0

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد:

صلاة التراويح من السنن المستحبة عند جميع المسلمين إلا أن الاثنا عشرية خالفوا في ذلك وحكموا ببدعيتها رغم ثبوت ذلك عن أئمتهم المعصومين

وللتسلسل في ذلك نبدأ أولا بتعريف معنى البدعة ثم الادلة على مشروعيتها عند اهل السنة و عند الاثنا عشرية.

أولاً: المعنى اللغوي للبدعة

.قال الخليل: "البدع، إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة... البدع: الشيء الذي يكون أوّلاً في كلّ أمر كما قال الله: {مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ} [الأحقاف:9] أي لست بأوّل مرسل، والبدعة اسم ما ابتدع من الدين وغيره، والبدعة ما استحدث بعد رسول الله من الأهواء والأعمال".

وقال ابن فارس: "البدع له أصلان، ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر الانقطاع والكلال".

والمقصود في المقام هو المعنى الأول.

وقال الراغب: "الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء ولا اقتداء، والبدعة في المذهب، إيراد قول لم يستنّ قائلها وفاعلها بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدّمة وأصولها المتقنة".

ثانيا: المعنى الاصطلاحي للبدعة:

وسأكتفى بذكر تعريف الإمام الشاطبي في كتابه العظيم " الاعتصام"

قال:" هى طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقضد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية ".

مشروعية صلاة التراويح عند أهل السنة

روى البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك...(1).

ففي هذا دلالة صريحة على أنّ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قد صلى التراويح جماعة، لكنه خشي المداومة عليها كي لا تُفرض عليهم.

فكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقامها جماعة من جديد لا يعني أنه ابتدع شيئاً جديداً بعد أن لم يكن.

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:

"وأما قيام رمضان فإنّ رسول الله سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم إستقرت الشريعة فلما كان عمر رضى الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبى بن كعب الذى جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وعمر رضى الله عنه هو من الخلفاء الراشدين حيث يقول «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ» - يعنى الأضراس لأنها أعظم في القوة، وهذا الذي فعله هو سنة لكنه قال نعمت البدعة هذه فإنها بدعة في اللغة لكونهم فعلوا مالم يكونوا يفعلونه في حياة رسول الله يعنى من الاجتماع على مثل هذه وهى سنة من الشريعة"..(2).

ويقول أيضاً:

"وهذا الاجتماع العام لما لم يكن قد فعل سمّاه بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعة شرعية، فإنّ البدعة الشرعية التي هي ضلالة هي ما فُعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يحبه الله، وإيجاب ما لم يوجبه الله، وتحريم ما لم يحرمه الله، فلا بد مع الفعل من اعتقاد يخالف الشريعة، وإلا فلو عمل الإنسان فعلاً محرّماً يعتقد تحريمه لم يقل: إنه بدعة..(3).

ويقول أيضاً:

"وكان النبي قيامه بالليل هو وتره يصلى بالليل في رمضان وغير رمضان أحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لكن كان يصليها طوالا، فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أبى بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة يوتر بعدها ويخفف فيها القيام فكان تضعيف العدد عوضا عن طول القيام وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ويوتر بعدها بثلاث وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخرة..(4).

وقد روى الحاكم بإسناده عن أبي طلحة بن زياد الأنصاري قال: سمعت النعمان بن بشير على منبر حمص يقول: "ثم قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح وكنا نسميها الفلاح وأنتم تسمون السحور".

وعلّق الحاكم على الحديث قائلاً: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وفيه الدليل الواضح أنّ صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر رضي الله عنهما على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها...(5).

مشروعية صلاة التراويح عند الشيعة الإمامية

عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا...(6).

وهذا نص صريح في جواز الزيادة في رمضان بل وهذا الإمام جعفر الصادق نفسه يدعو إلى الزيادة ويمارسها شخصياً.

وعن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسُئل هل يُزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: "نعم، قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيُكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يُصلّي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله، وكان يفعل ذلك مراراً.."(7).

وفي هذا دلالة صريحة على جواز الزيادة في صلاة النوافل وأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاها جماعة بالمسلمين لكنه لما رأى حرصهم وتجمعهم عليها خشى أن تفرض عليهم.

فلما توفي صلوات الله وسلامه عليه وانقطع الوحي رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ علة المنع من الجماعة انتفت فدعا لصلاة الجماعة ووافقه على ذلك الصحابة.

فأين الابتداع هنا وهذا امر له اصل فى دين الاسلام؟!

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها، يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً، قال: وقال لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان... (8)

العجيب أن السيستاني الذى يقول ببدعية صلاة التراويح رغم ورود النصوص فيها حين سئل عن ما يحدث في مراسم عاشوراء من اللطم والطبير والضرب...الخ

كانت إجابته " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".

فما لهؤلاء القوم كيف يحكمون؟؟!!!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]البخاري باب صلاة التراويح

[2]مجموع الفتاوى جزء 22 صفحة 234

[3]مختصر منهاج السنة النبوية2.. 862

[4]مجموع الفتاوى 23... 120

[5]المستدرك

[6]تهذيب الأحكام ج: 3 ص: 57 بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالصَّلَاةِ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى النَّوَافِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ

[7]تهذيب الأحكام ج: 3 ص: 61

[8]المصدر السابق

  المصدر البرهان

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top