟ و هل كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم- وفي أثناء الصلاة ! – مسرحاً للمتسولين ؟! ألم يكن الأفضل أن يصلى السائل مع المصلين ؟ أو أن ينتظرهم حتى تنتهى الصلاة ؟ وكيف يذهب لراكع يسأله الصدقة ويشغله عن الصلاة ؟ ولا شك أن علياً رضى الله عنه يصلي في أول الصفوف فكيف تمكن المتسول من اختراق عشرات الصفوف ليصل إليه؟ أوَليس التسول في المساجد منهياً عنه؟ فكيف يسوغ في حال الصلاة؟! ولو وجد مثل هذا السائل فكيف يشجعه علي رضي الله عنه على ارتكاب خطأ جسيم كهذا ؟!!!
الوجه الثامن: أنه لو قُدِّر أن هذا مشروع في الصلاة، لم يختص بالركوع، فكيف يُقال: لا وليّ لكم إلا الذين يتصدقون في حال الركوع، فلو تصدّق المتصدّق في حال القيام والقعود: أما كان يستحق هذه الموالاة؟ فإن قيل: هذه أراد بها التعريف بعلي، قلت: أوصاف علي التي يُعرف بها كثيرة ظاهرة، فكيف يترك تعريفه بالأمور المعروفة ويعرف بهذا الأمر الذي لا يعرفه إلا من سمعه وصدق به؟! وجمهور الأمة لا تسمع هذا الخبر ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة لا الصحاح ولا السنن ولا الجوامع ولا المعجمات ولا شيء من الأمهات، فأحد الأمرين لازم: إن قصد به المدح بالوصف فهو باطل، وإن قصد به التعريف فهو باطل. (2)
وأداء الزكاة حال الصلاة أمر خفي وفعل منقطع، فكيف يرتب الله عليه أمراً عظيماً هو أصل من أصول الدين ؟!
ولقد ذكر الله تعالى في الآية نفسه صراحة، وصرح بذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم عمَّ المؤمنين، فلو أراد واحداً منهم بعينه لصرح بذكره، وإلا اشتبه بغيره وكان النص عليه مشتبهاً غير مبين. وذلك مخالف لكلام رب العالمين!!!.
ــــــــــــــ
(1) منهاج السنة (7/16) بتصرف.
(2) منهاج السنة (7/17).
ولقد ذكر الله تعالى في الآية نفسه صراحة، وصرح بذكر رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم عمَّ المؤمنين، فلو أراد واحداً منهم بعينه لصرح بذكره، وإلا اشتبه بغيره وكان النص عليه مشتبهاً غير مبين. وذلك مخالف لكلام رب العالمين!!!.
ــــــــــــــ
(1) منهاج السنة (7/16) بتصرف.
(2) منهاج السنة (7/17).
**********
الوجه التاسع: أن قوله تعالى: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} بمعنى خاضعون لربهم منقادون لأمره، فالركوع في أصل اللغة بمعنى الخضوع، " قال ثعلب: الركوع الخضوع، ركع يركع، ركعاً وركوعاً: طأطأ رأسه، وقال الراغب الأصبهانى: الركوع
الانحناء، فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة كما هي وتارة في
التواضع والتذلل، إما في العبادة، وإما في غيرها، وكانت العرب تسمي من آمن
بالله تعالى ولم يعبد الأوثان راكعاً، وتقول: ركع فلان لكذا وكذا إذا خضع
له، ومنه قول الشاعر :
لا تهين الفقير علك أن تركع يوماً والدهر قد رفعه
وقد استعمل بهذا المعنى في القرآن الكريم أيضاً كما قيل في قوله سبحانه: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} إذ ليس في صلاة من قبلنا من أهل الشرائع ركوع وكذا في قوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعًا} إلى غير هذا ". (1)
فقوله تعالى {وَهُمْ رَاكِعُونَ} أى أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حال الركوع، وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله. (2)
الوجه العاشر: مجئ الآية بالفعل المضارع يدل على أن الآية الكريمة لا تشير إلى حادثة حدثت وانتهت، وإنما تدل على الاستمرار والدوام، أي أن صفات المؤمنين وطبيعتهم الصلاة والزكاة وهم خاضعون متذللون، ولا يستقيم المعنى أن يكون من صفاتهم دوام إخراج الزكاة وهم راكعون في الصلاة!!
الوجه الحادى عشر: أن قوله تعالى: {الَّذِينَ} صيغة الجمع، فلا يصدق عَلَى عليٍّ وحده، فإن قيل المراد بصيغة الجمع هنا التعظيم، قلنا: أيعقل أن يذكر الله نفسه بالإفراد ثم يذكر النبي بالإفراد وحين يذكر علي يذكره بالجمع تعظيما له؟!!!! {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
ثم هذا خلاف الأصل وظاهر اللفظ. ومخالفة الأصل وظاهر الكلام من دون قرينة تحكُّم باطل، وليس عليه من دليل سوى الظن والاحتمال وذلك غير مقبول في الأصول.
الوجه الثانى عشر: أن الفرق بين الوَلاية بالفتح والوِلاية بالكسر معروف، فالوَلاية ضد العداوة وهي المذكوره في هذه النصوص ليست هي الوِلاية بالكسر التي هي الإمارة، وهؤلاء الجهال يجعلون الولي هو الأمير و لم يفرقوا بين الوَلاية والوِلاية، والأمير يسمى الوالي لا يسمى الولي و لكن قد يقال هو ولي الأمر و يقال أولو الأمر وأما إطلاق القول بالمولى وإراده الولي فهذا لا يعرف، و لهذا قال الفقهاء إذا اجتمع في الجنازة الوالي و الولي فقيل يقدم الوالي وهو قول أكثرهم، وقيل يقدم الولي، إذ لفظ الولي والولاية غير لفظ الوالي.
الوجه الثالث عشر: جاء لفظ "الولي" في عشرات من الآيات لا علاقة له فيها بـ(الإمامة) أو الخلافة، منها:
قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} [مريم: 5].
وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
وقوله سبحانه: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومـا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33].
وقوله سبحانه عن الرهط الذين بيتوا قتل النبي صالح عليه السلام: {لَنُبَيتَنهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل: 49] وليس معنى "وليه" "إمامه" قطعاً؛ لأن صالح عليه السلام نبي؛ فهو الإمام بكل الاعتبارات.
وقوله جل وعلا: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً} [النساء: 45].
{وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} [الكهف/17].
{وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبيناً} [النساء: 119]
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ} [الإسراء: 111].
{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257].
فما الذي جعل "وليكم" في الآية "إمامكم" دون بقية الآيات، وهي بالعشرات؟!!!
إذ لو أراد سبحانه الولاية التي هي الإمارة لقال: "إنما يتولى عليكم".
الوجه الرابع عشر: قولكم: "إن المراد بقوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ} الإمارة؛ لا يتفق مع قوله سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} فالله سبحانه لا يوصف بأنه الإمام، وأنه أمير عليهم!!!!، فإنه خالقهم ورازقهم وربهم ومليكهم له الخلق والأمر، كما لا يقال: إن الله أمير المؤمنين، مثل علي وغيره، بل الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا لا يقال إنه متول على الناس، وأنه أمير عليهم، فإن قدره أجل من هذا، بل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يكونوا يسمونه إلا خليفة رسول الله، وأول من سمي من الخلفاء أمير المؤمنين عمر. (3)
ــــــــــــــ
(1) انظر مادة ركع في لسان العرب ، وتاج العروس ، وأساس البلاغة.
(2) انظر: روح المعاني، للألوسي (6/168).
(3) منهاج السنة (7/30).
فقوله تعالى {وَهُمْ رَاكِعُونَ} أى أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حال الركوع، وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله. (2)
الوجه العاشر: مجئ الآية بالفعل المضارع يدل على أن الآية الكريمة لا تشير إلى حادثة حدثت وانتهت، وإنما تدل على الاستمرار والدوام، أي أن صفات المؤمنين وطبيعتهم الصلاة والزكاة وهم خاضعون متذللون، ولا يستقيم المعنى أن يكون من صفاتهم دوام إخراج الزكاة وهم راكعون في الصلاة!!
الوجه الحادى عشر: أن قوله تعالى: {الَّذِينَ} صيغة الجمع، فلا يصدق عَلَى عليٍّ وحده، فإن قيل المراد بصيغة الجمع هنا التعظيم، قلنا: أيعقل أن يذكر الله نفسه بالإفراد ثم يذكر النبي بالإفراد وحين يذكر علي يذكره بالجمع تعظيما له؟!!!! {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
ثم هذا خلاف الأصل وظاهر اللفظ. ومخالفة الأصل وظاهر الكلام من دون قرينة تحكُّم باطل، وليس عليه من دليل سوى الظن والاحتمال وذلك غير مقبول في الأصول.
الوجه الثانى عشر: أن الفرق بين الوَلاية بالفتح والوِلاية بالكسر معروف، فالوَلاية ضد العداوة وهي المذكوره في هذه النصوص ليست هي الوِلاية بالكسر التي هي الإمارة، وهؤلاء الجهال يجعلون الولي هو الأمير و لم يفرقوا بين الوَلاية والوِلاية، والأمير يسمى الوالي لا يسمى الولي و لكن قد يقال هو ولي الأمر و يقال أولو الأمر وأما إطلاق القول بالمولى وإراده الولي فهذا لا يعرف، و لهذا قال الفقهاء إذا اجتمع في الجنازة الوالي و الولي فقيل يقدم الوالي وهو قول أكثرهم، وقيل يقدم الولي، إذ لفظ الولي والولاية غير لفظ الوالي.
الوجه الثالث عشر: جاء لفظ "الولي" في عشرات من الآيات لا علاقة له فيها بـ(الإمامة) أو الخلافة، منها:
قوله تعالى عن زكريا عليه السلام: { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} [مريم: 5].
وقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
وقوله سبحانه: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومـا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33].
وقوله سبحانه عن الرهط الذين بيتوا قتل النبي صالح عليه السلام: {لَنُبَيتَنهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل: 49] وليس معنى "وليه" "إمامه" قطعاً؛ لأن صالح عليه السلام نبي؛ فهو الإمام بكل الاعتبارات.
وقوله جل وعلا: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً} [النساء: 45].
{وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} [الكهف/17].
{وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبيناً} [النساء: 119]
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ} [الإسراء: 111].
{اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257].
فما الذي جعل "وليكم" في الآية "إمامكم" دون بقية الآيات، وهي بالعشرات؟!!!
إذ لو أراد سبحانه الولاية التي هي الإمارة لقال: "إنما يتولى عليكم".
الوجه الرابع عشر: قولكم: "إن المراد بقوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ} الإمارة؛ لا يتفق مع قوله سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} فالله سبحانه لا يوصف بأنه الإمام، وأنه أمير عليهم!!!!، فإنه خالقهم ورازقهم وربهم ومليكهم له الخلق والأمر، كما لا يقال: إن الله أمير المؤمنين، مثل علي وغيره، بل الرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا لا يقال إنه متول على الناس، وأنه أمير عليهم، فإن قدره أجل من هذا، بل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يكونوا يسمونه إلا خليفة رسول الله، وأول من سمي من الخلفاء أمير المؤمنين عمر. (3)
ــــــــــــــ
(1) انظر مادة ركع في لسان العرب ، وتاج العروس ، وأساس البلاغة.
(2) انظر: روح المعاني، للألوسي (6/168).
(3) منهاج السنة (7/30).
**********
الوجه الخامس عشر: أن الآية جاءت بالأمر بموالاة المؤمنين، والنهي عن موالاة الكافرين، وهذا المعنى يدرك بوضوح من سياق الآيات؛ إذ قبل هذه الآية الكريمة جاء قوله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] فهذا نهي صريح عن موالاة اليهود والنصارى بالود والمحبة والنصرة، ولا يراد بذلك باتفاق الجميع الولاية بمعنى الإمارة، وليس هذا بوارد أصلاً، ثم أردف ذلك بذكر من تجب موالاته وهو الله ورسوله والمؤمنون {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}، ثم جاء النهى مرة أخرى في قوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ
دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن
قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ} ولا
شك أن الذي جاء قبل الآية الكريمة وبعدها ينهى عن الموالاة في الدين
والمحبة، فإذا جاء الأمر بالموالاة بين نهيين فإنه قطعاً لا يخرج عن هذا
المعنى إلا بدليل آخر.
فكلمة "وليكم" ليست دليلاً على أن الإمامة العظمى لعلي رضى الله عنه، وإنما هي في حاجة إلى دليل يظهر أنها خرجت على الاستعمال القرآنى العام، وعلى المفهوم الخاص لتلك الأيات المتتابعة في سورة المائدة، فتبين أن الآية دلت على الموالاة المخالفة للمعادة الثابتة لجميع المؤمنين بعضهم على بعض.
ومما يوضح ذلك أكثر معرفة سبب النزول.
الوجه السادس عشر: روى ابن جرير الطبري، وكذلك ابن إسحاق في السيرة بسند حسن عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشبث بأمرهم عبد الله بن أُبَي وقام دونهم. ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي. فجعلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله إني أبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم.
ففيه وفي عبد الله بن أُبي نزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ - إلى قوله - وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ}. (1)
فالآيات نزلت فيمن تولى الله ورسوله والمؤمنين وتبرأ من حلف الكافرين، وهو عبادة بن الصامت رضى الله عنه. فهي تأمرنا بأن نتخذ الله ورسوله والمؤمنين أولياء كما فعل عبادة بن الصامت، وتنهانا عن اتخاذ اليهود وأضرابهم أولياء كما فعل ابن سلول .
قال الرازي: "لما نهى في الآيات المتقدمة عن موالاة الكفار، أمر في هذه الآية بموالاة من تجب موالاته ". (2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا السياق، مع إثباته بصيغة الجمع، مما يوجب لمن تدبّر ذلك علماً يقيناً لا يمكنه دفعه عن نفسه: أن الآية عامّة في كل المؤمنين المتصفين بهذه الصفات، لا تختص بواحد بعينه: لا أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليّ، ولا غيرهم، لكن هؤلاء أحقّ الأمة بالدخول فيها". (3)
الوجه السابع عشر: أن الولاية هنا لا علاقة لها بالإمامة أو الخلافة لأنها لم تكن موضع خلاف، فعبادة رضى الله عنه لم يكن متخذاً اليهود أئمة أو خلفاء، وإنما كان حليفاً لهم ونصيرا.
فهذا الحلف هو الولاية التى نهى الله أن تتخذ من دون المؤمنين – كما هو شأن المنافق عبد الله بن أُبى بن سلول الذى تولى اليهود دون المؤمنين – أى حالفهم وناصرهم.
وهذا كقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإْيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23] .
وليس معنى ذلك: لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم (أئمة)!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] .
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة: 17].
وليس معناه : المؤمنون والمؤمنات بعضهم (أئمة) وخلفاء بعض، وإلا صار عددهم بلا حصر، سيما وأن المؤمنات لا يصلحن لـ(الإمامة)!!
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُون (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ} [فصلت: 30-31].
{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: 28].
وهذا هو معنى قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} بالضبط.
ــــــــــــــ
(1) انظر: تفسير الطبرى (10/397)، وسيرة ابن هشام: (2/49).
(2) تفسير الفخر الرازي: (12/25).
(3)منهاج السنة: (7/20).
فكلمة "وليكم" ليست دليلاً على أن الإمامة العظمى لعلي رضى الله عنه، وإنما هي في حاجة إلى دليل يظهر أنها خرجت على الاستعمال القرآنى العام، وعلى المفهوم الخاص لتلك الأيات المتتابعة في سورة المائدة، فتبين أن الآية دلت على الموالاة المخالفة للمعادة الثابتة لجميع المؤمنين بعضهم على بعض.
ومما يوضح ذلك أكثر معرفة سبب النزول.
الوجه السادس عشر: روى ابن جرير الطبري، وكذلك ابن إسحاق في السيرة بسند حسن عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشبث بأمرهم عبد الله بن أُبَي وقام دونهم. ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد بني عوف بن الخزرج، له من حلفهم مثل الذي لعبد الله بن أبي. فجعلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله إني أبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم.
ففيه وفي عبد الله بن أُبي نزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ - إلى قوله - وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ}. (1)
فالآيات نزلت فيمن تولى الله ورسوله والمؤمنين وتبرأ من حلف الكافرين، وهو عبادة بن الصامت رضى الله عنه. فهي تأمرنا بأن نتخذ الله ورسوله والمؤمنين أولياء كما فعل عبادة بن الصامت، وتنهانا عن اتخاذ اليهود وأضرابهم أولياء كما فعل ابن سلول .
قال الرازي: "لما نهى في الآيات المتقدمة عن موالاة الكفار، أمر في هذه الآية بموالاة من تجب موالاته ". (2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا السياق، مع إثباته بصيغة الجمع، مما يوجب لمن تدبّر ذلك علماً يقيناً لا يمكنه دفعه عن نفسه: أن الآية عامّة في كل المؤمنين المتصفين بهذه الصفات، لا تختص بواحد بعينه: لا أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليّ، ولا غيرهم، لكن هؤلاء أحقّ الأمة بالدخول فيها". (3)
الوجه السابع عشر: أن الولاية هنا لا علاقة لها بالإمامة أو الخلافة لأنها لم تكن موضع خلاف، فعبادة رضى الله عنه لم يكن متخذاً اليهود أئمة أو خلفاء، وإنما كان حليفاً لهم ونصيرا.
فهذا الحلف هو الولاية التى نهى الله أن تتخذ من دون المؤمنين – كما هو شأن المنافق عبد الله بن أُبى بن سلول الذى تولى اليهود دون المؤمنين – أى حالفهم وناصرهم.
وهذا كقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإْيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23] .
وليس معنى ذلك: لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم (أئمة)!!
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] .
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة: 17].
وليس معناه : المؤمنون والمؤمنات بعضهم (أئمة) وخلفاء بعض، وإلا صار عددهم بلا حصر، سيما وأن المؤمنات لا يصلحن لـ(الإمامة)!!
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُون (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآْخِرَةِ} [فصلت: 30-31].
{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: 28].
وهذا هو معنى قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} بالضبط.
ــــــــــــــ
(1) انظر: تفسير الطبرى (10/397)، وسيرة ابن هشام: (2/49).
(2) تفسير الفخر الرازي: (12/25).
(3)منهاج السنة: (7/20).
**********
الوجه الثامن عشر:
أمْرُ الله تعالى للمؤمنين بموالاة أقوام، ونهيه إياهم عن موالاة آخرين،
كل هذا صدر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ونفذ في حياته، فكيف يكون إمام المسلمين الأعظم علياً مع وجود الرسول صلى الله عليه وسلم ؟!!!! (1)
الوجه التاسع عشر: أما قولهم أن الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية، وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، فهذا نوع من الجدل العقيم، لأن المراد ولاية بعض المؤمنين بعضاً لا أن يكون كل واحد منهم ولى نفسه، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} أفمعنى هذا أنه نهى لكل مسلم أن يلمز نفسه ؟! قال الألوسى رحمه الله: كيف يتوهم من قولك مثلاً : أيها الناس لا تغتابوا الناس أنه نهى لكل واحد من الناس أن يغتاب نفسه ؟!!! (2)
الوجه العشرون: أن غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين، فتجب موالاة عليًّا، كما تجب موالاة أمثاله من المؤمنين.
الوجه الحادي والعشرون: فى أحسن الأحوال بعد كل هذه الإشكالات، أن الآية متشابهة – هذا فى أحسن أحوالها – وليست نصاً فى الإمامة عموماً، ولا فى إمامة علي – أو غيره – خصوصاً، والاستدلال بها على هذه المسألة ظن واحتمال، واستنتاج أو استنباط . وهذا كله لا يصلح في باب الأصول، والقول به اتباع للمتشابه، وقد نهينا عنه بنص قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] .
والإمامية يقولون: إن إمامة علي كنبوة محمد صلى الله عليه وسلم! بل كألوهية الله !! من أنكرها كان كمن أنكر معرفة الله ومعرفة رسوله.
وهذا يحتاج إلى نص قراني صريح كصراحة قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] في النص على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وإلا بطل الادعاء، وذلك غير موجود. وهذه الآية: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...} ليست كذلك. فالاستدلال بها باطل.
الوجه التاسع عشر: أما قولهم أن الذي خوطب بالآية غير الذي جعلت له الولاية، وإلا أدى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه بعينه، فهذا نوع من الجدل العقيم، لأن المراد ولاية بعض المؤمنين بعضاً لا أن يكون كل واحد منهم ولى نفسه، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} أفمعنى هذا أنه نهى لكل مسلم أن يلمز نفسه ؟! قال الألوسى رحمه الله: كيف يتوهم من قولك مثلاً : أيها الناس لا تغتابوا الناس أنه نهى لكل واحد من الناس أن يغتاب نفسه ؟!!! (2)
الوجه العشرون: أن غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين، فتجب موالاة عليًّا، كما تجب موالاة أمثاله من المؤمنين.
الوجه الحادي والعشرون: فى أحسن الأحوال بعد كل هذه الإشكالات، أن الآية متشابهة – هذا فى أحسن أحوالها – وليست نصاً فى الإمامة عموماً، ولا فى إمامة علي – أو غيره – خصوصاً، والاستدلال بها على هذه المسألة ظن واحتمال، واستنتاج أو استنباط . وهذا كله لا يصلح في باب الأصول، والقول به اتباع للمتشابه، وقد نهينا عنه بنص قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] .
والإمامية يقولون: إن إمامة علي كنبوة محمد صلى الله عليه وسلم! بل كألوهية الله !! من أنكرها كان كمن أنكر معرفة الله ومعرفة رسوله.
وهذا يحتاج إلى نص قراني صريح كصراحة قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29] في النص على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وإلا بطل الادعاء، وذلك غير موجود. وهذه الآية: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا...} ليست كذلك. فالاستدلال بها باطل.
ــــــــــــــ
(1) مع الإثنى عشرية فى الاصول والفروع (61).
(2) انظر: تفسير الألوسى (2/332).
(1) مع الإثنى عشرية فى الاصول والفروع (61).
(2) انظر: تفسير الألوسى (2/332).
**********
وهكذا
ترى أيها العاقل المنصف تهافت الاحتجاج بالآية على مسألة (الإمامة). لأنه
لا يقوم إلا على سلسلة طويلة من الافتراضات والاحتمالات المبنية "بعضها فوق
بعض" بحيث إذا انهدم واحد منها انهدم البناء كله!
وهذا لا يسوغ حتى في الفروع الفقهية . فكيف بالأصول الاعتقادية التي يكفر الناس وتستباح حرماتهم وحقوقهم على أساسها!!
وإذا كانت هذه أقوى أدلتكم تبين أنكم لستم على شيء، وأنكم على عقيدة لا دليل عليها، بل والأدهى من ذلك أنكم تكفرون من لا يؤمن بها!!!!!!
أريد أن أنبه أني قد نقلت بعض النقاط من كتاب فضيلة الشيخ الدكتور طه الدليمي "المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل" لكن لم أعزو له نظرًا لأني نقلت من ملف (وورد) ولم أقف على المطبوع.
وهذا لا يسوغ حتى في الفروع الفقهية . فكيف بالأصول الاعتقادية التي يكفر الناس وتستباح حرماتهم وحقوقهم على أساسها!!
وإذا كانت هذه أقوى أدلتكم تبين أنكم لستم على شيء، وأنكم على عقيدة لا دليل عليها، بل والأدهى من ذلك أنكم تكفرون من لا يؤمن بها!!!!!!
أريد أن أنبه أني قد نقلت بعض النقاط من كتاب فضيلة الشيخ الدكتور طه الدليمي "المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل" لكن لم أعزو له نظرًا لأني نقلت من ملف (وورد) ولم أقف على المطبوع.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).