تأسست (هيئة خدام
المهدي) على يد الكويتي "ياسر الحبيب" عام 2000م، ثم ما لبثت مكاتبها أن
انتشرت في البحرين وبيروت وكربلاء وطهران ولندن.
ظهرت لتروج
لفلسفة مؤسسها حول التاريخ الإسلامي، والتي لم تكن محل خلاف أهل السنة
فحسب، بل لم تحظَ أفكاره بإجماع البيت الشيعي نفسه، فله الكثير من المواقف
السلبية من الكثير من أعلام الشيعة؛ إذ اعتبرهم شخصيات ساعية لتقديم
التنازل العقائدي، بما يؤدي لطمس الموروثات الشيعية التي تميز الشيعة عن
السنة.
ومن هذا المنطلق
شن "الحبيب" هجوماً شنيعاً على محمد حسين فضل الله وأحمد الوائلي وحسن
الصفار وعلي خامنئي، كذلك أعلن عدم اعترافه بكافة علماء الدين الشيعة
العاملين تحت إطار تأييد النظام الإيراني، الأمر الذي جعله في مرمى نيران
الكثير من الشخصيات الشيعية التي اعتبرته خطراً على المشروع الشيعي بشكل
عام.
وارتكزت مقالات
ياسر الحبيب ومحاضراته الأسبوعية بالكويت، والتي كان يلقيها في ديوانية
باسم "ديوان خدام المهدي" على إبراز نقاط الخلاف الحساسة بين الشيعة
والسنة، والهجوم على الصحابة رضي الله عنهم، لاسيما أبو بكر وعمر بن
الخطاب، ويضاف إليهم عائشة بنت أبي بكر، وغيرهم ممن يعتبرهم الشيعة قتلة
فاطمة الزهراء.
وتعتبر ما تسمى
بـ "هيئة خدام المهدي" الصوت الشيعي الأكثر تطرفاً لآرائها المتطرفة وقدحها
المستمر في صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما بدا جلياً في
إصداراتها المختلفة، الأمر الذي تمخض عنه اعتقال الحبيب في الكويت، ومن ثم
إغلاق مكتب الهيئة هناك عام 2004.
أمريكا كشفت
آنذاك عن وجهها الحقيقي الرامي إلى إثارة النزعات الطائفية في بلاد السنة،
وتبني إيجاد كيانات شيعية متطرفة في تلك البلدان، تحت مسمى حرية التعبير
والاعتقاد، حيث أدانت منظمة العفو الدولية وبشدة اعتقال مؤسس "خدام المهدي"
وإغلاق مكاتب الهيئة في الكويت، على اعتبار أن عملها يندرج تحت بند
"الخصوصية الدينية والثقافية".
الهروب:
في مايو 2004
أدين الحبيب - الذي درس عام 1996 في قم، تحت إشراف محمد رضا الحسيني
الشيرازي - بالسجن لعشر سنوات، لكنه قضى في السجن ثلاثة أشهر فقط؛ ثم أطلق
سراحه بعفو أميري وُصف رسمياً فيما بعد بأنه "خطأ إداري"، لكن الغريب أنه
أصر على أن ذلك حدث استجابة لدعائه وتوسله بالعباس بن علي بن أبي طالب.
بعد صدور مذكرة
اعتقال ثانية بحقه تمكّن من الهجرة غير الشرعية إلى العراق، ومن ثم إلى
إيران قبل أن يسافر ويستقر في إنجلترا بعد حصوله على حق اللجوء إليها.
"علي ولي الله":
وترفع الهيئة
شعار "القوة في زمن الضعف" وقد أطلقت مشروعاً يسمى: "علي ولي الله"، يرمي
إلى نشر التشيع وتوصيله إلى غير المسلمين أو المسلمين السنة، انطلاقاً من
مزاعم المؤسس بأن "الإسلام الشيعي يمكن قبوله من العالم كله إذا استوفى ذلك
حملات إعلامية قوية توضح الشبهات للمخالفين له والذين لا يعرفون شيئاً عن
الإسلام الشيعي".
وبناء على ذلك: قامت
الهيئة من خلال هذا المشروع بتجهيز العديد من المواد الإعلامية، مثل طباعة
الكتب العقائدية، ونسخ أقراص الكمبيوتر المدمجة والأشرطة للتعريف بالتشيع.
وتزعم الهيئة
أنها استطاعت تشييع عشرات العوائل، وزيادة المد الشيعي في دول سنية مثل مصر
والسودان وبلاد المغرب العربي، عن طريق إرسال كميات كبيرة من الكتب
وإدخالها إلى تلك الدول.
"نور محمد":
وكغيرها من
الجهات الشيعية عملت الهيئة على الدخول إلى الدول السنية من باب الفقر
والحاجة، فأنشأت مركزاً حمل اسم "نور محمد" يختص بالمشاريع الخيرية التي
تعنى بـ "الإقراض الخيري"، وتزويد الفقراء بما يحتاجونه من طعام ودواء،
ومساعدة اليتامى والأرامل على تكبد عناء المعيشة وبناء الحسينيات وحفر آبار
المياه.
أثار ياسر الحبيب
بوادر فتنة طائفية كادت أن تشعل منطقة الخليج لولا حظر السلطات الكويتية
نشاط الهيئة وملاحقة ناشطيها، حيث قام مؤسس الهيئة بتسجيل الكثير من
الشرائط يكفر فيها الصحابة رضوان الله عليهم، ويصفهم بأبشع الألفاظ.
تقويم الكساء:
وأصدرت الهيئة
تقويماً تحت اسم "تقويم الكساء" احتوى سيلاً من اللعنات بحق صحابة النبي
صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، وتكفير أهل السنة، وغير ذلك من البدع
والمنكرات.
مجلة الفرقان
الكويتية في عددها الصادر (بتاريخ 27/6/2005م) فضحت ما جاء في هذا التقويم
من تكفير لأهل السنة، فتحْت عنوان "لا فائدة من عبادتهم" ينسب التقويم إلى
الإمام الصادق قوله: "من خالفكم وإن عبد وإن اجتهد منسوب إلى هذه الآية: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية:2-4]
، وهو ما يعد تكفيراً واضحاً لكل من خالفهم الرأي والعقيدة. كذلك تكرر في
تقويمهم لعام 2005 في أكثر من صفحة عبارات محرضة مثل: "يا زهراء .. قَسَما
سنثأر".
كما اشتمل التقويم على الشتم والقدح في كل من الفاروق عمر بن الخطاب والصديق أبي بكر ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم.
مجلة المنبر:
كانت هذه المجلة
هي البوق الأول للهيئة، وحملت شعار "شمعة الشجاعة في زمن ظلام الخوف" وكانت
تَصدُر بداية كل شهر من شهور السنة الهجرية، وأثارت ردود أفعال عنيفة داخل
الأوساط السنية نظراً لما حوته من مواد شاذة تتعارض مع كل القيم والثوابت
الإسلامية.
وتعرضت المجلة
التي صدرت في الكويت إلى ثوابت العقيدة الإسلامية وإلى زوجات الرسول عليه
الصلاة والسلام، إلى أن قررت السلطات وقف طباعتها وتجريم عملها.
في المملكة المتحدة:
بعد أن استقر
"ياسر الحبيب" في المملكة المتحدة إثر قبول طلب لجوئه إليها، استقر لعامين
في مدينة "بيتبرا" شمال البلاد قبل انتقاله إلى العاصمة لندن، حيث عمل هناك
على إعادة تأسيس "خدام المهدي" بعد إغلاق كافة فروعها في إيران والعراق
والبحرين وقبلها الكويت، فاتخذ مكتباً مؤقتاً لها، وأصدر جريدة شيعية
بالإنجليزية (Shia Newspaper) وأشرف على تحريرها بنفسه.
أسس كذلك ما تسمى
بـ "حوزة الإمامين العسكريين" في إشارة إلى الإمامين الهادي والعسكري وذلك
لبث أفكاره، حيث يشرف عليها بنفسه، ويلقي محاضرات حوزوية خاصة بطلبة
العلم، وتتمحور اجتهاداته فيها حول علم الفقه الاستدلالي، وعلم الكلام.
"فدك والعترة":
في شهر سبتمبر
2010م وبعد حملة موسعة لجمع التبرعات من الشيعة أطلق "ياسر الحبيب" قناة
(فدك)، لكن بثها لم يستمر في البداية، فعلى خلفية ورود تهديدات، قامت شركة
البث على القمر (أتلانتيك بيرد) بقطع البث، لكن القناة ظهرت من جديد على
قمر (هوت بيرد) بتاريخ 27 فبراير 2011، حاملة شعار "لا راية تبقى أمام راية
آل محمد".
ويلقي مؤسسها على
شاشتها محاضرة مساء كل جمعة، ثم يتلقى اتصالات ومداخلات المشاهدين. كذلك
يقوم بإلقاء محاضرة أسبوعية مساء كل سبت في حسينية "سيد الشهداء" تُبث على
"فدك" مباشرةً.
وتبث القناة
برامجها باللغات العربية والإنجليزية والفارسية، وجاءت تسميتها نسبة إلى
واحة تقع في أطراف الحجاز قرب مدينة خيبر، ويعتقد الشيعة بأن فدك ميراث
لفاطمة الزهراء من أبيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي عام 2013
ونظراً لمنع القناة من الإرسال على قمر النايل سات، قام ياسر الحبيب بإطلاق
قناة جديدة حملت اسم "صوت العترة" على النايلسات.
وفاة أم المؤمنين:
لكن الجدل الذي
خلّفه رئيس "خدام المهدي" في لندن كاد أن يعصف به؛ إذ تعرض لهجوم لاذع ليس
من السنة فحسب، بل من الشيعة أنفسهم الذين تبرؤوا منه وتنكروا له.
فبتاريخ 17 رمضان
1431هـ- 2010م أقام الحبيب بمقر الهيئة الجديد بلندن الحفل الأول بمناسبة
ذكرى وفاة السيدة عائشة رضي الله عنها، وهو ما يسمى عند الشيعة "بعيد فرحة
الحسن" وقد تضمّن الاحتفال كلمةً له تعرض فيها بالسب لأم المؤمنين، الأمر
الذي خلّف ردود فعل واسعة في العالم الإسلامي.
ونظراً لرفض
منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) طلب الحكومة الكويتية بإلقاء
القبض عليه؛ بحجة أن قضيته تخرج عن نطاق اختصاصها، لم تجد الكويت أمامها
سوى اتخاذ إجراء سحب الجنسية الكويتية التي يحملها الحبيب ومن أبنائه الذين
اكتسبوا الجنسية منه بالتبعية.
لكن نيران ذلك
الشيعي لم تهدأ حيث أقام احتفالاً آخر بنفس الذكرى في العام التالي 1432هـ-
2011م، حيث قامت قناة فدك بتغطية الاحتفال، حيث ظهر وهو يقوم بتقطيع كعكة
كُتب عليها "عائشة في النار" فيما بدت على ملامحه علامات الفرح والسرور.
مواقف شيعية:
المنهج المتطرف
لـ "خدام المهدي" ومؤسسها لم يترك مجالاً للمناورة أمام زعماء الشيعة في
العالم الذين صاروا في موقف محرج للغاية، فقاموا بالتبرؤ منه، حيث أصدر علي
خامنئي المرشد الأعلى في إيران فتوى سياسية بتحريم الإساءة لعائشة وأي فرد
من الصحابة.
كذلك وصف حسن نصر
الله الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني احتفال "خدام المهدي" بأنه جاء
من "شخص شيعي غير معروف عند الشيعة أساساً" في إشارة إلى ياسر الحبيب.
وأثنى نصر الله
على فتوى خامنئي الموجّهة ضد كل من يسيء لعائشة، واختتم حديثه بدعوته
للالتفاف حول الحكومة الإيرانية؛ معتبراً إياها ضمانة لوأد الفتن على حد
وصفه.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).